بعد أن أجبتُ على شبهتِه السابقةِ( المسيح كلمة الله إذًا هو إله) ....
قال لي: وماذا تقول عن روحِ اللهِ التي هي بنص الآية... من هو روح اللهِ غير المسيح... أليس هو إلهًا ؟!

الرد على الشبهة

أولاً : سبق معنا بيان أن الآيةَ الكريمةَ لا تخدم مصالح الدّعي بحالٍ من الأحوالِ ؛ حيث يقول اللهُ : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)  (النساء)
الملاحظ أن الآيةَ الكريمة برمتِها تنصُ صراحةً على أن المسيحَ رسولٌ من عند اللهِ ،وتنهى عن معتقدِ الدّعي(التثليث، وبنوة المسيح  لله ). وأما ما أشكل فهمه على الدّعي في قولِه  : وَرُوحٌ مِنْهُ يزول أشكاله حينما يعلم إن الروحَ مخلوقةٌ من مخلوقاتِ اللهِ نُسبت إلى اللهِ للتشريفِ وللتعظيمِ وللتكريمِ ؛يقال : ناقة الله ،بيت الله ،أسد الله ... فهل لله ناقة أو بيت أو أسد...؟! هذا هو.

ثانيًا :إن روحَ اللهِ لا تعني أنه إله فكما قلتُ ؛ وأنما نُسبت إلى اللهِ للتشريفِ وللتعظيم....
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل المسيحُ وحده هو روحٌ من اللهِ ،الآية تقول: وَرُوحٌ مِنْهُ أي: أنه روح من الله.. ؟!
الجواب :لا؛ يتضح ذلك من الآتي:

1- آدم  روح من الله ؛يدل على ذلك قوله  : فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)  (الحجر)
2- جبريل  روح من الله؛ جاء ذلك في عدة أدلة منها:
أ- قوله : قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)  (النحل).
ب- المعجم الكبير للطبراني برقم7694 عن أبي أمامة : أن رسولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال :" نفث روحُ القدس في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها ،وتستوعب رزقها فأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله فإن اللهَ لا ينال ما عنده إلا بطاعته".
ج - قوله : نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)  (الشعراء)
د- قوله :  يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)  (النبأ).
3- القرآن الكريم روح ؛ يقول: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)  (الشورى).
ويبقى السؤال حينئذٍ هل آدم إله ،هل جبريل إله ،هل القرآن إله....؟ هذا هو.

ثالثًا:سمعتُ أحدَهم قديمًا يقول: إن القرآنَ يذكر أن اللهَ نفسَه روح ،فلما سألتُه عن دليلِه؟
قال: هناك آية في سورةِ يوسف تقول: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) (يوسف).
قلتُ لأخواني: أنظروا إلى قمةِ الجهلِ، وعدمِ معرفةِ القراءةِ ،الجاهل الجهول المجهال لا يعرفُ الفرقَ بين كلمتي (رُوح و رَوْح) الثانية بتسكين الواو تعني: رحمة اللهِ ،وليست الروح التي نتحدث عنها....
جاء في تفسير الجلالين: "يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُف وَأَخِيهِ" اُطْلُبُوا خَبَرهمَا "وَلَا تَيْأَسُوا" تَقْنَطُوا "مِنْ رَوْح اللَّه" رَحْمَته فَانْطَلَقُوا نَحْو مِصْر لِيُوسُف.أهـ

رابعًا:إن الكتابَ المقدس الذي يؤمن به الدّعي يذكر أن هناك أناسًا بهم روح الله .... فلما لم يقل عنهم إنهم آلهة...جاء ذلك في الآتي:
1- يوسف ،وذلك في سفر التكوين إصحاح 41 عدد37فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَفِي عُيُونِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ. 38فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هذَا رَجُلاً فِيهِ رُوحُ اللهِ؟»
2-بَصَلْئِيلَ بْنَ أُورِي،وذلك في سفر الخروج إصحاح31عدد1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: 2«اُنْظُرْ. قَدْ دَعَوْتُ بَصَلْئِيلَ بْنَ أُورِي بْنَ حُورَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا بِاسْمِهِ، 3وَمَلأْتُهُ مِنْ رُوحِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَكُلِّ صَنْعَةٍ،
وفي إلاصحاح35 عدد30وَقَالَ مُوسَى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: «انْظُرُوا. قَدْ دَعَا الرَّبُّ بَصَلْئِيلَ بْنَ أُورِي بْنَ حُورَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا بِاسْمِهِ، 31وَمَلأَهُ مِنْ رُوحِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَكُلِّ صَنْعَةٍ،
3-بلعام بن باعور ،وذلك في سفر العدد إصحاح 24 عدد2وَرَفَعَ بَلْعَامُ عَيْنَيْهِ وَرَأَى إِسْرَائِيلَ حَالاُ حَسَبَ أَسْبَاطِهِ، فَكَانَ عَلَيْهِ رُوحُ اللهِ،
4-شاول بن قيس ،وذلك في سفر صمؤيل الأول إصحاح 10 عدد 10وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى هُنَاكَ إِلَى جِبْعَةَ، إِذَا بِزُمْرَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ لَقِيَتْهُ، فَحَلَّ عَلَيْهِ رُوحُ اللهِ فَتَنَبَّأَ فِي وَسَطِهِم.
وفي الإصحاح 11 عدد6فَحَلَّ رُوحُ اللهِ عَلَى شَاوُلَ عِنْدَمَا سَمِعَ هذَا الْكَلاَمَ وَحَمِيَ غَضَبُهُ جِدًّا.
الإصحاح 19 عدد20فَأَرْسَلَ شَاوُلُ رُسُلاً لأَخْذِ دَاوُدَ. وَلَمَّا رَأَوْا جَمَاعَةَ الأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ، وَصَمُوئِيلَ وَاقِفًا رَئِيسًا عَلَيْهِمْ، كَانَ رُوحُ اللهِ عَلَى رُسُلِ شَاوُلَ فَتَنَبَّأُوا هُمْ أَيْضًا.
5- زكريا،وذلك في سفر الملوك الثاني إصحاح 24 عدد 20وَلَبِسَ رُوحُ اللهِ زَكَرِيَّا بْنَ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ فَوَقَفَ فَوْقَ الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا يَقُولُ اللهُ: لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصَايَا الرَّبِّ فَلاَ تُفْلِحُونَ؟ لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الرَّبَّ قَدْ تَرَكَكُمْ".
6-أيوب ،وذلك في سفر أيوب إصحاح 33 عدد4رُوحُ اللهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي.

كتبه الشيخ / أكرم حسن مرسي
نقلاً عن كتابه رد السهام عن الأنبياء الأعلام – عليهم السلام –
في دفع شبهات المنصرين عن أنبياء رب العالمين