بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ديدات الرجل للرباني

إن مما لا شك فيه أن تخليد اسم الرجال والدعاة والعلماء إنما يرتبط بادئ الأمر - قبل باعهم ونشاطهم - بسيرهم المحمودة وخصالهم الطيبة، بل إن أثر هؤلاء في النفوس والعقول وثباتهم على الأمر ما هو إلا نتيجة ما منحهم الله من كرم الخلق وحسن السمت، فكان لكلماتهم حركة ولأفعالهم حياة إبّان حياتهم وبعد مماتهم فكانت لهم بذلك أعماراً وأعماراً .

الشيخ أحمد ديدات -رحمه الله- رجل رباني عمَّر قلبه بحب الله وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم- وكان همّه أمر الإسلام ودعوته، وطالما كان يهيب بالمسلم وبأمة الإسلام أن يعلنوا هذا الدين وينشروه لنيل العزة, وقد وضع شرط اللقاء والتحدث مع النصارى هو التحدث عن العبودية لله وحده والتوحيد، قبل الحديث عن دور المرأة وما إلى ذلك من المواضيع التي تطرح وهو يقول :" علينا أن نتجاوز القضايا الهامشية في مناظراتنا للنصارى ونجادلهم في أصل الخلاف الذي هو قضية التوحيد ... ولابد من الاجتهاد والدفاع عن الدين ونشره بذكاء وحكمة وحنكة, ويؤكد على وجوب تكريس الأموال وإنفاقها على الدعوة كما حث على ذلك القرءان  وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (سورة الشورى الآية(38 ".

وقد كرس الشيخ جهده ووقته لدراسة الدين والعقيدة، ثم دراسة مقارنة الأديان لمعرفة أسرار الأديان الأخرى لكي يتمكن من الرد عليها، بل إننا نجد الشيخ في عام 1959م، قد تفرغ لأمر الدعوة الإسلامية ومناقشة النصارى, وأقام مركزا خاصا سمي بالمركز الإسلامي للدعوة, وهو الذي ينظم مناظراته ويطبع كتبه وشرائطه ويوزعها.

والشيخ -أحمد ديدات- محب للقرآن الكريم كثير الاستشهاد بآياته, وتدبر معانيه, وقد صبّ اهتمامه على الدعوة إلى قراءة القرءان وتدبر آياته واستلهام معانيه و أحكامه، وقد تبنى الداعية فكرة ترويج ترجمة معاني القرءان لـ عبد الله يوسف علي- صاحب الترجمة الشهيرة لمعاني القرآن بالإنجليزية- وهو يحث كل مسلم على اقتناء نسخة من هذه الترجمة إذ أنها ضرورية لنقل رسالة الدعوة لغير المسلمين، وكان الشيخ ساعيا لتوزيع هذه الترجمة على سكان الدول غير العربية الناطقين بالإنجليزية من خلال المركز الدولي للدعوة الإسلامية في (دربان) وكل ذلك بغرض إتاحة الفرصة أمام غير المسلمين لقراءة القرءان والتعرف على أسراره وأحكامه.

وقد ألّف ديدات كتابه (القرءان معجزة المعجزات)، لأجل إيراد الحجج أنه من عند الله, والدلائل العلمية على صدق الوحي النبوي,كما تكلّم عن نقاء القرءان الكريم, وشهادة عمالقة الأدب على بيانه وإعجازه .

وعن نبي الإسلام ( صلى الله عليه وسلم)، فقد انبرى الشيخ يبين أخلاق النبي وصفاته التي وردت في نصوص الكتب المقدسة للنصارى, وهو يقول:"محمد - صلى الله عليه وسلم- هو الأعظم, إنه بحق الأعظم كيف لا وقد اصطفاه الله على بني آدم وهو خاتم الأنبياء والمرسلين, أرسله ربه رحمة للعالمين ليخرج الناس من الظالمات إلى النور, إنه الأعظم، فإذا كان في البشرية من يستحق العظمة فهو محمد, هذا كلام علماء الغرب المنصفين والمسلمون يؤمنون به ويجلونه ويوقرونه, فهو قدوتهم العليا، وهو شفيعنا يوم القيامة و قائدنا إلى الجنة ..."

ورجلا كالشيخ أحمد ديدات جعلت قرة عينه في الدعوة إلى الله و كانت شغله الشاغل, وهو حريص على أن تنجب الأمة الدعاة جيلا بعد جيل لحماية حمى الإسلام, وحين سئل عن خطته التي وضعها للنهوض بالدعاة قال:" لقد أقنعت مستر فانكر -أحد رجال الأعمال والذي يشغل وظيفة في مركز الدعوة الإسلامي في مدارس- بإنشاء معهد للدعاة, وبدأنا في تدريس الدعاة على طول الساحل الجنوبي هناك, واستمر العمل في هذا المعهد لمدة عشر سنوات متصلة حتى اطمأن قلبي إلى الجيل الموجود من الدعاة وقدرتهم القوية الآن على تحمل أمانة الدعوة بصدق و إخلاص لله وحده، فقد تركتهم لنشر الدعوة في الكرة الأرضية شرقها و غربها داعيا لديني ولعقيدتي ومنفذا بكل الصدق وحب للأمر الرباني في قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"(سورة النحل الآية 125 ) فإن هناك قوة تثير جوارحي لهذا الامتثال الرباني الذي يحركني الآن في كل خطوة أخطوها من أجل الدعوة ولا أترك بابا إلا طرقته ومهما واجهت من المتاعب فإن إسلامي شرح صدري لهذا العمل العظيم".

وما عسانا نقوله في ربانية الشيخ أحمد ديدات، وهو رجل كرس حياته, نفسه وماله, و كل ما يملك في سبيل إعلاء راية التوحيد والذود عن حياض الدين الإسلامي, وتنقيته من الشبهات والخزعبلات, باعتباره الدين الحق, والدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- باعتباره خاتم النبيين وخير المرسلين ...