العمل الخيري اليهودي



مهنا الحبيل

13 فبراير (شباط) 2011

في محاضرة للدكتور صالح الوهيبي الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي ذكر د. الوهيبي ان دخل ما يسمى الجمعيات الخيرية داخل الكيان الصهيوني هو 40 مليارا سنوياً وأنّ هناك ما تصل نسبته الى 35 بالمائة ينتظمون في العمل التطوعي لدعم هذه الجمعيات فهل لدى الصهاينة عمل خيري ..؟

هنا نوضّح أنّ العمل الخيري القائم على تضامن الانسانية في اوروبا وامريكا، حيث إن الجالية اليهودية الأكبر والخاصة بمساعدة المرضى او الاحتياجات الأخرى بالإمكان ان يُصنّف ضمن العمل الخيري العام الذي في الاصل لا يفرز ديناً ولا شعباً .. لكن ذلك ليس المقصود. إنّ هذا العمل المسمى الخيري هو نشاط محموم لدعم الأعمال الارهابية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في مساندة التهجير للفلسطينيين ودعم الاستيطان اليهودي المركّز ومساعدة معسكرات الاستيطان على تكريس وجودها واعتداءاتها على المحيط الفلسطيني، فضلاً عن جهود أُخرى تصب في مصلحة البرنامج الارهابي للدولة الصهيونية.

وهذه المبالغ ليس من ضمنها ميزانية الجمعيات اليهودية الصهيونية كإيباك, وإنّما هذه الأربعون مليارا لحراك تلك الجمعيات داخل الكيان الصهيوني وإن كان من مصادرها أيضاً الشركات اليهودية والغربية التي قد تُسجّل مبالغهم الداعمة ضمن الهبات المقدمة للعمل الانساني فتحتسب عوضا عن ضرائبهم لصالحهم, ولنا ان نتصور السلاح والمنازل الفلسطينية التي تُهدم لصالح المعسكرات الاستيطانية وحركة الاقتلاع للأرض والحجر التي تدعم بواسطة هذه الأموال, إضافة الى السلاح والذخيرة الحية التي زود بها المستوطنون الارهابيين طوال هذه السنوات وفُرغت بالفعل في أجساد الشعب الفلسطيني.

هنا هل يشك أحد في كيفية تحول ما يسمى العمل الخيري اليهودي الى ترسانة للأعمال الارهابية , ولم توجد أي قضية او مساءلة او تشكيك للمنظمات الدولية أو وزارات الخارجية الغربية تجاه هذا الدعم الارهابي المنظم, مع تسجيل شهادات يقينية موثقة من قبل النشطاء الغربيين لتلك الأعمال المدعومة من ذلك الإسناد المسمى الخيري.

هنا نحن نواجه حقيقة التزوير التاريخية التي حوصر بها العالم الإسلامي في منظمات عديدة ثبت بالدليل المباشر أنها تُخصص لمنظومة من الجماعات البشرية المسحوقة والفاقدة للمأوى ولقمة العيش والحد الادنى من مستوى الدخل، ومع ذلك أُقيمت عليها حرب استئصال وحصار أثّر تأثيراً كبيراً على حاجة الانسان الجنوبي في آسيا وافريقيا وساهم في تعرضه للأخطار وفقدان أدنى درجات الصمود أمام الكوارث والمحن.

إنّ هذا النفاق القولي والعملي لم يعد مبرراً أبداً أن يحتج بحادثة أو حادثتين أو أكثر تسرب بها ذلك المال هنا أو هناك لحصار ذلك العمل الانساني الذي تقوم به الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي وهي تُشكّل نهرا متدفقا من مبادرات الانقاذ والمساندة الضرورية جدا للضحايا في مناطق النكبات قطع بالفعل عن المنكوبين, خاصةً أن هذا العمل لايزال في العالم كله تطوعيا ولا يرتبط بالإدارة الرسمية لأصل طبيعته وطبيعة البيروقراطية الرسمية التي إن ساهمت فهي مبادرة جيدة تترك لتوزيع وادارة العمل التطوعي.

ورغم أنّ العديد من الجمعيات الخيرية الإسلامية مسجلة أصلاً في الأمم المتحدة وموثقة وتم تصحيح وإزالة كل الشبهات التي أُثيرت حولها إلاّ أنّ الحصار لايزال مستمراً وهذا غير مقبول ويجب التحرك مع الاطار الرسمي لمعالجة هذا الحصار الذي اتضح بجلاء هدفه المركزي للتضييق على حركة الاغنياء الذاتية التي شكّلها العمل الخيري لمناطق العالم الاسلامي وقطع الطريق عن استغلال البعثات التنصيرية لدعم المشاريع الغربية الاستعمارية, ولقد اتضح في أكثر من مراجعة أن منع عمل هذه الجمعيات أدّى إلى تسرب الأموال إلى جهات العنف وهذا لا يمنع التصحيح والنقد الإداري لهذه الجمعيات المهم. فالصهاينة تغدق عليهم المليارات وأموالهم تدعم الإرهاب بنسب كبيرة جداً والمسلمون ومنظماتهم التي تستحوذ اغاثة الكوارث على ميزانية أموالهم يُحاصرون ويحاربون .. رغم أنّ هذه المساعدات الانسانية تصب في مصلحة ذلك الإنسان المحروم في الجنوب ، حيث تعطى بعض المشاريع ايضا لغير المسلمين كون الاغاثة عملا مأجورا لكل إنسان .. فمن اذا الارهابي الذي يمنع الإنقاذ ويقتل الإنسان في فلسطين وفي بلاد المسلمين ..؟






صحيفة اليوم - 10 شهر ربيع الأول 1432