قال تعالى في سورة الكهف آية رقم 25:

وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا

قال ابن كثير رحمه الله:

هَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِقْدَارِ مَا لَبِثَ أَصْحَاب الْكَهْف فِي كَهْفهمْ مُنْذُ أَرْقَدَهُمْ إِلَى أَنْ بَعَثَهُمْ اللَّه وَأَعْثَرَ عَلَيْهِمْ أَهْل الزَّمَان وَأَنَّهُ كَانَ مِقْدَاره ثَلَثمِائَةِ سَنَة تَزِيد تِسْع سِنِينَ بِالْهِلَالِيَّةِ وَهِيَ ثَلَاثمِائَةِ سَنَة بِالشَّمْسِيَّةِ فَإِنْ تَفَاوَتَ مَا بَيْن كُلّ مِائَة سَنَة بِالْقَمَرِيَّةِ إِلَى الشَّمْسِيَّة ثَلَاث سِنِينَ فَلِهَذَا قَالَ بَعْد الثَّلَثمِائَةِ وَازْدَادُوا تِسْعًا .

من المعروف أن السنة الهجرية المعتمدة على التقويم القمري أصغر من الميلادية المعتمدة على التقويم الشمسي بأحد عشر يوما تقريبا

11 يوم * 300 سنة = 3300 يوم ( أي ان 300 سنة شمسية تزيد عن 300 سنة قمرية بمقدار 3300 يوما)

365/3300= 9.041 سنة

وهذا هو الفارق بين التقويمين الشمسي والقمري .

فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ أو يحسب ؟

كلا والله ، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ ويحسب ولكن :


وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى
__________________________________________________

قال تعالى في سورة النحل:

أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

تأمل عزيزي القاريء الدقة في الآية القرآنية ، حيث ذكرت جو السماء وليس في السماء ، ذلك لآن الطير قطعا يحتاج للهواء ككائن حي ، والله لو كان القرآن كلام بشر لما انتبه كاتبه لهذا الأمر أبدا ، ولكن الدقة في الآية تدلك على أنه كلام الحكيم الخبير.

ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ، فقد ذكر الله الطير في سورة الملك آية 19 قائلا:


أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ

وهنا قال الله عز و جل نفس المعنى ولكن استعمل لفظ ( فوقهم) ، ولو كان من عند غير الله لربما قال في السماء ، ولآن لفظ السماء يحتمل معاني متعددة فقد أشار الله عز و جل الامر بأن هناك جو في السماء في منطقة ما ( الغلاف الجوي) وهذا من الاعجاز اللغوي .

قد يقول قائل ، ولكن في سورة الانعام قال تعالى :
فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء . ( الانعام 125)

هنا لم يقل الله جو السماء مع وجود الكائن الحي، نقول له :

وهنا يبين الله عز و جل ان الصعود للسماء (لأعلى) الى حد معين يؤدي لضيق الصدر وذلك لاستمرار الغلاف الجوي بالاضمحلال كلما ارتفع حتى يحس الانسان الصاعد بالاختناق وضيق الصدر. وهنا لا يصلح لفظ جو السماء لآنه طالما كان الكائن الحي في منطقة الغلاف الجوي ، كان في مأمن من ضيق الصدر
لذلك ذكر الله لفظ السماء مجردا.ولكن الاستمرار في الصعود حتى تقترب من منطقة رقة الغلاف الجوي (الجو) يؤدي لضيق الصدر وهذا من الاعجاز العلمي فضلا عن اللفظي. والله اعلم .