قد يتوهم البعض ان اللفظتين على درب واحد من البلاغة والفصاحة ولكن الامر على عكس ما يتصور البعض فان بينهما عموم وخصوص هذه واحدة الثانية ان البعض يظن ان " لله الحمد " ابلغ من الحمد لله " وذلك لما فيها من التقديم الاصطلاحى بين اهل البيان :
1- فان اهل البيان قالوا ان الجار والمجرور اذا تقدم على الاسم فان التقديم يكون للاختصاص والاهتمام وهو نوع من انوع الحصر الذى يدل على الموصوف مقصور على الصفة ولكن الا يحق لنا ان نقف امام هذا الكلام لنعلم وجه الصواب .
2- وقالوا ايضا ان صيغة الحمد لله " ليس فيها من الحصر شىء لامتناع وجود التقديم المفضى الى الحصر والقصر وعلى هاتين المقدمتين حكموا ان " لله الحمد ابلغ من الحمد لله " .
**** والان لنناقش القوم فيما ادعوا : _
ا- اما قولهم ان صيغة الحمد لله " ليس فيها حصر لامتناع وجود التقديم فيها نقول لهم جميعا خبتم وخسرتم لان اصل التقديم موجود فيها فان التقديم الذى تتكلمون عنه انما هو " تقديم ما حقه التأخير واما الذى نتحدث عنه فانه التقديم الاعم لماذا قدم المبتدأ على الخبر وليس العكس ؟ ولماذا قدم الفعل على الفاعل ؟ وعلى المفعول ؟ كل هذا ذكره اهل العلم عن التقديم وقالوا انه من باب التقديم اذن هناك تقديم لاسيما اذا علمت ان هذا التقديم اولى له علماء البيان رعاية خاصة وافردوا له المجالات فى الحديث عنها . اذن هناك تقديم فى كليهما . بقى امر وهو موضوع حديثنا ايهما ابلغ ؟
نقول :
بعد المقدمة الاولى نذهب الى القول بالتخصيص فى الصيغتين ويكون المعنى فى كليهما :
1- لله الحمد " المعنى على دخول اسلوب الحصر لكى يسهل علينا بيان القصر والحصر فنقول "- ما لله الا الحمد " ويكون المعنى ما يجب لله الا صفة الحمد وعليه نكون قد نفينا جميع الصفات عن رب العزة تبارك وتعالى ولم نثبت له الا صفة الحمد وهذا مما لم يقل به عاقل قط وامتنع كونه قصرا حقيقيا ويلزم الاضافة . فاعلم
2- " الحمد لله " ايضا على دخول اسلوب الحصر فيقال فيها " ما الحمد الا لله - ويكون المعنى عليها ما تجب صفة الحمد الا لله تعالى وعليه المعتمد ويكون قصرا حقيقيا بلزم منه امتناع دخول غير الله تعالى معه فى هذه الصفة ولا يمنع دخول غيرها من الصفات الى الله عز وجل .
لذلك قال اهل العلم ان الفرق بين الحمد والشكر :
ان الحمد يكون لله على نعمة سواء وصلت اليك ام لم تصل اليك ولا تكون الا لله تعالى .
اما الشكر فانه كما يشكر الله تعالى على نعمة وصلت الى العبد خاصة فانه يشكر العبد على اسداء خدمة لاخيه من مصالح الدنيا او الاخرة .
** وكذلك فرقوا بين الحمد والمدح فقالوا :
ان الحمد لا يكون الا للعاقل ولا يكون الا لله تعالى . واما المدح فانه للعاقل ولغير والعاقل فكما يمدح الرجل لبهاء طلعته يمدح الجواهر لبديع نظمه ... وهلم جرا
**** ولعل ذلك يكون السر فى خلو القران من صيغة " لله الحمد " وافتتاح خمس سور فى القرأن بصيغة "- الحمد لله " وهى ( الفاتحة , والانعام , والكهف , وسبأ , وفاطر ) والله تعالى اسأل ان يجعل ذلك فى ميزان حسناتنا وان يتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
فما اجمل الخوض فى اسرار العربية .