هناك شبهة مثارة دومًا ،يقول أصحابُها: أنتم أيها المسلمون تتزوجون من أربعة فقط،ورسول الإسلام تزوج اثنا عشرة زوجه..هل هذا تناقض ،أم أنه هذا للمتعة له فقط دون المسلمين....؟!

الرد على الشبهة

أولاً:إن للنبيِّ r خصائص له دون غيره لمكانتِه عند ربِّه ....كما كانت هذه الخصائص لمن قبله من الأنبياء .... فمن هذه الخصائص لا يحتملها الكثيرون من المسلمين ....
يقول القرطبيُّ في تفسيره (ج14 /ص 212):
فأما ما فرض عليهr فتسعة:
الأول - التهجد بالليل، يقال: إن قيام الليل كان واجًبا عليه إلى أن مات، لقوله : " يا أيها المزمل.
قم الليل " [ المزمل: 1 - 2 ] الآية.
والمنصوص أنه كان، واجبًا عليه ثم نسخ بقوله : " ومن الليل فتهجد به نافلة لك " [ الإسراء: 79 ] وسيأتي.
الثاني - الضحى.
الثالث - الأضحى.
الرابع - الوتر، وهو يدخل في قسم التهجد.
الخامس - السواك.
السادس - قضاء دين من مات معسرًا.
السابع - مشاورة ذوي الأحلام في غير الشرائع.
الثامن - تخير النساء.
التاسع - إذا عمل عملاً أثبته.
زاد غيره: وكان يجب عليه إذا رأى منكرا أنكره وأظهره، لان إقراره لغيره على ذلك يدل على جوازه، ذكره صاحب البيان.
وأما ما حرم عليهr فجملته عشرة:
الأول - تحريم الزكاة عليه وعلى آله.
الثاني - صدقة التطوع عليه، وفي آله تفصيل باختلاف.
الثالث - خائنة الأعين، وهو أن يظهر خلاف ما يضمر، أو ينخدع عما يجب.
وقد ذم بعض الكفار عند إذنه ثم ألان له القول
عند دخوله.
الرابع - حرم الله عليه إذا لبس لامته أن يخلعها عنه أو يحكم الله بينه وبين محاربه.
الخامس - الأكل متكئا.
السادس - أكل الأطعمة الكريهة الرائحة.
السابع - التبدل بأزواجه، وسيأتي.
الثامن - نكاح امرأة تكره صحبته.
التاسع - نكاح الحرة الكتابية.
العاشر - نكاح الأمة.
وحرم الله عليه أشياء لم يحرمها على غيره تنزيها له وتطهيرا.
فحرم الله عليه الكتابة وقول الشعر وتعليمه، تأكيدا لحجته وبيانا لمعجزته قال الله : " وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك " [ العنكبوت: 48 ].
وذكر النقاش أن النبيَّ r ما مات حتى كتب، والأول هو المشهور.
وحرم عليه أن يمد عينيه إلى ما متع به الناس، قال الله : " لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم " [ الحجر: 88 ] الآية.
وأما ما أحل له rفجملته ستة عشر:
الأول - صفي المغنم.
الثاني - الاستبداد بخمس الخمس أو الخمس.
الثالث - الوصال.
الرابع - الزيادة على أربع نسوة.
الخامس - النكاح بلفظ الهبة.
السادس - النكاح بغير ولي.
السابع - النكاح بغير صداق.
الثامن - نكاحه في حالة الإحرام.
التاسع - سقوط القسم بين الأزواج عنه، وسيأتي.
العاشر - إذا وقع بصره على امرأة وجب على زوجها طلاقها، وحل له نكاحها.
قال أبن العربي: هكذا قال إمام الحرمين، وقد مضى ما للعلماء في قصة زيد من هذا المعنى.
الحادي عشر - أنه أعتق صفية وجعل عتقها صداقها.
الثاني عشر - دخوله مكة بغير إحرام، وفي حقنا فيه اختلاف.
الثالث عشر - القتال بمكة.
الرابع عشر - أنه لا يورث.
وإنما ذكر هذا في قسم التحليل لان الرجل إذا قارب الموت بالمرض زال عنه أكثر ملكه، ولم يبق له إلا الثلث خالصا، وبقي ملك رسول الله r على ما تقرر بيانه
في آية المواريث ، وسورة " مريم " بيانه أيضا.
الخامس عشر - بقاء زوجيته من بعد الموت.
السادس عشر - إذا طلق امرأة تبقى حرمته عليها فلا تنكح.
وهذه الأقسام الثلاثة تقدم معظمها مفصلا في مواضعها.
وسيأتي إن شاء الله تعالى.
[ وأبيح له r أخذ الطعام والشراب من الجائع والعطشان، وإن كان من هو معه يخاف على نفسه الهلاك، لقوله تعالى: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " [ الأحزاب: 6 ].
وعلى كل أحد من المسلمين أن يقي النبي r بنفسه.
وأبيح له أن يحمي لنفسه.
وأكرمه الله بتحليل الغنائم.
وجعلت الأرض له ولامته مسجدا وطهورا.
وكان من الأنبياء [ من ] لا تصح صلاتهم إلا في المساجد.
ونصر بالرعب، فكان يخافه العدو من مسيرة شهر.
وبعث إلى كافة الخلق، وقد كان من قبله من الأنبياء يبعث الواحد إلى بعض الناس دون بعض.
وجعلت معجزاته كمعجزات الأنبياء قبله وزيادة.
وكانت معجزة موسى العصا وانفجار الماء من الصخرة.
وقد أنشق القمر للنبي r وخرج الماء من بين أصابعه r .
وكانت معجزة عيسى  إحياء الموتى وإبراء الاكمه والأبرص.
وقد سبح الحصى في يد النبي r وحن الجذع إليه، وهذا أبلغ.
وفضله الله عليهم بأن جعل القرآن معجزة له، وجعل معجزته فيه باقية إلى يوم القيامة، ولهذا جعلت نبوته مؤبدة لا تنسخ إلى يوم القيامة ].
كان ما سبق ردًا على قولهم: ورسول الإسلام تزوج اثنا عشرة زوجه..هل هذا تناقض..؟!

ثانيًا:أما عن قولهم أن كثرة النساء للنبيr أكثر من المسلمين للمتعة... فهو باطل لوجهين:
الأول:أن زوجات النبيِّ r كلهن ثيبات إلا عائشة ،ومنهن من لا يرجى منها النكاح...فلو كان الأمر للمتع لتزوج الأبكارَ الجميلات...
الثاني: إن المسلمَ قد يتزوج أكثر من النبيِّ r بكثيرٍ جدًا ؛لأن النبيَّ r لا يحل له أن يطلق ويتزوج ولو أعجبته امرأة ،أما المسلم فيطلق ويتزوج بقدر الله أكثر من خمسين...يدلل على ذلك الآتي:
1-قوله : لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52)(الأحزاب)
إذن لا يحل له r أن يطلق ويتزوج غيرهن...
2-قوله : الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)(البقرة)
3-قوله : فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)(الطلاق)
إذن يحل للمسلم أن يتزوج أربعة، ويطلق منهن أو يطلقهن، ويتزوج غيرهن بقدر الله ،أما النبيُّ r فلا يحل له أن يطلق ويتزوج....
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو :أيهما من يتزوج أكثر المسلم المتبع أم النبي r ...؟
الجواب :هذا هو.
وعليه فكان ما سبق ردًا على قولهم: أنتم أيها المسلمون تتزوجون من أربعةٍ فقط،ورسولُ الإسلامِ تزوج اثنا عشرة زوجه.... فهذا للمتعة له فقط دون بقية المسلمين..؟!

كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-
في دفع شبهات المنصرين عن النبي الأمين