الأزمنة ... مقال لـ د. سلمان العودة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الأزمنة ... مقال لـ د. سلمان العودة

النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: الأزمنة ... مقال لـ د. سلمان العودة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    1,559
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    21-12-2021
    على الساعة
    11:21 PM

    افتراضي الأزمنة ... مقال لـ د. سلمان العودة




    الأزمنة



    الكاتب: د. سلمان بن فهد العودة

    السبت 02 رجب 1432الموافق 04 يونيو 2011


    يقول علماء اللغة: إن الأزمنة ثلاثة: ماض، ومضارع، ومستقبل..

    ويقول علماء الحياة: إن الماضي يعيش في المستقبل.

    ويقول أهل الحزم:

    ما مضى فاتَ والمؤمَّلُ غيبٌ
    ولك الساعةُ التي أنت فيها


    ويقول خبراء النفوس وأهل التجارب الصادقة: إنك لكي تسعد، يجب أن تتجاوز الماضي، ولا تطيل الوقوف عنده، ولا تكثر التلفُّت إلى الوراء، وتنسى إساءات الآخرين إليك؛ لئلا تحمل أوزارها، وتنسى إحسانك إليهم؛ لئلا يطول عتابك وألمك؛ (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا) [الإنسان:9].

    وعليك أن تعمل في الحاضر بجدٍّ، فما لم يكن لديك مشروع ما، تتوفر عليه وتعطيه عقلك وقلبك ووقتك؛ فستكون الحياة عبئًا عليك، وستمر دقائقها متثاقلة بطيئة، ولن تجد لها معنى روحك في مشروعك..

    ولو كان صغيرًا أو عائليًّا أو حياتيًّا، وأجدر أن يكون علميًّا معرفيًّا، أو تربويًّا، أو إصلاحيًّا، أو إنسانيًّا.. فالأبواب مُشْرَعة، والفرص بعدد أنفاس الحياة، أو تزيد!

    كما عليك أن تتفاءل بالمستقبل، وتحسن التخطيط له بواقعية وحُلُم.

    الواقعية تحميك من الاندفاع غير المدروس.

    والحُلُم يمنحك قدرًا من الخيال والإبداع؛ لتسمُو وترتقي!

    نستشهد بعلماء اللغة لبيان أهمية اللغة في جميع ذلك، فتكرار الحديث عن مآسي الماضي وإخفاقاته وآلامه؛ هو استدعاء لها، ونفخ للحياة فيها من جديد.

    والدندنة حول مخاطر المستقبل ومخاوفه واحتمالاته السلبية؛ تعوق عن العمل في الحاضر، وتدمِّر الروح المعنوية؛ فيخسر المرء أبعاد الزمن الثلاثة.

    واللغة السلبية عن الذات وفشلها، وقابليتها للتدمير والتحطيم، وسوء الحظ الذي يتربَّص بها؛ هو من ظلم النفس، فلا تظلموا أنفسكم، ولا تظالموا.

    قل لي ما هي لغتك؟ أقل لك مَن أنت!

    وبمقدورك أن تتعرَّف على الكثير من خفايا النفوس ودخائلها ومشكلاتها وعُقَدِها؛ عبر السياحة في نصٍّ كتبه أحدهم، أو الاستماع إلى حديثه، مهما كان الموضوع الذي يطرقه، ومهما حاول التعمية:

    وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ
    وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ


    الوالد الذي يسبُّ ولده، ويُعيِّره بالإخفاق، ويتوعَّده بالانحراف، ويهدِّده بمقبلات الأيام، يرسم مستقبله، ويدفعه إليه دفعًا دون وعي.

    والداعية الذي يواعد الناس بالمزيد من المشكلات والبلايا والرزايا، هو داعية إليها، أراد أم لم يُرِد، و«مَن قال: هَلَكَ الناسُ. فهو أَهْلَكُهُمْ» كما يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم.

    والحاكم الذي يتحدَّث عن الحرب الأهلية، هو يُحضِّر لها، ويستجمع قواه، ويجرُّ الناس إليها، فما تقوله هو ما تفعله، وهو ما يحدث غالبًا بحكمة الله، وفي الحديث القدسي: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بي، فَلْيَظُنَّ بي مَا شَاءَ». رواه أحمد، وابن حبان.

    فلنكن دعاة إلى اللغة الجميلة، ولنردِّد سرًّا وعلنًا عبارات التفاؤل الإيجابية، وكلمات الحب والأمل والحياة، ولنقدِّر أثر اللغة في صياغة عقولنا ومشاعرنا.

    الرسول صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس سعادة في الحياة، وحين يقول له ربه: (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) [الضحى:4]، فهذا معناه أن الأولى خير أيضًا، والآخرة خير وأبقى، ولذا طابت له الحياة، وأخذ من متاعها، دون غفلة عن الآخرة، وما ترك شيئًا من الطيبات المباحات المتاحات إلا وأخذ بنصيبه منه، دون أن يتكلَّف مفقودًا، أو يَرُدَّ موجودًا.

    وكان أكثر الناس عبادة، وقام حتى تفطَّرت قدماه، ودعا وصبر وصابر، وعمل صالحًا.

    وكان أكثر الناس إيمانًا، فهو سيد ولد آدم وإمام الأنبياء.

    وكان أكثر الناس تفاؤلًا، كان يتفاءل بالكلمة الطيبة، والاسم الجميل، والأرض الطيبة، والرؤيا الصالحة، ويلتقط الإشارة الإيجابية من الكون: «أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». ومن البشر: «سَهُلَ أَمْرُكُم». ومن الحياة: «لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا».

    عن خَبَّابِ بن الأَرَتِّ رضي الله عنه قال: شَكَوْنَا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له فى ظلِّ الكعبة، فقلنا: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لنا، أَلَا تَدْعُو لنا! فقال: «قد كان مَن قبلكم يُؤْخَذُ الرجلُ، فيُحفرُ له فى الأرض، فيُجعلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشار، فيُوضَعُ على رأسه، فيُجعلُ نصفين، ويُمَشَّطُ بأَمْشَاطِ الحديد ما دونَ لحمه وعظمه، فما يصُدُّهُ ذلك عن دينه، والله، لَيَتِمَّنَّ هذا الأمرُ، حتى يَسِيرَ الراكبُ من صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يخافُ إلَّا اللهَ، والذِّئْبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلونَ». رواه البخاري.

    وعدٌ بظهر الغيب صادق، تحقَّق بعد حين، وحديثٌ عن الأمن يضرب بجيرانه في أرض الإسلام مع الحرية!

    لم يكن الأمن نقيض الحرية ولا عدوَّها: «لا يخافُ إلَّا اللهَ»، ومن الدقة قال: «والذِّئْبَ على غنمه» أما ماله وعرضه ونفسه وحقوقه فمصونة عزيزة.

    هذا كان يقلق المسلمين ويجعلهم يستعجلون الأمر، فالإسلام دعوة للحرية والكرامة الإنسانية والحقوق.. وفي هذا المقام لم يشر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زوال الكفر والشرك، ولكنه أشار إلى زوال الخوف والظلم، وهذا سر عظيم.

    (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [البقرة:126].

    حذار أن يمنعك حاضرك عن رؤية الأمل الواعد في المستقبل، غياب الأمل هو الموت، هو القنوط: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) [الحجر: 56]، (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 87]. أكثر مَن يعجبني من الشعراء الأحياء: الشاعر تميم البرغوثي، أستمتع بحرفه ولفظه، ثم وجدت الشاعرة نبيلة الخطيب تسير في ذات الطريق، ومن لطيف شعرها:

    يا أُمُّ.. هذا الطفلُ فجرٌ قد تلفَّعَ بالضبابْ

    والشمسُ ناعسةٌ تطلُّ عيونُها من كُوَّةِ الكهف الخرابْ

    تستلُّ غفوةَ أهلِهِ

    فإذا أَفاقَ النائمونْ

    وتكحَّلت بالنُّورِ حبَّاتُ العيونْ

    فلتوقِني يا أُمُّ أنَّ الصبحَ آذنَ باقترابْ


    وفي قصيدتها: (عاشق الزَّنْبَق):

    يا خِلُّ طيفك لم يبرَحْ ذُرَى أملي
    وكلَّما مسَّ قلبي اليأسُ أمَّلهُ

    تلا عليَّ حديثَ الرُّوح ثمَّ إذا
    صمَتُّ أبحرُ في معناهُ رتَّلهُ

    يَرقي جراحي فلا ألقى لها أثَرًا
    كم علَّ قلبيَ في لمْحٍ وعلَّلَهُ!

    الوقتُ أرسلَ قُرصَ الشمس يوقظُنا
    فأسدلَ الليلُ أستارًا وأغفَلهُ

    فعُدتُ أسألُ علِّي لستُ حالمةً
    ماذا أتى بك؟ قال: الوجدُ والولهُ!


    ما أجمل أن ينبثق الحلم الجميل من قلب المعاناة! وأجمل منه أن يتحول الحلم إلى هدف تستشرفه وتضحي من أجله بالنفس والنفيس.



    التعديل الأخير تم بواسطة نعيم الزايدي ; 04-06-2011 الساعة 01:37 AM

الأزمنة ... مقال لـ د. سلمان العودة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ضحية الوهم .. مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16-05-2011, 04:21 AM
  2. واحترم نظيرك .. مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-05-2011, 03:13 PM
  3. رجل .. مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتديات الدعاة العامة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-05-2011, 02:00 AM
  4. مُبادرةٌ مَدْروسَة ... مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-04-2011, 11:58 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الأزمنة ... مقال لـ د. سلمان العودة

الأزمنة ... مقال لـ د. سلمان العودة