ادعوا أن نبيَّنا r حكم على المرأةِ بأنها شؤم ! وتعلقوا بما جاء في الصحيحين:
1- صحيح البخاري كتاب (النكاح) باب (ما يتقى من شؤم المرأة) برقم 4704 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ :ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ r فَقَالَ النَّبِيُّ r :" إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ ".
2- صحيح مسلم كتاب (السلام ) باب (الطِّيَرَةِ وَالْفَأْلِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ الشُّؤْمِ) برقم 4130 و حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ:" إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَرْأَةِ ".

• الرد على الشبهة

أولاً: إن المسلمين يعتقدون أن هذا الكون لا يتحركُ فيه متحركٌ ولا يسكنُ فيه ساكنٌ من الذرةِ إلى المجرةِ إلا بأمرٍ من اللهِ  وبقضائِه ؛ يقول : قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ  (التوبة51) .
ولقد نهى نبيُّنا r عن الطيرةِ (التشاؤم ) ؛ لأنها تنافي العقيدة الصحيحة من وجهين :
الأول: أن المتشائم أعتقد بأشياءٍ لا تنفع ولا تضر على الحقيقة .
الثاني : أن التشاؤم يقطع حَسنَّ التوكلِ على الله ، واليقين به .
تدللُ على ما سبق أدلة منها :
1- صحيح البخاري برقم 5313 عن أبي هُرَيْرَةَ  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ:" لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ " قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ قَالَ: " الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ ".
2- صحيح البخاري أيضًا برقم 5315 عَنْ أَنَسٍ  عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ:" لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ ".
3- مسند أحمد برقم 6748 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ قَالَ:" أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ" . وفي سننِ أبي داود برقم 3418 عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أَحْمَدُ الْقُرَشِيُّ: قَالَ: ذُكِرَتْ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ r فَقَالَ:" أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ :اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ ".
إذًا بيّن النبيُّ r أن الذي يرده التشاؤم عن حاجة فقد أشرك بالله  شركًا أصغرَ يستوجب الكفارة...
4- سنن أبي داود برقم 3411 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ:" الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ثَلَاثًا وَمَا مِنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ ". والأحاديث في هذا الشأن كثيرة ...

ثانيًا : بعد أن بيّنتُ بفضلِ اللهِ  أن التشاؤمَ لا يجوز في حقِ المسلمِ ، وهو شرك ، وذنب كبير ...
جاء الدور لأبيّنَ معنى حديثِ النَّبِيِّ r الذي معنا – بفضل الله -
قوله r :« إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ في شيء ففي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ ».
قلتُ : إن هذا الحديث يُفهم فهمًا صحيحًا من وجهين :
الوجه الأول: أن النبيَّ r أخبر في الحديث عن حال أهلِ الجاهلية أنهم قالوا: " الشُّؤْمُ في الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ" ؛ فلم يسمع الراوي الحديثَ من أوله ؛ أن أهلَ الجاهلية قالوا: ....
وهذا ما صرحت به عائشةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – في موضعين:
1- مشكل الآثار ( ج2 / ص 276)للإمام الطحاوي: عن أبي الزبير سمع جابرا يحدث عن النَّبِيِّ -عليه السلام- ثم ذكر مثله سواء وقد روي عن عائشة إنكارها لذلك وإخبارها أن رسول الله r إنما قال ذلك إخبارًا منه عن أهل الجاهلية أنهم كانوا يقولونه غير أنها ذكرته عنه - عليه السلام- بالطيرة لا بالشؤم والمعنى فيهما واحد وإذا كان ذلك كذلك كان ما روي عنها مما حفظته عن رسول الله r من إضافته ذلك الكلام إلى أهل الجاهلية أولى مما روي عن غيرها فيه عنه r لحفظها عنه في ذلك ما قصر غيرها عن حفظه عنه فيه فكانت بذلك أولى من غيرها لا سيما وقد روي عن رسول الله r في نفي الطيرة والشؤم كما قد حدثنا أبو أمية ثنا محمد بن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله r :" لا غول ولا طيرة ولا شؤم " .
2- مسند أحمدَ برقم 24841 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى حَسَّانَ قَالَ :دَخَلَ رَجُلاَنِ مِنْ بَنِى عَامِرٍ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَاهَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ r أَنَّهُ قَالَ: « الطِّيَرَةُ مِنَ الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ ». فَغَضِبَتْ فَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا في السَّمَاءِ وَشِقَّةٌ في الأَرْضِ ،وَقَالَتْ :وَالَّذِى أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ مَا قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ r قَطُّ إِنَّمَا قَالَ: « كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَطَيَّرُونَ مِنْ ذَلِكَ ». صححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم 993 .
الوجه الثاني : أن قولَه r :" إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ ".
ملاحظ منه أنَّ ( إِنْ ) الشرطية بمعني ( لو) تفيد بُعد وقوع الفعل بعدها ؛يتضح ذلك من قولِ اللهِ  لنبيِّه  : r فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ  (يونس 94)
المعني : لو كنت يا رسولَ الله في شكٍ ... وكان جواب النَّبِيِّ r: " لا أشكُ ولا أسأل".
جاء في تفسير الجلالين : { فَإِن كُنتَ } يا محمد { فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ } من القصص فرضاً { فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ الكتاب } التوراة { مِن قَبْلِكَ } فإنه ثابت عندهم يخبروك بصدقه قال r:« لا أشك ولا أسأل » { لَقَدْ جَاءكَ الحق مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين } الشاكِّين فيه . أهـ
وعليه فهذا الحديث مبني على النفي ، ومعناه: لو كان هناك شؤمٌ في شيءٍ ففي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ .....
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا هؤلاء الثلاثة ؟
الجواب: قاله النوويٌّ في شرحِه لصحيحِ مسلمٍ : وَقَالَ آخَرُونَ : شُؤْم الدَّار ضِيقهَا ، وَسُوء جِيرَانهَا ، وَأَذَاهُمْ . وَشُؤْم الْمَرْأَة عَدَم وِلَادَتهَا ، وَسَلَاطَة لِسَانهَا ، وَتَعَرُّضهَا لِلرَّيْبِ . وَشُؤْم الْفَرَس : أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهَا ، وَقِيلَ : حِرَانهَا وَغَلَاء ثَمَنهَا . أهـ.

قلتُ: إن الأولى عندي من الوجهين الثاني ؛ لأن الحديثَ روي من عدةِ طرقٍ من أقوالِ الصحابةِ  بخلافِ ما قالته عائشةُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ، وهو - واللهِ - مشاهد في زماننا هذا ، ويشعر به الجميع؛ فإن البيتَ الذي به تاجر مخدرات أو راقصة لا راحة فيه بسبب شؤمِ المعصيةِ ، وإن المرأةَ سليطة اللسان تجلب الهمومَ على زوجِها فتجعله متشائما أحيانًا....

ثالثًا : إن المتأمل في الكتابِ المقدس يجده يصف لنا المرأةَ بأنها مصدر الشؤم ؛ فهي أصل كل خطيئةٍ ؛ نجد ذلك في العهدينِ: القديم والجديد :
أولاً: العهدُ الجديد :
جاء في رسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس إصحاح 2 عدد 14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي. 15وَلكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.
نلاحظ أن آدمَ لم يخطئ ، وأن حواء هي صاحبة الخطيئة الأصلية مصدر الإغواء و الشؤم للعالمين...
ونلاحظ أيضًا أن الحكمة من وراء آلام الولادة عند المرأة سببها يرجع لهذا النص ،وما جاء في سفر التكوين إصحاح 3 عدد16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».
قلتُ : إن هذا النصَ يبيّن لنا أن عقابَ اللهِ لحواء على ثلاثةِ أصنافٍ هي : الولادة بالوجع ، واشتياقها للرجلِ ، وسيادة الرجل عليها ، وذلك لأن حواء أكلت من الشجرة المحرمة، وخضعت لإغواء الحية، فغوت آدم فغضب اللهُ عليها.. .
وعليه فإن هناك عدة تساؤلات تطرح نفسها هي :
1- هل الولادة عقاب ؟ وهل ألم الولادة عقاب ؟ إن جميع إناث الحيوانات تلد وتتألم أثناء الولادة ، مثلاً: هل ولادة البقرة عقاب لها أم أن هذا من وظائفها الطبيعية ، وفطرتها التي فطرها اللهُ عليها ؟ !
2- هل اشتياق المرأة للرجل عقاب لها ؟! كيف ؟ والرجل يشتاق للمرأة أيضًا، فهل هذا عقاب له أيضًا؟! الجواب : أن الاشتياق فطرة فطر اللهُ الناس عليها حتى تتكون الأسرة ، وتحصل المودة ، والرحمة ، ويُحفظ النسل، وليس عقابًا كما يذكر سفر التكوين ..... يقول اللهُ : وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)  (الروم)
3- هل النص يتفق مع ما جاء به يسوع لِفعلِه (الصلب لرفعِ الإثم َعن البشرية ) كما يعتقد المعترضون ... هم يقولون: إن اللهَ صالحنا بموتِ يسوع على الصليبِ.... وعليه أتساءل عدة أسئلة:

1- لماذا تظل المرأةُ تلد بالأوجاع ، لدرجة أن البعضَ منهن يستخدمن المخدر من شدةِ الألمِ ( البنج )، في حين أن يسوعَ بزعمِهم رفعَ الإثمَ عن الجميعِ بما فيهم المرأة؟!
2- لماذا عقاب الاشتياق ما زال موجودًًا منها ومن الرجلِ؟
3- لماذا ما زال عقابُ الربِّ للحيَّة مستمرًا أن تمشي على بطنِها ( تكوين 3 / 14 ) ؟!
فأين هو عدل اللهِ بحسبِ معتقدِهم ؟؟!
وألخص ما ذكرتُ بسؤالٍ كسؤالهم هو: ألهذه الدرجة تكون المرأة ممتهنة ، وشؤم بحسب معتقدهم ،ونصوصِ كتابهم.... ؟!

كتبه الشيخ /أكرم حسن مرسي
نقلا عن كتابه رد السهام عن خير الأنام محمد - عليه السلام-