قالوا :رسولُ الإسلام يُدخل الناس دينه بالسلاسل على أعناقهم !
دليلهم على ذلك هو ما جاء في صحيح البخاري رقم 4191 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ }
قَالَ:" خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ".

الرد على الشبهة

أولاً:إن هذا الحديث موقوفٌ على أبي هريرة  ولم يرفعه إلى النبيِّ r،وهذا يدل على كذبِ وجهلِ المعترضين....

ثانيًا:إنني افترضُ جدلاً أن هذا الحديثَ مرفوعُ إلى النبيِّ r ..
لاحظتُ أن إشكالهم يكمنُ في أن النبيَّ r أجبر الناسَ على دخولِهم الإسلامَ عن طريق ِتقيديهم والسلاسل في أعناقهم....
قلتُ:إن هذا فهمٌ سقيمٌ لم يقل به أحدٌ بل هو نابعٌ من خيالٍ مريضٍ بعيدٍ عن البحثِ العلمي والعقلي...
ذكر ابنُ حجرٍ في الفتح أقولاً جيدةً تتناسبُ مع العقلِ والنقلِ ولن أضيف بعده إلا إضافة واحدة ؛ قال- رحمة اللهُ-: قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أُسِرُوا وَقُيِّدُوا ، فَلَمَّا عَرَفُوا صِحَّة الْإِسْلَام دَخَلُوا طَوْعًا فَدَخَلُوا الْجَنَّة ، فَكَانَ الْإِكْرَاه عَلَى الْأَسْر وَالتَّقْيِيد هُوَ السَّبَب الْأَوَّل ، وَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَى الْإِكْرَاه التَّسَلْسُل ، وَلَمَّا كَانَ هُوَ السَّبَب فِي دُخُول الْجَنَّة أَقَامَ الْمُسَبَّب مَقَام السَّبَب . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالسَّلْسَلَةِ الْجَذْب الَّذِي يَجْذِبهُ الْحَقّ مَنْ خَلْصِ عِبَاده مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى وَمِنْ الْهُبُوط فِي مَهَاوِي الطَّبِيعَة إِلَى الْعُرُوج لِلدَّرَجَاتِ ، لَكِنَّ الْحَدِيث فِي تَفْسِير آل عِمْرَان يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْحَقِيقَة .... وَقَالَ غَيْره : يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد الْمُسْلِمِينَ الْمَأْسُورِينَ عِنْد أَهْل الْكُفْر يَمُوتُونَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُقْتَلُونَ فَيُحْشَرُونَ كَذَلِكَ ، وَعَبَّرَ عَنْ الْحَشْر بِدُخُولِ الْجَنَّة لِثُبُوتِ دُخُولهمْ عَقِبه. أهـ
قلتُ: يدعم ما سبق دليلان:
الأول: صحيح البخاري برقم 2788 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ :"عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ".
الثاني: قصة ثُمَامَة بْنِ أُثَالٍ التي فيها أنه أُسر ورُبط في المسجد ،فلما رأى عظمةّ الإسلام ونبيَّه r دخل طواعية فيه - الإسلام - فأدخله الجنةَ....ثبت ذلك في صحيحِ البخاري كِتَاب (الْمَغَازِي )بَاب( وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ )برقم 4024 عن أبي هُرَيْرَةَ  قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ r خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ،فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ r فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ . فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ. فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟فَقَالَ :عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ. فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ .فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ:" أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ ،وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ ،وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى"؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ r وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ ،فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ قَالَ: لَا وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ r ،وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ r.

ثالثًا:إن الكتابَ المقدس يذكر لنا أجبارَ بني إسرائيل غيرَهم لدخلوهم دينهم بالرعبِ ...جاء ذلك في سفر أستر إصحاح 8 عدد 17وَفِي كُلِّ بِلاَدٍ وَمَدِينَةٍ، كُلِّ مَكَانٍ وَصَلَ إِلَيْهِ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ، كَانَ فَرَحٌ وَبَهْجَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ وَوَلاَئِمُ وَيَوْمٌ طَيِّبٌ. وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا؛ لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ. لا تعليق !

كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-
في دفع شبهات المنصرين عن النبي الأمين