قالوا: رسولُ الإسلام ( يعاكس ) إحدى نساء الأنصار ، قال لها بعد أن خلا بها : " إِنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " . واستدلوا على ذلك بما جاء في الصحيحين:
1- صحيح البخاري كِتَاب( الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ ) بَاب (كَيْفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ r ) برقم 6154حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ أَتَتْ النَّبِيَّ r مَعَهَا أَوْلَادٌ لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ r:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ قَالَهَا ثَلَاثَ مِرَار" .
2- صحيح مسلم كِتَاب (فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ ) بَاب ( مِنْ فَضَائِلِ الْأَنَصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ) برقم 4564 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ جَمِيعًا عَنْ غُنْدَرٍ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُا: جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ: فَخَلَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ r وَقَالَ:" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ".

• الرد على الشبهة

أولاً : إن قولَه r: إنكم ) يعني به الأنصار عموماً ) ولو قال r :إنكن ) يعني به نساء الأنصارعمومًا ) ، ولو بخصوص هذه المرأة لقال :r إنكِ !!
ونجد كذلك في روايةِ البخاري" أَتَتْ النَّبِيَّ r مَعَهَا أَوْلَادٌ لَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ r :"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ ".
إذًا الواضح من الروايةِ أنهr قال ذلك لهم جميعًا ، وليس للمرأةِ بمفردِها كما يزعمُ المعترضون.

ثانيًا : إن الملاحظ من الحديثِ أيضًا " فَخَلَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ r وَقَالَ :"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " . نرى أن الراوي هو أنس بن مالك يقول: إن النبيَّr خلا بها ، ثم في نهايةِ الحديث يقول :إن النبيَّ r قال لها " إنكم أحب الناس إليّ "
وأتساءل: إذا كانت هذه خلوة بين النبيِّ r وبين الْمَرْأَةُ كيف سمع أنسٌ ما قاله الرسولُ r للْمَرْأَةِ ؟!
فالخلوة :هي ما بين اثنين أو أكثر ، فمن أين سمع الراوي أنس  ما دار بين النبيِّ r والْمَرْأَةِ ؟
أم أن أنس  كان يتجسس ؟!
أم أن هذا من علمِ الغيب عنده  ؟! هذا هو.
ثم إن هذه الْمَرْأَة والأولاد لم يكونوا أصحاب شهرة أعني: لم يكلمها النبيُّ r إلا مرة واحدة فقط ، دل على ذلك ما قاله ابنُ حجرٍ في الفتحِ : قَوْله :" أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار "لَمْ أَقِفْ عَلَى اِسْمِهَا وَلَا عَلَى أَسْمَاء أَوْلَادهَا .أهـ
وقال - رحمه اللهُ - : قَوْله :" فَخَلَا بِهَا رَسُول اللَّه r ". أَيْ: فِي بَعْض الطُّرُق ، قَالَ الْمُهَلَّب : لَمْ يُرِدْ أَنَس أَنَّهُ خَلَا بِهَا بِحَيْثُ غَابَ عَنْ أَبْصَار مَنْ كَانَ مَعَهُ ، وَإِنَّمَا خَلَا بِهَا بِحَيْثُ لَا يَسْمَع مَنْ حَضَرَ شَكْوَاهَا وَلَا مَا دَار بَيْنهمَا مِنْ الْكَلَام ، وَلِهَذَا سَمِعَ أَنَس آخِر الْكَلَام فَنَقَلَهُ وَلَمْ يَنْقُل مَا دَار بَيْنهمَا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعهُ أهـ. وَوَقَعَ عِنْد مُسْلِم مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس " أَنَّ اِمْرَأَة كَانَ فِي عَقْلهَا شَيْء قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه إِنَّ لِي إِلَيْك حَاجَة ، فَقَالَ : يَا أُمّ فُلَان اُنْظُرِي أَيّ السِّكَك شِئْت حَتَّى أَقْضِي لَك حَاجَتك " وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ نَحْو هَذَا السِّيَاق مِنْ طَرِيق حُمَيْدٍ عَنْ أَنَس لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي عَقْلهَا شَيْء .أهـ

ثالثًا : إن الخلوةَ الحقيقية بمفهومِها المتبادر إلى أذهانِ المعترضين الذي يؤدى إلى الزنا ؛ ثابتٌ ذلك في الكتابِ المقدسِ فهو ينسب إلى يهوذا جد يسوع المسيح أنه خلا ( بثامار) زوجة ابنِه في الطريقِ ولم يعرفها كان يظن أنها زانية ( عكسها ) ثم .... لنقرأ سويًا ماذا فعل يهوذا مع زوجةِ ابنه لما رآها في الطريق في سفر التكوين إصحاح 38 عدد 13فَأُخْبِرَتْ ثَامَارُ وَقِيلَ لَهَا: «هُوَذَا حَمُوكِ صَاعِدٌ إِلَى تِمْنَةَ لِيَجُزَّ غَنَمَهُ». 14فَخَلَعَتْ عَنْهَا ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا، وَتَغَطَّتْ بِبُرْقُعٍ وَتَلَفَّفَتْ، وَجَلَسَتْ فِي مَدْخَلِ عَيْنَايِمَ الَّتِي عَلَى طَرِيقِ تِمْنَةَ، لأَنَّهَا رَأَتْ أَنَّ شِيلَةَ قَدْ كَبُرَ وَهِيَ لَمْ تُعْطَ لَهُ زَوْجَةً. 15فَنَظَرَهَا يَهُوذَا وَحَسِبَهَا زَانِيَةً، لأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ غَطَّتْ وَجْهَهَا. 16فَمَالَ إِلَيْهَا عَلَى الطَّرِيقِ وَقَالَ: «هَاتِي أَدْخُلْ عَلَيْكِ». لأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كَنَّتُهُ. فَقَالَتْ: «مَاذَا تُعْطِينِي لِكَيْ تَدْخُلَ عَلَيَّ؟» 17فَقَالَ: «إِنِّي أُرْسِلُ جَدْيَ مِعْزَى مِنَ الْغَنَمِ». فَقَالَتْ: «هَلْ تُعْطِينِي رَهْنًا حَتَّى تُرْسِلَهُ؟». 18فَقَالَ: «مَا الرَّهْنُ الَّذِي أُعْطِيكِ؟» فَقَالَتْ: «خَاتِمُكَ وَعِصَابَتُكَ وَعَصَاكَ الَّتِي فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهَا وَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَحَبِلَتْ مِنْهُ. 19ثُمَّ قَامَتْ وَمَضَتْ وَخَلَعَتْ عَنْهَا بُرْقُعَهَا وَلَبِسَتْ ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا.....!
وأتساءل: ما رأي المعترضين في تلك النصوص؛ خلوة في الطريق، وزنا محارم، وحمل... ؟
ولماذا يُذكر هذا في كتابٍ من عند اللهِ ( الكتاب المقدس )هل لنتعلم كيف نزني زنا المحارم.... ؟!

كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-