لماذا ( ابن مريم )؟
تحقيق حول قول الله عن المسيح ( ابن مريم ) .
******************************
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد , الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد , و صلي اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي و على اّله و صحبه أجمعين .
= إن كل البشر , بما فيهم المسيح ابن مريم , هم أبناء اّدم و حواء , اّدم الذي خلقه الله بيده و بقدرته الفائقة التصور , مباشرة , و نفخ فيه من روحه مباشرة , أي بواسطة روحه ( جبريل ) عليه السلام . و النفخ معروف , و لانسأل عن الكيف , و السؤال عنه بدعة , فما لم يذكره الله لنا عن ذاته جل في علاه , لا نناقش فيه لئلا نضل كما ضل اليهود و النصارى و العلمانيين , فإن الله ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) و بالمثل قال عنه كتاب اليهود و النصارى في ( أشعياء 30: 18, 25 )
= و حواء هي إبنة اّدم الوحيدة بدون أم , خلقها الله أيضاً بيده و بقدرته و بروح منه , مباشرة , أيضاً .
= و بذلك يكون خلق الله لآدم و حواء يفوق خلق الله للمسيح من مريم , الذي يتساوى مع كل البشر في كونه إبن إمرأة و أخذ جسده و روحه المخلوقان من رحم مريم مباشرة .
= و الدليل على عدم استحالة وجود إبن من أم بدون أب هو أن الاستنساخ كان موجوداً من بداية الخلق في الحيوانات , و أخيراً نجده في المعامل الآن في الحيوان و الإنسان أيضاً .
= فقوله تعالى ( يا عيسى ابن مريم ) يعني : يا بن اّدم و حواء .
و كل بن اّدم هو مخلوق من تراب , لأن اّدم مخلوق من تراب .

= و كان إيجاد المسيح عيسى من مريم على هذه الحالة , فتنة, ليس لبني إسرائيل فقط بل و للبشر كلهم , لإظهار المؤمن من الكافر ,من أيام المسيح , وعلى يد خاتم الأنبياء – محمد - حين يأتي من بعد عيسى , عليهما الصلاة و السلام , ليبين الحق للخلق .
= و كذلك أيضاً سيكون المسيح الدجَّال فتنة أكبر للدنيا كلها , لأنه سوف يُحيّي و يُميت و يتحكم في الأرض و الطبيعة بصورة تفوق كثيراً ما كان عليه المسيح ابن مريم الذي أحيا الموتى بإذن الله و لم يميت و أسكت الطبيعة ولم يجعلها تتحرك بأمره كفعل الدجال , والدجال سوف يدعي الإلوهية و الربوبية بينما ابن مريم أنكرها , و سيكون المسيح ابن مريم هو القاتل لهذا المسيح الدجال . و ابن مريم أخذ جسداً من مريم , و الدجال لا نعرف له أباً ولا أماً .
= فقوله تعالى : ( يا عيسى ابن مريم ) يعني : يا مخلوق يا خاضع للقدر و لأمر الله , كما خضعت أمك مريم لقدر الله .

= و المسيح تسلسل من سلسلة من الجدود يعود أصله بهم إلى اّدم , إلى التراب الذي خُلِقَ منه اّدم, لذلك كان المسيح مثلنا يأكل طعاماً مكوناً من عناصر التراب و نبت من التراب و تغذى على التراب , لينمو به جسد المسيح الترابي .
= فقوله تعالى ( يا عيسى ابن مريم ) يعني يا ابن التراب .

= و قد وُجِدَ المسيح بكلمة من الله و هي كلمة ( كُن ) , التي خلق الله بها كل شيء , فكان جسداً مخلوقاً في رحم مريم . و صار نفساً حية في رحم مريم بروح من الله , مثل الروح التي نفخها الله في اّدم , فكما يقول كتابهم أن الله نفخ في أنف اّدم , فبالمثل أرسل الله نفخة إلى مريم و ليس إلى المسيح لأنها هي أصل جسد المسيح , فأدخل روح الله أي جبريل عليه السلام هذه النفخة إلى رحم مريم حيث يكون خلق جسد للجنين الموعود , فصار لجسد المسيح روحاً من أمه ككل البشر , كما أن كل جنين يدخل الروح فيه وهو في رحم أمه بأمر الله بواسطة ملك من الملائكة مخصص بالأرحام , كقول الرسول محمد صلى الله عليه و سلم .
= فكان خلق اّدم و حواء بدون أم و بيد الله مباشرة و بروح من الله مباشرة هو أعظم من خلق المسيح , و سبقاه , لكي لا يكون عذر لأي إنسان أن يفتتن بميلاد عيسى من مريم بدون أم .
= كذلك كان خلق إسحاق و يحيى بن زكريا , عليهم السلام , أعظم من خلق المسيح من وجهة نظري ,لأن المستودع ( الرحم ) الذي حمل كل منهما كان ميتاً أنثوياً و إنجابياً , لكون كل من الوالدتين كانت عجوزاً و كانت عاقراً . فلا أنوثة ولا إنجاب , و هذا مستحيل الإنجاب بالمقارنة بمستودع ( رحم ) الصبية الصغيرة ذات العشر سنوات من العمر .
= و قد قال كتابهم في ( تكوين 17: 17 ) أن إبراهيم كان عمره 100 سنة و زوجته سارة عمرها تسعون سنة لما بشرهما ملاك الله بميلاد اسحق . أي قبل الحبل به .
= لذلك قال بولس وهو يصفهما في ( رومية 4 : 19 ) أن إبراهيم كان ( مُمَاتاً) و ( مُمَاتية مستودع سارة ).فيكون اسحق بلا أب و لا أم على الطبيعة البشرية بل بإعجاز من الخالق وحده , و بالمثل كان يحيى بن زكريا ابناً لشيخين عقيمين كما ذكر تلميذ بولس في ( انجيل لوقا 1: 7 )( كانت أليصابات عاقراً , وكانا كلاهما متقدمين في أيامهما ) و( إنجيل لوقا 1: 36 )( إبن شيخوختها ... المدعوة عاقراً ) لذلك وجدنا أن معجزة ميلاد يحيى من مستودع ميت من إمرأة عجوز عاقر , تسبق معجزة ميلاد عيسى من صبية بدون زوج .و هذا ما اتخذه الملاك المبشر لمريم دليلاً لمريم على قدرة الله الغير محدودة ( لوقا 1: 36 – 37 )

= و معجزة صمت زكريا عليه السلام عن الكلام مع الناس , سبقت كلام المسيح في المهد , فصمت زكريا ثلاثة أيام , و تكلم المسيح الرضيع بثلاث حقائق : أنه هو عبد الله , و أنه رسول الله , و أن الله علمه الكتاب و الحكمة و التوراة و الانجيل .
= لذلك نجد أن المسيح في الأناجيل تبع يوحنا ( يحيى ) عملاً و قولاً , فكان المسيح مع يوحنا لمدة عام تابعاً صامتاً , قبل أن يبدأ دعوته , و بدأ بما بدأ به يوحنا , كقول المفسرين المسيحيين في :
- ( إنجيل مرقس 1: 14 ) ( و بعد ما أُسلِمَ يوحنا جاء يسوع إلى الجليل ليكرز ببشارة ملكوت الله , يقول قد كمل الزمان و اقترب ملكوت الله فتوبوا و اّمنوا بالانجيل ) .
- - و ( متى 3: 1- 2 ) مع ( متى 4: 12 – 17 ) ( توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات ) .
- - كما ذكر ( إنجيل لوقا 7: 29 ) أن المسيح كان يُعَمِّد بمعمودية يوحنا .
- و ما تفسيركم أيها النصارى لقول الإنجيل ( لوقا 2: 22- 23 ) أن مريم تطهرت من نجاسة ولادتها للمسيح , بتقديم ذبيحة بحسب شريعة الله لعبده موسى , أمام كاهن اليهود في المعبد اليهودي .
- و ما تفسيركم أيها النصارى لقول ( إنجيل مرقس 6: 3 ) أن اليهود كانوا يدعون المسيح ( ابن مريم ) ؟ . ذلك لأنهم كانوا يعرفون أن المسيح مولود من مريم بدون أب , و أنهم رضوا بذلك و لم يعبدوه , لأن المسيح تكلم في المهد و دافع عن أمه ضد تهمة الزنا , و لأن كُتُب أنبيائهم فيها البشارة عن عذراء تحبل و تلد إبناً نبياً مختاراً, و ليس إلهاً ولا إبن إله ( أشعياء 7 ) .

= و لذلك هو يُدعىَ ( ابن مريم ) في القراّن الكريم , و لم يفتتن اليهود والمسلمون حول العالم على مر أربعة عشر قرناً , بقصة ولد يولد من عذراء , لأنهم يعلمون أنه لا يوجد شيء غير مُستطاع عند الله , فيخلق ما يشاء , بعكس المسيحيين الذين عكسوا المعنى .
= و كل المفتونين به كانوا يعبدون الأصنام ( في مصر و أوروبا ) و كان عندهم في عبادتهم للأوثان يوجد ثالوث فيه إبن للإله , و أم للإله , ومن هنا جائتهم الفتنة , فعندهم الاستعداد للإيمان بإله مولود من إمرأة .
= ومن هنا جائتهم الفتنة التي نشرها بولس, مستغلاً عقليتهم الوثنية ,فأطاعوه و نجح مع الوثنيين حيث فشل مع اليهود الذين تنصَّروا على الحق , و هذا ما يوضحه كتابهم ( أعمال الرسل 15: 1- 5 )
= و نحن نفتخر أننا ننفذ دعوة المسيح ( إلهي و إلهكم )( إنجيل يوحنا 20 : 17 ) ولا نرفعه هو أو غيره فوق ما يستحقون كما فعل النصارى , و لا نبخسه قدره كفعل اليهود , و نفخر بإسلامنا .
سبحانك الله و بحمدك , أشهد أن لا إله إلا أنت , أستغفرك و أتوب إليك .
كتبه دكتور وديع أحمد - ربيع أول 1432
مسموح بنشره على المواقع الدعوية مجاناً , وممنوع نشر أي مقال من مقالاتي في أي كتاب بدون إذني , و حسبنا الله و نعم الوكيل .