بعد أن أجبتُ بفضلِ الله على الشبهة الماضية ...ظهرت لي شبهةٌ جديدةٌ ،يقول أصحابُها :كيف يجلس هذا النص إنسان (الساقط أحدى شقية ) على عرش سليمان  بعد موته ... أليس له أولاد كثر غيره ،ولماذا لم يذكر الكتاب المقدس مثل هذه الأشياء ....؟!
كان دليل استشهادهم على ما سبق هو ما جاء في الصحيحين :
1-صحيح مسلم كتاب (الْأَيْمَانِ ) باب( الاِسْتِثْنَاءِ). برقم 3126 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ rقَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ :" لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهَا تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" ،فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ قُلْ :إِنْ شَاءَ اللَّهُ ،فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ،فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَجَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ .
2- صحيح البخاري كتاب (كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ) باب (الاِسْتِثْنَاءِ في الأَيْمَانِ) 6225 عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ:" لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً ، كُلٌّ تَلِدُ غُلاَمًا يُقَاتِلُ في سَبِيلِ اللَّهِ . فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ - قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِى الْمَلَكَ - قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . فَنَسِىَ ، فَطَافَ بِهِنَّ ، فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِوَلَدٍ ، إِلاَّ وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلاَمٍ . فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ قَالَ :« لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، لَمْ يَحْنَثْ وَكَانَ دَرَكًا في حَاجَتِهِ » . وَقَالَ مَرَّةً قَالَ رَسُولُ اللَّه ِr :« لَوِ اسْتَثْنَى » . وَحَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ .

الرد على الشبهة

أولاً: إن كون الوريث الوحيد لملك سليمان  وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلاَمٍ ،كان ذلك ابتلاء له من ربِّه كما ابتلى اللهُ الأنبياء من قبله،وذلك لأنه لم يقل -إن شاء الله- فهو مثاب على صبره ، فالله يبتلي الأنبياء ليزيد بالابتلاء أجرهم ،ويعظم شأنهم ،ويحمو به ذنوبهم الصغيرة ...جاء في مسند أحمد برقم 1521 حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ r : أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ قَالَ: فَقَالَ :" الْأَنْبِيَاءُ ،ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ،وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ".
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير عاصم بن بهدلة وهو صدوق.
قلتُ : لعل اللهَ أكمل جسد ابنه لما تاب إليه ،فأصبح الابنُ معافًا صحيحًا ..... والله أعلم.

ثانيًا:إن المعترضين يجهلون تمامًا ما جاء في كتابهم ... فمن خلال ذلك أنسف شبهتهم كلها من وجهين:

الوجه الأول:أن الكتاب المقدس لم يذكر كلَّ شيء عن حياةِ الأنبياءِ ،والملوك،والصالحين بالتفصيل الدقيق ،لا سيما إذ أننا نعلم أن الكتاب محرفٌ بشهادة علمائهم قبل شهادتنا نحن - المسلمين- ....هذا بالإضافة إلى الإساءات التي نُسبت لأنبياءِ الله زورًا وبهتنًا ،مثل: زنا نبيِّ الله لوط مع ابنتيه، وزنا داود مع زوجة قائد... مما يجعلنا لا نثق في أخباره... وهذا كله يبطل ادعاءهم الذي يقول: ولماذا لم يذكر الكتاب المقدس مثل هذه الأشياء ....؟!
الوجه الثاني: أن الكتاب المقدس الذي بينا يدينا اليوم بجميع نسخه يثبت لنا أن لسليمان  ابنًا واحدًا فقط ،وليس له عدة أبناء رغم كثرة النساء اللواتي عنده كما ادعى المعترضون بقولهم : أليس له أولاد كثر غيره.. ؟! وهذا يدل على جهلهم بكتبهم ...والدليل على ذلك ماء جاء في الآتي:
1- سفر الملوك الأول إصحاح 11 عدد11فَقَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ. 12إِلاَّ إِنِّي لاَ أَفْعَلُ ذلِكَ فِي أَيَّامِكَ، مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ أَبِيكَ، بَلْ مِنْ يَدِ ابْنِكَ أُمَزِّقُهَا. 13عَلَى أَنِّي لاَ أُمَزِّقُ مِنْكَ الْمَمْلَكَةَ كُلَّهَا، بَلْ أُعْطِي سِبْطًا وَاحِدًا لابْنِكَ، لأَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي، وَلأَجْلِ أُورُشَلِيمَ الَّتِي اخْتَرْتُهَا».
2- سفر الملوك الأول إصحاح11عدد43ثُمَّ اضْطَجَعَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَمَلَكَ رَحُبْعَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.

كتبه الشيخ / أكرم حسن مرسي
نقلاً عن كتابه رد السهام عن الأنبياء الأعلام – عليهم السلام –
في دفع شبهات المنصرين عن أنبياء رب العالمين