بقلم: الكاشف السريع
الحقوق غير محفوظة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في البداية، كانتا رتقاً، وبعد الرتق فتق

لم يكن هناك شيء اسمه فراغ، بل كتلة مصمتة متماسكة اسمها "السماوات والأرض" وبعد الفتق أصبح لدينا كواكب ونجوم ومجرات ...

لم يكن انفجاراً وما ينبغي له، بل بناء متماسك ( والسماء بناءاً ) ونسيج محكم ( والسماء ذات الحبك ) ومواقع محسوبة بدقة بإحداثياتها الثلاثة ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) تلك المواقع التي - بتقدير العليم الحكيم - كفلت لهذا الكون الذي نعيش فيه توازناً واستقراراً، لولاه .... لوقعت السماء على الأرض!! حينها .. لن ندرك شيئاً من هذا المهد الذي نعيش عليه ( الذي جعل لكم الأرض مهداً ) والقرار الذي نهنأ فيه ( أمّن جعل الأرض قراراً ).

كيف يمكن للسماء أن تقع على الأرض؟


يقول تعالى في محكم التنزيل: ( أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتيَ بالله والملائكة قبيلاً )

هكذاً إذن، كسفٌ من السماء ( إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السماء )

فالله تعالى ( يمسك السماء أن تقع على الأرض ) من ناحيتين:

1- أنه جعل الشمس تجري وتسبح في فلكها إلى مستقرها وبسرعة هائلة ( 217 كم/ث) ساحبة معها الأرض ( والشمس تجري لمستقر لها )، دون أن يعترض طريقها لا هي ولا الأرض قمر أو كوكب أو نجم، فطريقها ممهدة منذ مليارات السنين.

2- جعل للأرض غلافاً جوياً من طبقات عديدة، عندما تدخل إليه النيازك فإنها تحتك بالهواء، وترتفع حرارتها وتتفكك عادة إلى غبار أو تتبخر.

وجه الإعجاز:

الدليل على ما تقدم، بل ووجه الإعجاز، يتضح من مسألتين:

1- الاستثناء: ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )

حتى لا يشكك أحد في ما تقدم، ويقول كيف تسقط السماء على الأرض، ويعطينا دروساً في الأشكال والأحجام، نقول له انظر تتمة الآية، ألم تلحظ الاستثناء؟

إذن يمكن للسماء أن تقع على الأرض في حالات، فبعض النيازك تنجح أحياناً في اختراق الدفاعات الجوية ( بإذن الله ) وتصل إلى الأرض، تلك أيضاً من نعمة الله تعالى علينا، لأنه بذلك أنزل الله تعالى الحديد إلى الأرض ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) على شكل نيازك غنية بالحديد.

فالاستثناء يبرر أن وقوع السماء على الأرض إنما يكون بارتطام شيء من الأجرام السماوية بكوكب الأرض، وأن ذلك قد يحصل ( بإذن الله ) وقد حصل، وفي الوقت نفسه يلغي أي مجال للتناقض، ويبرهن على الدقة في التعبير، لأنه لولا الاستثناء لأصبح لدينا تناقض طالما أن هناك ما يقع على الأرض.

2- التنبيه: ينبهنا الله تعالى إلى نعمة كبيرة يغفلها كثيرون، أننا نعيش في كون لا يرحم، وأنه لو مرت الشمس بجانب ثقب أسود لابتلعها وابتلع الأرض معها. فالتنبيه لذلك والتذكير بنعمة الله تعالى علينا بحفظ السماء أن تقع على الأرض، لا يمكن أن يأتي من خيال رجل عاش قبل أكثر من 1430 سنة.

في النهاية .. نحن المسلمين نفتخر بأن يحتوي القرآن الكريم على آيات بهذا المستوى وبهذه الدقة والبلاغة، ومن يحاول تحويل الموضوع إلى خطأ علمي عليه أن يخجل من نفسه ( حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً )

جزى الله خيراً من يحاول نقل أو نشر الموضوع ..

وإلى لقاء قادم بحول الله ..