بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاناجيل وخرق حاجز الشك والريبة
اذا اخطأ النبى او الرسول فى بعض التنبؤات فلا عجب من انتشار الشكوك والحيرة وانعدام الثقة بين كل اتباعه فى كل ما جاء على لسانه سواء كان متعلقا بالدنيا او بالاخرة وحتى ان وصل الامر الى الكفر فلا لوم واقع الا عليه هو فقط اما الشاك فغير ملام , فماذا يحدث لو كانت هذه التنبؤات الخاطئة لمن يزعمون عنه بانه الاله او ابن الاله فى حين ان هناك انسان من البشر (أفضل الخلق ) اسمه محمد صلى الله عليه وسلم يتهم بالكذب والخداع مع انه لم تخطىء له نبوءة وما نطق عن الهوى ؟ , لذلك يمكن ان ننهى كلامنا فى نبوة المسيح بمقارنة بين خرق حاجز الغيب بالنسبة للقران وبالنسبة للكتاب المقدس يمكننا ان نبدأ فيها بقصة شجرة التين التى وردت فى انجيل متى ومرقص .حيث يقول إنجيل متى : " دخل يسوع إلى هيكل الله وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل . . وقال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص ثم تركهم وخرج خارج المدينة إلى بيت عنيا وبات هناك .
وفي الصباح إذ كان راجعا إلى المدينة جاع . فنظر إلى شجرة تين على الطريق وجاء إليها فلم يجد فيها شيئا إلا ورقا فقط فقال لها : لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد . فيبست التينة في الحال .
فلما رأى التلاميذ ذلك تعجبوا قائلين كيف يبست التينة في الحال . . فأجاب يسوع وقال لهم : الحق أقول لكم إن كان لكم إيمان ولا تشكون . . إن قلتم لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون ( متى 21 : 12- 21 ) .
لكن إنجيل مرقس يقول في هذا الحادث : " في الغد لما خرجوا من بيت عنيا جاع . فنظر شجرة تين من بعيد عليها ورق وجاء لعله يجد فيها شيئا فلما جاء إليها لم يجد شيئا إلا ورقا . لأنه لم يكن وقت التين . فأجاب يسوع وقال لها : لا يأكل أحد منك ثمرا بعد إلى الأبد . وكان تلاميذه يسمعون .
وجاءوا إلى أورشليم . ولما دخل يسوع الهيكل ابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام . . وكان يعلم قائلا لهم أليس مكتوبا بيتي بيت صلاة يدعى . . وأنتم جعلتموه مغارة لصوص . .
ولما صار المساء خرج إلى خارج المدينة وفي الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول . فتذكر بطرس وقال له يا سيدي : انظر التينة التي لعنتها قد يبست . فأجاب يسوع وقال لهم . . من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر ولا يشك في قلبه . . فمهما قال يكون له (مرقص 11 : 12-24) .
ومن الواضح أن هناك اختلافا بين الروايتين يمكن تلخيصه في الآتي :
1- بينما يذكر إنجيِل متى أن تطهير يسوع للهيكل من الباعة والصيارفة قد حدث قبل أن يمر بشجرة التين ثم يلعنها ، نجد عكس ذلك في إنجيل مرقس الذي يذكر حادث شجرة التين قبل تطهير الهيكل .
2- كذلك فإن تفصيلات حادث شجرة التين مختلفة في كل منهما
ويشير جون فنتون إلى نقط الخلاف بينهما فيقول : " نجد في إنجيل مرقس أن يسوع يبحث عن ثمر في الشجرة ويلعنها في نفس اليوم ثم يلفت بطرس نظر يسوع إلى جفافها في اليوم التالي
ولكن نتيجة لما قام به متى من إعادة ترتيب الرواية فإن جميع أحداثها تقع في نفس اليوم . . ]مناظرة بين الاسلام والمسيحية ص69 [
تعليق الدكتور محمد جميل غازي :
وقد علق الدكتور محمد جميل غازي ]مناظرة بين الاسلام والمسيحية ص69 [ على قصة شجرة التين بقوله : إن إحدى الروايات تقول إن الوقت لم يكن وقت تين ، وهذا يعني أن معلومات المسيح الذي قيل إنه الله أو إنه ابن الله لم تصل إلى مستوى معلومات الفلاح العادي الذي يعلم إن كان الوقت وقت تين أم لا ، ولم يعلم إن كانت الشجرة التي يراها على مد البصر بها تين أم لا .
وتقول الروايتان إن هذا الإله الجائع ذهب إلى الشجرة ولما لم يجد بها تينا فإنه لعنها فكيف يجمع الإله بين الإلوهية المتعلق بها اللعن والجهل المتعلق بعدم معرفة وقت الإثمار بالإضافة إلى الاعتراض على المشيئة الإلهية المتعلق بها إثمار التين فى هذا الأوان وكيف أيضا لم يرحم الإله شجرة التين ودعا عليها بعدم الانبات وهو ارحم الراحمين وكذلك البشر وغيرهم من الدواب والحيوانات الذين كانوا يمكن ان يقتاتوا منها ويشبعوا جوعهم ولقد جرب هو بذاته الجوع ولا عجب فهناك من البشر من هو اشد رحمة بالحيوان والنبات من الإنسان ام ان عقيدة الذنب الموروث سرت على أشجار التين هي الأخرى . ]مناظرة بين الاسلام والمسيحية ص69 [
ومن الملاحظ فى هذه القصة ان جوع المسيح كان جوعا حقيقيا وليس تمثيليا وهذا يعنى ان المسيح لم يكون متمثلا بالبشر بل كان بشرا حقيقيا وشجر التين يشهد على ذلك وليؤكد شهادته من جانب آخر مما لا يجعل مجالا للشك لم يطع الإله كما يزعمون وظل ينبت إلى الآن وفى عدم إنباته رسالة الى كل البشر تقول بان المسيح انسان عادى ككل البشر اصطفاه الله بالنبوة والرسالة وغير مسئول عن السوء الفهم .
(ب) التنبؤ باصطحاب يهوذا الخائن للمسيح في العالم الآخر :
في حوار جرى بين المسيح وتلاميذه عمن تكون له النجاة في العالم الآخر ، سأل بطرس معلمه عن أجر المؤمنين به فقال : " ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا ؟ " فأجابه المسيح : " متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر كرسيا ، تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر " ( متى 19 : 27- 29).
لقد كان يهوذا الإسخريوطي أحد التلاميذ الاثني عشر الذين قيلت لهم هذه النبوءة وبعد خيانته أصبح يعرف (بابن الهلاك) لأنه طرد من صحبة المسيح في الدنيا والآخرة . وبهذا استحال تحقيق هذه النبوءة .
وإذا رجعنا إلى نظير هذه الفقرة في إنجيل لوقا لوجدنا- كما يقول جون فنتون - " أنه حذف العدد الاثني عشر ، ولعل ذلك يرجع إلى أنه كان يفكر في يهوذا الإسخريوطي " (1) . ]مناظرة بين الاسلام والمسيحية ص73 [
(جـ) التنبؤ بدفن المسيح في الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال :
حاول قوم من اليهود تعجيز المسيح فقالوا له : يا معلم نريد أن نرى منك آية . فأجاب وقال لهم : جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي . لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال يكون هكذا ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال ( متى 12 : 38- 40 ) .
إن هذا القول شائع في الأناجيل وتكرر ذكره في أغلبها وفي أكثر من موضع . وقد ذكر في إنجيل ( مرقس في 8 : 31 ، 9 ، 31 ، 10 : 34 ) . وذكر في إنجيل لوقا مع اختلاف هام يلحظه القارئ ، وذلك في قوله : " هذا الجيل شرير يطلب آية ولا تعطى له إلا آية يونان النبي . لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك يكون ابن الإنسان أيضا لهذا الجيل ( 11 : 29- 30) . وذكرت الأيام الثلاثة في إنجيل ( يوحنا 2 : 19) .
ونقرأ في سفر يونان ( يونس ) ما حدث له فقد " أعد (الرب) حوتا عظيما ليبتلع يونان . فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال . . فصلى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت . . وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر- ( 1 : 17 ، 2 : 1- 10 ) . ومن الواضح إذن أنه لكي تتحقق هذه النبوءة فيجب أن يبقى المصلوب في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال
ولكن إذا رجعنا إلى ما تذكره الأناجيل عن أحداث الصلب والقيامة لوجدنا أن المصلوب أنزل من على الصليب مساء الجمعة (يوم الصلب) : " ولما كان المساء إذ كان الاستعداد أي ما قبل السبت جاء يوسف الذي من الرامة . . ودخل إلى بيلاطس (الحاكم) وطلب جسد يسوع . . فدعا قائد المائة وسأله هل له زمان قد مات . ولما عرف من قائد المائة وهب الجسد ليوسف .
فاشترى كتانا فأنزله وكفنه بالكتان ووضعه في قبر كان منحوتا في صخرة ودحرج حجرا على باب القبر ( مرقس 15 : 42-46 ) .
ولقد اكتشف تلاميذ المسيح وتابعيه أن ذلك القبر كان خاليا من الميت في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد . وفي هذا يقول إنجيل متى :
" وبعد السبت عند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر . . فأجاب الملاك وقال للمرأتين . . ليس هو هاهنا لأنه قام كما قال ( 28 : 1- 6 ) .
كذلك يقول إنجيل يوحنا :
" في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر ( 20 : 1 ) .
وبعملية حسابية بسيطة نجد أن :
عدد الأيام التي قضاها الميت في بطن الأرض (في القبر)= 1 يوما (يوم السبت) .
عدد الليالي التي قضاها الميت في بطن الأرض (في القبر)= 2 ليلة (ليلة السبت وجزء من ليلة الأحد على أحسن الفروض) .
وبذلك استحال تحقيق هذه النبوءة التي قالت ببقاء الميت في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال . ]مناظرة بين الاسلام والمسيحية ص75 , 76 [
(د) التنبؤ بأن نهاية العالم تحدث في القرن الأول الميلادي :
تقول الأناجيل إن السيد المسيح " دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض . . وأوصاهم قائلًا . . ها أنا أرسلكم كغنم وسط ذئاب فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام . . ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى . فإني الحق أقول لكم لا تكملون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الإنسان ( المسيح ) " ( متى 10 : 1- 23 ) .
أي أن عودة المسيح ثانية إلى الأرض تحدث قبل أن يكمل تلاميذه التبشير في مدن إسرائيل .
وهي كذلك تحدث قبل أن يكون معاصري المسيح الذين عاشوا في النصف الأول من القرن الأول الميلادي- قد ماتوا :
" إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله . الحق أقول لكم إن من القيام هاهنا قوم لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتيا في ملكوته " ( متى 16 : 27-28 ) .
وبصورة أخرى تؤكد ما سبق فإن نهاية العالم وعودة المسيح ثانية إلى الأرض لا بد أن تحدث قبل أن يفنى ذلك الجيل الذي عاش في القرن الأول من الميلاد :
" بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماء تتزعزع . وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء . . ويبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير . . الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله " ( متى 24 : 29- 34 ) .
ويتفق كل من إنجيلي ( مرقس 13 : 24- 30 ) و(لوقا 21 : 25-32 ) مع ذلك التقرير الخطير الذي قرره متى .
هذا ومن الواضح- كما يقول جون فنتون - : " إن شيئا من هذا لم يحدث كما توقعه متى ]مناظرة بين الاسلام والمسيحية ص 46 , 47 [
وعلى ذلك تكون التنبؤات التي نسبتها الأناجيل للمسيح عن حدوث نهاية العالم في القرن الأول الميلادي استحال تحقيقها ولا يمكن لأحد الدفاع عنها .
اذن الموضوع خطير هناك مشكلة العديد من التنبؤات استحال تحقيقها .
بينما المتفق عليه بين علماء الديانات وخاصة ديانات الكتب المقدسة يعني بذلك عند أهلها هو أن أحد تعاريف النبي بأنه الشخص المرسل من عند الله سبحانه وتعالى أو الذي يتكلم بوحي من خالقه ولا يدخل الخلف في أخباره .
فمن المؤكد أن النبي الذي يصدقك فيما حدث في الدنيا ، لا بد أن يصدقك ما وعد به في الآخرة . لكن عندما تنسب نبوءة لنبي ما ، بل وأكثر من نبوءة نثبت أن الحياة الدنيا التي نعيشها قد انتهت ، فماذا يكون المصير بالنسبة لتنبؤات الحياة الأخرى ؟ من المؤكد أن ما وعد به لن يتحقق أيضا . أعتقد أن هذه قاعدة متفق عليها اذن من اين ناتى بالثقة.
واذا انتقلنا الى القرآن الكريم فيما يتعلق بخرق حاجز الغيب ]معجزة القرآن – محمد متولى الشعراوى [ فقط دون الدخول فى الاعجاز العلمى الذى تشتمل عليه اكثر من 1000 اية .
نجد مثلا عندما ياتى الرسول عليه الصلاة والسلام فيقرأ..( تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب..سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة
الحطب في جيدها حبل من مسد)..هذا قرآن..وفي من..في عم الرسول..وفي من..في عدو الاسلام..ألم يكن أبو لهب يستطيع أن يحارب الاسلام بهذه الاية..ألم يكن يستطيع أن يستخدمها كسلاح ضد القرآن..ضد هذا الدين..قالت له الاية يا أبا لهب أنت ستموت كافرا..ستموت مشركا..وستعذب في ا لنار..وكان يكفى أن يذهب أؤ لهب الى أي جماعة من المسلمين..ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله..يقولها نفاقا..يقولها رياءا..يقولها ثم يقف وسط القوم يقوم: أن محمدا قد أنبأكم انني سأموت كافرا..وقال ان هذا كلام مبلغ له من الله..وأنا أعلن اسلامي لاثبت لكم أن محمدا كاذب..(لو كان أبو لهب يملك ذرة واحدة من الذكاء لفعل هذا..ولكن حتى هذا التفكير لم يجرؤ عقل أبي لهب على الوصول إليه..بل بقى كافرا مشركا..ومات وهو كافر..ولم يكن التنبؤ بأن أبا لهب سيموت كافرا..أمرا ممكنا..لان كثيرا من المشركين اهتدوا الى الاسلام كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعمر بن الخطاب..وغيرهم..كانوا مشركين وأسلموا..فكيف أمكن التنبؤ بأن أبا لهب بالذات لن يسلم ولو نفاقا..وسيموت وهو كافر..المعجزة هنا أن القرآن قد أخبر بما سيقع من عدو..وتحداه في أمر اختياري..كان من الممكن أن
يقوله ومع ذلك هناك يقين أن ذلك لن يحدث..لماذا..لان الذي قال هذا القرآن..يعلم أنه لن يأتي الى عقل أبي لهب تفكير يكذب به القرآن وايضا كان هناك امام من ائمة الكفر وهو.الوليد بن المغيرة العدو الالد للاسلام..والمشهور بكبربائه ومكابرته وعناده..يأتي القرآن ويقول عن هذا الانسان المكابر العنيد..(سنسمه على الخرطوم)..أي أنه سيقتل بضربة على أنفه..ويحدد موقع الضربة..وبعد ذلك يأتي في بدر..فتراه قد وسم على خرطومه..أي ضرب على أنفه..من الذي يستطيع أن يحدد موقع الضربة ومكانها..من الذي يستطيع أن يجزم..ماذا سيحدث ولو بعد ساعة واحدة. هل هناك اعجاز أكثر من هذا..انتقل بعد هذا الى النقطة الثانية..وهي ماذا حمل القرآن لغير الحرب في عصره..ولغير العرب والدنيا كلها بعد عصره..أي ماذا حمل القرآن من أنباء نواميس الله في الارض وقوانينه..التي كانت غيبا على البشرية كلها في عصره وبعد عصره..هنا الامثلة كثيرة..والمجال لا يتسع لها كلها..ولكني سأحاول أن أبين عددا منها فيما يختص بالاعجاز في عصر القرآن لغير العرب..فقد كان هناك أمتان كبيرتان امبراطوريتان بجانب الجزيرة العربية..هما الروم والفرس..الروم أمة مؤمنة..أهل كتاب..ولو أنهم لا يصدقون برسالة محمد الا أن هناك عندهم ايمانا بوجود الله.
والقيم السماوية..والفرس كانوا أهل كفر والحاد في ذلك الوقت..لا يؤمنون بأي دين من الاديان..إذا فأيهما أقرب الى قلب المؤمنين..الروم باعتبارهم أهل كتاب..وأيهما أقرب الى قلب الملحدين والكفار..الفرس باعتبارهم مشركين وكفرة..قامت الحرب بين الدولتين..فهزم الروم وانتصر الفرس..وهنا فرح المشركون لان الكفر قد انتصر..وحزن المؤمنون
لان نوعا من الايمان قد انهزم..هنا يتدخل الله سبحانه وتعالى ليزيل عن المؤمنين هذا الحزن..فيقول في كلام محفوظ متعبد بتلاوته لن يجرؤ ولن يستطيع أحد أن يغير فيه..يقول: (الم غلبت الروم في أدنى الارض..وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين..له الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله..ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم)..ثم يمضى القرآن ليمعن في التحدي..(وعد الله لا يخلف الله وعده..ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ما هذا..أيستطيع محمد صلى الله عليه وسلم أن يتنبأ نتيجة معركة ستحدث بين الروم والفرس بعد بضع سنين..هل يستطيع قائد عسكري مهما بلغت قوته وعبقريته..ونبوغه أن يتنبأ بمصير معركة عسكرية بعد ساعدة واحدة من قيامها..فما بالك أن ذلك يأتي ويقول أنه بعد بضع سنين ستحدث معركة بين الفرس والروم وينتصر فيها الروم..هل أمن محمد صلى الله عليه وسلم على نفسه أن يعيش بضع سنين ليشهد هذه المعركة..ولقد وصل الامر بأبي بكر رضي الله عنه..انه راهن على صحة ما جاء به القرآن..إذا فقد أصبحت
قضية ايمانية كبرى..هذا هو القرآن..كلام الله..وأساس الايمان كله..يأتي ويخبر بحقيقة أرضية قريبة ستحدث لغير العرب..ويقول الكفار أن القرآن كاذب..فيقول المؤمنون ان هذا صدق..ويحدث رهان بين الاثنين..ماذا كان يمكن أن يحدث لو أنه لم تحدث معركة بين
الروم والفرس..أو لو أنه حدثت معركة وهزم فيها الروم أكان بعد ذلك يصدق أي انسان القرآن أو يؤمن بالدين الجديد..ثم إذا كان القرآن من عند محمد فما الذي يجعله يدخل في قضية غيبية كهذه..لم يطلب منه أحد الدخول فيها أيضيع الدين من أجل مخاطرة لم يطلبها منه أحد..ولم يتحداه فيها انسان..ولكن القائل هو الله..والفاعل هو الله..ومن هنا كان هذا الامر الذي نزل في القرآن يقينا سيحدث..لان قائله ليس عنده حجاب الزمان..وحجاب المكان..ولا أي حجاب وهو الذي يقول ما يفعل..ومن هنا حدثت الحرب..وانتصر الروم على الفرس فعلا..كما تنبأ القرآن..وهكذا تحدى القرآن للكفار وغير المسلمين في وقت نزوله..أي أنه لم يتحد العرب وحدهم..بل تحدى الكفار والمؤمنين من غير العرب..بأن أنبأهم بما سيحدث لهم قبل أن يحدث بسبع أو ثماني سنوات..تحداهم بهذا علهم يؤمنون..إذا انتهينا الى هذا نكون قد أثبتنا أن القرآن تحدى العرب وغير العرب في وقت نزوله..ولكننا قلنا أن القرآن ليس له زمان..وليس له مكان..وأنه سيظل حتى قيام الساعة..فكيف يمكن أن يتحدى الاجيال القادمة..لابد
أن يكون للقرآن معجزة دائمة..أن يعطى عطاء الكل جيل لم
يعطه للاجيال السابقة..وقد كان..جاء في القرآن أشياء لو أن أحدا أخبر بها وقت نزوله..لا تهم الذين قالوها بالجنون..ولكنها جاءت للعصور القادمة..جاءت لتتحدى عبر الاجيال الى يومنا..والى الايام القادمة.
ولم يكتفى القرآن بخرق حاجز الزمان والمكان فقط بل خرق حاجز النفس فى ادق الامور وهو حديث النفس..وهنا وقبل أن نبدأ..يجب أن نضع في أذهاننا جيدا أن القرآن هو كلام الله المتعبد بتلاوته الى يوم القيامة..وأنه يبقى بلا تعديل ولا تغيير لا يجرؤ أحد على أن يمسه ..ومن هنا فإن هذا الكلام حجة على محمد عليه الصلاة والسلام مأخوذة عليه..فإذا أخبر القرآن بشئ..واتضح أنه غير صحيح..كان ذلك هدما للدين كله..ويأتي القرآن بعد بيان جسامة هذه الخطورة ليقول..(ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله) ما معنى هذا الكلام..معناه امعان في التحدي..فالقرآن هنا لا يقول لهم لقد هتكت حاجز الماضي..وأخبرتكم بأنباء الاولين..ولا يقول لهم سأهتك حاجز المكان وأخبركم بما يدور في بقعة قريبة لا ترونها بل يقول: سأهتك حاجز النفس..وأخبركم بما في أنفسكم..بما في داخل صدوركم..بما لم تهمس به شفاهكم..وكان يكفى لكى يكذبوا محمدا أن يقولوا لم تحدثنا أنفسنا بهذا..لو لم يقولوها بالفعل داخل أنفسهم لكان ذلك أكبر دليل لكي يكذبوا محمدا ويعلنوا أنه يقول كلاما غير صحيح..إذ فالقرآن في هتكه لحجاب المكان..دخل الى داخل النفس البشرية..والى داخل نفوس من..الى داخل نفوس غير المؤمنين الذين يهمهم هدم الاسلام..وقال في كلام متعبد بتلاوته لن يتغير ولا يتبدل..قال: (ألم تر الى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالاثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوا حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولايعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير)..صدق الله العظيم..قال ما يدور في أنفس غير المؤمنين..فهل هناك أكثر من هذا تحديا..لحجاب المكان..انه تحد فوق قدرة كل الاختراعات البشرية التي وصل إليها العلم الان لاختراق حجب المكان..بل ان التحدي ظهر في ما يحرص غير المؤمنين على اخفائه..فالانسان حين يحرص على اخفاء شئ..ويكون غير مؤمن..يأتي اليك فيحلف لك بأن هذا صحيح..وهو غير صحيح في نفسه فقط..ولكن حرصه في أن يخفيه على
الناس يجعله مؤكد أنه صحيح بالحلف..ويأتي الله سبحانه وتعالى فيجعل القرآن يمزق نفوس هؤلاء الناس..ويظهر ما فيها امعانا في التحدي..ويقول الله سبحانه وتعالى (وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون)..ويقول سبحانه وتعالى (يحلفون لكم لترضوا عنهم فان ترضوا عنهم فان الله لا يرضى عن القوم الفاسقين)..ويقول سبحانه وتعالى (ويحلفون على الكذب وهم يعلمون)..إذا فالقرآن هنا جاء لاناس غير مؤمنين..وهتك حاجز النفس بالنسبة لهم فأخرج ما في صدورهم وعراهم أمام الناس جميعا..وفضح كذبهم..ونشر على الدنيا كلها ما في صدورهم من كذب ورياء ونفاق..أي أنه أهانهم أمام المجتمع كله..ولو كان هذا غير صحيح لقال هؤلاء القوم اننا لم نكذب..اننا لصادقون..والكلام الذي يدعيه محمد بأنه يأتي من عند الله كلام غير صحيح..ولكن هؤلاء بهتوا من أن القرآن مزق حجاب نفوسهم فلم يستطيعوا ردا..وبهتوا لان الله أخرج ما في صدورهم..وعراهم أمام الناس جميعا..فلم يفعلوا شيئا أكثر من انهم تواروا بعد أن افتضحت حقيقتهم..ولو كان هذا القرآن من عند غير الله لما استطاع أن يصل الى داخل
النفس البشرية..وهي من أدق أسرار الدنيا التي لم يستطع على أن يصل إليها حتى الآن..فإذا بالقرآن يأتي متحديا بكلام متعبد به إلى يوم القيامة لا يستطيع أحد تبديل حرف فيه ليكشف ما في داخل النفس..ويعرى ما تكتمه عن الناس جميعا..وما هي حريصة على كتمانه..حتى أنها تحلف باسم الله كذبا ليصدقوها الناس..يأتي القرآن فيمزق هذا كله..أتريد إعجازا أكثر من ذلك .
وفى بعض الأحيان لا يكتفي القرآن بخرق حاجز الغيب فقط بل يقرن ذلك بحث وتشجيع يصل إلى حد الاستفزاز لجمع همة المشركين وجن جنونهم وجمع شتاتهم لتأديب هؤلاء القوم الضعفاء الأذلاء الذين كان أكثرهم من العبيد ومع ذلك يتطاولون على أسيادهم أصحاب القوة والنفوذ والمجد والشرف ...
ولكن ماذا نجد مع كل هذا الحث والتشجيع والاستفزاز الذي يكاد أن يحرك الجبال نجد أن المحصلة النهائية كانت هي فتح مكة .
وتعالى إذا شئت وانظر معي إلى قوله سبحانه وتعالى في سورة القمر..(سيهزم الجمع
ويولون الدبر)..لقد نزلت سورة القمر هذه في مكة والمسلمين قلة..وأذلة..حتى أن عمر بن الخطاب قال: أي جمع هذا الذي سيهزم ونحن لا نستطيع أن نحمى أنفسنا وهكذا يتنبأ القرآن بأن الإسلام سينتصر..في مكة..وأن هؤلاء الجمع الذين تجمعوا لمحاربة الإسلام في مكة سيهزمون ويولون الأدبار..ويتنبأ بها متى..والمسلمون قلة..وأذلة..لا يستطيعون حماية أنفسهم..ويطلقها قضية..وهو على يقين من أن الله الذي قالها سيحققها مع العلم بان المترقب لهذا النصر لم يكن المشرك فقط بل كان المسلم ايضا مما يجعلنا نطلق عليها قضية ايمانية كبرى .
وعندما تقرأ قوله تعالى (( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ )) الاية 24 من سورة البقرة
تجد ان القرآن لم يكتفى بذلك التحفيز للجانب المادى الذى ورد فى سورة القمر فقط بل حفز واستفز الجانب الفكرى ايضا حتى يكون الاستفزاز شاملا لكل الجوانب الممكنة وغير الممكنة عندما تحتدى المشركين بالاتيان بسورة من مثل القرآن وقد وصل الاستفزاز الى اوجه عندما اخبرهم بالعجز .
ومع كل هذا الحث والتشجيع والاستفزاز الذى يكاد ايضا ان يحرك الجبال ويستنهض كل هممهم لا نقول لتأليف سورة من مثل القرآن بل لتأليف عشرات السور ونشرها فى كل اركان شبة الجزيرة العربية وما حولها من بلدان ومناطق نجد ان المحصلة النهائية كانت هى العجز والصمت بل الاكثر من ذلك كلما زاد التحدى والاستفزاز كلما زاد العجز وانعدام الحيلة .
وفى احيان اخرى يستحث القرآن الكريم اشياء اخرى كالذكاء مثلما حدث مع السورة التى انزلت فى عم الرسول ابى لهب ومع الآية التى انزلت فى الوليد بن المغيرة ولقد ذكرنا ذلك بالتفصيل سابقا .
وعندما يقول القرآن ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا )) الاية 75 من سورة الكهف
نجد الرسول صلى الله عليه سلم لم يضع نفسة فى قضية ايمانية كبرى لا تحتمل الهزل او العبث بل اليهود هم من ارادو احراج الرسول وتحديه امام اصحابه بسؤاله على رؤوس الاشهاد تيقنا منهم بان هذا العلم قاصر عليهم هم فقط وان الرسول صلى الله عليه وسلم لن يملك الا العجز عن الاجابة وهكذا ينتهى الاسلام بمنتهى السهولة على انقاض فضيحة كبرى ولكن ماحدث كان على العكس تماما وكما كان السؤال على رؤوس الاشهاد كانت الاجابة ايضا على رؤوس الاشهاد اجابة خالية من الاخطاء والظنون تسكت افواه المغرضون ولا تدع مجالا الا للايمان واليقين فهل هناك تحدى اكثر من ذلك ؟ .
واين تجد الاطمئنان اكثر من ذلك ... فى كتاب ليس هناك ادلة تثبت عدم تحريفه ام فى كتاب هناك الكثير والكثير من الادلة التى تثبت عدم تحريفة فما بالك اذا كان الكتاب الاول يحتوى على الكثير والكثير من الدلائل والاشارات التى تثبت تحريفة و خروجه عن الطريق
ومن المعروف ان الشك وارد وقد ذكر فى اكثر من موضع فى الانجيل والقران وهو من اكثر الاشياء التى تدل على عدم رضا الشيطان وعدم رضا الشيطان يدل على رضا الرحمن فاذا حدث الشك بالنسبة للكتاب المقدس فما هى الحقائق الملموسة والحيثيات التى ترضى العقل وتطمئن القلب وتصعد بالنفس الى اعلى درجات سلم الحقيقة و تجعله اى الشك يضمحل ويتلاشى بدون تحيز لاعتقاد او مبالغة او سفسطة مع مرعاة اِِيضا تكيف النفس مع مالا يرضيها وقياسا ايضا على القرآن الكريم فى كل ما قيل سابقا من تفكر وتفكير وحجج وبراهين ترضى العقل وتطمئن القلب , واذا قيل ليس هناك دليل على تحريف الكتاب المقدس نقول اذن انت لم تقرا ما سبق واذا لم يكن هناك دليل على تحريف الكتاب المقدس يجب ان يكون هناك دليل ايضا على عدم التحريف فما هو اذن هذا الدليل قياسا على القرآن وان جادلت فجادل ذاتك اولا ولكن بعد ان تسترد عقلك الذى جمدته .