ذات يوم وفي اواسط التسعينات من القرن الماضي طرق بابي شابان وشابه وعندما فتحت لهم الباب, قاموا وبكل ادب تقديم انفسهم وتبين انهم ينتمون الى احدى الكنائس في مدينة نورث برونزويك في ولاية نيو جرسي التي كنت اقطنها. وطلبوا التحدث الي بأمور الدين . بالمناسبة لم يكونوا على علم لابأسمي ولا بمعتقدي الديني . كانوا يقومون بدق ابواب اهل الحي جميعا. بمعنى اخر الدعوة للنصرانية ومعتقدها.
بعد ان دخلوا وقمت بالواجب تجاههم بدؤا بالحديث عن الخالق عزو وجل وعن تسلسل الديانات والانبياء الذين ارسلهم الله تعالى الى البشرية( طبعا لم يتطرقوا الى اكرم الرسل وافضل ولد ادم حيث انهم لايعترفون به ولا بالقران الكريم).
اهم ماذكروا في دعوتهم النصرانيه هو اننا جميعا وبدون استثناء مولودون على الخطيئه, حيث ان خطيئة ادم عليه السلام نتوارثها ابا عن جد .
النقطة الاخرى هي ان عيسى عليه السلام هو ابن الله الوحيد .
النقطة الاخرى تطرقوا فيها الى قدرة الخالق والى مدى حبه لنا وعطفه علينا الى درجة انه ضحى بابنه الوحيد وسلمه الى القتله حرصا منه عز وجل على انقاذنا من خطيئة ابونا ادم عليه السلام والتي نتحمل وزرها . دم ابنه المسيح هو الطريقة الوحيده لانقاذنا من خطيئة ابونا ادم عليه السلام.
بعد الانتهاء كان من الواجب الشرعي والفلسفي ان ارد عليهم واجادلهم في هذا المعتقد وابين لهم مدى بعده عن المنطق والعقل وفساده . وطبعا كان من المستحيل ان اناقشهم من خلال القران الكريم وما يقول الخالق عز وجل من خلاله اذ انهم لايعترفون لابرسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا بالقران الكريم لذلك قررت مناقشتهم من خلال العقل والمنطق والذي يوضح وبكل جلية فساد معتقدهم.
في البدايه طلبت منهم توضيح كلمة ( عيسى ابن الله الوحيد) وما المقصود منها وكيف يمكن فهمها . هل كان هناك اي اتصال جنسي بين الله عز وجل وبين العذراء ام سيدنا المسيح عليه السلام وكانت ثمرة هذا الاتصال هو الابن المعجزه عيسى عليه السلام ؟! كان لابد ان اسأل هذا السؤال لاستدراجهم .
ومن منطلق ظنهم الضيق بأني فعلا لااعرف الاجابه اوضحوا لي بأن عيسى عليه السلام جاء الى الدنيا بمعجزة من الله تعالى ( بعبارة اخرى مثلما نعتقد نحن المسلمون وكما ذكر الله تعالى ذلك في قرانه الكريم).
هنا وكما نقول (من فمك ادينك) قلت لهم : اذا كانت المعجزة التي ولد بها المسيح هي التي جعلته (ابن الله الوحيد)
فمن باب اولى ان يكون سيدنا ادم عليه السلام هو ابن الله ايضا حيث ان خلقه كان من غير اب او ام . وبذلك نكون نحن جميعا ابناء الله وليس عيسى عليه السلام وحده.
شعروا الثلاثة بالاحراج وحاولوا مجاراتي في الكلام ووافقوني في الرأي.
بعد ذلك انتقلت الى الجوهر الاقوى في دعوتهم وكان لابد ان اتكلم باللغة التي يفهمونها والتي بعيدة كل البعد عن المقارنة بين معتقداتهم الفاسده وبين الديانات الاخرى حيث ان ذلك سيعطيهم العذر في مقاومة مااقول.
قلت لهم وبكل جدية ان الرب الذي تتكلمون عنه وعن عظمته والذي تدعوني الى عبادته لايمكن لي ان اعبده وهو لايستحق العباده.
انتبه الجميع الى كلامي وطلبوا مني توضيح رأيي هذا وما هي الاسس التي اوصلتني الى هذا الاستنتاج.
قلت لهم ان هذا الرب غير عادل ولا يعرف معنى العدل . دعوني اسألكم اذا قام والد احدكم بجريمة قتل خطط لها ونفذها لوحده هل من العدل والمنطق ان نحاسب الابن على تلك الجريمه؟!. هل يعقل ان اكون انا مخطئا ومجرما بسبب مافعله ابونا ادم قبل الاف السنين ؟. اين العدل في ذلك؟.
النقطة الاخرى التي لاتحببني في هذا الرب هو انه ظالم وقاس وضعيف وهذه صفات اله لايمكن ان اعبده. تقولون انه ضحى بابنه الوحيد وجعل لبعض الناس سبيلا لقتله كي يخلصنا من اثامنا التي ورثناها عن خطيئة ابونا ادم . اليست هذه قساوة وظلم للولد المسكين. هل يستطيع احد منكم ان يقتل قطة او كلب؟( ذكرت الحيوانات لانهم يهتمون بها كثيرا ويحبونها). فكيف تجرأ هذا الرب ( الرحيم كما تدعون) على قتل ابنه الوحيد؟!.
والنقطة الاخيره هي ضعف هذا الرب . نعم هو ضعيف جدا الى درجه انه لم يتمكن من انقاذنا من اثام جريمة ابونا ادم الا عن طريق التضحية بأبنه الوحيد؟ . اليس هذا ضعفا ؟ اذا كان فعلا قادرا كما تقولون فلماذا هذا الضعف ولم هذه القسوة ولم هذا الظلم؟!. الا يستطيع انقاذنا من دون هذه التضحية النفسيه؟!.
صمت الجميع وظلوا ينظرون بعضهم الى بعض ولم يتمكنوا من الرد على ماقلت . بعد ذلك قال لي رئيس المجموعة ( الحقيقة ليس لدينا اجابة على النقاط التي ذكرتها. سنعود اليوم الى القس الاكبر في الكنيسه ونطلب منه التوضيح وسنعود غدا ).
يشهد الله انني لم ار وجوههم بعد ذلك ولحد هذه اللحظه.
مجرد حادثة حصلت قبل اكثر من عشر سنوات اردت ان اشاطرها معكم قد نستفاد منها جميعا من ناحية العقيده ومن ناحية اسلوب الحوار والنقاش الذي يجب ان ننتهجه في نقاشاتنا مع غير المسلمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم في الله
الدكتور طارق كمال النعيمي
المفضلات