من الشبهات التافهة هي: أنني سمعت أحدهم يقول: إن هناك أية في القرآن جاء بها رسول الإسلام تقول إن الله له جد ،فمن هو جده ...؟!
وتعلق بقول الله  :  وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4)  (الجن).
الرد على الشبهة

أولا:إن الآية التي استهد بها المعترض تدلل على جهله وسوء فهمه ....لأن الآية لا تذكر الجد الذي هو أبو الأب؛ الآية ذكرت جد بفتح الجيم والدال المشددة وهذه تختلف تمامًا عن الجد التي هي بكسر الجيم... فالأولى لها معي آخر ،وذلك من كتب التفاسير جاء التالي:
1- تفسير الجلالين: "وَأَنَّهُ" الضَّمِير لِلشَّأْنِ فِيهِ وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ بَعْده "تَعَالَى جَدّ رَبّنَا" تَنَزَّهَ جَلَاله وَعَظَمَته عَمَّا نُسِبَ إلَيْهِ "مَا اتَّخَذَ صَاحِبَة" زَوْجَة. أهـ
2-التفسير الميسر: وأنه تعالَتْ عظمة ربنا وجلاله، ما اتخذ زوجة ولا ولدًا. أهـ
3-تفسير ابن كثير : وقوله: { وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا } قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: { جَدُّ رَبِّنَا } أي: فعله وأمره وقدرته.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: جد الله: آلاؤه وقدرته ونعمته على خلقه.
وروي عن مجاهد وعكرمة: جلال ربنا. وقال قتادة: تعالى جلاله وعظمته وأمره. وقال السدي: تعالى أمر ربنا. وعن أبي الدرداء، ومجاهد أيضا وابن جريج: تعالى ذكره.
وقال سعيد بن جبير: { تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا } أي: تعالى ربنا. وروي عن مجاهد وعكرمة: جلال ربنا. وقال قتادة: تعالى جلاله وعظمته وأمره.
وقال السدي: تعالى أمر ربنا. وعن أبي الدرداء، ومجاهد أيضا وابن جريج: تعالى ذكره.
وقال سعيد بن جبير: { تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا } أي: تعالى ربنا.
فأما ما رواه ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ (1) حدثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال: الجد: أب. ولو علمت الجن أن في الإنس جدا ما قالوا: تعالى جَدّ ربنا.
فهذا إسناد جيد، ولكن لست أفهم ما معنى هذا الكلام؛ ولعله قد سقط شيء، والله أعلم. أهـ

ثانيًا: إن كلمة جَدّ جاءت في السنة بمعنى آخر وليس هناك نصًا من قرآن أوفي سنة فيه أن لله جِد – أبو الأب- ....وذلك في صحيح البخاري برقم5855 عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كَتَبَ الْمُغِيرَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ:"َلا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ".

وأما تفسيره – الحديث- جاء فيما يلي:
1- تفسير غريب ما في الصحيحين: " ولا ينفع ذا الجد منك الجد"
الجد ها هنا الغنى والحظ في الرزق أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه إنما ينفعه الطاعة والإيمان منه الحديث الاخر في وصف يوم القيامة. أهـ
وإذا أصحاب الجد محبوسون
يعني ذوي الحظ والغنى.
(ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) أي: لا ينفع ذا الغنى منك غناه وحظه في الدنيا وإنما ينفعه الإيمان بك والعمل بطاعتك .أهـ

2-قال ابن حجر في الفتح: قَوْلُهُ : ( وَلَا يَنْفَع ذَا الْجَدّ مِنْك الْجَدّ )
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْجَدّ الْغِنَى وَيُقَال الْحَظّ... أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الْغِنَى عِنْدك غِنَاهُ ، إِنَّمَا يَنْفَعهُ الْعَمَل الصَّالِح . وَقَالَ اِبْن التِّين : الصَّحِيح عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْبَدَل وَلَا عِنْد ، بَلْ هُوَ كَمَا تَقُول : وَلَا يَنْفَعك مِنِّي شَيْء إِنْ أَنَا أَرَدْتُك بِسُوءٍ . وَلَمْ يَظْهَر مِنْ كَلَامه مَعْنًى ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا بِمَعْنَى عِنْد أَوْ فِيهِ حَذْف تَقْدِيره مِنْ قَضَائِي أَوْ سَطْوَتِي أَوْ عَذَابِي . وَاخْتَارَ الشَّيْخ جَمَال الدِّين فِي الْمُغْنِي الْأَوَّلَ ، قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : قَوْلُهُ مِنْك يَجِب أَنْ يَتَعَلَّق بِيَنْفَعُ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُون يَنْفَع قَدْ ضُمِّنَ مَعْنَى يَمْنَع وَمَا قَارَبَهُ ، وَلَا يَجُوز أَنْ يَتَعَلَّق مِنْك بِالْجَدِّ كَمَا يُقَال حَظِّي مِنْك كَثِير لِأَنَّ ذَلِكَ نَافِع ا ه . وَالْجَدّ مَضْبُوط فِي جَمِيع الرِّوَايَات بِفَتْحِ الْجِيم وَمَعْنَاهُ الْغِنَى كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّف عَنْ الْحَسَن ، أَوْ الْحَظّ .أهـ بتصرف.

3-
قال ابن بطال في شرحه للبخاري: وقوله: « ولا ينفع ذا الجد منك الجد » ، قال ابن السكيت: الجد، بفتح الجيم، الحظ والبخت، أي: من كان له جد في الدنيا لم ينفع ذلك عند الله في الآخرة، وكذلك فسره أبو عبيد وجميع أهل اللغة، وسأذكر قول الطبري في هذه الكلمة في باب القدر في باب لا مانع لما أعطى الله، إن شاء الله. أهـ
4- قال النووي في شرحه لمسلم : قَوْله -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ( وَلَا يَنْفَع ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ )
الْمَشْهُور الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنَّهُ بِفَتْحِ الْجِيم ، ، وَمَعْنَاهُ لَا يَنْفَع ذَا الْغِنَى وَالْحَظّ مِنْك غِنَاهُ . وَضَبَطَهُ جَمَاعَة بِكَسْرِ الْجِيم ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه مَبْسُوطًا فِي بَاب : مَا يَقُول إِذَا رَفَعَ رَأْسه مِنْ الرُّكُوع . أهـ
5- قال صاحب عون المعبود في شرح سنن ابي داود: ( وَلَا يَنْفَع ذَا الْجَدّ مِنْك الْجَدّ )
: الْمَشْهُور فِيهِ فَتْح الْجِيم هَكَذَا ضَبَطَهُ الْعُلَمَاء الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الصَّحِيح ، وَمَعْنَاهُ الْحَظّ وَالْغِنَى وَالْعَظَمَة وَالسُّلْطَان ، أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الْحَظّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَالْوَلَد وَالْعَظَمَة وَالسُّلْطَان مِنْك حَظّه أَيْ لَا يُنْجِيه حَظّه مِنْك وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ وَيُنْجِيه الْعَمَل الصَّالِح كَقَوْلِهِ تَعَالَى { الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك } وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم. أهـ

ثالثًا: إن محل الشبهة هي في الكتاب المقدس ومعتقد المعترض الذي يؤمن بيسوع المسيح ربنًا ،وله أجداد ،وجدات زاني فكاتب إنجيلِ متى يذكر نسبَ يسوع المسيح  على النحوِ التالي :
في الإصحاحِ الأول عدد 1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ: 2إِبْراهِيمُ وَلَدَ إِسْحاقَ. وَإِسْحاقُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يَهُوذَا وَإِخْوَتَهُ. 3وَيَهُوذَا وَلَدَ فَارِصَ وَزَارَحَ مِنْ ثَامَارَ. وَفَارِصُ وَلَدَ حَصْرُونَ. وَحَصْرُونُ وَلَدَ أَرَامَ. 4وَأَرَامُ وَلَدَ عَمِّينَادَابَ. وَعَمِّينَادَابُ وَلَدَ نَحْشُونَ. وَنَحْشُونُ وَلَدَ سَلْمُونَ. 5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ. وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ. وَعُوبِيدُ وَلَدَ يَسَّى. 6وَيَسَّى وَلَدَ دَاوُدَ الْمَلِكَ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا. 7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ. وَرَحَبْعَامُ وَلَدَ أَبِيَّا. وَأَبِيَّا وَلَدَ آسَا. 8وَآسَا وَلَدَ يَهُوشَافَاطَ. وَيَهُوشَافَاطُ وَلَدَ يُورَامَ. وَيُورَامُ وَلَدَ عُزِّيَّا. 9وَعُزِّيَّا وَلَدَ يُوثَامَ. وَيُوثَامُ وَلَدَ أَحَازَ. وَأَحَازُ وَلَدَ حِزْقِيَّا. 10وَحِزْقِيَّا وَلَدَ مَنَسَّى. وَمَنَسَّى وَلَدَ آمُونَ. وَآمُونُ وَلَدَ يُوشِيَّا. 11وَيُوشِيَّا وَلَدَ يَكُنْيَا وَإِخْوَتَهُ عِنْدَ سَبْيِ بَابِلَ. 12وَبَعْدَ سَبْيِ بَابِلَ يَكُنْيَا وَلَدَ شَأَلْتِئِيلَ. وَشَأَلْتِئِيلُ وَلَدَ زَرُبَّابِلَ. 13وَزَرُبَّابِلُ وَلَدَ أَبِيهُودَ. وَأَبِيهُودُ وَلَدَ أَلِيَاقِيمَ. وَأَلِيَاقِيمُ وَلَدَ عَازُورَ. 14وَعَازُورُ وَلَدَ صَادُوقَ. وَصَادُوقُ وَلَدَ أَخِيمَ. وَأَخِيمُ وَلَدَ أَلِيُودَ. 15وَأَلِيُودُ وَلَدَ أَلِيعَازَرَ. وَأَلِيعَازَرُ وَلَدَ مَتَّانَ. وَمَتَّانُ وَلَدَ يَعْقُوبَ. 16وَيَعْقُوبُ وَلَدَ يُوسُفَ رَجُلَ مَرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ. 17فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً، وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً.
قلتُ : إن الملاحظ أن في نسبِه  بحسب ما أورده كاتب إنجيل متى ثلاث نسوة زناة جدات للمسيح  هن:
(1) ثامار ............. زانية ...... أنجبت ............ فَارِصَ {أحد أجداد المسيح } ......من زناها بحماها يهوذا بن يعقوب أحد أسباط بني إسرائيل { راجع الكتاب المقدس سفر التكوين الإصحاح 38 عدد 12 - 30}

(2) رحاب ............ زانية ......... فأرسل يشوع بن نون من شطّيم رجلين جاسوسين سرّا قائلا اذهبا انظرا الأرض واريحا.فذهبا ودخلا بيت امرأة زانية اسمها رحاب واضطجعا هناك ( سفر يشوع 2/1 (

)3 ) بثشبع زَوْجَةً أوريا الحثي ....... زانية.......... زنا بها داود ( كما يزعمون ) وحرّض على قتلِ زوجها ثم تزوجها وأنجب منها سليمان ( أحد أجداد المسيح ) { راجع الكتاب المقدس سفر الملوك الأول الإصحاح 11} .

(4)راعوث الزانية فهي راعوث المؤابية زوجة بوعز وأم عوبيد... القصة كلها في سفر راعوث الإصحاح الثالث قصة الاضطجاع والبقية في الإصحاح الرابع شرائه لها ودخوله عليها وإنجابه منها...وبهذا فاق النسب ثلاثيين جيلاً...
ويبقى إشكال: هو النص الذي جاء في سفر التثنية إصحاح23 عدد3 "لا يدخل عموني و لا موأبي في جماعة الرب حتى الجيل العاشر لا يدخل منهم احد في جماعة الرب إلى الأبد ".

وأتساءل سؤالين:
1-هل قصد كاتبُ إنجيل متى أن يُفهم من يقرأ إنجيله أن يسوعَ المسيح نسبه غير مُشرفٍ ؟!
2- لماذا ذكر لنا هؤلاء النسوة دون غيرهن من زوجاتِ أجداد المسيح .. ؟!

كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-