الشيزوفرينيا
Schizophrenia


تعريف :

يقصد بمرض الفصام الشيزوفرينيا ضعف الترابط الطبيعي المنطقي بالتفكير ومن ثم السلوك والتصرفات والأحاسيس وهو مرض نفسي من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً حيث تشير الإحصائيات إلى أنه يصيب حوالي 1.6% من البشر
ويتميز المرض بتشوه إدراك المريض للواقع ويتضمن الأمر أحياناً هلوسة وبارانويا وأوهام غريبة وعدم منطقية في الحديث أو التفكير
فيمكن للشخص نفسه أن يتصرف ويتكلم ويتعامل مع الناس بطريقة تبدو طبيعية تماماً في بعض الأحيان ولكنه قد يقوم ببعض التصرفات الغريبة وكأنه شخص آخر في أحيان أخرى
كل هذا يكون بسبب الضلالات التي تنتاب هذا المريض وما يصاحبها من تهيؤات وأوهام يتهيأ له أنها تحدثه أو تأمره بالقيام بأفعال غير منطقية فقد يسمع أصواتاً لا يسمعها غيره توحي له أحياناً بأن هناك من يقصد إيذاءه لذا يشعر أن نظرات الناس تهاجمه وتترصده بالشر فتوهمه أن الناس يتجسسون عليه في كل مكان يذهب إليه فيصيبه الهلع والخوف وهذا ما يؤدي به إلى حالة التأهب المستمرة للدفاع عن نفسه وقد يبدأ بالهجوم والعنف دون سبب واضح على المحيطين به
وفي أحوال أخرى قد يشعر هذا المريض بجنون العظمة وأنه يستطيع تغيير العالم بقدراته
هنا يكون الانقسام والانفصام ما بين الجزء الذي يعمل بطريقة طبيعية في المخ والجزء الآخر الذي تنتابه الهلاوس والتهيؤات
كل هذه الاضطرابات الفكرية من عدم التسلسل بالأفكار وفقدان الترابط في الكلام تجعل علاقة المريض بالناس والمجتمع مختلة فيفشل في عمله وتسوء علاقته الأسرية وينعزل تدريجياً عن المجتمع والحياة وعلى الرغم من ذلك فإنه يظل على يقين بأن ما يراه ويسمعه هو حقيقة واقعة وأن الآخرين هم المرضى ويظل يرفض تماماً أن يعترف بأنه مريض ويحتاج إلى علاج
والمصابون بالمرض ينسحبون من الحياة الاجتماعية ومن أنشطة الحياة العادية ليعيشوا في عالم داخلي من صنعهم
وعلى عكس الاعتقاد الشعبي بأن مريض الشيزوفرينيا يكون ذا شخصيتين أو أكثر إلا أن هذا ليس صحيحاً حيث ينتمي العَرَض الأخير إلى مرض تعدد الشخصية الفصامي dissociative identity disorder وهو مرض أكثر ندرة بكثيرمن مرض الفصام
وبشكل عام يصنف مرض الشيزوفرينيا ضمن الأمراض النفسية الناجمة عن فقدان الاتصال مع الواقع سواء الداخلي أي إدراك الشخص بما يحدث داخل الجسم والعقل أو الخارجي أي إدراك وإحساس الفرد بمحيطه الخارجي أي المجتمع الذي يعيش فيه
وحسب رأي خبراء الصحة النفسية فإن الفرق بين الشيزوفرينيا والاكتئاب هو أن الشيزوفرينيا هو خلل في عملية التفكير وفي السلوك بينما الاكتئاب هو خلل في مزاج الشخص بصورة رئيسية

أصل التسمية :

أصل تسمية الفصام كان يسمى سابقاً بمرض العَتَه المبكر إلى أن أعطاه الدكتور بلويلر عام 1911 التسمية المتعارف عليها حالياً بالشيزوفرينا «Schizophrenia» وهذا المصطلح مشتق من الكلمتين اللاتينيتين «Schiz» ومعناها الانقسام و «Phrenia» ومعناها العقل

حقائق هامة جدا حول الفصام :

1- نسبة الإصابة بهذا المرض حوالى 1.6% وتتساوى نسبة الإصابة بين الرجال والنساء إلا أن بداية حدوث الإصابة لدى الرجال تكون في عمر أقل منه لدى النساء
2- أعلى نسبة إصابة لدى الرجال تكون بين عمر 15 إلى 25 عاماً (المراهقين) وبين 25-35 لدى النساء
3- نادراً ما تحدث الإصابة قبل سن العاشرة أو بعد سن الخمسين
4- لا تؤدي صدمات الرأس أو الوقوع المتكرر إلى مرض الفصام
5- الأشعة المقطعية للمخ أو أشعة الدماغ لا تشخص مرض الفصام
6- مرض الفصام كأمراض السكر أو الضغط وغيرهما يحتاج إلى علاج دائم حتى يستقيم وضع المريض وإذا توقف العلاج عادت الإصابة ولكنه مرض قابل للتحسن التدريجى باستعمال الأدوية
7- ليس هناك تعارض بين مرض الفصام والذكاء فالأذكياء قد يصابون أيضاً بالمرض
8- مرض الفصام لا ينتقل بالعدوى
9- مريض الفصام غير مجنون وغير خطير على المجتمع ولا ضرورة لحجزه بمصح عقلى
10- مريض الفصام يستطيع أن يحيا ويعيش مع العلاج حياة مستقرة ويمكن له أن يتزوج وينجب
11- العلاجات الحديثة تؤدي إلى استقرار حالة المريض بدرجة كبيرة مع الإحساس بآثار جانبية بنسبة ضئيلة.
12- (الفصام نفسه) ليس مرضا وراثيا لكن (الأستعداد للإصابة به) وراثى بنسبة كبيرة بعض الشىء

أعراض الفصام :

يتميز المرض بالأعراض التالية كلها أو بعضها:
1- يكون لدى المريض مجموعة من الأوهام غير الحقيقية والشكوك المرضية
2- سماع أو رؤية أشياء غير موجودة
3- حديثه غير مترابط
4- يفتقر للمشاعر
5- إهمال النظافة الشخصية
6- ردود فعله لا تتناسب مع الموقف
7- نوبات من الغضب الشديد والهياج والعنف
8- إحساس ملحّ بأنه مُراقَب وبأن هناك مؤامرات تحاك حوله
9- يعاني من مشاكل في الدراسة أو العمل
10- معزول اجتماعياً
11- يقوم بتصرفات خرقاء وغير مسئولة
وتتراوح شدة الشيزوفرينيا بين الحالات البسيطة والحالات الشديدة المتدهورة
بعض الأشخاص يستطيعون أن يعيشوا حياة يومية عادية والبعض الآخر يحتاج إلى عناية خاصة ومستمرة وبعض الأشخاص يظهر المرض عليهم بالتدريج على مدى عدة أشهر وفي أشخاص آخرين يظهر المرض فجأة دون مقدمات
وبمرور الوقت تزيد صعوبة ممارسة أنشطة الحياة العادية لدى المريض حتى يصبح غير قادر على الذهاب إلى العمل كما تزيد صعوبة العلاقات الاجتماعية بسبب عدم مقدرة المريض على استكشاف عواطف الشخص الذي يتعامل معه وفهمها كما يفقد المريض اهتمامه بالأشياء والأنشطة التي كانت تمتعه فيما مضى
يمكن أن يكون المرض مصحوباً بأمراض نفسية أخرى أيضاً كالاكتئاب والقلق

أسباب الفصام :

ليس من الواضح تماماً ما الذي يسبب المرض إلا أن الأرجح أنه مزيج من العوامل الجينية والبيئية والسبب الحقيقي لهذا المرض لا يزال مجهولاً
وإن كان لم يتحدد بعد سبب واحد للمرض إلا أن الآراء اتفقت على وجود عدة أسباب متداخلة مع بعضها البعض حيث إنها نتاج تفاعلات وراثية وبيئية وفسيولوجية وكيميائية
للعامل الوراثي دور مهم في بداية مرض الفصام ومن الضروري هنا التركيز على أن الذي يورث هو الاستعداد للمرض وليس المرض نفسه ويتم ذلك عن طريق الجينات الوراثية «المورثات» وتؤدي إصابة الوالدين معا بالفصام إلى الإصابة بين الأبناء بنسبة تصل إلى 41% أما إذا أصيب أحد الوالدين فإن هذه النسبة تنخفض إلى حوالي 16.4%
و يمكننا أن نقول إن بعض الأشخاص لديهم هشاشة جينية تجاه المرض وبالتالي فعندما يتعرضون للعوامل البيئية التي تتمثل في الضغوط النفسية الشديدة فإنهم يصابون به
وهناك عوامل تزيد من احتمالية إصابة الشخص بالمرض منها كون الأم تعرضت لإصابة فيروسية في أثناء الحمل أو كونها تعرضت لسوء تغذية مما أثر على تغذية مخ الجنين أو ارتفاع عمر الأبوين أو ظروف الحياة الضاغطة ومشاكلها المستمرة أو الحالة النفسية السيئة مثل اضطهاد الأهل أو سخريتهم أو عنفهم فى التربية أو وجود تاريخ عائلي من الإصابة بالمرض أواستخدام أدوية نفسية خلال فترة المراهقة وقد وجد أيضاً أن نسبة المرض تزيد كثيراً بين سكان الحضر عن سكان الريف.
بعض أنوع المخدرات ترسب مرض الفصام لمن لديهم قابلية وراثية للإصابة بهذا المرض وأكثر المخدرات التي تساهم في ترسيب مرض الفصام هي الحبوب المنشطة من مشتقات الـ Amphetamine ويمكن لهذه الحبوب حتى وإن لم تسبب أو ترسب مرض الفصام فإنها تؤدي الى تأثير على خلايا الدماغ وتسبب أمراضاً عقلية شبيهة بالفصام إن لم تكن أسوأ

العوامل الكيميائية البيولوجية :

لقد سادت نظرية ارتفاع نسبة الدوبامين Dopamine فى الدم طوال الخمسين سنة الأخيرة كسبب عام للإصابة بمرض الفصام وتطورت في السنين الأخيرة بعد أن تبين أن مستقبلات مادة الدوبامين تنقسم لعدة أنواع من رقم 1 إلى 5 وأن مستقبل دوبامين 1 يختلف عن بقية الأنواع وأن استثارة الدوبامين1 بالأدوية المخصصة يؤدي إلى علاج الأعراض السلبية التي كانت تجعل مريض الفصام لا يستطيع العمل ويحيا حياة هامشية أما الدوبامين 2 فكانت تركز عليه جميع الأدوية السابقة في علاج مرض الفصام حيث إن زيادته كانت المسؤولة عن التهيؤات السمعية والبصرية والأوهام التي يعانيها مريض الفصام
وحديثاً اكتشف أن هناك مادة أخرى مسؤولة عن وجود أعراض مرض الفصام وهي مادة السيروتونين Serotonin لذا تركزت الاكتشافات العلاجية الحديثة على التأثير على إفراز كل من مادة الدوبامين بأنواعه الخمسة وكذلك السيروتونين ويؤدي هذا التقدم في فهم المسببات البيولوجية لمرض الفصام إلى علاج الأعراض النشطة من هذا المرض دون المساس بحيوية المريض ودون ظهور الأعراض الجانبية التي كانت منتشرة من قبل مع العلاجات التقليدية
والمستقبل يبشر بأدوية حديثة لمرض الفصام حيث تتطور المعرفة ويزداد الاهتمام لإيجاد أدوية حديثة عبر الأبحاث العديدة لمعرفة المزيد من مسببات هذا المرض

التشخيص :

يتم تشخيص المرض بناء على الخبرات التي يحكيها المريض إضافة إلى ما يحكيه أفراد عائلته عن سلوكياته ولدى الطبيب مجموعة من المعايير التي يطابقها على حالة المريض ليعرف إذا كان مصاباً أم لا وما هي شدة الحالة
ويتضمن الأمر إجراء بعض الاختبارات المعملية لاستبعاد الأمراض الأخرى التي تؤدي إلى أعراض شبيهة بأعراض الشيزوفرينيا مثل الإضطرابات النفسية والعصبية والإيدز والصرع والإكتئاب والزهري
وقد تم تطوير تقنية جديدة للتشخيص وهى التصوير بالرنين المغناطيسى NMR للكشف عن مرض الشيزوفرينيا بدقة وبصورة مبكرة وأظهرت هذه الدراسة أن المرشح الحسي الرئيسي بالمخ يكون أصغر من المعتاد في المرضى الذين يعانون من مرض الفصام حتى خلال المراحل المبكرة للمرض
وأوضح العلماء أن السرير البصري الذي يعتبر مركز النشاط في المخ يستقبل المعلومات عبر الحواس ويمررها بعد ذلك إلى المناطق المتخصصة في المخ لمعالجتها ولكن المصابين بالفصام يجدون صعوبة في استيعاب المعلومات بصورة صحيحة لأن وجود مشكلات في وسائل الاتصال يعطل وصول المعلومات إلى المناطق المطلوبة ويضعف القدرة على ترشيح ومعالجة المعلومات الحيوية اللازمة للتمتع بحياة طبيعية
ووجد العلماء بعد تطبيق الطريقة الجديدة القائمة على التصوير بالرنين المغناطيسي على 67 شخصا يعاني 38 منهم من التشوش النفسي لأول مرة أن السرير البصري أصغر حجما لدى المرضى المصابين بالفصام وهو ما يتوافق مع بحث سابق أظهر وجود تقلص في المادة السنجابية الحية لدى مرضى الفصام في مراحل المرض الأولى
ويرى العلماء أن الإنذار المبكر قبل إصابة المرضى بالتشوش النفسي سيساعد الأطباء في البدء بعلاج مبكر للمرض وبالتالي تحسين فرص شفائهم

أنواع الفصام :

حسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن هناك خمس درجات أو أنواع للمرض وهي:
1- الجمود الجسدي: مع أن هذا النوع من الشيزوفرينيا نادر الحدوث إلا أنه موجود ويتميز باتخاذ المريض وضع قوامي جامد ومتصلب ويرفض الاستجابة لأي وسيلة اتصال يستخدمها الآخرون معه مثل الحديث أو اللمس باليدين أو هز المريض وباختصار يصبح المريض جثة بلا روح
2- الشيزوفرينيا غير المترابطة: تعتبر هذه الدرجة من أشد حالات المرض وتتميز بحدوث معظم الأعراض الحقيقية للمرض كما سبق ذكرها مثل الجمود العاطفي والاجتماعي الأفكار والأوهام الغريبة الهلوسة والسلوكيات الشاذة
3- الشيزوفرينيا المصحوبة بالرعب والخوف من خطر وهمي: في هذا النوع فإن المريض يشعر بأنه شخص أو شيء عظيم والكل يحسده على هذه العظمة وبالتالي فإنه مضطهد من الآخرين (الحاسدين) والذين يسعون لإيذائه وتدميره وأخيرا يستعد المريض لرد العدوان الوشيك من خلال إظهار سلوكيات الغضب والعدوانية
4- الشيزوفرينيا البسيطة أو غير المحددة: هذا النوع يضم جميع حالات المرض والتي لا تظهر فيها الأعراض الخاصة بالأنواع الأخرى للمرض
5- الشيزوفرينيا المترسبة أو الكامنة: يضم هذا النوع جميع المرضى الذين أصيبوا بالمرض في السابق رغم علاجهم وبالتالي لا تظهر عليهم أية أعراض أساسية ورئيسية لوجود المرض

العلاج :

إذا ترك المريض بدون علاج فإن الشيزوفرينيا يمكن أن تتسبب في مشاكل خطيرة للمريض وللأشخاص الذين يتعاملون معه
أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن ينتحر المريض
وهناك أيضاً احتمال بأن يؤذي المريض نفسه وأن يقع في دائرة إدمان المخدرات والكحوليات
يتسبب المرض أيضاً في انفجار الخلافات العائلية ويمكن أن يقع المريض في دائرة الفقر أو أن يصبح مشرداً ويهيم على وجهه في الشوارع بسبب فقدانه لوظيفته وعدم قدرته على ممارسة عمل
كما يمكن أن يتورط المريض في جريمة مما يجعله خطرا على المجتمع إذا ترك بدون علاج
الشيزوفرينيا فى أغلب الأحيان هو مرض مزمن يستلزم تعاطي العلاج دون توقف طوال العمر حتى إذا شعر الشخص أنه أصبح على ما يرام فإنه لا يجب إطلاقاً أن يوقف استخدام الدواء لأن أعراض المرض تعود مرة أخرى عندئذ
وإذا كانت أعراض المرض شديدة، فإنه يفضل أن يمكث المريض في المستشفى لفترة ما حتى تتحسن الحالة وفي خلال هذه الفترة ستهتم المستشفى بحصول المريض على التغذية السليمة وحصص كافية من النوم كما تهتم بنظافة المريض الشخصية إضافة إلى العلاج طبعاً وبعد تحسن الحالة يخرج المريض من المستشفى على أن ينتظم في تعاطي الدواء
وعموما يجب استخدام الدواء بصورة منتظمة لعدة أسابيع حتى يبدأ أثره في الظهور ويمكن استخدام أكثر من دواء في نفس الوقت لإحداث الأثر المطلوب كما يمكن استخدام الدواء مع مهدئ نفسي آخر أو مضاد للاكتئاب
وإضافة إلى استخدام الدواء فإن المريض قد يحتاج أيضاً إلى علاج نفسي بواسطة متخصص ليساعده على تجاوز مشاكل الحياة اليومية
ويجب أيضاً توجيه عائلة المريض للأسلوب الأمثل الذي يجب أن يتعاملوا به معه فتفهّم العائلة لظروف المرض يساهم كثيراً في تحسين حالة المريض
و هناك نوعان رئيسيان من أدوية الشيزوفرينيا :

العلاجات التقليدية Typical

لها آثار جانبية عديدة منها حدوث حركات غير إرادية للأطراف وهى رخيصة الثمن
من هذه الأدوية :
الهالوبيريدول Haldol
والترايفلوبيرازين Stellasil
والكلوربرومازين Largactil
والثيوريدازين Melleril
والفلوبنثيكسول Fluanxol depot
والكلوبنثيكسول Clopixol depot
وقد ساعدت هذه الأدوية مرضى الفصام لزمن طويل ولا يزال لها دور مهم في علاج المرضى ونسبة لبعض آثارها العلاجية المزعجة وعدم استجابة بعض المرضى لهذه الأدوية وجب البحث عن أدوية حديثة

العلاجات الحديثة غير التقليدية Atypical

أحدثت العلاجات الدوائية الحديثة تطوراً كبيراً في علاج النوع السلبي بالذات والميزة الكبيرة للأدوية الحديثة ليست فقط في مدى فعاليتها ولكن أيضاً في قلة أو ندرة آثارها الجانبية (زيادة الوزن وارتفاع طفيف فى كوليسترول الدم) بالإضافة إلى تمكينها للمريض من أن يمارس حياته بشكل طبيعي وعادي دون الشعور بالخمول أو الكسل
وتركز العلاجات الحديثة على النوعيات الأخرى من مادة الدوبامين وهي 3-4-5 وكذلك الدوبامين 1 ومادة السيرتونين، فتؤثر فيهم بطريقة متوازنة

ومن هذه العلاجات الحديثة :

1- عقار الكلوزابين Clozapine وأسمه التجارى Clozapex يفيد هذا العقار في علاج 60% من حالات الفصام التي لا تستجيب نهائياً أو تستجيب جزئياً للعلاجات التقليديةومن ناحية أخرى فإن هذا العقار نادراً ما يسبب الآثار الجانبية المضنية للمريض كتصلب أو تخشب الجسم أو الصرع أو الحركات اللاإرادية والأهم من ذلك هو اختفاء الآثار الجانبية بعيدة المدى والتي تسببها بعض الأدوية التقليدية كاستمرار الحركات اللاإرادية حتى بعد توقف العلاج ويعتبر هذا العقار من أفضل العقارات لعلاج النوع السلبي من مرض الفصام والذي يشبه إلى حد كبير مرض الكآبة الذي يكون معه المريض منعزلاً عن الناس غير قادر على الإنتاج فاقداً الرغبة في الحركة وبذل أي نشاط ضعيف وبطيء القوة الذهنية ويتطلب أخذ هذا العقار إجراء فحص دم دوري يكون أسبوعياً لأول 18 أسبوعاً من أخذ العلاج ومن ثم يصبح الاختبار شهرياً وباستمرار والغرض من الاختبار وقائي بحت حيث إنه مصمم للكشف عن أي أعراض نقص في كرات الدم البيضاء يمكن أن يسببه العقار

2- عقار الأولانزابين Olanzapine وأسمه التجارى Zyprexa يشبه هذا العقار إلى حد كبير الكلوزابين من ناحية فوائده ويمتاز بأنه لا يسبب نقصاً في كرات الدم البيضاء وبالتالي لا يحتاج إلى تحليل دم دوري وبانتظام ولا تقتصر فائدة هذا العقار فقط في علاج مرض الفصام ولكن في علاج مختلف أنواع الاضطرابات العقلية بدرجة جيدة جداً وفعالية هذا الدواء سريعة نسبياً بالقياس للأدوية التقليدية حيث تظهر فوائده خلال أيام قليلة من بداية العلاج وتظهر أقصى فائدة له خلال أسبوعين من العلاج وتشمل فائدة هذا الدواء أيضاً كلاً من الفصام الإيجابي والسلبي ولا يسبب أي آثار جانبية لا يحتملها المريض وتكون استجابته سريعة ومستديمة ويزيد وزن المريض مع العلاج بهذا العقار ويعتبر ذلك ميزة للمرضى حيث إن وزنهم عادة يكون دون الطبيعي قبل بداية العلاج ولم تسجل حتى الآن أي آثار جانبية بعيدة المدى لهذا العقار وهو يبشر بالخير الكثير لمرضى الفصام

3- عقار الريسبريدون Risperidone وأسمه التجارى Resperidal ويعطى هذا العقار كبديل للكلوزابين وهو مفيد جداً في كلتا حالتي الفصام السلبي والإيجابي وهو مفيد في بعض حالات الفصام التي لا تستجيب أو يصعب علاجها بالأدوية التقليدية إضافة إلى أنه يعطى أيضاً لعلاج بعض المرضى الذين يعانون العصبية أو الهياج الشديدين من وقت إلى آخر واللذين يؤديان إلى عدم تحكم المرضى بتصرفاتهم والعنف الشديد وفي هذه الحالة يعطى الريسبريدون بجرعات قليلة (2 – 4 مجم يوميا) كما أنه يفيد جداً في بعض حالات الاضطرابات العقلية عند صغار السن والشباب خصوصاً مع المرضى الذين يدرسون أو يحتاجون للحفاظ على تركيزهم وقدراتهم الذهنية
لا يسبب هذا العقار الآثار الجانبية المعروفة عن الأدوية التقليدية وخصوصاً عندما يعطى تحت إشراف طبي ولا يحتاج أخذه إلى عمل فحص دم دوري أو أي فحوصات مخبرية أخرى

الأدوية المضادة للفصام ليست أدوية مخدرة ولا تؤدي الى الإدمان ولا تدمر المخ أو الخلايا العصبية كما يقول بعض عامة الناس أو أنصاف المتعلمين بل على العكس الأدوية المضادة للفصام ذات فائدة كبيرة للمرضى تقوم بدور فعال للحد من استشراء المرض وتساعد في التخفيف من الأعراض الذهانية النشط الإيجابية (Positive Symptoms) مثل الهلاوس السمعية والضلالات وكذلك تؤدي الى استقرار الحالة وعدم التدهور في السلوك والتفكير
ويجب على المريض عدم أخذ أي علاج إلا باستشارة الطبيب المعالج
ويجب على أفراد العائلة التنبه لهذا الأمر والعناية بالمريض الذي يعاني من مرض الفصام والحرص عل مواظبة المريض على أخذ علاجه حيث أنه في كثير نم الأحيان يكون المريض فاقداً للاستبصار بحالته ( أي لا يدرك أنه مريض ويرفض أخذ العلاج ) لذا فإن للعائلة دوراً مهماً في استقرار حالة المريض بالفصام

رعاية مريض الفصام داخل المجتمع :

يلعب العلاج الدوائي والمواظبة عليه دوراً أساسياً في تحسن المريض وكذلك الدعم الأسري والاجتماعي من المحيطين بالمريض. والدراسات التي أجريت على مرضى الفصام بينت أن المرضى الذين يتعاطون الأدوية يتحسنون بصورة أفضل من المرضى الذين لم يتناولوا أدوية لعلاج مرض الفصام
وبينت الدراسات أيضاً أن المرضى الذين يواظبون على الأدوية وهناك من يرعاهم أسرياً وكذلك وجود دعم اجتماعي فإن انتكاساتهم أقل من الذين لا تتوفر لهم العناصر السابقة
وكشأن جميع الأمراض النفسية والعصبية فإن مريض الفصام يجب أن يحاط بالكثير من العناية والإهتمام والحب والصبر والهدوء مما يساهم كثيرا فى سرعة شفائه وتحسن حالته
إيقاف علاج مرضى الفصام قرار خطير لا يجب أن يتخذه المريض أو العائلة أوالشخص المسؤول عن المريض إلا بعد استشارة الطبيب المعالج ومناقشة الحالة بشكل موسع وشامل ويأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب الحياتية للمريض بكافة أبعادها النفسية والعضوية والاجتماعية ويجب على الأهل عدم التسرع في إيقاف العلاج عن المريض مهما كانت الأسباب إلا باستشارة الطبيب المعالج أو طبيب متخصص على معرفة بالمريض والمرض