هل الدعاء يكفي للتحرر من الظلم؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم
إن ما نشاهده اليوم من إحتلال وسرقة للأموال العامه
والخاصه من الحكومات أو من أشخاص مدعومين من
الحكومات بأي وجه من الوجوه كالرشوة وفرض الأتاوات
وفرض الضرائب غير العادله ووو...هو ظلم للشعوب؟!
أخي المسلم طبعاً الدعاء لا يكفي للتحرر من هذا الظلم
صحيح أن:
( الدعاء عبادة) كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،
إلا أن الإسلام حثَ على القوة وعلى العلم والعمل والحرص.
وهل القوة تأتي بالدعاء أم بالعمل والأخذ بالأسباب والتوكل
لا التواكل الذي نهى عنه الإسلام.
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد صحابته بعد
أن سأله:( أعقلها أم أتوكل) فقال له:
(إعقلها وتوكل) فلم يقل له توكل وذلك حرصاً على الأخذ بالأسباب
فكلمة :إعقل فعل أمر.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ،
وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، إحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ،
وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ:
قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَان " رواه مسلم. ‏
وكم نقول في اليوم:( إياك نعبد) فهذا تأكيد على إيماننا بالله
(وإياك نستعين )فهذا تأكيد ثاني منا على إستعانتنا بالله.
ولكن هل هذه الإستعانه بالتواكل:؟طبعاً لا وإلا لماذا قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:إحْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ.
فكلمة :إحرص فعل أمر أيضاً.
فالحرص : تحرك الإرادة ، وانبعاث العزيمة ، واقتناص الفرص المناسبة ،
والمسارعة إلى قطف ثمار المنافع ،وحصد سنابل الفوائد ، والحريص
العاقل من لا يزال مراقباً للمناسبات ، ملاحظاً للأوقات ، حتى يهجم
ببصيرته على ما يصلح دينه ودنياه.
والحرص على ما ينفع دليل على صدق النية ، وقوة العزيمة ،
وسلامة الطبع واعتدال المزاج ، وغزارة الفهم ، لأن كل عاقل
سوي يجتهد في جلب الخير لنفسه ، ودفع الضر عنها،
ألم يعاقب الإسلام على قتل الخطأ أوليس هذا من أجل الحرص
على ما ينفع النفس البشرية من الهلاك.
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إحرص على ما ينفعك )
أعظم دليل على بذل الجهد في حصول المطلوب ، وترك التخاذل
والتكاسل بحجة القدر ، فإن هذا دليل القاعدين الفاشلين ،
بل على العبد أن يحرص غاية الحرص على كسب ما ينفعه
من الأقوال والأعمال والرزق الحلال ، ويستفرغ الجهد في
تحصيل المنفعة الدينية والدنيوية بأحسن السبل الشرعية .
ولا يهمل مصالحه إلا غافل بليد ، ولا يفرط في مكاسبه
إلا أبله رعديد ،فإن الوحي جاء باستثارة الهمم ،
ومناداة العزائم ، وتحريك الإرادات، لتنبعث طالبة فاعلة مؤثرة،
تجني الخير، وتجمع الفضائل، وتحصِّل القيم ، وحِرصُ العبد
على ما ينفعه أول أبواب الفضائل ، لأنه مِن عمل النية،
ثم يتبعه الحركة الراشدة ، والتوثب الصادق ، واليقظة التامة ،
فيسعى جاهداً في إصلاح نيته ، وإحسان عمله ، وتعمير مستقبله ،
وحيازة رزقه الحلال ، والقيام بمن يعول ، وتهذيب نفسه ،
وتقويم اعوجاجه ، ولا تلقى مُفرطاً أضاع نصيبه من الخير
إلا لتركه الحرص على نفع نفسه ، ولا تجد محروماً ،
من السعادة إلا من أهمل إرادته ، وعطل عزيمته ،
فأنفق عمره في الأماني الكاذبة ، والخيالات الفاسدة ،
والوساوس الخادعة ، حتى بدد العمر في سوق الغبن ،
ومزق ثوب الأيام بكف التفريط ، وأحرق شجرة الهمة بنار الخذلان .
إن حرص العبد على ما ينفعه واجب شرعي ، وضرورة عقلية ،
بها يصل العبد إلى مصاف الناجحين ، ومراقي الصاعدين
في سلم القبول ، ومعارج التفوق، وبها يطوي بروج الفضائل ،
ويقطع مسارات الخيرات ، فهو سباق لكل عمل نبيل ،
وثاب لكل فعل جميل ، مسارع لكل مقصد جليل ،
في قلبه نور الهمة منقدح ، وفي نفسه زند الحرص
الصادق محترق ، فهنيئاً له سموه وتقدمه وتميزه .
وفي هذه الأية الكريمة تأكيد لنا للعمل للدنيا والأخرة
قال الله تعالى : [ وَابْتَغِ فِيمَا اتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ
وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ
إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ]
الأية (77) من سورة القصص.
وقوله: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس
نصيبك من الدنيا" أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال
الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع
القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة "
ولا تنس نصيبك من الدنيا" أي مما أباح الله فيها من
المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح فإن
لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا
ولزجوك عليك حقا فآت كل ذي حق حقه "
* وحثَ الإسلام على العلم، والعلم لغة :
هو الكشف عن الشيء لمعرفة حقيقته قال تعالى:
"لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ"سورة الأنعام الآية /103/
فكيف يمكن أن يعرف ليعبد ويطاع؟ .
وقال تعالى:
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ
لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {9} سورة الزمر.
وقال تعالى:يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {11}‏ سورة المجادلة.
وزيادة في بيان فضل العلم أمر الله نبيه
صلى الله عليه وسلم بالاستزادة منه فقال سبحانه :
وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا {114}سورة طه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة "
*وحثَ الأسلام على العمل:
حثَ الإسلام على السعي لكسب الرزق الحلال قال تعالى:
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا
مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ{15}سورة الملك.
وقال تعالى:فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ
وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
{10} سورة الجمعه10
وقال عز وجل:هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا. سورةهودالأية61
أي امركم بعمارتها بالزراعة والغراس والأبنية .
و رفع الإسلام منزلة العمل وأعلى من أقدار العمال،
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
"ما أكل أحد طعاما قط خيرًا من عمل يده و إن نبي الله داود
عليه السلام كان يأكل من عمل يده ".
*وأكدَ على استخدام العقل إلى أقصى ما يستطيع الإنسان
كما كرم الله الإنسان بالحواس لا لذاتها ولكن بقدر ما توصل صاحبها
إلى طريق الفهم والاهتداء والتقوى والصلاح فقال:
أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ {8} وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ {9} وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ {10}
سورة البلد 8-9-10.
وما قيمة العين إذا لم تبصر طريق الهدى؟ وما قيمة الأذن إذا لم تصغ
لصوت الحق واليقين؟
قال تعالى:"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ
بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا
أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ "سورة الأعراف 179
وقال تعالى:
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ
يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي
فِي الصُّدُورِ {46}‏سورة الحج.
وقال تعالى:
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ {50} سورة الأنعام.
وشجعَ الإسلام على القوة وحثَ عليها يقول الله تعالى :
وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ
تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ {60} سورة الأنفال .
فكلمة :وأعدوا:فعل أمر من الله سبحانه وتعالى.
الخلاصة لقد صبرنا وعانينا ودعينا كثيراً فهل حصلنا على حق من
حقوقنا هذه فلسطين مغتصبة والجولان وجنوب لبنان وهذه العراق
وعربستان والسودان تم تقسيمها وهذه ليبيا وترون ما يحاك لها ووووو....
ونحن نُقتل يومياً مئة قتلة وندعوا الله فلماذا لم يرفع عنا هذا القتل ؟!
نحن طبعاً فينا المقصرون والفاسدون ووو...
ولكن هل إتبعنا ما ذكرناه فهل تقوينا ؟وهل تعلمنا؟
أم الجهل كان حليفُنا وتواكلنا وتوكلنا ولم نستخدم
عقولنا ولم نأخذ بالأسباب والحل وضعه الله لنا في الأيات التي
ذكرناها وفي هذه الآية الكريمة قال تعالى:
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ
عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(غافرالأية60) .
ويلاحظ أن طلب الدعاء في الخطاب القرآني جاء
مقرونًا ومرتبًا عليه الإجابة؛ فالعلاقة بينهما
علاقة السبب بالمسبَّب، والشرط بالمشروط،
والعلة بالمعلول، فليس على العبد إلا الإلتجاء
إلى الله (بعد الأخذ بالأسباب ) وطلب العون منه
في كل عسر ويسر، وفي المنشط والمكره،
ووقت الفرج ووقت الكرب.
وهنا يتجلى الإعجاز في قوله تعالى في خطابه لسيدتنا مريم عليها السلام:
(وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً) [مريم: 25].
كلنا يعلم بأن جذع النخلة لا تشبه عيدان القصب .
فماذا نستفيد من هذه الآية؟
الآية تقدم الأخذ بالأسباب قبل الحصول على النتائج ،
فَهز الجذع هنا (سبب) وتساقط الرطب كان (النتيجة) ،
فمن أراد الوصول إلى أعلى المراتب عليه أن يأخذ بالأسباب
ثم التوكل على الله لا مجرد الدعاء وهذا ما أراده الحق سبحانه وتعالى .
فمن يمرض عليه أن يأخذ الدواء ويدعو الله .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"ما أنزل الله دَاءً إلا أنزل له شفاءً" رواه البخاري.
وفي رواية أخرى دواء.
*لا غنى لولي الأمر عن المشاورة، فإن الله تعالى أمر بها
نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى:
"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب
لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر
فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين".
سورة آل عمران 159.
*وأمر الله طاعة ولي الأمرما لم يأمر بمعصية :
قال تعالى :ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [النساء :59].
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ،
ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني .
وفي الصحيحين أيضا :على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ،
إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة .
فتأمل قوله تعالى :
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [النساء :59]
كيف قال :أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، ولم يقل :
وأطيعوا أولي الأمر منكم ؟ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة ،
بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله .
وأعاد الفعل مع الرسول لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله ،
فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله ، بل هو معصوم في ذلك ،
وأما ولي الأمر فقد يأمر بغير طاعة الله ، فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله .
فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
"إنما الطاعة في المعروف".كما جاء بالحديث.
*نحن كلنا مؤمنين والحمد لله وواجب علينا الدعاء إلى الله
وواجب علينا الصبر وواجب علينا الإيمان بقضاء الله وقدره
ولكن واجب علينا أيضا أن نكون إيجابيين وعمليين ونبحث
عن حقوقنا ونحاول الحصول عليها بكل الطرق بالحوار
المنطقي والعقلاني ولا نيأس من أمر بمعروف أونهى عن منكر
ونصبر أيضاً وبذلك يرضى الله عنا ويستجيب لنا إنشاء الله.
ولكن إذا أمرناه بالمعروف ونهينا عن المنكر ولكن لغة الحوار
لا تنفع مع الطرف المقابل وزاد من بطشه وقتله كما نشاهد
اليوم وهذا سؤال عام عن الحكام الظالمين فماذا نعمل؟
هل تجتهد أم تجلس في دور العبادة وتدعوا الله فقط إن الإسلام
لم يترك شيئاً بدون حل فقد قال تعالى:
وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ
إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ
اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ . سورة الحجرات الأية(9-10).
فالإصلاح بين الطائفتين المتنازعتين في الأية«فأصلحوا بينهما»
بدعاءهما إلى كتاب الله.
«فإن بغت إحداهما على الأخرى» والبغي: التطاول والفساد.
تعدت ولم تجب إلى حكم الله وكتابه. " قاتلوا التي تبغي " أمر بالقتال.
وإن طائفتان من أهل الإيمان اقتتلوا فأصلحوا،أيها المؤمنون(أمر)بالإصلاح،
بينهما بدعوتهما إلى الاحتكام إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم، والرضا بحكمهما, فإن اعتدت إحدى الطائفتين
وأبت الإجابة إلى ذلك, فقاتلوها حتى ترجع إلى حكم الله ورسوله,
فإن رجعت فأصلحوا(أمر) بينهما بالإنصاف, واعدلوا(أمر) في حكمكم بأن
لا تتجاوزوا في أحكامكم حكم الله وحكم رسوله, إن الله يحب
العادلين في أحكامهم القاضين بين خلقه بالقسط.
وفي الآية إثبات صفة المحبة لله على الحقيقة, كما يليق بجلاله سبحانه.
في الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية المعلوم بغيها
على الإمام أو على أحد من المسلمين.
وعلى فساد قول من منع من قتال المؤمنين، واحتج بقوله عليه السلام:
«قتال المؤمن كفر» .
ولو كان قتال المؤمن الباغي كفرا لكان الله تعالى قد أمر بالكفر،
تعالى الله عن ذلك وقد قاتل الصديق رضي الله عنه:
من تمسك بالإسلام وامتنع من الزكاة، وأمر ألا يتبع مُولٍّ،
ولا يجهز على جريح، ولم تحل أموالهم، بخلاف الواجب في الكفار.
إن عزة المسلم : في الإلتزام بشرع الله تعالى ، ومرضاته
الدائمة الواعية له سبحانه ، وإحساسه الصادق بمعيته
عز وجل ، وثقته في نصره سبحانه لأوليائه .
وحمايته لهم من كيد أعدائهم .
يقول تعالى :
إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ {51} سورة غافر.
ويقول سبحانه:
وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ
الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ {8} سورة المنافقون (63).
ويقول سبحانه:
وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ {40}سورة الحج.
ولهذا : فلا مجال لليأس عند من يستنصر بالله ، ولا مجال للهوان
أو الذل عند من يعتز بالله سبحانه وتعالى .
وما رأينا إنسانا إعتز بغير الله تعالى ، إلا أذله الله عز وجل ،
وألقى به إلى غير مبتغاه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.
*اللهم إنصر المسلمين وأخزل الكفرة المنافقين
والفاسقين الظالمين يارب العالمين.