قالوا: إن محمدًا نبي الإرهاب يرعبُ الناسَ ويرهبهم ...! وكتبوا في مواقعِهم " نبيٌّ مرعب " ينشر دينه بالإرهاب, والاعتراف سيد الأدلة ؛ اعترف بذلك لما قال في الحديث الصحيح في صحيح البخاري كِتَاب (الصَّلَاةِ) باب (قَوْلِ النَّبِيِّ r جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا) برقم 419 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ هُوَ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:" أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ " .

• الرد على الشبهة

أولاً : إن السؤال الذي من خلالِ طرحِه أنسف به الشبهة نسفًا هو: متى قال النبيُّ r هذا الحديث ؟ الجواب: قاله ابنُ حجرٍ في الفتح: وقوْله : ( أُعْطِيت خَمْسًا ) بَيَّنَ فِي رِوَايَة عَمْرو بْن شُعَيْب أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي (غَزْوَة تَبُوك) وَهِيَ آخِر غَزَوَات رَسُول اللَّهr .... أهـ .
نلاحظ أنهr قال هذا الحديث لما رجع من غزوةِ تبوك منتصرًا بالرعبِ دون إراقةِ دماءٍ حيث إنهr سافر إلي الروم لملاقاتهم ؛ لما ترامت الأنباء إليه أن الروم تستعد للقضاء على الإسلامِ وأهلِه في عقر دارهم ؛ فخرج إليهم قبل أن يأتوا هم إليه ؛ فلما أنتهي إليهم ولوا الأدبار وهربوا من الرعبِ فقال النبيُّ r: " نصرت بالرعب مسيرة شهر " .
وأتساءل: أين هو الإرهاب المذموم ؟ وأين نشر الدين بالإرهاب من الحديث كما زعم المعترضون ؟!
إن هذا النبي المكرم r نصره الله بإلقاء الرعب في قلوب أعدائه وصدق الله  إذ يقول :  سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ  ( آل عمران151) .
وقد بوّب البخاريُّ - رحمه اللهُ- بابً بعنوانِ بَاب ( قَوْلِ النَّبِيِّ r نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَقَوْلِهِ  : { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ } قَالَهُ جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ r.
وعليه فإن اللهَ من ينصر أتباعه بإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم .... ومن سوء أخلاقهم إن يقولوا على نبيِّ من الأنبياءِ( نبي مرعب) فهذا ينم على مدى سوء أخلاقهم ،ومدى حقدهم .....
قال ابنُ حجرٍ في الفتح : قَوْله :( نُصِرْت بِالرُّعْبِ ) زَادَ أَبُو أُمَامَةَ " يُقْذَفُ فِي قُلُوب أَعْدَائِي " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ .
قَوْله:( مَسِيرَة شَهْر ) مَفْهُومه أَنَّهُ لَمْ يُوجَد لِغَيْرِهِ النَّصْر بِالرُّعْبِ فِي هَذِهِ الْمُدَّة وَلَا فِي أَكْثَر مِنْهَا ، أَمَّا مَا دُونهَا فَلَا ، لَكِنَّ لَفْظ رِوَايَة عَمْرو بْن شُعَيْب " وَنُصِرْت عَلَى الْعَدُوّ بِالرُّعْبِ وَلَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنهمْ مَسِيرَة شَهْر" فَالظَّاهِر اِخْتِصَاصه بِهِ مُطْلَقًا ، وَإِنَّمَا جَعَلَ الْغَايَة شَهْرًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْن بَلَده وَبَيْن أَحَدٍ مِنْ أَعْدَائِهِ أَكْثَر مِنْهُ .....أهـ

ثانيًا : إن النبيَّ r لما انتصر على أعدائه من الروم في غزوة تبوك دون قتال ؛ نصره الله بالرعب الذي قذفه في قلوبِ أعدائِه قال النبيُّ r هذا الحديث حيث إنه ذكّر بنعمِ الله تعالى عليه كما جاء في الحديثِ فهذا يدل على وفاءِ النَّبِيِّ r مع ربِّه ، وهذا من بابِ قوله  :  وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (الضحى11) نصره الله بالرعب على أعدائه دون قتالٍ ولا إراقةِ دماء ، وجُعلت له الأرض مسجد وطهورا ، وأحلت له الغنائم ، وأعطى جوامع الكلم أي الكلام القليل الذي يحمل معاني كثيرة ، وأرسل إلى الناس عامة وفى بعض الروايات أنه أرسل إلى الخلقِ كافة ؛ فلا شك أن هذا الحديث يدل على عظمةِ هذا النبيr ، وعلى صدق نبوته ، وتأييدِ اللهِ له .

ثالثا : إن الكتابَ المقدس يذكر أن اللهَ  ينصر أتباعَه بإلقاءِ الرعبِ في قلوبِ أعدائِهم كما كان من نبيِّنا r ،وذلك في عدةِ مواضعٍ منها :
1- سفر التثنية إصحاح 11 عدد 25لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكُمْ. اَلرَّبُّ إِلهُكُمْ يَجْعَلُ خَشْيَتَكُمْ وَرُعْبَكُمْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ الَّتِي تَدُوسُونَهَا كَمَا كَلَّمَكُمْ.
2- سفر أخبار الأيام الثانية إصحاح 14 عدد11وَدَعَا آسَا الرَّبَّ إِلهَهُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ، لَيْسَ فَرْقًا عِنْدَكَ أَنْ تُسَاعِدَ الْكَثِيرِينَ وَمَنْ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةٌ. فَسَاعِدْنَا أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا لأَنَّنَا عَلَيْكَ اتَّكَلْنَا وَبِاسْمِكَ قَدُمْنَا عَلَى هذَا الْجَيْشِ. أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْتَ إِلهُنَا. لاَ يَقْوَ عَلَيْكَ إِنْسَانٌ». 12فَضَرَبَ الرَّبُّ الْكُوشِيِّينَ أَمَامَ آسَا وَأَمَامَ يَهُوذَا، فَهَرَبَ الْكُوشِيُّونَ. 13وَطَرَدَهُمْ آسَا وَالشَّعْبُ الَّذِي مَعَهُ إِلَى جَرَارَ، وَسَقَطَ مِنَ الْكُوشِيِّينَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَيٌّ لأَنَّهُمُ انْكَسَرُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَأَمَامَ جَيْشِهِ. فَحَمَلُوا غَنِيمَةً كَثِيرَةً جِدًّا. 14وَضَرَبُوا جَمِيعَ الْمُدُنِ الَّتِي حَوْلَ جَرَارَ، لأَنَّ رُعْبَ الرَّبِّ كَانَ عَلَيْهِمْ، وَنَهَبُوا كُلَّ الْمُدُنِ لأَنَّهُ كَانَ فِيهَا نَهْبٌ كَثِيرٌ. 15وَضَرَبُوا أَيْضًا خِيَامَ الْمَاشِيَةِ وَسَاقُوا غَنَمًا كَثِيرًا وَجِمَالاً، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ.
3- سفر أستر إصحاح 8 عدد 17وَفِي كُلِّ بِلاَدٍ وَمَدِينَةٍ، كُلِّ مَكَانٍ وَصَلَ إِلَيْهِ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ، كَانَ فَرَحٌ وَبَهْجَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ وَوَلاَئِمُ وَيَوْمٌ طَيِّبٌ. وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.
قلتُ:لماذا لم يطعن المعترضون على هذه النصوص كما طعنوا في الحديثِ بقولهم.....أم أنهم لم يعرفوا كتابهم المقدس جيدًا ؟!

كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-
في دفع شبهات المنصرين عن النبي الأمين