=
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد كثر الكلام فى هذه الايام عن هذا الامر الهام ولقد فوجئت بالبعض يتحدث عن هذا الامر ويستخدم عبارة الخروج على الحاكم ليضعها عنوان على مواقف ما دون التفكير ادنى تفكير فى الموضوع بنحوا هادى علمى وفى الجانب الاخر نجد من يستهين بهذا الامر ويتهم من يحذر منه انه خائن او جبان على احسن الظن
وهذه ثقافة الانطباعات السطحيه و التلقين بدون وعى ولقد ذكرت مثال فى مقالى عباره الدين لله والوطن للجميع فى الميزان
فعباره الخروج على الحاكم تعتبر عند البعض فزع وهاجس حتى انه يبيع دينه بعرض من الدنيا و يكتم الحق و يدلس فى دين الله
وكم من انسان استهان بهذا الحكم فكان الفساد والقتل والهرج
واذا كان الامر كذلك فلابد من الميزان
ميزان العلم والعدل ولن يتحقق هذا الا اذا كان زادنا كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم
فدعونى ابدا بعد الاستعانه بالله
اولا وجوب السمع والطاعه لمن يلى امر المسلمين
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}
وفى حديث العرباض بن ساريه اوصيكم بالسمع والطاعه وان تامر عليكم عبد حبشى
وفى الصحيحين : وقال ( إنما الطاعة في المعروف )
ونصوص اخرى كقول اطع الامير وان ضرب ظهرك واخذ مالك
وقال صلى الله عليه وسلم :( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره , إلا أن يؤمر بمعصية , فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )
وهنا يتضح الاتى
وجوب طاعه من يلى امر المسلمين
الطاعه لا تكون الا فى المعروف
شروط من يحكم المسلمين
اعلم يرحمك الله ان الحكم نوعان
الخلافه على منهاج النبوه
و الحكم على خلاف المنهاج النبوى مثل
الحكم العاض وهو الحكم الذى يقوم بتوليه ابن الحاكم نظام ولى العهد والملكيه
الحكم الجبرى سوء كانت خلافه او حكم الدول كما فى عصرنا الحديث حيث يسيطر فيه العسكر والجند
طبعا وصى النبى باتباع سنة وسنه الخلافاء الراشدين المهدين من بعده وهذه زياده على مجرد الطاعه
ومعلوم ان نصر الامه سيكون على من يقيم هذه الخلافه على منهاج النبوه والخلافه على منهاج النبوه لاخلاف عليها ولا محل للكلام هنا عليه
بل الخلاف فى الحكم القصرى الذى ليس على منهاج النبوه
وهو يكون مخالفا بكيفيه تولى الحكم اصلا
و يكون مخالفا بسياسيه الحاكم اذا توالى
فمن تولى قهرا او غلب بالقوة بدون بيعه او ببيعه بالاكراه فهذا باطله ولايته ووجب على المسلمين عزله اذا لا يجوز ان يحكم المسلمين دون رضاهم واردتهم وخاصه اهل الحل والعقد ويجب قتله لاسيما اذا كان هناك خليفه اخر تمت مبايعته
واما اذا عجز المسلمين او اكرهوا على الخضوع لهذا الحكام كما فهو فى وقتنا الحالى فوجب السمع والطاعه فى المعروف لان فى محاوله الخروج منكر اكبر
وفى شرح اصول السنه لاحمد بن حنبل والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البرّ والفاجر ، ومن ولي الخلافة ، واجتمع الناس عليه ، ورضوا به ، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة ، وسُمي أمير المؤمنين .
فمن هذا يتضح ان الاصل فى حكم المسلمين انما هو الخلافه وان الخلافه لاتثبت لشخص الا بالبيعه واذا لم تكن بيعه فحين اذا
لا تعتبر توليه امر شرعي بل غصب من صاحب الحق الا وهو من بايعه الناس
فاذا كان هناك مقدره بلا فساد بعزل الاول وتوليه الاخر بالبيعه فوجب وذلك من اصل انكار المنكر
باليد عند الاستطاعه وحيث لامنكر اكبر يترتب عليه فوجب عزل من تولى امر المسلمين بلا بيعه
اما اذا كان هذا الحكم قهرى ويعجز المسلمون عن تغييره الا بحصول سفك الدم والغلبه غير مضمونه
فحينها يكون السمع والطاعه لحقن الدماء وعصمه الاعراض والاموال
مخالفه منهج النبوه فى السياسه
فإذا خالف ذلك الشخص منهاج النبوه فى حكمه والمخالفه اما ان تكون
فسقا وهذا لايكون دعيا للخروج عليه
او كفرا وهذا يجعل الخروج عليه ما بين المباح والواجب
فإذا علم عنه انه كفر بالله او ارتد
او وجد انه لا يقيم شعائر الاسلام الاساسيه فى الناس كمنع الصلاه و منع الحج وسائر اصول الاسلام وهو فى ذلك
الامر غير معذور ولا محتج بتاؤيل فحين اذ يجب الخروج عليه لان تركه فى هلاك للدين
واليكم بعض النصوص
في حديث أم سلمة :" إنه يُستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد سلم ومن كره فقد برئ ، ولكن من رضي وتابع " .
قالوا : أفلا نقاتلهم يا رسول الله ؟ قال : " لا ، ما صلّوا
عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا , وعسرنا ويسرنا , وأثرَة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله " , وقال :" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان
قال صلى الله عليه وسلم :" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، ويُصلّون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تُبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم . قيل : يا رسول الله! أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال : لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله ، ولا تنزعوا يدا من طاعة " ، " وأن لا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان
فمما سبق نبين
الطاعه لمن تولى امر المسلمين سوء كان بالبيعه ام بالسيف واجبه طالما انها فى المعروف
فحينها تكون الطاعه فى الحقيقه لله واذا امر الحاكم بمعصيه الله فلا يجب طاعته ولا يجب الخروج عليه الا بالاستطاعه
لما فى الخروج من مفاسد اشر من فسقه من هرج وقتل واستحلال دم المسلمين واعراضهم واموالهم
فاذا كفر او امر بالكفر او اجبر الناس على الكفر فحين اذ
يجب الخروج عليه حينها على المسلمين واذا لم يستطيعو الخروج فوجب عليهم الهجره
من ارض هذا الحاكم الظالم الكافر
ومهما بذل المسلم من دما فى سبيل ذلك ومهما
كانت من مفاسد فلا تعادل مفاسد الدين لذا لا يحل للمسلم ان يعرض حياته للموت الا اذا كان دفعا عن الدين لخطوره امر الدين
ومن هنا يثبت ويظهر مدى مصلحه الدين التى تقدم على النفس والعرض والمال
فتولى كافر زمام امور المسلمين هو منتهى الشر لانه سوف يبث الكفر ويقضى به ولم يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
وهنا ناتى الى مالمقصود بالخروج على الحاكم
المقصود محاوله عزله بالقوه
وهذا منهى عنه الا بالشروط التى قدمنا لها وهى مره اخرى
الكفر والامر به وتعطيل الصلاه
والا يكون فى الخروج عليه مفسده حيث توجد القدره التى سوف تساعد على عزله بدون سفك دم او حدوث فتن و هرج
النقطه الاخيره
الخروج والانكار
يخلط البعض بين الخروج والانكار فيتعتبر الانكار نوعا من الخروج وهذا كلام خاطى تماما
ففي حديث أم سلمة :" إنه يُستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد سلم ومن كره فقد برئ ، ولكن من رضي وتابع " .
فوجب الانكار ولو بالقلب ومن انكر وقتل من اجل انكاره كان سيد الشهداء
كما قال ذلك رسول الله سيد الشهداء حمزه ورجل قام عن سلطان فوعظه
وقول النبى كلمه حق عند سلطان جائر
فالانكار امر مطلوب واذا لم يكن فى الامه انكار للمنكر فسوف يكونو كبنى اسرائيل
الايه لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴿٧٨﴾ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴿٧٩﴾ المائده
فلا خلط بين الانكار على الامام والخروج عليه
فالانكار على الامام يكون باللسان والقلب
اما الخروج عليه فانما باليد فقط
وهذا فرق عظيم اذ ان الانكار انما هى دعوى لاصلاح الحكم والخروج دعوى لاسقاطه
فمن خرج ينكر على الامام ويامره بالمعروف وينهاه عن المنكر فقد حقق امر من مبادى الاسلام العظيمه التى تبث روح التقوى والايمان بين المسلمين
وقد يكون الانكار فى صوره عده فى هذه الايام كانت المظاهرات و الوقفات الاحتجاجيه فهذه فى حقيقه الامر انكار وليس خروج فليس من الحكمه ان تعنون على انها خروج بل هى انكار للمنكر المتمثل فى الفساد و اعلاء كلمه الذين كفرو على الذين امنوا و قتل المسلمين حبسهم
و حصار البلاد الاسلاميه و منع المعونات عنهم وكذك مولاة اهل الكفر على حساب الدين وكذ حرب شعائر الاسلام
وبث افكار كفريه كالوطنيه والديمقراطيه والعلمانيه و اعتبار الدين امر هامشى احتفالى لعب ولهو
فهذا الحاكم يجب الانكار عليه بالمظاهرات تاره و الوقفات الاحتجاجيه تاره اخرى وبالخروج الى الشوارع
اما الخروج بمعنى تسليح الناس ومن ثم حل قتل المسلم او حل قتال الحاكم وجنده فهذه هو ما ننهى عنه اذا انه ذلك عين الفتنه وهذا ما لانراضاه
واخيرا من العبث ان نترك الحاكم بلا انكار يعثى فى الارض فساد يدمر الدين والدنيا ينصر اهل الكفر على اهل الاسلام
بل من الخير ان يقوم وننكر عليه
وهذا هو ملخص والهدف من كتابه هذا المقال فى الحقيقه
هو التفريق بين الانكار والخروج
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
المفضلات