ضحية الوهم .. مقال لـ د. سلمان العودة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

ضحية الوهم .. مقال لـ د. سلمان العودة

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ضحية الوهم .. مقال لـ د. سلمان العودة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    1,559
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    21-12-2021
    على الساعة
    11:21 PM

    افتراضي ضحية الوهم .. مقال لـ د. سلمان العودة




    ضحية الوهم



    الكاتب: د. سلمان بن فهد العودة

    السبت 11 جمادى الآخرة 1432الموافق 14 مايو 2011


    الإيمان بالذات وقدراتها وتطلعاتها، هو إيمان بخالقها المبدع الذي قدَّر فهدى، والذي خلق فسوَّى.

    والوهم تدمير للذات، وتسلط لقوى سلبية عليها، تنهكها حتى الموت.

    خيط رفيع بين الأمل الموهوم المذموم "حب الدنيا وطول الأمل"، وبين الأمل المشرق الدافع للحياة والعمل والإبداع.

    بعد الستين صار لا يفتأ يردِّد أن: العمر مضى، ولم يبق كبير وقت لعمل شيء آخر. وكلما حدّث عن مشروع قال: "ما يمديني!"

    صديقه الآخر كان ذا لغة إيجابية ونظرة متفائلة، لم يشأ أن يموت قبل حتفه، ولذا صارت النهاية التي يفكِّر فيها حافزًا له ليغتنم الفرص، ويضاعف العمل، وهو يردِّد:

    وَإِنَّما المَرءُ حَديثٌ بَعدَهُ
    فَكُن حَديثًا حَسَنًا لِمَن وَعى

    وبذا صار أصح وأعفى.. ثم جاوز الثمانين و"قلبه أخضر" يشعر بالمتعة والحيوية والحماس.

    يظن نفسه مهمًّا أكثر من اللازم، ولذا صار يتخيَّل أن الأجهزة الأمنية في أكثر من قطر ترصده، فهو يدقِّق في طعامه وشرابه وذهابه وإيابه، وحين يسأله مَن حوله يردِّد: الشاباك، والسافاك، والكي جي بي، والسي آي أيه .. والقائمة الطويلة التي انهار بعضها دون أن تبلغ منه شيئًا!

    رأيتُ ذات مرة سجينًا لا يملك أمر نفسه، ولم يجد مَن يكفله ليخرج، وهو يتحدَّث بثقة غريبة عن دوره في تشكيل حكومة ذاك البلد، وخلع الرئيس في بلد آخر، وإحداث الاضطرابات في ثالث.

    الإحساس المفرط بالعظمة حتى يظن امرؤ نفسه عظيمًا أو ابن عظيم، أو جد عظيم، جميل أن يتفاءل المرء، لكن أن يعتقد بسبب ضلالة نفسية أنه مبعوث خاص للعناية الإلهية، فهو المهدي أو المسيح ابن مريم، أو جد المهدي كما حدثني أحدهم، ولعله أقرب إلى "الدجال".

    هنا يتوجب فحص قدرات المرء العقلية، وتوازنه ومزاجه النفسي، وربما كان في حالة من تلبس الوهم، واضطراب الحواس، أو الفصام، أو الذهان، وهي أمراض عرفها الطب الحديث، وشخَّصها بصورة فعالة.

    فتاة تؤكِّد أنها مريضة بداء خطير، وأن في بطنها ثعبانًا يلف ويلف، ويروح للقلب وللرئة وللكبد وللكلى وللمعدة!

    ثم يتبيَّن أن أختها وجدتها أصيبت بشيء من الوسواس وتوهم المرض، الذي لم يجد مَن يدفعه، حتى تحوَّل إلى حقيقة وأقعدها.

    تحكي الأساطير عن رجل شاهد الوباء وسأله إلى أين؟ قال: إلى قرية كذا، فقد أمرتُ بخمسة آلاف منهم. وحينما عاد الوباء رآه الرجل في الطريق وقال له: لقد حصدت خمسين ألفًا؟

    فرد الوباء بأنه حصد خمسة آلاف، أما البقية فقد حصدهم الوهم!

    حين ترى الناس يتساقطون حولك تبدأ الأسئلة والشكوك والاحتمالات، وما لم يكن في النفس قوة وثقة، وفي القلب شجاعة وجرأة، وفي العقل يقظة وملاحظة، فربما سقط صريع الوهم مَن لم يسقط صريع الوباء!

    يحدِّث مَن حوله في مجالسه بأنه يرى أشباحًا ويسمع أصواتًا، شركاؤه لا يرونها، وهو غير معني بهذا؛ فهو وحده المختار لهذه المهمة، وهو لا يقدر على تكذيب شيء محسوس، فالجني يشاركه فراشه، وهذا الطائر الذي يدخل مع النوافذ المغلقة والأبواب المحكمة ويقبع هناك وينظر إليه بتحديق وتركيز، يثير لديه الرعب والذعر.

    والجن هم خلق حقيقي في محكم التنزيل، بيد أن غيابهم مدعاة لنسج الكثير من القصص، وهم مفزع للنفوس الضعيفة التي تخلق الأوهام وتستجيب لها.

    وَهْمُ الخوف من الحوادث المستقبلة، يرى في منامه أن حربًا ستقوم، ويحس بحاسته السادسة- كما يظن- أن مشكلة عويصة ستهجم على حياته الأسرية وتنغص عيشه، وإحساسه الخفي يوحي له أن زوجته تخونه، ينسى الأشياء الكثيرة واليومية التي توقَّعها ولم تحدث، ولا ينسى أنه ذات مرة توقَّع حادث سيارة فتحقَّق الأمر..

    وحين يتحدَّث إلى طبيب أو خبير، يبادر بأن مشكلته أنه كلما حلم أو خطر في باله شيء فإنه يحدث ولابد!

    يتحدَّثون عن وهم المرض الإلكتروني، وحرص طالب الطب الذي اطلع في سنته الأولى على الأمراض وأعراضها، ولما كان جداره قصيرًا ونفسه مهيَّأة لتقبل الوهم، صار يشك في أنه مصاب، ولذا يذهب للشبكة العنكبوتية يبحث عن أعراض المرض بشكل أكثر تفصيلًا، ولا غرابة أن يجد عرضًا منها يشبه شيئًا يجده ليلتقط خيط الوهم الذي لا يزال يلتف على قلبه وعقله قبل عنقه.

    في الحالات كلها هو يعتقد بأن تصنيفه ضمن المحتاجين للعلاج النفسي هو تصنيف ظالم جائر يفتقر إلى السماع منه، والسماع منه لا يعني فرصة أن يتحدَّث، بل أن يقنعك.

    لقد كتب أحدهم لي دفاتر عديدة ومفصَّلة، وبعد قراءتها، وعدني بأنه سيبعث المزيد منها!

    لماذا ينقاد المرء للوهم؟

    شخصية فيها اهتزاز وقابلية وضعف موروث لتقبل الوسواس أو الشك أو الاكتئاب، والإيمان والدعاء والتسبيح والوعي بالذات، كلها أمور تساعد على الخروج من المعاناة.

    الصدمات والمفاجآت؛ بموت القريب، أو إخفاق الصفقة، أو فشل الزواج تعطي رغبة عابرة بالوهم، يخرج بها من الإحساس بالألم، أو تعذيب الضمير.

    الأوقات الحرجة كأيام الاختبارات، أو فترة الخطوبة والاستعداد لإتمام الزيجة، أو الحالات التي تتزايد فيها الضغوط تضاعف احتمالات الإصابة.

    اللغة التي يتحدَّث بها المرء، تملي على عقله المخزون المستتر تعليمات صارمة بالقبول والاعتقاد، وفي حديث أبى سَعِيد الخُدْرىِّ مرفوعاً: «إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ؛ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا؛ فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا». رواه أحمد، والترمذي.

    والذي يردِّد كلمات سمعها منذ الطفولة تجاه نفسه أو أسرته أو حياته ومستقبله؛ إيعاد بالشر، وتحريض على الفشل والإخفاق، وتطبيع للنكوص، وتأهيل لتقبُّل الآفات والأمراض.. هو يعد نفسه للطريق الذي اختاره دون أن يعي.

    والذي يردِّد كلمات إيجابية دون اعتقاد وتواطؤ قلبي، هو وإن كان خيراً من الأول، إلا أنه يقوم بعملية تمثيلية وكأنه يخادع نفسه، لن تفعل الكلمات الإيجابية فعلها الملموس ما لم يستسلم العقل والقلب لمعانيها، ولو بصفة جزئية.

    ليس من الوهم أن تلح على نفسك بأنك سعيد ومحظوظ؛ فالسعادة بقربك، وفي متناولك، وهي ينبوع يبعث في داخلك، قطراته صغيرة، ولكنها كافية ومبهجة متى استمعت إلى وقعها، أو شاهدت لحظات انبثاقها الجميلة.

    لا تتحدَّث عن المستقبل وكيف ستكون سعيداً، تحدَّث عن الحاضر وأنك الآن سعيد، سعيد بزوجك وأطفالك وعملك (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى:11].

    لا تبالغ في توهُّم "العين"، العين حق، ولكن التوكل حق أيضاً، ومَن حولك ليسوا دائماً سيئين ولا حسدة؛ هم يتمنون لك الخير أيضاً!

    وحين لا تجد هذه الجماليات في حياتك، فيمكنك أن تتحدَّث عن نعمة القناعة والرضا والصبر، وعن مجهود طيب تقوم به لتحقيق الآمال.

    هل سمعت عن "أوهام الرجل السبعة عن المرأة"؟ إذاً فاقرأ النكت المجانية التي ترسل إليك عبر جوالك أو إيميلك عن المرأة الخليجية واللبنانية والمصرية.. إلخ.

    أحدهم أحب أن يبعث لي بنكت وتردَّد، فتحايل وقال: "ترى ما أرسلتها علشان تضحك!، علشان تقيّمها وتحكم عليها"!

    اعتقاد أن المرأة لا يمكن أن ترضى أبداً، هذا وهم، وحين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة قد تقول عند الغضب: "مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". فمعناه-والله أعلم- أن تعبير المرأة لحظي، لا يجب أن يؤخذ بعمومه وشموليته، وإنما هو إحساس اللحظة الحاضرة، ويقابله إحساس إيجابي في لحظة أخرى تقول فيها:

    أنت كل شيء بالنسبة لي، وأنا من دونك لا شيء، حياتي من دونك عدم.

    والحديث حفَّز لبنات حواء على ضبط اللغة والرقي بها، نعم لن يخرج المرء عن كينونته الفطرية، ولكنه يتسامى بها إلى أفق أعلى.

    الشك في تدين المرأة وأمانتها وأنها أقل من الرجل، فهذا ليس دقيقاً، والذي يظهر لي أن المرأة تميل بطبعها العاطفي إلى التدين أكثر من الرجل، وأعرف حالات تفوق الحصر تحافظ المرأة على صلاتها وعبادتها وأخلاقها، بينما الرجل قد يكون مدمناً أو مسرفاً على نفسه.

    لا علينا، فالقصد ليس صناعة معركة بين جنسين، كلاهما وجهان لعملة واحدة، وإنما دفع الأوهام العامة التي تنتشر كاعتقادات قطعية عند شريحة من الناس.

    حتى موضوع "المَحْرَم" ليس تشريع مصاحبته للمرأة هو بصفة رقيب حسيب عليها، وإنما بصفة الحامي لها من الخطر والعدوان والابتزاز.

    وهم الحب، ليس هو الحب، قد يحدِّثك عن الحب من أول نظرة، أو من أول كلمة، وليس إلا الحرمان العاطفي والرغبة الجسدية.

    المشكلة أنه ثبت علميًّا أن الإنسان- والمرأة خاصة- إذا أحب، فإن منطقة التفكير في الدماغ تكون كسولة، ومعنى ذلك أنه لن يفكر في المستقبل بقدر ما يفكر في لحظته الحاضرة، وعلى النقيض فمنطقة العواطف تكون ساخنة وملتهبة، ولذا يقولون: "الحب أعمى"!

    حذار من "وهم الحب" فهو أعمى، وقاتل سفاح أيضاً!

    الحياة -بنتي العزيزة- ليست فيلماً سينمائيًّا ولا لحظة رومانسية ولا وعوداً براقة، هي وعي ومسؤولية وشراكة، ومَن ليس جديراً بها، ليس جديراً أن يمنح الحب، ولا أن يصدق في دعوى الحب.



    التعديل الأخير تم بواسطة نعيم الزايدي ; 16-05-2011 الساعة 01:50 AM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    7,696
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    أنثى
    آخر نشاط
    09-08-2017
    على الساعة
    09:57 AM

    افتراضي

    خيط رفيع بين الأمل الموهوم المذموم "حب الدنيا وطول الأمل"، وبين الأمل المشرق الدافع للحياة والعمل والإبداع.

    لا تتحدَّث عن المستقبل وكيف ستكون سعيداً، تحدَّث عن الحاضر وأنك الآن سعيد، سعيد بزوجك وأطفالك وعملك (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى:11].

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك .د. سلمان بن فهد العودة

    .. لك مني أجمل تحية
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ضحية الوهم .. مقال لـ د. سلمان العودة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الأزمنة ... مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-06-2011, 01:17 AM
  2. رجل .. مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتديات الدعاة العامة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-05-2011, 02:00 AM
  3. السعادة تفاريق ... مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-05-2011, 08:57 PM
  4. احتَرِم نَفْسَك ! .. مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-05-2011, 01:45 PM
  5. مُبادرةٌ مَدْروسَة ... مقال لـ د. سلمان العودة
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-04-2011, 11:58 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

ضحية الوهم .. مقال لـ د. سلمان العودة

ضحية الوهم .. مقال لـ د. سلمان العودة