أثيرت شبهة حول مكانةِ النبيِّ rعند المسلمين مدعيًا أصاحبُها :أن محمدًا ليس خيرَ خلقِ اللهِ …
فهو القائل: لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى... وذلك في صحيح البخاري برقم2234 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلَانِ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ قَالَ الْمُسْلِمُ :وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ :وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ r فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ فَدَعَا النَّبِيُّ rالْمُسْلِمَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ r:لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَصْعَقُ مَعَهُمْ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ جَانِبَ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ.

الرد على الشبهة

أولاً: إن النبيَّ r هو أفضل الأنبياء والرسل-عليهم السلام - بلا شك ....وقد اختلف العلماءُ في هل هو r خير خلق الله أم لا ؟ فقال بعضُهم: الملائكة ،وقال الجماهير: إنهr خير خلق الله على الإطلاق ..
أما الذي نحن بصدده فهو أن النبي r أفضل الأنبياء والرسل-عليهم السلام - لعدةِ أدلة منها ما جاء في صحيح مسلم برقم 812 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ rقَالَ:" فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ،وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ ،وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا ،وَمَسْجِدًا ، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً ،وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ".
نلاحظ من الحديث قوله :" فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ.."
فهذا هو الأصل الذي نؤمن به نحن – المسلمين- لا كما فهم المعترضون...

فإن قيل: هناك تعارض بين آياتيين بهذا الشأن:
الأولى: قوله :  لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (285)  (البقرة).
الثانية:قوله : تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ (253)  (البقرة ).
قلت:لا يوجد تعارض قط إلا في العقول المريضة ...ويزول إشكالهم بأن الآية الأولى تتحدث عن إيمان إجمال أعني: أننا نؤمن بكل الأنبياء ،ولا نفرق بين أحدٍ من رسل الله في الإيمان به ...فإذا قال قائل:إنني أؤمن بكل الأنبياء إلا موسى فهو كافر لقولِ الله  : إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150)  (النساء)
وأما الآية الثانية فهي تتحدث عن تفضيل الله الرسل-عليهم السلام - بعضهم على بعض ، فأفضلهم الخمسة أولي العزم من الرسل هم :نوح، إبراهيم ،وموسى،وعيسى،ومحمد-عليهم السلام -
وأفضل الخمسة الخليلان: إبراهيم ،ومحمد r
وأفضل الخليلين :هو محمد r

ثانيًا:إن قول النبي r:( لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى ) قاله r: لأن هذا يؤدي إلى الانتقاص من شأن نبي الله موسى من قِبل بعض المسلمين ،وهذا محرمٌ عندنا ،وقد يؤدي ذلك إلى مسبة النبيِّ r من اليهود ،لأن الحادثة حادثة شجار بين مسلم و يهودي؛الحديث يقول:" اسْتَبَّ رَجُلَانِ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ قَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ :وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى النَّبِيِّ r.....
فقال:( لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى ) وفِي رِوَايَةِ اِبْنِ الْفَضْلِ " فَقَالَ:" لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ " وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ :" لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ " .
يقوي ما سبق ما جاء في الآتي:
1-قال صاحب عون المعبود: ( لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى )
أَيْ :وَنَحْوه مِنْ أَصْحَاب النُّبُوَّة . وَالْمَعْنَى :طلَا تُفَضِّلُونِي عَلَيْهِ تَفْضِيلًا يُؤَدِّي إِلَى إِيهَام الْمَنْقَصَة أَوْ إِلَى تَسَبُّب الْخُصُومَة.
2- قال صاحب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: قوله:" لا تخيروني على موسى" أي: لا تفضلوني عليه قول قاله على سبيل التواضع أولا ثم ليردع الأمة عن التخيير بين أنبياء الله من تلقاء أنفسهم ثانيًا فإن ذلك يفضي بهم إلى العصبية فينتهز الشيطان منهم عند ذلك فرصة يدعوهم إلى الإفراط والتفريط فيطرون الفاضل فوق حقه ويبخسون المفضول حقه فيقعون في مهواة الغي ولهذا قال لا تخيروا بين الأنبياء أي: لا تقدموا على ذلك بأهوائكم وآرائكم بل بما آتاكم الله من البيان وعلى هذا النحو قوله ولا أقول أن أحدا خير من يونس ابن متى أي لا أقول من تلقاء نفسي ولا أفضل أحدا عليه من حيث النبوة والرسالة فإن شأنهما لا يختلف باختلاف.

و قد تكاثر النهيُّ من النبيِّ r بهذا الشأن فقال: لا ينبغي لأحدٍ أن يقول أنا خير من يونس بن متى...وبهذا أكون قد نسفتُ الشبهة َ نسفًا - بفضل الله تعالى-

كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-