من كتاب ( القدس مدينة واحدة وثلاث عقائد ) للمؤرخة ( كارين أرمسترونج )
مقتطفات من الفصل الحادي عشر – من ص.373 ) الجمل التي بين الأقواس شرح من عندي).
في عام 610 م. جاء الوحي إلى النبي محمد ( صلى الله عليه و سلم ) , و فيه غزا ( كسرى) إمبراطورية بيزنطة
و توفي النبي سنة 632 م.
و لقد أمر القراّن المسلمين بالعودة إلى دين إبراهيم , الدين الأصلي الخالص . و لقد عاش إبراهيم قبل التوراة و الإنجيل.و لم يكن يهوديا ولا نصرانيا , و إنما ببساطة مسلما , أي أنه إنسان سلم نفسه كليا لله .
= ص. 383 : لا يوجد في القراّن ما يحض المسلمين على وجوب نشر الإسلام بالقوة , و لم يكن الإسلام دينا تبشيريا مثل المسيحية , و لم يتوقع محمد ( صلى الله عليه وسلم ) من اليهود و المسيحيين أن يعتنقوا الإسلام إلا إذا رغبوا في ذلك .
== وكان المسلمون في الأيام الأولى ينظرون إلى الإسلام على أنه الدين الذي منحه الله لنسل إسماعيل مثلما منح اليهودية لنسل يعقوب ( عليهما السلام ).
== و في سنة 633م. بدأ المسلمون حملاتهم الخارجية :
وقد كانت السياسات القمعية للأباطرة في الإمبراطورية البيزنطية لفرض المذهب الخلقيدوني ( الكاثوليكي ) القائل بأن المسيح له طبيعتين , أدت إلى اغتراب المسيحيين أنصار عقيدة الطبيعة الواحدة للمسيح ( الأرثوذكس و الموحدين ) , و اليهود أيضا .
= و أصبح هؤلاء يرحبون بالجيوش الإسلامية في فلسطين .
= و بعد وفاة أبي بكر ( رضي الله عنه ) , واصل عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) الحملات العسكرية , و كان متقشفا و يحيا حياة البساطة التي كان الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يحياها.
= و هكذا وصل الإسلام إلى فلسطين دينا حيويا , و انتصر المسلمون في معركة ( اليرموك ) سنة 636م. على الروم البيزنطيين .
= و انضم الغساسنة ( الذين أسلموا ) الى العرب ( المسلمين ) الذين أخضعوا بقية البلاد بمعاونة اليهود (؟؟؟) .
== و في سنة 637 م. حاصر المسلمون القدس , ونظم البطريرك صفرونيوس دفاعا شجاعا عن المدينة بمساعدة حامية بيزنطية .و بعد ستة أشهر من الحصار أجبر المسلمون – المسيحيين – على التسليم .
= و رفض البطريرك صفرونيوس أن يسلم القدس إلا إلى الخليفة عمر نفسه .و يرى معظم الباحثين أن عمر حضر لاستلام المدينة بنفسه , و أن البطريرك ركب إلى خارج المدينة للقاء عمر ,ثم اصطحبه عائدا إلى القدس .
= و دخل عمر ( رضي الله عنه ) المدينة مرتديا ملابسه الرثة المعتادة , و راكبا على ظهر بعير ( حمار ) أبيض .
و رفض أن يستبدلها احتفالا بتلك المناسبة , على عكس البطريرك و البيزنطيين الذين ارتدوا الملابس الفخمة .
== ص. 386:
لقد عبّر عمر عن مبدأ التراحم التوحيدي , أكثر من أي ممن فتحوا هذه المدينة من أيام داود ( عليه السلام ) , لقد كان فتحا لم تشهد المدينة مثله المدينة المقدسة طول تاريخها المأسوي .كان فتحا سلميا دون إراقة نقطة دم أو تدمير ممتلكات أو إحراق للرموز الدينية المخالفة أو طرد للسكان أو نزع للملكية أو إجبار أحد على اعتناق الدين الجديد كما كان يفعل كل الغزاة .
= لقد بدأ الإسلام هنا بداية حسنة جدا .
= و طلب عمر مشاهدة الأماكن المقدسة , فاصطحبه البطريرك إلى كنيسة القيامة , و رفض عمر أن يكون هذا المبنى الضخم تخليدا لموت عيسى ( عليه السلام ) لأن القراّن يبجل المسيح كأحد أعظم الأنبياء , و ينفي أنه صُلب
و يرى المسلمون أنه من المستحيل الاعتقاد أن الله يسمح بموت أحد أنبيائه بذلك الأسلوب المخزي .كما أن محمدا
( صلى الله عليه وسلم ) حقق نجاحا مبهرا في حياته خلافا لعيسى ( عليه السلام ) .
= و حان موعد الصلاة بينما عمر يمر بجوار قبر المسيح , فدعاه صفرونيوس للصلاة حيث كان فرفض , كما رفض الصلاة في كنيسة الشهيد التي بناها قسطنطين . وخرج خارجها و صلى . و قال لو أنه صلى داخل الكنيسة لأخذها المسلمون و حولوها إلى مسجد . ثم كتب عمر صكا يمنع المسلمين من الصلاة عند الكنيسة أو بناء مسجد هناك .
= و في النهاية قاد صفرونيوس – عمر و مرافقيه إلى جبل المعبد ( قبة الصخرة ) الذي حوله المسيحيون الى مقلب قمامة . و فزع عمر لرؤية القاذورات التي تحيط بهذا الحرم المقدس , حتى أنها فاضت من بوابات المبنى المتهالكة ووصلت إلى السقف , حتى أن عمر و مرافقوه زحفوا على أيديهم و أرجلهم لأجل دخول المبنى . لذلك أطلق المسلمون على كنيسة القيامة لقب القمامة انتقاما من سلوك المسيحيين تجاه المعبد .
= و أسرع عمر و حمل القمامة في عباءته و طرحها إلى الوادي ( وادي هنوم ) فأسرع مرافقوه و نظفوا المكان .
= و استدعى عمر – كعب الأحبار – وكان يهوديا و اعتنق الإسلام , وتلا سورتي الكهف و الإسراء ,و سأله أين أفضل مكان للصلاة , فأشار الى موضع شمال الصخرة , بحيث يتجه نحو قدس الأقداس اليهودي ( كما يظنون ) و مكة معا , فرفض عمر , وقرر أن يصلي جنوب الصخرة ليستقبل مكة وحدها , وقرر بناء مسجد هناك , والذي صار فيما بعد المسجد الأقصى .
= و اعتنقت القبائل العربية هناك الإسلام, و كانوا يصلون في مسجد عمر , وكان مبنى خشبيا متواضعا متماشيا مع تقشف المسلمين الأوائل , ويستوعب ثلاثة آلاف مصلي .
= و لم يجبر الفاتحون المسلمون أي مسيحي على الإسلام , حتى أن اعتناق الأهالي للإسلام لم يلق تشجيعا حتى القرن الثامن الميلادي .!!!
= و كتب عمر لأهالي القدس – الوثيقة العمرية , و نقلتها المؤلفة من كتب ( الطبري ):
من عمر لأهل ( ايلياء ) , و أمنهم على أنفسهم و أموالهم و كنائسهم و دينهم , على أن يعطوا الجزية , و يخرجوا منها الروم و اللصوص , ومن خرج فهو اّمن على نفسه و ماله حتى يبلغ مأمنه , و من أقام منهم فهو اّمن و عليه الجزية .
= و أصبح اليهود و المسيحيون أهل محميين , و يتركوا حمل السلاح , و يوفر لهم المسلمون الحماية العسكرية , و كانت قيمة الجزية على كل أسرة دينار في العام , و كذلك الحجاج المسيحيون يدفعون دينارا و به يصبحون ذميين طول إقامتهم .
= و أتاح لهم الحرية الدينية لمختلف العقائد , فعاشوا جميعا في تناغم و هدوء نادر .
=== ص. 392 :
و هذا النظام يفوق بكثير النظام البيزنطي الذي كان يضطهد الأقليات .
== و طلب البطريرك من عمر عدم السماح لليهود بالسكن في بيت المقدس , و وافقه عمر , ثم عاد و رأى أنه لا يوجد سبب وجيه لمنعهم من الإقامة داخل بيت المقدس , فاستدعى سبعين عائلة من يهود ( طبرية ) و خصص لهم المنطقة المحيطة ببركة سلوام جنوب غربي الحرم .
= و بكى صفرونيوس و هو يرى عمر على جبل المعبد , و تذكر نبوءة (دانيال )عن الشعور البغيض بالدمار , ومات بعد أسابيع قليلة .
= و كتب المؤرخ البيزنطي ( ميخائيل السرياني) في القرن الثاني عشر م.أن المسلمين لم يستعلموا عن عقائد الناس و لم يضطهدوا أحدا بسبب إعلان عقيدته , خلافا لما فعله اليونانيون( الأرثوذكس) الهراطقة ( الكفار ).
و سمح المسلمون ببناء الكنائس و ترميمها بلا قيود .فقام طوفان من تشييد الكنائس في فلسطين و الشام في القرنين السابع و الثامن الميلاديين .
=== ص. 393 :
و ظل مسجد عمر هو المكان الوحيد المخصص لعبادة المسلمين , ولم يكن قبل ذلك مكانا لأي من العبادات المسيحية .
=== ص. 394 :
و بالرغم من أن هرقل كان قد جرّم الديانة اليهودية , و أجبرهم على المسيحية , فان المسلمين حرروهم من ظلم بيزنطة , و منحوهم حق الإقامة الدائمة في بيت المقدس . فبنوا معبد الكهف في المنطقة التي دمرها الفرس سنة 614 م.
= = = وكتب اليهود قصيدة بالعبرية , ترحب بالعرب المبشرين بالمسيح المنتظر , وكتب حاخامات القدس خطابا يذكر الرحمة التي أظهرها الله لشعبه إسرائيل, حينما سمح لمملكة إسماعيل أن تفتح فلسطين , و عبروا عن فرحتهم بوصول المسلمين إلى القدس .
== ص. 395 :
و ظلت القدس مدينة مسيحية , فيها منطقة إسلامية واحدة , و كان المسلمون هناك حامية عسكرية فقط تعيش في مكان معزول عن السكان , وامتلكوا بعض الأراضي غير المسكونة .
== سنة 644 م. قام رجل فارسي باغتيال عمر بن الخطاب , و تولى عثمان بن عفان – (رضي الله عنهما ), وكان قائدا ورعا . و أقام حديقة عامة واسعة لفقراء مدينة القدس حول بركة سلوام .
= و كان المسلمون يحكمون إمبراطورية من ( خراسان ) شرقا إلى شمال أفريقيا ( ليبيا) غربا .
== و في حكم معاوية بن أبي سفيان – (رضي الله عنهما )– امتدت من جبال الهيمالايا شرقا إلى جبل طارق غربا . لذلك اختار دمشق لتكون العاصمة في وسط الإمبراطورية .فكانت فاتحة خير على فلسطين , فازدهرت حضاريا و اقتصاديا . و كان معاوية يحرص على زيارة بيت المقدس .
و استمر التعمير يزدهر في بيت المقدس طول فترة الحكم الإسلامي لها و للمنطقة كلها .

00