بارك الله فيك
واهديك تفنيد انجيل متى بالنصوص وهيا بنا نتعرف على متى
من هو متى ؟؟
مـتـــــي : ويدعى أيضا لأوي بن حلفي وهو احد الرسل ألاثني عشر وكان من العشارين ( جباة الضرائب ) للدولة الرومانية في قرية ناحوم من أعمال الجليل بفلسطين وكانت هذه الوظيفة محتقرة عند اليهود 0
ولكن السيد المسيح اختاره تلميذا من تلاميذه ولما رفع السيد المسيح إلي السماء جال للتبشير في بلاد كثيرة وتوفي سنة 70 ميلادية بالحبشة اثر ضرب مبرح انزله أحد جنود ملك الحبشة وفي رواية أخر أنه طعن برمح في سنة 62 م بعد ما قضى 23سنة مبشرا بإثيوبيا كما هو راجح وكتب إنجيله باللغة العبرية ( راجع كتاب تاريخ الأمة القبطية 2 / 52 )
هذا هو متى عند النصارى فمن هو متى الحقيقي ؟؟؟؟؟؟؟
فأما متي : الأول فما أدرك السيد المسيح عليه السلام ولا رآه قط إلا في العام الذي رفعه الله فيه الي سمائه وبعد رفع سيدنا عيسى عليه السلام كتب متى إنجيله بخطه في مدينة الإسكندرية واخبر فيه بأشياء كثيرة عن ميلاد المسيح عليه السلام وما ظهر عند ولادته من العجائب وتكلم بالتفصيل عن خروج أمه به إلي أرض مصر خائفة من الملك رودس الذي أراد قتله في الإصحاح الثاني( زيارة المجوس ) وهو لم يرى أي شيئا من هذا
0 والعجيب جدا ان متى قد انفرد مع لوقا بذكر نسب المسيح علية السلام وترك ثغرة عظيمة جدا في هذا النسب جعلت علماء النصارى في حيرة واغلبهم التزم الصمت التام كما سنذكر ذلك بالتفصيل في نسب السيد المسيح عليه السلام 0
وفي الحقيقة كان لمتى هدف أخر يسعى إليه من وراء كتابة هذا الإنجيل وهو أن يربط نسب السيد المسيح بسلسلة الأنبياء إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام عن طريق فرع سيدنا داوود عليه السلام ليربط تاريخ المسيح عليه السلام بتاريخ أبناء إسرائيل لأنه كان يهوديا كما قلنا فكان يميل إلى قومه وقد استخدم متي هذا التعبير أكثر من مرة وهو إبراز موقف السيد المسيح عليه السلام من شريعة اليهود من الصلاة والصيام والزكاة والزواج والطلاق إلي غير ذلك من المبادئ الأساسية لشريعة اليهود وهو ما لا نراه إلا قليلا جدا في الأناجيل الأخرى0
بل ويظهر في بداية كتابه أن السيد المسيح علية السلام أخذ يوجه تعاليمه ومبادئه لبني إسرائيل فقط ويعتبرهم خرافه الضالة كما ذكر متي في الإصحاح 10 : 5- 6 ( إلي طريق الوثنيين لا تمضوا والي مدينة للسامريين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحرى إلي خراف بيت إسرائيل الضالة )
فهو يحدد الدعوة ويوقفها في بني إسرائيل فقط 0
فكأن السيد المسيح عليه السلام لم يرسل إلا لبني اسرائيل فقط فهم المنوطين بالدعوة أما غيرهم من الوثنيين أمثال لوقا وقومه والسامر يين فهؤلاء ليسوا من الخراف الضالة للسيد المسيح 0
بل ويظهر إصرار متى على وقف الدعوة على بني إسرائيل فقط 0 في موطن أخر0
( إيمان المرآة الكنعانية ) الإصحاح 15/ 21- 28 0
عندما سألت المرآة الكنعانية المسيح عليه السلام وهي لم تكن من بني إسرائيل 0عن شفاء ابنتها في نواحي صور وصيدا وصرخت له قائلة ( أرحمني يا سيد يا ابن داوود ابنتي مجنونة جدا فلم يجيبها بكلمة فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين " اصرفها لأنها تصيح وراءنا " فأجاب وقال لم أرسل إلا لخراف بني إسرائيل الضالة 0 فأتت وسجدت له قائلة " يا سيد أعني " فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب 0
فقالت نعم يا سيد والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها 0حينئذ أجاب يسوع وقال لها يا امرأة عظيم إيمانك ليكن لك كما تريدين فشفيت ابنتها من تلك الساعة) 0
فنجد أن السيد المسيح على حد قول متى لم يرضى عنها لماذا ؟ لأنها ليست من خراف بني اسرائيل الضالة 0 إلا أنه عندما اعترفت وأقرت أنها من (الكلاب ) وترضى أن تعامل معاملة الكلاب حين ذلك فقط أجابها السيد المسيح 0
أي رب هذا يدعون وهم الذين يرددون اسمه في مواطن عديدة جدا من الإنجيل بأنه أباهم 0
فإننا نرى متي قد أخذه الإسهاب وأخذه الغرور وتشبع بالجانب الطائفي والميل الي جنسه النوعي فهو يصور الأجناس الأخرى غير بني إسرائيل بأنهم كلاب وهذه هي عقيدة اليهود ونظرتهم للأمم الاخري فالكل في نظرهم كلاب وخدم لهم ولا يستحق العيش إلا هم حتى متى الذي تنصر لم يستطيع ان ينسي هذه العصبية 0
وإني لأسأل النصارى الذين من أصول عربيه أو أجنبية أليسوا بكلاب ؟؟؟ على حد قول متى فكيف يكون هذا بكلام الله عز وجل وهو القائل في كتابه العزيز (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ))
ولكننا نرى أن متي قد أخذه الإسهاب والإفراط وترك لخياله العنان في هذه التعاليم حتى وصل إلى أخر إنجيله وخالف أوله وعاد لصوابه واستيقظ من ثباته وخلع العباءة اليهودية واصطلح مع النصارى أو انه أراد أن يعتذر للكلاب وهو انه وسع نطاق الدعوة والإرشاد التي كانت تقتصر على خراف بيت إسرائيل الضالة لتشمل جميع الأمم ( فلقد سماهم القران الكريم أيضا بأنهم ضالين فلماذا يتضجرون من هذه الكلمة التي أطلقها عليهم المسيح كما في كتاب متى ) 0
و ذكر متى في أخر كتابه عن السيد المسيح وقال في الإصحاح 28 : 19 اذهبوا تلمذوا جميع الأمم ) واني لست ادري هل هذا نسخ لما ذكرناه سابقا في أول كتابه فهم يعترفون أنه لا يوجد نسخ في الإنجيل مع العلم بأنه يوجد الكثير و العديد من النسخ بين العهد القديم والجديد كما سنذكر أم انه أراد الاعتذار لبقية الأمم من الكلاب ؟؟
ويحاول مفسرو الكتاب المقدس التغلب على هذا التناقض الغريب الواضح للقارئ وضوح الشمس في تصريح السيد المسيح أولا انه لم يرسل إلا لخراف بيت إسرائيل الضالة وبين أخره عندما أمر تلاميذه أن يذهبوا بالإنجيل إلي العالم كله 0ويكرزوا به 0
يقول الدكتور موريس بوكاي في كتابه (التواره والأناجيل والقران الكريم في ميزان العلم الحديث )
ويتفق الجميع على أن متى كان قد كتب إنجيله معتمدا على مصادر مشتركة بينه وبين مرقص ولوقا الا ان روايته في إنجيله تختلف عن رواية مرقص ولوقا في نقاط عديدة ومسائل جوهرية ومع ذلك فقد اعتمد متى على مرقص إلى حد كبير والغريب أن مرقص لم يكن من تلاميذ المسيح الحواريين ؟ فكيف يأخذ متى من مرقص الذي سمع ولم يرى ومتى على حد قوله سمع ورأى 0
فقد كان متى يتصرف بحرية خطيرة في صياغة النصوص الإنجيلية وعلى وجه الخصوص نصوص العهد القديم التي كان يتأثر بها كثيرا لأنه كما قلنا كان يهوديا 0
وذلك كما يفعل كبار المفسرين والأساتذة في مجال التفسير للكتاب المقدس إذ ما يترددون لحظة واحدة في معنى جديد لنص قديم وهو ما فعله متى على وجه التحديد فيما يتعلق في سلسلة نسب المسيح التي كان يعلق عليها أماله إلى حد كبير إلى أن وضعها في بداية إنجيله ( راجع: كتاب التوراة والأناجيل والقران الكريم في ميزان العلم الحديث د/ موريس بوكاي)
بل ونرى متى قد غرق في أحلامه وتخيلاته العظيمة التي لم يضع لها ضابطا إلا نفسه فينفرد هو عن الأناجيل الأخرى في رواية المشهد العظيم للسيد المسيح في الإصحاح ( 27 ) في نهاية الإنجيل وهو ذكر ما حدث من أهوال وأمور مرعبة عند قيام المسيح من قبره على حد قولهم :
فقال27/51: 54 ( وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور فتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين ........ وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن وهن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه ) 0
ولم ترد هذه الرواية في أي انجيل مع أنها حدث عظيم وجليل وكما يقول متى ( ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين 0 أفلم يراهم لوقا أو يوحنا الذي كان ملازما للسيد المسيح على حد قولهم 0
فلا غريب أن نرى متى قد وصل إلى أعلى درجات الخيال فأي نوع من الناس كان متى هل كان من اليهود لأنه تكلم بلغتهم وكتب إنجيله بالعبرية أم من الرومان الذين كان يعمل معهم عشارا ام هو أحد الحواريين أصحاب المسيح ؟؟؟
يقول الدكتور موريس بوكاي 0
ولكن الأب كانينجسر عالم لاهوت مسيحي بارز وهو أستاذ اللاهوت المسيحي بالمعهد الكاثوليكي في باريس 0 يحاول تخريج المسألة بطريقة تربوية تحاول إنقاذ كل ما يمكن إنقاذه من براثن اللامعقولية في رواية متى في هذا الصدد عندما يقول " ولكن علينا أن نلزم جانب الحذر في تقديرنا لدوافع متى ليكتب عن هذه الأمور غير المعقولة على هذا النحو " فإن متى حسب ما يرى الأب كانينجسر كانت نيته جديرة بالإجلال والاحترام إلا أنه خرج إلي اللامعقول حتى صور المسيح عليه السلام كأحد أبطال الأفلام السينمائية التي يشاهدها الناس 0
ومع ذلك يحتل كتاب متي المتربة الأولى من حيث ترتيب الأناجيل بالعهد الجديد ويعتبره النصارى امتدادا للعهد القديم 0لقول متى في الإصحاح 5 :17-18 لا تظنوا أني جئت لانقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لانقض بل لأكمل ) فتعتمد شريعة النصارى على الإكمال وليس النسخ كما عند المسلمين هذا ما يقوله النصارى 0
إلا أن الإنجيل مليء بالنسخ وفي نفس الإصحاح نرى القول ( سمعتم انه قيل لكم ...... وأما أنا فأقول لكم .... أكثر من سبعة مرات في الإصحاح رقم (5) فهذا إن لم يكن نسخا فهل نسميه نقصا ؟فقد تكلم عن الزنى وكان في العهد القديم ( التوراة ) حد الرجم ولكن نرى متي ينسخ هذا الحكم ويقول للمرآة الزانية (وأما أنا فلا أدينك ) 0
وكذلك الطلاق الإصحاح 5: 31- 32 ( وقيل : من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق وأما أنا فأقول لكم : إن من طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني 0) فكان في شريعة موسى طلاق وكان مشروعا فنسخه متى وحرم الطلاق فهل هذا إكمال كما قال المسيح عليه السلام أم نقص 0
كذلك أوقف متى الحدود جميعها في نفس الإصحاح 5 : 38 – 42 سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول لكم : لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الأخر أيضا ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا ومن سخرك ميلا واحدا فأذهب معه أثنين من سالك فأعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده والدليل على النسخ كثير ولكن النصارى لا يؤمنون بالنسخ0
ويظل هذا الإنجيل تحت العباءة اليهودية لحما وعظما وروحا إنه يحمل خصائص الديانة اليهودية ويتسم بسماتها المميزة هذا لان متى كما أسلفنا كان يهوديا عشارا 0
يقول الله جل وعلى ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض )