بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ذكرت صحيفة الأهرام المصرية في تحقيق صحفي لها أن صديقتين مسلمتين تحملان الجنسية الأمريكية قامتا بافتتاح مكتبة صغيرة للكتب الإسلامية في ضاحية المعادي بالقاهرة، لكن الشئ المختلف في المكتبة أنها لا تحوي أي كتاب عن الإسلام باللغة العربية.

السيدتان، واسم إحداهما ماندي بوش والثانية سيجرون، صديقتان تحولتا إلى الإسلام على يد مسلم في كوريا. وعن سبب قيامهما بهذه الخطوة غير المسبوقة، قالت ماندي في مقابلة لها مع الصحيفة:« كنت أعمل فى مجال الصحافة والنشر لسنوات فى الولايات المتحدة وبعد أن أسلمت حضرت إلى مصر فقد تخيلت أن بلد الأزهر الشريف هى النبع الأول للمعرفة الإسلامية»

وتضيف« ولأننى لا أقرأ بالعربية بحثت عن كتب إسلامية باللغة الإنجليزية فلم أجد سوى عدد قليل جدا، وللأسف كتب مستواها ضعيف جدا... مجرد مبادئ بسيطة لا تساعدنا على التعمق فى الدين أو حتى معرفة الفقه والعبادات أو التاريخ الإسلامى الصحيح.»

وتؤكد السيدة أنها أصيبت «بإحباط شديد وكنت وقتها أعمل متطوعة فى إحدى جمعيات خدمة المجتمع فى جمعية خاصة بالسيدات الأجنبيات فى المعادى، وعرفت أن تلك المشكلة تواجه الكثيرين من الأجانب الموجودين فى مصر ويرغبون فى معرفة الإسلام، وكان هذا عائقا حقيقيا أمام دعوة هؤلاء لاكتشاف روعة الدين الذى آمنت به على يد داعية مسلم فى كوريا.»

أما «سيجرون فالستوير» التى كانت قد سبقت ماندى فى الحضور لمصر وتزوجت من مصرى مسلم فقد كانت هى الأخرى تعيش نفس المشكلة، وإن كان زوجها قد ساعدها جزئيا على حل الأزمة عبر قراءة الكتب الإسلامية وشرحها لها بالإنجليزية، لكن هذا لم يكن كافيا كما تقول، "عندما تحدثت معى ماندى بدأنا نفكر ماذا نفعل ووجدنا أنها فكرة وهدف يستحق البحث عن حل.»

تقول سيجرون « فنحن كمسلمين أجانب نعرف تماما ثقافة الأجنبى الذى لا يؤمن بشىء إلا بعد أن يعرفه تماما وإذا آمن فهو يرغب فى مزيد من المعرفة، وأعتقد أن المساعدة فى توفير تلك المعرفة عن الدين لهؤلاء له جزاؤه عند اللـه، ومن هنا بدأنا رحلتنا فى تجميع أكبر عدد ممكن من الكتب عن الإسلام وكافة علومه باللغة الإنجليزية أو حتى الفرنسية كنا نرسل لمكتبات فى السعودية وباكستان والهند ونطلب منها أن ترسل لنا ما لديهم كما حصلنا على بعض الكتب من معرض الكتاب سواء فى القاهرة أو لندن فى البداية كنا نقوم بتخزين الكتب فى بيت ماندى التى كان لديها مكان حيث لم تكن قد تزوجت بعد، لكن المكان ضاق وكنا نريد أن تتاح الكتب لمن يرغب فى التعرف على الإسلام أو التعمق فيه للمسلمين الأجانب.»

وتضيف «خمس سنوات من البحث والتجميع حتى جاء الحل بالمصادفة أو كما تقول ماندى بتوفيق اللـه" بالمصادفة وجدت المكان يتركه أصحابه، حيث كان محلا للأحذية وسألت عن صاحبه واستأجرته ولم ننفق كثيرا على تجهيزه، فقط وضعنا أرففا للكتب ومنضدة للقراءة وملأنا الأرفف بالكتب الإسلامية وبعض المجلات لنجذب الأجانب للدخول، كان لدينا وقتها حوالى ألف كتاب عن الإسلام بكل فروعه فقه وعبادات وحديث وشرح وتفسير.»

صارت لنا زبائن وتوسعنا بفكرة جديدة، حيث قررنا ألا نكون بائعين للكتب بل مشترون أيضا، وكانت فكرتنا أن من يشترى كتابا ويقرأه من حقه أن يعيده ويأخذ نصف ثمنه ليتيح لآخرين أن يشتروه، وهكذا كما أننا نتيح الاطلاع مجانا لن يرغب فى القراءة داخل المكتبة.»


مكتبة ماندى وسيجرون الآن أصبحت أحد معالم حى المعادى الراقى، بل أيضا توسعت لتضم أكثر من ثلاثة آلاف كتاب عن الإسلام ومثلها عن مصر وتاريخها والأزهر وحتى الكتب الأجنبية التى نشتريها من الأجانب الذين يغادرون بأسعار رخيصة ويبيعونها بربع قيمتها لمن يرغب، فربما يأتى أحدهم لشراء كتاب أو رواية إنجليزية فيلفت نظره غلاف كتاب عن الإسلام ويبدأ رحلة المعرفة. هكذا تفلسفان صاحبتا الحلم رغبتهما فى توسيع نشاطهما، بل وربما افتتاح أفرع جديدة لمكتبتهما الصغيرة.
أما حلمهما الآخر، كما تقول سيجرونى، فهو تأليف كتب خاصة عن الدين الإسلامى بشكل مبسط باللغة الإنجليزية بعد أن أدهشها يوما رفض أحد أصحاب دور النشر طلبها هذا عندما ذهبت له بمسودة كتابها.»

حلم دار النشر الذى تعيشه الآن صاحبتا المكتبة كانت وقوده فكرة جديدة قامتا بها لتوفير الدعم المادى المناسب وهى شراء الكتب المستعملة من الأجانب الذين يغادرون مصر وتوفيرها بنظام الاستعارة أو البيع بربع الثمن بعد قراءتها، وهو ما ساعد على زيادة عدد رواد المكتبة بل وحولها لقبلة لمن يرغب فى شراء كتاب رخيص حتى من المصريين القارئين باللغات الأجنبية.

المكتبة الآن بها حوالى 9 آلاف كتاب، كما تقول ماندى، وأصبح الجلوس وتناول فنجان قهوة للمطلعين خدمة غير متاحة بعد أن كانت جزءا من طقوس المكان، لكن رواد مكتبتهما رغم ذلك لم يتبرموا من فقدانهم للمشروب طالما كان هذا لصالح المعرفة.