قالوا : إن هناك آيةً في القرآنِ يذكرها المسلمون دائمًا عن نبيِّهم تقول :  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ  (الأنبياء107). كيف يكون رحمةً للعالمين في حين أنه لم يكن رحمةً للكافرين أمثالنا ؟!

• الرد على الشبهة

أولاً: إن في ظاهرِ بعض كلامِهم الصحة ؛ حيث إن الرحمة الكاملة متعلقة بشرط هو الإيمان به r ...
جاء في التفسيرِ الميسر لقولِه  :  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ  (الأنبياء107).
وما أرسلناك - أيها الرسول - إلا رحمة لجميعِ الناسِ, فمن آمن بك سَعِدَ ونجا, ومن لم يؤمن خاب وخسر. أهـ
من خلالِ التفسيرِ نجد أن من لم يؤمن به rلا ينال هذه الرحمة ، ومن آمن به كان r سببًا في نجاتِه من النارِ ، وفوزه برضا العزيز الغفار... تدلل على ذلك أدلة منها:
1- قوله  :  يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ 15 يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ16 (المائدة).
2- قوله  لنبيِّه r: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ52 صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ53(الشورى).
إذًا من رحمتِه بهم rأنه يهديهم إلى صراط مستقيم لو آمنوا به r ....

ثانيًا : إن النبيَّ r كان رحمةً للكافرين حيث إن عذابَ الاستئصال أُخِرَ عنهم بسببِه r؛ فلم يهلكهم اللهُ بسببِ كفرهم به كما كان حال الأنبياءِ والرسلِ من قبله ،أهلك مكذبيهم ؛يقول  : وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ 32 وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ 33  (الأنفال) .
سببُ نزولِها هو ما جاء في صحيح البخاري برقم 4282 عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ  قَالَ :قَالَ أَبُو جَهْلٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ فَنَزَلَتْ{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُمْ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ }.
وعليه أتساءل: أليست هذه رحمة للعالمين بما فيهم الكافرين ؛ لأن عذابَ الاتصالِ رُفِعَ عنهم بسببه r فكان ذلك رحمة لهم ؟!
ألخصُ ما سبق وأقول: إن الرسولَr كان رحمةً عامةً للخلق حيث إنه جاء بما يسعدهم إن اتبعوه ، ومن لم يتبعه فهو الذي قصر في حقِ نفسِه ؛ضيع نفسه ونصيبَه من هذه الرحمةِ ... ومن رحمته أيضًا أن اللهَ  لم يهلكهم كما أهلكَ الأممَ السابقةِ التي كذبت أنبياءها...

ثالثًا : إن المعترضين يعتقدون أن اللهَ محبة ، وأنه بذل ابنَه الوحيد أي :( قتله ) لأنه هكذا أحب العالم .. .
وعليه أتساءل: إذا كان اللهُ محبة ورحيم كما يدّعون ، فهل هذه المحبة والرحمة تصل لي وأنا لا أؤمن بيسوع المسيح إلهًا ، ولا بعقيدةِ الفداءِ والصلبِ ؟!
الجواب : في تكملةِ النصِ في إنجيل يوحنا إصحاح 3 عدد 16لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 17لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. 18اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ.
إذًا الواضح من خلال قراءةِ النصوص أن المحبة والرحمة تتعلق بالإيمانِ ؛ فالنص يقول :" لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ " بمفهوم المخالفة يصبح المعنى: من لا يؤمن به يهلك ، ولا تكون له حياة أبدية !
ونحن مثلهم نقول : إن رحمة النبيِّ r تتعلق بالإيمانِ به rحتى يخلص العالمَ، فإن آمنوا به نجّوا أنفسهم من عذابِ اللهِ ، ونالوا ما عند اللهِ من النعيمِ المقيمِ .... ..

رد شبهة: نبيٌّ ثمار رحمته اقتتال أصاحبه من بعده!

من الشبهاتِ التي تشدقوا بها أنهم طرحوا شبهةً تقول :هل من ثمارِ رحمةِ نبيِّكم اقتتال أصحابِه مع بعضهم البعض بعد وفاتِه من أجلِ السلطةِ ومقتلِ الألوف منهم كما في معركتي: الجمل وصفين... ؟!
ثم قالوا : أجيبونا عن هذين الحديثين:
1- صحيح البخاري كِتَاب ( الْإِيمَانِ ) بَاب { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا }فَسَمَّاهُمْ الْمُؤْمِنِينَ. برقم 30حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَيُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ قَالَ :ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِr يَقُولُ:" إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ" .فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ:" إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ" .
2- صحيح مسلم برقم 46 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ الْمُرْجِئَةِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّr قَالَ:"سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ".
قد حدث اقتتالٌ عظيمٌ في معركةِ الجمل وصفين بين عليٍّ ومعاويةَ ، فمن فيهما في النارِ، أومن فيهما الكافر......؟!

• الرد على الشبهة

أولاً : إن هذه الوقائع التي حدث فيها اقتتالٌ بين المسلمين من بعدِه r تدل على صدقِ نبوتِهr ، وفيها معجزة من معجزاتِه r ؛لأنه r أخبر عنها قبل وقوعِها ..... وذلك في عدةِ مواضعٍ منها:
1- بيّن r أن الصلحَ سيكون على يدي ابنِه الحسن بن علي ؛ فحدث كما أخبر r ، وذلك في صحيح البخاري برقم 6576 قَالَ النَّبِيُّ r :"ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ".
2- أخبرr أن عمارًا تقتله الفئة الباغية ، وذلك في صحيح البخاري برقم 2601 عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ وَلِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ فَاحْتَبَى وَجَلَسَ فَقَالَ: كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ الْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ r وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الْغُبَارَ وَقَالَ:" وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ ".
نلاحظ أن النبيَّ r أخبرَ عن هذه الفتنةِ فحدث ما أخبر بهr ....
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو : من أخبر محمدًا r بما سيحدث بعد موتِه ، مثل تلك الأحداث ؟
الجواب : إنه الله ؛ إذًا محمدٌ r رسولٌ من عندِ اللهِ ...
إذًا هذه معجزة في حقِه r ....
وعليه فالحديث لم يخدم المعترضين من جهةٍ يغفلون عنها كما بيّنتُ- بفضلِ اللهِ - .

ثانيًا : إن النبيَّ r مات وهو عن أصحابِه  راضٍ ، وشهد لهم جميعًا بالإيمانِ ، وأخبر عن الفتنةِ ، ولم يخبر أن أحدًا منهم من أهلِ النار بل شهد لهم جميعًا بالإسلامِ ... دليل ذلك ما يلي:
1- الحديثِ الذي سبق معنا :" ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ".
نلاحظ " فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ " ولم يقل : فِئَتَيْنِ من الكافرين .
2- القرآن الكريم شهد لهم  بالإيمان رُغم الاقتتالِ الذي وقع بينهم ؛ قال  : وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  (الحجرات9).
نلاحظ قولَه : " وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا " شهد اللهُ لهم بالإيمانِ ....
3- قولهr: " إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ " ذكره البخاريُّ - رحمه اللهُ- في بَابِ{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا } فَسَمَّاهُمْ الْمُؤْمِنِينَ.
وعليه تسقط شبهتهم التي تقول: قد حدث اقتتالٌ عظيمٌ في معركتي الجمل وصفين بين عليٍّ ومعاويةَ ، فمن فيهما في النارِ ، أو من فيهما الكافر....؟!

ثالثًا: إن اقتتالَ أصحابِه من بعده لم يكن من أجلِ دنيا يصيبونها ، مثل : خلافةٍ ، أو عرقيةٍ ، أو قبليةٍ ، أو حميةٍ .... ولكن كان اقتتالهم اجتهادًا ، وبحثًا عن الحقِ ؛لأخذ الثأر من دمِ قتلة عثمان  خليفة المسلمين الذي قتله اليهودُ والمنافقون ، وبالتالي فهذا القتال لا يستوجب الكفر لأحدٍ من أصحابِ النبيِّ r مثل: عليِّ أو معاويةَ - رضي اللهُ عنهما- ؛ وإنما كان قتالهم بحثا عن الحق في كيفية أخذ الثائر لأميرِ المؤمنين عثمانَ . وأحيل المعترضين إلى قراءةِ كتبِ التاريخِ ليتأكدوا بأنفسهم من هذا الأمر إذا كانوا يعرفون القراءةَ وإذا كانوا أصحابَ منهجيةٍ صحيحةِ في البحث ...
وعليه تسقط شبهتهم التي تقول : هل من ثمارِ رحمة نبيِّكم اقتتال أصحابِه بعضهم البعض بعد وفاته من أجلِ السلطةِ ومقتل الألوف منهم كما في معركتي الجمل وصفين...؟!

رابعًا : كان على المعترضين قبل طرحهم للشبهة أن يعلموا أن الكفر كفران :
كفرٌ أكبر: وهو مُخرج عن ملةِ الإسلام.
وكفرٌ أصغر: وهو كفر دون كفرٍ؛ لا يخرج عن ملةِ الإسلامِ ، والثاني لا شك أنه ذنبٌ كبيرٌ... صاحبه في مشيئةِ الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه.
ففي قوله r: " سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ". يظهر لنا انه كفر دون كفرٍ لا يخرج عن الملة ، إلا إذا استحل القاتلُ القتلَ سواء أكان لمسلمٍ أو لغيرِه، فهذا يخرج عن الملةِ ؛ وإن لم يستحل القتلَ فهو في مشيئةِ اللهِ إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه....

خامسًا : إن الواجبَ عن المسلمِ أن يقول عن هذه الفتنة كما قال اللهُ  : تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (البقرة134).
كما قال عمرُ بنُ عبدِ العزيز - رحمه اللهُ - : " هذه فتن نجا اللهُ أيدينا من دمائهم فلا نخوض فيها بألسنتنا " .


سادسًا: إن المتأملَ في الكتابِ المقدس يجد فيه أن بعضَ الأنبياءِ،والقديسين يقتتلون مع بعضهم البعض ؛ من أجلِ الملكِ والسلطةِ ، ومنهم من قتل أخاه من أجلِ الملكِ والسلطةِ ، ونحن ننزههم عن ذلك .. يدلل على ذلك فيما يلي:
1- اقتتال داود النبي مع النبيِّ شاول ، وذلك في سفر صموئيل الأول إصحاح19 عدد1وَكَلَّمَ شَاوُلُ يُونَاثَانَ ابْنَهُ وَجَمِيعَ عَبِيدِهِ أَنْ يَقْتُلُوا دَاوُدَ.......

2- سليمانُ النبيُّ يقتل أخاه الأكبر( أَدُونِيَّا ) ،وذلك من أجلِ الملك ؛ لأن أَدُونِيَّا كان الأكبر في السن وله الحق بالملك منه فقتله ! نجد ذلك في سفر الملوك الأول إصحاح 2 عدد23وَحَلَفَ سُلَيْمَانُ الْمَلِكُ بِالرَّبِّ قَائِلاً: «هكَذَا يَفْعَلُ لِيَ اللهُ وَهكَذَا يَزِيدُ، إِنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ أَدُونِيَّا بِهذَا الْكَلاَمِ ضِدَّ نَفْسِهِ. 24وَالآنَ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي ثَبَّتَنِي وَأَجْلَسَنِي عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ أَبِي، وَالَّذِي صَنَعَ لِي بَيْتًا كَمَا تَكَلَّمَ، إِنَّهُ الْيَوْمَ يُقْتَلُ أَدُونِيَّا». 25فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ بِيَدِ بَنَايَاهُو بْنِ يَهُويَادَاعَ، فَبَطَشَ بِهِ فَمَاتَ.

سابعًا : إن الناظرَ في تاريخِ الكنيسةِ يجد المذابحَ التي قامت مع المسيحيين بعضهم البعض، وقتل الموحدين منهم .... والقارئ لمجمع أفسوس سنة 325 م يجد أنهم كانوا يتكلمون في أمر المشيئتين والطبيعتين للمسيح ، وعندما اختلف أصحابُ المجمع كان رد فعلهم أنهم تلاعنوا وتضاربوا بالأيدي حتى أن أحدهم سقط قتيلاً مع العلم أنهم كانوا أعلم أهل الأرض بالمسيحية في ذلك الزمان وهذا اجتماع ديني ....!

والقارئ لمحاكم التفتيش يجدها أحدَ أسوأ فصول التاريخ الغربي دموية تجاه المسلمين،وقد امتدت وحشيتها المفرطة لتنال النصارى أيضاً فيما بعد ؛ ارتكبها القساوسة في محاولتهم للحفاظ على المسيحية بعد خروج المسلمين من الأندلس، وراح ضحيتها حسب بعض المؤرخين الغربيين أكثر من نصف مليون مسلم، وتم تنصير البقية الباقية من المسلمين بالقوة، ثم صدر مرسوم بتحويل جميع المساجد إلى كنائس.....!
وأخيرًا: اقتتال البروتستانت والكاثوليك في ايرلندا الشمالية مذابح رهيبة ....!
وتكفير الأرثوذكس لمن ليس من طائفتهم والعكس .
إذن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذه هي ثمار الرحمة والمحبة التي جاء بها الربُّ يسوع المسيح بحسب معتقد المعترضين... ؟! هذا هو.

كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-
في دفع شبهات المنصرين عن النبي الأمين