بسم الله الرحمن الرحيم

العلم والمعرفة
وتأثيرهما على الأنبا بيشوي
استجابة لتساؤلات الأنبا بيشوي في مؤتمر تثبيت العقيدة 2010
العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الملقب بـ التاعب

رابط تحميل البحث بصيغة PDF
إهداء

إلى كُلِّ مُسْلِمٍ يَفْتَخِرُ بِانْتِسَابِهِ للمُسْلِمِينَ أهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ
ويَطُوقُ إلى مَنَاهِلِ العُرْفَانِ الـمَوْجُودَة فِي كِتَابَاتِ سَلَفِنَا الصَّالِحِ الكِرَامِ
ويُقَدِّرُ العِلْمَ وأقْوَالَ العُلَمَاءِ عَبْر الأزمِنَةِ والعُصُورِ
وإلى كُلِّ مَسِيحِي مُتَشَوِّق لِيَرَى مَاذَا عِنْدَ الـمُسْلِمِينَ مِنْ مَعْرِفَةٍ وَمَنْهَجِيَّةٍ عِلْمِيَّةٍ
وإلى أسَاتِذَتِي الَّذِينَ تَعَلَّمْتُ مِنْهُم التَّوثِيقَ العِلْمِيّ
الشَّيْخ عَبْدِ الله رَمَضَان مُوسَى, والـمُجْتَهِد البَاحِث كُلِّيَّة الشَّرِيعَة, والحبيب أبي عُمَر البَاحِث
إلَيْكم أهْدِي هَذَا البَحْث

مُختصر البحث

في مؤتمر تثبيت العقيدة 2010, تكلم الأنبا بيشوي في محاضرة له بعنوان "الميديا وتأثيرها على الإيمان والعقيدة" في أمور كثيرة جداً تخص العقيدة المسيحية, ولكنه أيضاً تناول العديد من الآيات القرآنية والتي قام بتفسيرها تفسيراً مسيحياً أرثوذكسياً, حتى وجدنا أنه يستخرج العقائد المسيحية من القرآن الكريم ! حاول الأنبا بيشوي من خلاله كلامه هذا أن يُقنع محاوريه بأن القرآن مُطابق للمسيحية ولا اختلاف, وأن القرآن يشهد للمسيحية ولا تعارض بينه وبين المسيحية, وأن القرآن يذكر الآب والكلمة والروح القدس وأنه إله واحد, وأن المعتدلين من كبار علماء المفسرين المسلمين عبر التاريخ يؤيدون المسيحية, وما إلى ذلك من أفكار غريبة عجيبة ما أنزل الله بها سلطان, وقام أيضاً بالتساؤل حول الآية التي تُكَفِّر من قال بأن الله U هو المسيح ابن مريم u, وهل قيلت في وقت نبي الإسلام أم أنها أضيفت فيما بعد في زمن متأخر ! وتكلم أيضاً كثيراً عن الآيات القرآنية التي تخبرنا عن نجاة المسيح u من الصلب, وادَّعى أن القرآن الكريم يقول بموت المسيح u, وأشياء أخرى كثيرة عجيبة. كل ما أورده الأنبا بيشوي بخصوص النقاط السابقة قمنا بالرد عليه فيها بفضل الله U, وأثبتنا بما لا يدع مجالاً للشك أن ما قاله بخصوص الآيات القرآنية باطل محض, ليس له أي دليل من كتابات علمائنا من المفسرين, فبيَّنا أن الإسلام هو دين الرحمن وأن ما عداه من الشيطان, وأن القرآن الكريم لا يُمكن لأحد أن يشكك فيه, فإن وسائل حفظه المختلفة تجعل عملية التشكيك فيه مستحيلة, وأثبتنا أن الآية التي تُكَفِّر من قال بأن الله U هو المسيح ابن مريم u نزلت في عهد نبينا محمد r, وقمنا بإيراد آيات كثيرة جداً ترد على عقيدة التثليث, ثم وضحنا جميع الأمور المتعلقة بالآيات التي تخبرنا عن نجاة المسيح u من الصلب. وهكذا لم ولن نترك لأحد أي فرصة لمحاولة إثبات صحة العقيدة المسيحية من الآيات القرآنية.

الفهرس

* مُقدِّمة أولى: حلم الانتصار في أرض الإسلام

* مُقدِّمة ثانية: عند الاختلاف: الحق أم الصداقة ؟

* الفصل الأول: أقوال الأنبا بيشوي المتداولة في وسائل الإعلام
۩ جريدة المصري اليوم
۩ جريدة الدستور
۩ جريدة الوفد

* الفصل الثاني: مُحاضرة الأنبا بيشوي وأهدافها

* الفصل الثالث: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ
۩ الإسلام دين جميع الأنبياء
۩ الأديان ستة - خمسة للشيطان وواحد للرحمن
۩ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ
۩ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ
۩ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ
۩ هكذا رحم الله العالمين وأنعم عليهم

* الفصل الرابع: المُسَمَّيات العريضة والتفاصيل الفرعية

* الفصل الخامس: الطعن في القرآن بسبب تكفير من عبد المسيح
۩ الكُفر البَشِع
۩ وقت نزول الآية {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}
۩ ما كُتب في مصحف عثمان كان مكتوباً في عهد النبي
۩ عقيدة المسلم في حفظ الله للقرآن الكريم من التحريف
۩ القرآن الكريم لا يعتمد على المخطوطات
۩ استحالة إضافة شيء على كتاب الله دون أن يكتشفه المسلمون

* الفصل السادس: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ
۩ آيات كثيرة جداً ضِدّ النصارى !
۩ أهم العقائد المسيحية
۩ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
۩ أقانيم أم أسماء وصفات ؟
۩ كَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
۩ اللَّهُ الصَّمَدُ
۩ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
۩ لَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ
۩ التفسير الأرثوذكسي القويم للقرآن الكريم
۩ التجسُّد كُفر بالله

* الفصل السابع: الآب والابن والروح القدس إله واحد
۩ لاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ
۩ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ
۩ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ
۩ التثليث = ثلاثة آلهة
۩ مَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ
۩ التهديد والوعيد وفتح باب التوبة

* الفصل الثامن: حول ادعاء صلب المسيح وموته
۩ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ
۩ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ
۩ هل هي "شُبِّه به لهم" أم "شُبِّه لهم" ؟
۩ الافتراء على الفخر الرازي
۩ التفسير الأرثوذكسي القويم للقرآن الكريم

* رسالة ختامية: الاهتمام بكتابات السلف الصالح

۩ قائمة المراجع

حلم الانتصار في أرض الإسلام

الحمد لله نحمده, ونستعين به ونستغفره, ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مُضِل له, ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, وصفيه من خلقه وخليله, بلَّغ الرسالة, وأدى الأمانة, ونصح الأمة, فكشف اللهُ به الغمة, ومحا الظلمة, وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين, وأشهد أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله , وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.
ثم أما بعد ؛
« اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ » (صحيح مسلم-1847).
إنه الحلم الذي راود عشرات القساوسة, والذي طالما حاولوا تحقيقه منذ بزوغ فجر الإسلام, ألا وهو حلم الانتصار في أرض الإسلام, أو بكلمات أخرى, حلم الانتصار للعقيدة المسيحية من داخل المراجع الإسلامية !
نعم, لقد حاول الكثيرون ولكن جميعهم فشلوا, وسيظل الفشل رفيقهم لأن الحق معنا, ومن كان الحق معه فمن عليه ؟! إذا أردنا أن نقوم بحصر أسماء الذين حاولوا تفسير الآيات القرآنية لتوافق عقائدهم الباطلة فلن نستطيع, ففي كل زمن من الأزمنة تضاف إلى هذه القائمة الطويلة عشرات الأسماء, واعتقد أنه قد حان الوقت لإضافة اسم الأنبا بيشوي !
ولكن مهما حاول من حاول فلن يفلح لأن الله U يقول في كتابه الكريم: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان : 33]. قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية: [يقول تعالـى ذكره: ولا يأتـيك يا مـحمد هؤلاء الـمشركون بـمثل يضربونه إلا جئناك من الـحقّ، بـما نبطل به ما جاءوا به وأحسن منه تفسيراً.][[1]]
وقال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله: [{وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} أي: بحجة وشبهة {إِلاَّ جِئْنَـٰكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} أي: ولا يقولون قولاً يعارضون به الحق، إلا أجبناهم بما هو الحق في نفس الأمر، وأبين وأوضح وأفصح من مقالتهم.][[2]]
وهكذا, مهما حاول الأنبا بيشوي أو غيره أن يأتوا بأمثلة عجيبة, وتفسيرات غريبة, حتى يلبسوا على الناس أفهامهم, فسيُسخِّر الله U من يرد على هذه الأباطيل, ويقوم بتفنيدها بكلام واضح بَيِّن للجميع, فإن الله U يقول في كتابه الكريم: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء : 18]
أسأل الله U أن يستخدمني دائماً في الدعوة إليه والدلالة عليه, وأن لا يستبدلني ولا أن يحرمني من شرف الدِّفَاع عن الإسلام العظيم, والذي هو فخر لي, ووسام على صدري, وأعوذ بالله تعالى أن يُؤتى الدين من قِبَلي, إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أبو المنتصر محمد شاهين
السبت 13 نوفمبر 2010 م
7 ذو الحجة 1431 هـ

[1] أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, مؤسسة الرسالة ببيروت, الجزء التاسع عشر - صـ266, 267.
[2] أبو الفداء عماد الدين إسماعيل ابن كثير (ت 774 هـ): تفسير القرآن العظيم, دار طيبة بالرياض, الجزء السادس - صـ109.