( فضائل الدولة الاموية - والرد علي القرود الشيعية).متجدد

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

( فضائل الدولة الاموية - والرد علي القرود الشيعية).متجدد

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى ... 2 3
النتائج 21 إلى 27 من 27

الموضوع: ( فضائل الدولة الاموية - والرد علي القرود الشيعية).متجدد

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي

    المستشفيات في عهد الوليد


    ... كان الخليفة الوليد بن عبد الملك أول من أسس مستشفى

    خاصاً بالمجذومين وذلك سنة 88هـ، وجعل فيه أطباء مهرة،

    وأجرى عليهم الأرزاق، وأمر بعزلهم عن الأصحاء كي لا تنتقل

    العدوى من المصابين إلى الأصحاء، وهذا ما يعرف في التاريخ

    بدور المجذومين. يقول الأستاذ الدكتور أحمد شوكت الشطي:..

    أول مؤسسة عرفت هي مجذمة الوليد بن عبد الملك في دمشق

    سنة 88هـ، ثم تعددت الملاجئ بعد ذلك في مختلف البلاد العربية

    لبذل العناية الإنسانية لهؤلاء التعساء، وتعد المجاذم العربية أول

    دور عولج فيها المصابون بالجذام معالجة فنية، ويقول أحمد

    عيس بكر: قال الشيخ أبو العباس أحمد القلقشندي، إن أول من

    اتخذ البيمارستان بالشام للمرضى الوليد بن عبد الملك وهو

    سادس خلفاء بني أمية.. وقال رشيد الدين بن الوطواط: أول من

    عمل البيمارستان وأجرى الصدقات على الزَمْنَى والمجذومين

    والعميان والمساكين واستخدم لهم الخدام الوليد بن عبدالملك.

    وقال تقي الدين المقريزي: أول من بنى البيمارستان في الإسلام

    ودار المرضى الوليد بن عبد الملك وهو أيضاً أول من عمل دار

    الضيافة وذلك سنة 88هـ وجعل في البيمارستان أطباء،

    وأجرىلهم الأرزاق وأمر بحبس المجذومين لئلا يخرجوا وأجرى

    عليهم وعلى العميان الأرزاق، ولم يصل إلينا إي علم أو إشارة


    عن المكان الذي أنشأ فيه الوليد البيمارستان.


    كفالة الدولة للمحتاجين وتطوير الطرق

    ... كان الوليد يخصص الأرزاق للفقهاء والضعفاء والفقراء

    ويحرم عليهم سؤال الناس، ويفرض لهم ما يكفيهم كما فرض

    على العميان والمجذومين، فقد أعطى المجذومين وقال: لا تسألوا

    الناس وأعطى كل مقعد خادماً وكل ضرير قائداً وفتح في ولايته

    فتوح عظام، وقد اهتم الوليد بتعبيد الطرق وبخاصة تلك التي









    قصر الخزانة الي الشرق من عمان علي طريق الحجاج

    تؤدي إلى الحجاز لتيسير سفر الحُجاج إلى بيت الله الحرام، فكتب

    إلى عمر بن عبد العزيز في تسهيل الثنايا وحفر الآبار وعمل

    الفوارة في المدينة وأمر لها بقوام يقومون عليها وأن يسقى منها

    أهل المساجد.


    ديوان المستغلات

    يعتبر عهد الوليد امتداد لأبيه في النظام السياسي والاقتصادي

    والإداري وغيرها ويبدو أن ديوان المستغلات ظهر ذكره في عهد

    الوليد، وكان هذا الديوان ينظر في إدارة أموال الدولة غير

    المنقولة من أبنية وعمارات وحوانيت ولأول مرة ترد إشارة

    ديوان المستغلات في عهد الوليد حيث ذكر أن نفيع بن ذؤيب تقلد

    للوليد بن عبد الملك ديوان المستغلات، وأن اسمه مكتوب على



    خريطة طرق دمشق القديمة

    لوح في سوق السراجين بدمشق. وهذا يدل على: أن الديوان كان

    قائماً في خلافة الوليد، ولعله أحدث قبل هذا الوقت، وأن وجود

    اسمه على لوح في سوق دمشق له دلالته على وجود أملاك عائدة

    إلى الدولة، وإن نفيع كان يشرف على جباية وارداتها.


    الوليد والقرآن الكريم


    أخذ الخلفاء الأمويون والأمراء أنفسهم بتلاوة القرآن وختمه من

    وقت لآخر وقد شب الوليد على حب القرآن الكريم والاكثار من

    تلاوته وحث الناس على حفظه وإجازتهم على ذلك، حدث إبراهيم

    بن أبي عبلة قال: قال لي: الوليد بن عبد الملك يوماً في كم تختم

    القرآن؟ قالت: كذا وكذا، فقال: أمير المؤمنين على شغله يختمه

    في ثلاث ـ وقيل في سبع ـ قال: وكان يقرأ في شهر رمضان سبعة

    شعرة ختمة، قال إبراهيم: رحم الله الوليد، وأين مثله؟ بنى مسجد

    دمشق، وكان يعطيني قطع الفضة، فأقسمها على قرّاء بيت

    المقدس، ورى الطبري أن رجلاً من بني مخزوم سأل الوليد قضاء

    دين عليه. فقال: نعم إن كنت مستحقاً لذلك، قال: يا أمير

    المؤمنين، وكيف لا أكون مستحقاً لذلك مع قرابتي؟ قال: أقرأت

    القرآن؟ قال: لا، قال: أدن مني فدنا منه، فنزع عمامته بقضيب

    كان في يده وقرعه قرعات بالقضيب، وقال للرجل: ضم إليك هذا

    فلا يفارقك حتى يقرأ القرآن، فقام إليه عثمان بن يزيد بن خالد...

    فقال يا أمير المؤمنين إن علي ديناً، فقال: أقرأت القرآن قال: نعم،

    فاستقرأه عشر آيات من الأنفال، وعشر آيات من براءة، فقرأ،

    فقال: نعم نقض عنكم، ونصل أرحامكم على هذا. وقال عنه ابن

    كثير: .. فقد كان صيناً في نفسه حازماً في رأيه يقال: إنه لا تعرف

    له صبوة


    المراسلات بين الوليد وملك الروم


    كانت هناك مراسلات بين الوليد وبين ملك الروم ولاسيما حينما

    هدم الوليد كنيسة دمشق، فكتب إليه ملك الروم: إنك هدمت

    الكنيسة التي رأى أبوك تركها، فإن كان صواباً فقد أخطأت، وإن

    كان خطأ فما عذرك؟. فكتب إليه الوليد: ((وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ

    يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ

    * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا)) (الأنبياء ، الآيتان :

    78 ـ 79). وحين قرر الوليد بن عبد الملك فتح القسطنطينية

    وأعد العدة لذلك أرسل قيصر الروم سفيراً يدعى دانيا حاكم مدينة

    سينوب إلى دمشق للتداول مع الخليفة حول إمكانية عقد هدنة

    بين الطرفين وزوده بتعليمات سرية ترمي إلى الوقوف على مدى

    استعدادات المسلمين لحصارالقسطنطينية، وعند رجوعه اطلعهم

    على استعداد العرب للحملة وحث الروم على اتخاذ التدابير الكفيلة

    لمواجهة الموقف، وهذا يدل على أن الروم كانوا يتخذون من

    السفراء والوفد وسيلة لجمع المعلومات في الدولة الإسلامية

    واستعداداتهم إتجاه الروم والتجسس على الدولةالإسلامية

    مستغلين كونهم رسلاً بين الدولتين مستفيدين من طبيعة المهمة

    السلمية التي يقومون بها وكانت هناك مراسلات وتبادل هدايا بين

    الخليفة الوليد بن عبد الملك وبين ملوك الروم حين أراد بناء

    الجامع الأموي، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما أهداه الوليد إلى

    ملك الروم من كميات الفلفل قدرت قيمتها بعشرين ألف دينار،

    وهناك روايات كثيرة تشير إلى التعامل السلمي وتبادل الخبرات

    كان موجود بين الوليد وقيصر الروم، فقد أراد الوليد الاستفادة

    من خبرات الروم في صناعة الفسيفساء والبناء والعمران،

    وكانت هناك مراسلات متعلقة بالأسرى والرهائن بين الطرفين،

    فقد كانت من المسائل المهمة جداًَ وكانت المفاوضات بشأنها

    تجري أما في دمشق أو في القسطنطينية، وليس في مدن محلية

    صغيرة.
    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي

    عصر الفتوحات

    عصر القادة العظام

    مسلمة وموسي بن نصير وطارق بن زياد وقتيبة بن مسلم

    ومحمد بن القاسم الثقفي



    كان في أواخر عهد عبد الملك رحمه الله وبداية عهد الوليد

    كان هذا العصر هو عصر الفتوحات والبطولات التي خاضها

    المسلمون في كل الاتجاهات وبلغت الدولة الاموية في ذالك

    الوقت اقصي اتساع لها من الصين شرقا الي ألا ندلس غربا




    بفضل قادتها الذين بذلو ا كل مالديهم من أجل اعلاء كلمة الله


    فكان حقا علي الله ان ينصرهم ويفتح الدنيا امامهم .

    وسيأتي ذكر هؤلاء الابطال وما فعلوه في فتوحاتهم بفضل الله

    حتي بلغت الدولة حدودا بعيد ة من الدنيا وخافها الشرق والغرب

    وتحققت كلمة الله


    ((قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ))

    وقاتل المسلمون في شتي انحاء الارض حتي اعطي الكفار الجزية عن يد وهم

    صاغرون.
    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي

    فتح الأندلس وجهود طارق بن زياد


    ... كان الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الايبيريَّة (أسبانيا

    والبرتغال) أمراً طبيعياً حسب الخطة التي اتبعها المسلمون أثناء

    فتوحاتهم، وهي تأمين حدودهم ونشر دعوتهم وذلك بالمضي في

    جهادهم إلى ما وراء تلك الحدود، لنشر العقيدة الإسلامية التي

    تقتضي أن يستمر المدُّ الإسلامي ما دامت فيه القوة على

    الاستمرار، وبعد أن أرسى موسى بن نصير، ومن معه، كلمة

    الإسلام بجهودهم في المغرب الكبير، كانت الخطوة التالية

    الطبيعية هي فتح الأندلس وقد عمل موسى على إكمال جهود من

    سبقه من الجند الدعاة ـ قادة وجيشاً ـ في ترسيخ قدم الإسلام في

    الشمال الإفريقي، فقد عمل على تثبيت الإسلام في قلوب الناس

    ونشط في تعليمهم وتربيتهم على مبادئ الدين الحنيف، وآتت

    جهوده الدعوية ثمارها الزكية فقد أصبح البربر في تلك الديار من

    أخلص الناس للإسلام والدعوة إليه والجهاد في سبيل نشر

    تعاليمه، ولقد كانت أكثرية جيش طارق إلى الجزيرة الايبيريَّة من





    المسلمين البربر، الذين تحمسوا لدعوة الإسلام، حباً لها وتضحية

    من أجلها، لا طمعاً في مغنم أو حرصاً على جاه، فهذا هو هدف

    جميع الفتوحات الإسلامية التي يكفي الاطَّلاع عليها ومعرفة

    طبيعتها لرفض الإدعاءات وإسقاط المفتريات المزوّرة، التي

    تشير ـ تلميحاً أو تصريحاً ـ إلى إعتبار الغنائم سبب هذا الفتح،

    وهو أمر عاري من الحجج والبراهين والأدلة، وإنما هي أوهام لا

    تحمل أي رائحة من الطابع العلمي أو السند التاريخي.


    فكرة الفتح

    : يمكن القول بأن فكرة فتح الجزيرة الايبيريَّة هي فكرة إسلامية

    تماماً. بل يُروى بأنها فكرة قديمة تمتد إلى أيام الخليفة الراشد

    عثمان بن عفان، فقد كان عقبة بن نافع الفهري يفكر في إجتياز

    المضيق إلى أسبانيا لو استطاع وسبق للمسلمين نشاط على

    شواطئ أسبانيا الشرقية وبعض الجزر القريبة منها، وهي



    مَيورْقة ومَنورقة، واليابسة، يذكر الذهبي أنه في سنة 89هـ:

    جهز موسى بن نصير ولده عبد الله، فافتتح جزيرتي مَيورْقة

    ومَنورقة، أما الإتصال بيُليان حاكم مدينة سبتة أو بغيره من

    الأسبان فإنها جاءت مواتية على ما يبدو وفي الوقت الذي كان

    موسى بن نصير يفكر في تنفيذ فكرة الفتح ولكن كيف تم الاتصال





    بالجانب الأسباني ((يُليْان وأنصار الملك المخلوع وغيرهم،؟

    اختلفت الأقوال فيما إذا تم الأمر بالمراسلة أو باللقاء الشخصي

    وأين؟ إذا كان هذا الاتصال أصلاً قد تمّ وبهذا المستوى على كل

    حال فإن اتصالات الجانب الأسباني بموسى ومساعداتهم ـ أثناء

    عمليات الفتح ـ ربما كانت عاملاً مساعداً سهّل سير الفتح أو

    عجّل به. لكن المبادأة ومردّ العمليات وإنجازها كانت من الجانب

    الإسلامي الذي اندفع مع الفتح بقوة فائقة معتمداً على الله في

    تحقيق ما يصبوا إليه من هداية الناس وقد استشار موسى الوليد

    بن عبد الملك (86 ـ 96هـ) قبل اتصالاته بليُليان، أو اتصال هذا

    الأخير بموسى. وقد ترددت الخلافة ـ بادي الأمر ـ بالقيام بمثل هذا

    العمل الكبير، خوفاً على المسلمين من المخاطرة في مفاوز أو

    إيقاعهم في مهالك، ولكن موسى أقنع الخليفة بالأمر، ثم تمّ

    الاتفاق على أن يَسبق الفتح اختبار المكان بالسرايا أو الحملات

    الاستطلاعية.

    الحملة الاستطلاعية ، أو حملة طريف


    ... نفذ موسى أوامر الوليد بأن جهز حملة استطلاعية مؤلفة من

    خمسمائة جندي منهم مائة فارس بقيادة طريف بن مالك الملقب

    بأبي زُرعة وهو مسلم من البربر وجاز هذا الجيش الزُّقاق ـ اسم

    يطلق أحياناً على المضيق ـ من سبتة بسفن يُليْان أو غيره، ونزل

    قرب أو في جزيرة بالوما في الجانب الأسباني وعرفت هذه

    الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد: جزيرة طريف، وكان إبحار هذه

    الحملة من سبتة في رمضان عام 91هـ )تموز 710م) وقد جال

    طريف في المدينة والنواحي المحيطة بها واستطلع أخبار العدو

    في تلك الجهات، وعادت حملة طريف بالأخبار المطمئنة

    والمشجعة على الاستمرار في عملية الفتح،، فقد درس أحوال

    المنطقة وتعرّف على مواقعها وأرسل جماعات إلى عدة أماكن ـ

    منها جبل طارق ـ لهذا الغرض فكانت هذه المعلومات عوناً في

    وضع خُطة الفتح ونزول طارق بجيشه على الجبل.

    ... لما رأى موسى بن نصير ما حققته حملة طريف، وصحّ عنده

    ما نقل إليه من أحوال الأندلس، بعث طارق بن زياد في سبعة

    آلاف من المسلمين أكثرهم من البربر والموالي وأقلهم من العرب

    ولما احتاج طارق إلى أعداد في فترة تالية أمدّه موسى بخمسة

    آلاف فتمّ جيش طارق من السفن لنقل الجنود إلى بر الأندلس وقد

    حرص القائمون على الحملة لاستكمال عملية نزول الجند أن

    يُعموُا أخبار الحملة على الناس، لذلك أحضر يوليان السفن إلى

    سبتة ليلاً وأخذت تنقل الجنود تباعاً، ويبدو أن عملية إبحار الجند

    اقتضت أكثر من ليلة، فقيل أن الجند الذين نزلوا بر الأندلس كانوا

    يكمنون في النهار حتى لا يشعر بهم أحد، وكانت السفن تختلف

    بين سبتة والأندلس وأهل الأندلس لا يظنون إلا أنها تختلف بمثل

    ما كانت السفن تختلف به من المنافع والمتاجر، ولما علم أهل

    الأندلس بالحملة كانت عملية الإبحار قد تمت بسلام في رجب من

    عام اثنين وتسعين للهجرة، ونزل طارق، بالجند عند جبل كالبي،

    وهو الجبل الذي أخذ اسم طارق وصار يعرف بجبل طارق، وقيل

    لما ملك رئيس الموحدين عبد المؤمن الأندلس وعبر جبل طارق

    أمر ببناء مدينة على الجبل وسماه جبل الفتح ولكن الاسم لم يثبت

    له وظل اسم جبل طارق جارياً على الألسنة، وسار طارق

    بالجيش نحو الجزيرة الخضراء ففتحها، وكان لذريق في شمال

    الأندلس مشغولاً في محاربة البشكنس، وقيل في محاربة

    الفرنسيين، فأرسل خليفته تدمير يُعْلِمُه بالهجوم الإسلامي، فعاد



    لذريق مسرعاً لصده، وفي طريقه لقتال المسلمين عرّج على

    العاصمة طليطلة دون أن يدخلها وصالح أسرة غيطشة ودعاهم

    والقوط المخالفين له إلى الانضمام إليه في حرب العدو المشترك

    فساروا معه، وقيل أن لذريق عهد بقيادة ميمنة جيشه وميسرته

    إلى ابني غيطشة، وعلم طارق بالحشود التي حشدها لذريق

    لمجابهته فكتب إلى موسى ينبئه بضخامتها ويطلب منه مدداً،

    فأمدّه موسى بخمسة آلاف مقاتل، ويصف المقري، نقلاً عن بعض




    المؤرخين جند طارق لقد أقبلوا وعليهم ((الزرد)) وفوق رؤوسهم

    ((العمائم البيض)) وبأيديهم ((القسي *********) وقد تقلدوا

    السيوف وحملوا الرماح فلما رآهم لذريق دخله منهم الرعب،

    وذكر ابن الأثير: أن طارقاً لما ركب البحر غلبته عينه فرأى النبي

    صلى الله عليه وسلم ـ في نومه ـ ومعه المهاجرون والأنصار قد

    تقلّدوا السيوف وتنكّبوا القسّي، فقال له النبي صلى الله عليه

    وسلم: يا طارق تقدم لشأنك، وأمره بالرفق بالمسلمين، والوفاء

    بالعهد، فنظر طارق فرأى النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه

    قد دخلوا الأندلس أمامه، فاستيقظ من نومه مستبشراً وبشر

    أصحابه وقويت نفسه ولم يشك في الظفر.


    معركة وادي لكّة أو العبور إلى الأندلس


    ... لم يعد بين طارق وخصمه لذريق سوى عاملي الزمن،

    والأرض وأصبح من الواضح أن طارقاً أكثر حرية من خصمة بعد



    سقوط ولاية ((الجزيرة الخضراء)) بيده وهزيمة قائد القوط

    ((بنج)) وهلاك فرقته بكاملها على يدي جيش طارق، وأصبح

    قادراً على اختيار المكان المناسب للقتال، فقد كان اختيار ميدان

    القتال من قبله من أهم عناصر نجاحه في هذه المعركة، إذ كان قد

    أسند ميمنة جيشه إلى بحيرة خاندا شرقاً، الممتدة عدة كيلومترات

    والتي يصب فيها نهر البرباط الذي بمر بوادي البرباط وأسند

    ميسرته إلى الوادي المذكور غرباً، كما اسند مؤخرة هذا الجيش

    إلى جبال ((رتينا)) العالية جنوباً، منتظراً أن يأتيه العدو من

    الشمال بعد أن وضعه في موضع الاضطرار لا الاختيار، وما أن

    استكمل لذريق عدة الجيش وعديدة حتى تحرك جنوباً لمواجهة

    طارق وجيشه في المكان الذي اختاره هذا الأخير، فوصله في



    الأيام الأخيرة من شهر رمضان عام 92هـ وعسكر بجيشه على

    الجهة الشمالية للوادي، والتقى الجيشان على نهر لكة من أعمال

    شذونة لليلتين بقيتا من رمضان سنة 92هـ واتصلت الحرب بين

    الجانبين ثمانية أيام استشهد فيها ثلاثة آلاف من المسلمين ولكن

    الهزيمة دارت على لذريق وجيشه، وقيل أن لذريق غرق وقتل

    كثير من جيشه، ومما يروي عن ابناء غيطشة أنهم خذلوا لذريق

    وتركوهم وأنصارهم مواقفهم أمام المسلمين ظناً منهم أن





    المسلمين إذا امتلأت أيديهم من الغنائم عادوا إلى بلادهم فبقي

    الملك لهم، ولعل خذلان آل غيطشة وأنصارهم لذريق كان بدافع

    الانتقام منه، ولا شك أن هذا الفتح مثل غيره يعود إلى قوة

    المسلمين بتمكن العقيدة وتغلغل معانيها في نفوسهم وحرصهم

    على الشهادة في سبيلها.


    ... وبعد هذا النصر العظيم تعقب طارق فلول الجيش القوطي التي

    لاذت بالفرار. وسار الجيش الإسلامي فاتحاً لبقية مناطق الجزيرة

    الإيبيريّة.


    الدروس المستخلصة من معركة وادي لكّة

    أ ـ أسلوب ((الحذر واليقظة)) تجاه الحلفاء: لم يكتف موسى بن

    نصير بقول يليان ووعده بالعون والمساعدة في فتح الأندلس بل

    كلفه مهمة استطلاعية في تلك البلاد ليختبر صدقه ووفاءه بعهده،

    وقد كان يليان صادقاً بما قال ووفياً لما تعهد به، كما كان موسى

    حذراً ويقظاً ونبهاً.

    ب ـ أسلوب الاستطلاع قبل الانزال: أراد موسى أن يستطلع البيئة

    التي سوف يقتحمها والعدو الذي سوف يقاتله والبقعة التي سوف

    يتم النزول فيها، وذلك قبل أن يدفع بجيشه في مغامرة مجهولة

    النتائج، فأرسل حملة استطلاعية بقيادة طريف بن مالك وما أن

    عادت تلك الحملة بالمعلومات الوافية عن البيئة والعدو وبقعة

    النزول حتى اطمأن إلى سلامة قراره فكتب إلى الخليفة يستأذنه بالفتح

    ج ـ الأسلوب المتكرر في الاختبار والحيطة: رغم ما سبق من

    اختبار سواء بواسطة الحملة التي قام بها يليان أو حملة طريف،

    فقد أبى الخليفة إلا أن يكرر الاختبار فقال لموسى: خضها

    بالسرايا حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تغرر بالمسلمين في بحر

    شديد الأهوال. ولما لفت موسى نظر الخليفة إلى سهولة عملية

    الإبحار والإنزال أصر الخليفة قائلاً: وإن كان، فلابد من اختباره

    بالسرايا قبل اقتحامه. وذلك يدل على مدى حرص الخليفة على

    التأكد من نجاح العملية وسلامتها وتأمين الفوز للمسلمين بدل أن

    يغرر بهم في بحر شديد الأهوال. وهذا الأسلوب المتكرر في

    الاختبار والحيطة قبل الإنزال والاقتحام سهّل عملية الفتح إلى حد

    كبير وأعان المسلمين في مواجهتهم الحاسمة للعدو، إذ أمّن لهم

    عملية (( المباغتة)) لعدو لم يكن ينتظر مثل هذه المفاجأة أبداً.

    خ ـ أسلوب المباغتة: إن الأسلوب الذي اتبعه طارق في إيصال

    المسلمين إلى ساحل الأندلسي منفذاً تعليمات الخليفة، كان أسلوباً



    بارعاً إلى حد كبير، فهو لم يبحر بالمسلمين دفعة واحدة بل أبحر

    بهم على دفعات متتالية وفي مراكب تجارية، وما أن التأم شمل

    المسلمين في تلك البلاد، حتى فوجئوا بالهزيمة الساحقة التي

    لحقت بهم على يد هؤلاء المسلمين ومقتل أحد أهم قادتهم

    ((بنج)) ابن أخت مليكهم لذريق، فانتزع المسلمون، بهذه

    المباغتة وهذا الانتصار، المبادرة من يد أعدائهم وأسقط في يد

    القوط، وأصبحت هزيمتهم على يد المسلمين قدراً محتوماً.

    س ـ تنفيذ أسلوب (( رأس الجسر)): نفذ طارق، فور وصول

    جيشه إلى الساحل الأندلسي، أسلوب (( رأس الجسر)) وهو

    أسلوب يعمل به في الحروب الحديثة، فأقام على الساحل قاعدة

    حصينة سوّرها وحماها وانطلق منها في فتوحاته، تماماً كما

    يفعل أي جيش في أيامنا هذه.

    ش ـ اختيار ميدان القتال: لقد أحسن طارق اختيار ميدان القتال

    وفرض على العدو أن يجابهه من جهة واحدة هي جبهة الشمال،

    ووضعه في موضع الاضطرار الاختيار.

    ص ـ المبادرة بالقتال: كان طارق في هذه المعركة هو البادئ

    بالقتال بل بادر إلى اجتياز النهر لملاقاة عدوه، فناوشه ثلاثة أيام

    ثم شن عليه بعد ذلك هجوماً عاماً انتهى بهزيمته.

    ر ـ صدق المسلمين ووفاؤهم بالعهود: كان المسلمون صادقين

    ووفوا بعهودهم تجاه يليان وأبناء غيطشة فأعادوا لهؤلاء ضياع

    أبيهم واحترموا تعهداتهم ليليان وأنصاره، وكانت نتيجة ذلك أن

    أعتقت سلالة كل من يليان وأبناء غيطشة الإسلام، فكان فيها من

    حسن إسلامه مثل أيوب ( توفي سنة226 هـ) وسليمان( توفي

    سنة 379 هـ) وأحمد(( توفي سنة 388 هـ)) من سلالة يليان،

    ومثل أبي بكر محمد بن عمر المعروف بابن القوطية صاحب

    كتاب تاريخ افتتاح الأندلس وهو من سلالة سارة بنت المنذر بن

    غيطشة آخر ملوك القوط.

    ك ـ استثمار النصر: طبق طارق بالبداهة، مبدأ من أهم المبادئ

    العسكرية الحديثة وهو استثمار النصر، إذ أنه ما أن هزم لذريق

    في وادي لكّة حتى لاحق فلول جيشه دون أن يترك لهذا الجيش

    مجالاً للتجمع وإعادة التنظيم من جديد، وكان طارق قد وضع

    لنفسه هدفاً أساسياً هو احتلال طليطلة عاصمة العدو، إذ أنه

    يعرف ولا شك، أنه باحتلاله لعاصمة المملكة، تفقد هذه المملكة

    مركزيّتها، ويفقد الملك قاعدة ملكه وحكمه، ولكن طارقاً مع ذلك،

    لم ينس أن يرسل جيشه في حملات إلى مختلف أنحاء البلاد لكي

    يحتل المواقع الاستراتيجية فيها فيفقد القوط كل أمل بمتابعة

    القتال والنصر، فأرسل إحداها إلى داخل البلاد شمالاً نحو قرطبة،

    وكانت قصبة هامة في الأندلس، وأرسل أخرى شرقاً، على

    الساحل الجنوبي للبلاد، نحو ملقة، وأرسل ثالثة إلى داخل البلاد

    شمالاً بشرق، نحو غرناطة وكانت تشكل موقعاً استراتيجياً هاماً

    في البلاد، ثم توجه بنفسه شمالاً إلى العاصمة طليطلة واستولى

    عليها، فظل الحكم القوطي، من جراء ذلك، شديداً طريداً في أنحاء

    الأندلس إلى أن سقط.




    الخطبة المنسوبة إلى طارق وحرق السفن


    يعتقد كثير من المؤرخين أن طارقاً أحرق سفنه، بعد أن أنزل

    جيشه على الساحل الأندلسي، ثم خطب بجنده الخطبة الشهيرة،

    أيها الناس، أين المفر البحر ورائكم، والعدو أمامك وليس لكم

    والله إلا الصدق والصبر...، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع

    من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته

    وأقواته موفورة، وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات لكم إلا

    ما تستخلصونه من أيدي عدوِّكم وإن امتدت بكم الأيام على

    افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمراً ذهبت ريحكم، وتعوَّضت القلوب من

    رُعْبها... وجاء في الخطبة:,, وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة

    من الحور الحسان، من بنات اليونان، الرافلات بالدّر والمرجان

    والحُلل المنسوجة بالعقبان، المقصورات في قصور الملوك ذوي

    التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من

    الأبطال عُربانا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهاراً وأختاناً،

    ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمُجالدة الأبطال

    والفرسان، ليكون حظه منكم ثواب الله إلى إعلاء كلمته،.. الخ

    الخطبة، وبالإمكان إيراد الملاحظات التالية حول الخطبة:


    أ ـ لم تكن الخطبة وما فيها من السجع من أسلوب ذلك العصر

    القرن الأول الهجري، وغير متوقع لقائد جيش أن يعتني بهذا

    النوع من الصياغة.


    ب ـ إن المعاني التي تناولتها الخطبة لا تتلاءم وروح الإسلام

    العالية، التي توفرت لدى الفاتحين، ومقدار حبهم للإسلام وإعلاء

    كلمته، ورغبتهم في الاستشهاد من أجل ذلك،، فهي لا تشيد

    بدوافع الفتح وأهدافه ـ وهي معروفة مألوفة ـ التي أنبتتها ورعتها

    العقيدة الإسلامية، عاملة على ابتغاء مرضات الله تعالى وحده،

    لتعلو راية الإسلام وتسود شريعته ويكون الدين كله لله،

    ((وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) (الأنفال ، الآية : 39).


    ت ـ يلاحظ في الخطبة عديد من الأخطاء ويلاحظ فيها التناقض

    في المعاني، وبعض ما فيها مخالف لحقائق تاريخية، كاستعمال

    ((اليونان)) التي ربما جاء ذكرها للسجع فالمؤرخون الأندلسيون

    اعتادوا أن يستعملوا في هذه المناسبة القوط أو الروم، وكذلك

    العلوج والعجم أو المشركين والكفار، وليس لدينا نص يحتوي

    مثل هذا الاستعمال، غير أن ابن خلكان ـ وهو مشرقي ـ أورد هذا

    الاستعمال في غير الخطبة ثم. ((وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك

    أمير المؤمنين..)) فالذي انتخبهم موسى بن نصير وليس الوليد.

    ج ـ كان المتوقع أن تحتوي الخطبة على آيات من القرآن الكريم

    وأحاديث الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، أو وصايا وأحداث

    ومعاني إسلامية أخرى تناسب المقام كالمعهود. وغير ذلك من الملاحظات.

    ... وكل ما تقدم لا يمنع أن يكون طارق جيد الكلام، وأنه خطب

    جنده يحُّثهم على الجهاد، ويروي المَقَّري أبياتاً قالها طارقاً بهذه

    المناسبة:
    ركبنا سَفينا بالمجاز مُقَيَّرا


    عسى أن يكون الله منا قد اشترى

    نفوساً وأمولاً وأهلاً بجنَّة

    إذا ما اشتهينا الشيء منها تيسَّرا

    ولسنا نُبالي كيف سالت نفوسنا

    إذا نحن أدركنا الذي كان أجْدراوقال ابن بشكوال: إن طارقاً كان

    حسن الكلام ينظم ما يجوز كتبه. ووجهة هذه الأبيات تغاير وجهة

    الخطبة، فهي منسجمة والمعاني الإسلامية ومستمدة من قوله

    تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ

    الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي

    التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا

    بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) (التوبة ، الآية : 111) .

    وأما موضوع حرق طارق للسفن التي عبر بها المضيق، كي

    يقطع على الجيش الإسلامي كل أمل في العودة، فيستميت في

    الدفاع؟ ذكر بعض المؤرخين ذلك؟

    لكن لماذا يحرق طارق السفن، سواء امتلكها المسلمون أم يُلْيان؟

    وكان طارق وجيشه يقاتلون من أجل عقيدة وإنهم في ساعة

    عبورهم جاؤوا مجاهدين مستعدين للشهادة، وطارق متأكد من

    هذه المعاني، فإذا كانت السفن ليُليان فليس من حق طارق

    التصرف بها، وإن كانت للمسلمين فليس حرقها عملاً عسكرياً

    سليماً أو مناسباً، ما دام يحتاج إليها وإلى النجدة والاتصال الدائم

    بالمغرب لأي غرض، وقد رأينا كيف احتاج إلى النجدة قبل خوض

    هذه المعركة واحتاجها فيما بعد، كما أن طارقاً كان قادراً على

    إعادتها إلى الساحل الأفريقي إن الدوافع الإسلامية والهدف الذي

    جاء الجيش من أجله أقوى في الاندفاع من أي سبب آخر، وما

    كان المسلمون يتخلفون عن خوض معركة أو تقديم أنفسهم

    لإعلاء كلمة الله، بل لذلك أتوا، والمصادر الأندلسية ـ لاسيما

    الأولى ـ لا تشير إلى قصة حرق السفن التي لا تخلو من علاقة

    وارتباط بقصة الخطبة.
    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي

    عبور موسى بن نصير إلى الأندلس


    ... كان موسى بن نصير من التابعين ـ رحمهم الله تعالى ـ وقد


    روى تميم الداري رضي الله عنه، وكان عالماً كريماً شجاعاً ورعاً

    تقياً لله تعالى، وكان من رجال العلم حزماً ورأياً وهمّة ونبلاً

    وشجاعة وإقداماً، وكان حين وجّه طارقاً لفتح الأندلس كان يتلقى

    الأخبار ويراقب الأحداث، منذ بدايتها، ويُهيء المتطلبات لإنجاز

    هذا الفتح الكبير، بهمة المؤمن وإخلاص التقي، ويدعو الله أن

    ينزل نصره على المسلمين. وكان موسى بن نصير يعتقد اعتقاداً

    كبيراً في أهمية الدعاء والتضرع لتحقيق النصر على الأعداء

    ويعتبر الدعاء من أسباب النصر التي أرشد إليها القرآن الكريم

    ومارسها رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول ابن الكردبوس:

    وكان موسى بن نصير حين أنفذ طارقاً مُكبَّاً على الدعاء والبكاء

    والتضرع لله تعالى، والابتهال إليه في أن ينصر جيش المسلمين،

    وما عُلم أنه هزم له جيش قط، وكان طارق بن زياد على صلة

    بقائده موسى بن نصير، يفتح الفتوحات باسمه وبتعليماته،

    ويخبره عن كل شيء أولاً بأول منذ بداية الفتح، ويستشيره فيما

    يحتاج إليه وقد رأينا كيف طلب المدد قبل معركة وادي لكّة وكان

    موسى على علم تام بأحوال الفتوح وبعد سنة تقريباً من عبور

    طارق، وتفرق جيشه وتوزيعه على المناطق والمدن التي فتحت ـ

    خاف طارق أن يُغلب وأن يُستغل القوط قلة جيشه، فأرسل إلى

    موسى يستنجده واستخلف موسى على القيروان ولده عبد الله..

    ونهض من القيروان سنة ثلاث وتسعين من الهجرة في عسكر

    ضخم، وتحرك موسى بجيشه نحو شذونة فكانت أول فتوحاته ثم

    توجه إلى مدينة قرمونة وليس بالأندلس أحصن منها، ولا أبعد

    على من يرومها بحصار أو قتال فدخلها بحيلة توجهت بأصحاب

    يُلْيان، دخلوا إليهم كأنهم فُلاّل

    وطرقهم موسى بخيله ليلاً ففتحوا لهم الباب، وأوقعوا بالأحراس،

    فملكت المدينة فافتتحها. وتوجه بعد ذلك: إلى أشبيلية جارتها



    فحاصرها وهي أعظم مدائن الأندلس... فامتنعت شهراً على

    موسى ثم فتحها الله عليه،.. ثم سار إلى مدينة ماردة وفتح في

    طريقه إليها لَبْلَة وباجة ثم فتح ماردة صلحاً بعد قتال وجهاد

    عظيم، وأقام موسى في ماردة زيادة على شهر يرتب أحوالها

    وينظم أمورها ويريح الجند من العناء ويستعد لاستئناف السير،

    ووجه موسى ابنه عبد العزيز من ماردة إلى أشبيلية، وكانت فلول

    القوط من لبلة وباجة قد اجتمعت فيها وقتلوا العديد من

    المسلمين، منتهزين فرصة انشغال موسى بحصار ماردة وبلغه

    الخبر خلال الحصار، فأعاد عبد العزيز فتح أشبيلية ثم فتح لبلة

    وباجة، وأصبحت المدن والقرى تتساقط أمام جيوش الفاتحين

    كتساقط الأوراق من على الأشجار في فصل الخريف.



    لقاء موسى وطارق

    ... في بداية ذي القعدة سنة 94هـ ابتدأ موسى بالسير صوب

    طليطلة ـ وكتب إلى طارق بالتوجه إليه في مجموعة من جيشه ثم

    جاءه طارق. ذكر البعض أن لقاءهما كان عند طليطلة أو قرطبة،

    ورجح الدكتور الحجي العالم البارز في تاريخ الأندلس: بأن اللقاء

    كان خارج مدينة طلبيرة التي تبعد 150كم غرب طليطلة، ووصل



    موسى وطارق إلى طليطلة ذو القعدة ـ ذي الحجة أو آخر سنة 94

    هـ وأقاما بالجيش الإسلامي فصل الشتاء أو جله في طليطلة

    يرتبون أحولها وينظمون شئونها، ويستريحون ويتهيأون

    ويخططون لفتح شمال شبه الجزيرة الأيبيريَّة، وكتب موسى

    والقادة الآخرون إلى الخليفة الوليد ـ وربما ليس لأول مرة ـ أخبار

    الفتح، وضربت العملة الإسلامية لأول مرة في الأندلس وقام

    بالدعوة إلى الله وتعليم الناس حقائق الإسلام وشرحه لهم

    ودعوتهم إليه بعد أن رآه أهل البلاد عملياً في خلق الفاتحين.

    ولعلهم أرسلوا فرقاً إلى بعض المناطق، فقد كان طارق خبر

    أحوال طليطلة لاسيما شمالها، إذ كان قد وصل إلى المدينة المائدة

    (في منطقة وادي الحجارة).






    ... وأما ما تحدثت عنه المصادر عن قصة الخلاف الذي قيل إنه

    حدث بين القائدين الكبيرين موسى وطارق، وتبالغ هذه المصادر

    فترجع أمر هذا الخلاف إلى حسد دب في نفس موسى على مولاه

    طارق وعلى ما حققه من نجاح، وتنسب إلى موسى أنه أهان

    طارقاً بأن وضع السوط على رأسه، فهذه روايات ناقشها عدد من

    الباحثين وأبانوا ضعفها وسقوطها وتفاهتها، كمحمود شيت

    خطاب، وعبد الله عنان، ود. عبد الرحمن الحجي، ود. محمد

    بطاينة، ود. عبد الشافي محمد عبد اللطيف، وغيرهم وإن كان

    حدث شيء فلا يعدو أن يكون مناقشة القضايا أو استفهامه من

    طارق خطته وإبداء الملاحظات عنها، تخوفاً من الأذى، وعندما

    استفسر موسى من طارق عن سبب الايغال والتقحم في بلاد

    العدو، اعتذر إليه طارق بخطته العسكرية أمام الظروف المحيطة

    والضرورة الداعية لأسلوبه، وقبل موسى عذره. وسارا بعده ـ

    سوية إخوة مجاهدين، ينشرون دين الله ويُعلون كلمته ويبلغون

    للناس شريعته، كما لا ننسى أن طارق جندي من جنود موسى

    والانتصارات التي حققها طارق إنجازات تكتب في صفحة موسى

    القيادية.

    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي

    استمرار التقدم والفتح


    ... وعند انتهاء الشتاء وحلول الربيع سنة 95هـ تهيأ الجيش


    الإسلامي لترك طليطلة ثم أوغل شمالاً ففتح مدن لاردة ووشقة




    وطركونة وبرشلونة، كما فتح بلنسية وطرطوشة على الساحل

    الشرقي للأندلس وفي هذا الوقت وصل مغيت الرومي مبعُوثاً من

    جانب الخليفة الوليد عبد الملك يحمل إلى موسى بن نصير أمر

    الخليفة بالقدوم إلى دمشق، ولكن فتح الأندلس لم يكن قد اكتمل

    بعد، لذلك لاطف موسى مغيثاً وسأله إنظاره إلى أن ينفذ عزمه في

    دخول بلاد جليقية واشتوريس ويكمل فتح الأندلس ويكون مغيث

    شريكه في الأجر والغنيمة ـ أي يصبح له سهماً في القيمة ـ ففعل




    مغيث ومشى في ركاب موسى إلى جليقية والأشتوريس ففتحها

    وتعقب موسى وطارق فلولا القوط حتى اضطرّ هؤلاء إلى الفرار

    إلى جبال كنتبرية في أقصى الشمال الغربي من الأندلس، ولما

    تأخرت أخبار موسى قلق الخليفة الوليد على مصير الجيش الذي

    مضى على وجوده في البعوث ما يقارب أربع سنين، لذلك أرسل

    الوليد رسولاً ثانياً، فوصل الرسول الأندلس وموسى في مدينة لَكْ

    بحُليقية يُوجَّهُ السرايا والبعوث التي بلغت صخرة بلاك التي تقع




    في الشمال الغربي على البحر الأخضر ـ خليج بسكاي ـ من

    المحيط الأطلسي، فاستجاب موسى إلى الرسول وعاد إلى طليطلة

    ثم غادرها إلى قرطبة ومنها إلى أشبيلية حيث استخلف فيها ولده

    عبد العزيز والياً واتخذ منها عاصمة للبلاد، ولكن أشبيلية لم

    تمكث طويلاً عاصمة للبلاد وإنما استعيض عنها بقرطبة منذ عام

    97هـ وظلت قرطبة مركز الديار الأندلسية حتى نهاية عهد

    الخلافة في الأندلس، ويبدو أن موسى اختار اشبيلية عاصمة في

    هذه المرحلة من تاريخ الأندلس لوقوع اشبيلية في منطقة




    اشبيلية

    تتساوى عندها احتمالات الخطر والسلامة، وواجبات الحفاظ على

    البلاد وحمايتها، فهي لم تخرج إلى الأطراف بعيداً عن الوسط،ولم

    تقترب من خطوط المواجهة مع الأعداء بعيداً عن بلاد المغرب

    وإمداداتها.


    رجوع موسى إلى عاصمة الخلافة دمشق


    ... غادر ركب موسى وطارق بن زياد الأندلس في ذي الحجة عام

    95هـ يحمل معه الأسرى والغنائم الوفيرة والهدايا الثمينة

    وغيرها من الكنوز، فلما بلغ طنجة ترك ابنه عبد الملك فيها

    حاكماً، ثم انصرف منها إلى القيروان فأقرّ ابنه عبدالله الذي كان




    القيروان

    قد استخلفه في أثناء غيابه في الأندلس، ثم سار من هناك يريد

    دمشق فوصلها في عام 96هـ .


    ومن الأسباب التي ذكرت في سبب استدعاء موسى إلى


    دمشق تخوف الوليد على المسلمين أن يكونوا في أرض منقطعة،

    ومحاطة بمناطق غير إسلامية وعلى اتصال بها، هي أقرب إليها

    من العالم الإسلامي أو مراكز ارتباطه واستمداده وهو الذي رأيناه

    عارض فتح الأندلس خوفاً على المسلمين أن يخوضوا المخاطر

    ويركبوا المهالك حتى بين له موسى ألا داعي للخوف، ويرى

    الكثير من المؤرخين أن موسى بن نصير لم يكن يعتزم التوقف

    في فتوحاته عند هذا الحد وإنما كان يخطط لعبور جبال البرانس

    واجتياح أوربا كلها والوصول إلى القسطنطينية وفتحها من جهة

    الغرب لولا أن استدعاه الخليفة الوليد إلى دمشق وأمره بالتوقف



    دمشق

    بالفتح عند هذا الحد، ويؤكد المؤرخون أنه لو قد قدر لموسى بن

    نصير أن يمضي قدماً في مشروعه هذا لتغير شكل النظام الدولي

    تماماً ولقضى على القوى غير الإسلامية، ذلك أنهم باستقرائهم

    النظام الدولي وقتئذ فإنهم يؤكدون أن احتمالات نجاح مشروعه

    هذا كانت عالية جداً، إذا لم تكن الظروف مواتية لنجاحه مثلما

    كانت مواتية وقتها، فمملكة الفرنجة كانت مشغولة وقتها

    بصراعاتها مع الممالك الأخرى ولم يكن هناك كيان سياسي واحد

    في أوربا كلها يعادل قوة الدولة الإسلامية أو حتى بدايتها، ويشير

    هؤلاء المؤرخون إلى أنه لما قدر للمسلمين في هذه المنطقة قائد

    كفء بعد عشرين عاماً من ضياع هذه الفرصة كانت الظروف

    الدولية قد تغيرت لغير صالح المسلمين، فلما حاول هذا القائد

    إحياء مشروع موسى بن نصير هزم هزيمة ضخمة تدخل في

    تاريخ العلاقات الدولية بوصفها نقطة تحول وهي معركة بلاط

    الشهداء، وقد تكرست الآثار السلبية لعدم استكمال موسى بن

    نصير لمشروعه بفشل حصار المسلمين للقسطنطينية بعد ذلك

    بسنوات قليلة وهو ما أغلق أوربا أمام المسلمين من الشرق بعد

    أن كانت قد أُغلقت أمامهم من الغرب، ولقد فشل المحللون في

    تفسير سبب استدعاء الخليفة الوليد لموسى بن نصير، فبعضهم

    قائل إنه أشفق على المسلمين من مخاطر هذا المشروع البحري،

    وبعضهم الآخر يؤكد أن الخليفة إنما خاف على سلطانه من

    تصاعد نفوذ وقوة موسى بن نصير وسواء صحت هذه التفسيرات

    أو أخطأت، فإن ما حدث بالفعل بعد استدعاء موسى بن نصير إلى

    دمشق، هو تقويض هدف مصيري للأمة أضاعت فيه فرصة ثمينة

    في فتح أوربا وجعلها تحت نفوذ الدولة الإسلامية.

    وقد وصف الذهبي موسى بن نصر بقوله: الأمير الكبير، أبو عبد

    الرحمن اللخمي، متولي إقليم المغرب، وفاتح الأندلس، قيل: كان

    مولى امرأة من لخم، وقيل: ولاؤه لبني أمية. وكان مهيباً ذا

    رأي وحزم، وكان من اصحاب الهمم الكبيرة فقد قال مرّة: والله لو

    انقاد الناس لي، لقدتهم حتى أُوقعهم على رُومية ثم ليفتحنها


    الله على يدي، وكان موسى بن نصير بوسعه أن يستقل على

    الخلافة ويقيم ملكاً له ولأولاده في المغرب والأندلس، ولكن

    إيمانه العميق بتعاليم الإسلام وتمسكه والتزامه بها جعله لا يفكر

    بذلك حتى إن يزيد بن المهلب ابن أبي صفرة سأله عن ذلك فقال

    موسى: والله لو أردت ذلك ما نالوا من أطرافي طرفاً، ولكني آثرت

    الله ورسوله، ولم نر الخروج عن الطاعة والجماعة، وقد توفي

    موسى بن نصير رحمه الله تعالى وهو متجه للحج برفقة الخليفة

    سليمان بن عبد الملك في المدينة المنورة ـ على سكانها أفضل

    الصلاة والسلام ـ أو في وادي القرى ((العُلا ، حاليا) أواخر سنة

    97هـ وعمره ثمان وسبعون سنة أو يزيد (في سنة 97هـ)، وقال

    صاحب معالم الإيمان: توفي بالمدينة متوجهاً إلى الحج وكان قد



    المدينة المنورة

    سأل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة أو يموت بالمدينة فأجاب الله

    دعاءه، وصلى عليه مسلمة بن عبد الملك لقد كانت الدنيا وما

    فيها صغيرة ولا قيمة لها عند موسى بن نصير ويرجع الفضل في

    ذلك إلى الله ثم نصيحة العالم الجليل أبو عبد الله علي بن رباح

    اللخمي لموسى بن نصير، فقد أورد صاحب كتاب رياض النفوس

    أن موسى بن نصير لما وصل من الأندلس إلى القيروان قعد يوماً

    في مجلسه، فجاءه العرب يسلمون عليه، فلما احتفل المجلس

    قال: إنه قد صحبتني ثلاث نعم: أما واحدة فإن أمير المؤمنين كتب

    إلى يهنئني في كتابه وأمر بقراءة الكتاب، فهنيء بذلك وأما

    الثانية فإن كتاب ابني قدم علي بأنه فتح له بالأندلس فتح عظيم،

    وأمر بالكتاب فقريء فهنيء بذلك، وكان علي بن رباح ساكت

    فقال له موسى: مالك يا علي لا تتكلم؟ فقال: أصلح

    الله الأمير، قد قال القوم فقال: وقل أنت أيضاًَ. فقال: أنا أقول ـ

    وأنا أنصح القائلين لك ـ إنه ما من دار امتلأت حبرة إلا امتلأت

    عبرة، وما انتهى شيء إلا رجع، فارجع قبل أن يرجع بك، فانكسر

    موسى بن نصير وخشع وفرق جواري عدة.. وقال صاحب

    الرياض: ونفعه الله عز وجل بموعظة أبي عبد الله بن رباح،

    فصغرت عنده الدنيا وما فيها ونبذها وانخلع مما كان فيه من

    الإمارة، فرضي الله عن التابعي الجليل، والإداري الحازم، والبطل

    المغوار، والقوي الأمين، القائد الفاتح، موسى بن نصير اللخمي



    الذي فتح المغرب الأقصى، واستعاد فتح المغرب الأوسط، وأنه

    دعم الفتح الإسلامي في الشمال الإفريقي وأنه فتح الأندلس وقسماً

    من جنوب فرنسا وأنه كان من أعظم قادة الفتح الإسلامي، لقد

    مات موسى بن نصير بعد أن ملأ جهاده ـ بقيادة المد الإسلامي

    المبارك ـ وديان المغرب الإسلامي ((الشمال الإفريقي

    والأندلسي)) وجباله وسهوله وهضابه ووجه دعاة الحق لإسماع

    ساكنيه دعوة الإسلام الخالدة، فكانت سبباً في إخراجهم من الكفر

    إلى الإيمان، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، أما

    ترى معي موسى وهو يجوب الصحاري والوديان والسهول

    والجبال وقد سلخ من سني عمره خمساً وسبعين سنة ممتطياً

    جواده يتحرك في أعماقه إيمان بالله العلي القدير قد دفعه للجهاد

    والدعوة والعلم والتربية وأحكام أمور الدولة رغم ما علا رأسه

    من الشيب الوقور، منقاد لإصرار العقيدة السمحة، وهمة الإيمان

    الفتي، التي كانت سبباً في كل خير أصاب المسلمين

    أما عن البطل الكبير طارق بن زياد، فلا نكاد نعرف عما حدث له

    بعد وصوله دمشق غير أن رواية تذكر رغبة سليمان في تولية

    طارق الأندلس، وبعد ذلك قضى آخر أيامه مغموراً فهل عاد إلى

    المغرب والأندلس؟ أم بقي في دمشق ولا يستبعد أن يكون عاد

    إلى الأندلس أو المغرب، كان طارق من البربر وعامّة جنوده

    كذلك، فيهم شجاعة وإقدام، فقد تربوا في أحضان الإسلام وعلى

    تعاليم القرآن الكريم وأصبحوا أصحاب رسالة خالدة صنعت منهم

    الأبطال، وقدموا في سبيل دينهم وعقيدتهم الغالي والنفيس، بل

    نجزم بأن الجيوش الإسلامية الضاربة التي اصطدمت بالأسبان

    اعتمدت بعد الله على إخواننا من البربر الذين اندفعوا خلف طارق

    في سبيل هذا الدين ونشره، إن العقيدة الإسلامية صهرت

    المنتسبين إليها عرباً وعجماً في رحاب الإسلام العظيم.
    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    8,993
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    26-02-2024
    على الساعة
    08:13 AM

    افتراضي

    استمرار التقدم والفتح


    ... وعند انتهاء الشتاء وحلول الربيع سنة 95هـ تهيأ الجيش


    الإسلامي لترك طليطلة ثم أوغل شمالاً ففتح مدن لاردة ووشقة




    وطركونة وبرشلونة، كما فتح بلنسية وطرطوشة على الساحل

    الشرقي للأندلس وفي هذا الوقت وصل مغيت الرومي مبعُوثاً من

    جانب الخليفة الوليد عبد الملك يحمل إلى موسى بن نصير أمر

    الخليفة بالقدوم إلى دمشق، ولكن فتح الأندلس لم يكن قد اكتمل

    بعد، لذلك لاطف موسى مغيثاً وسأله إنظاره إلى أن ينفذ عزمه في

    دخول بلاد جليقية واشتوريس ويكمل فتح الأندلس ويكون مغيث

    شريكه في الأجر والغنيمة ـ أي يصبح له سهماً في القيمة ـ ففعل




    مغيث ومشى في ركاب موسى إلى جليقية والأشتوريس ففتحها

    وتعقب موسى وطارق فلولا القوط حتى اضطرّ هؤلاء إلى الفرار

    إلى جبال كنتبرية في أقصى الشمال الغربي من الأندلس، ولما

    تأخرت أخبار موسى قلق الخليفة الوليد على مصير الجيش الذي

    مضى على وجوده في البعوث ما يقارب أربع سنين، لذلك أرسل

    الوليد رسولاً ثانياً، فوصل الرسول الأندلس وموسى في مدينة لَكْ

    بحُليقية يُوجَّهُ السرايا والبعوث التي بلغت صخرة بلاك التي تقع




    في الشمال الغربي على البحر الأخضر ـ خليج بسكاي ـ من

    المحيط الأطلسي، فاستجاب موسى إلى الرسول وعاد إلى طليطلة

    ثم غادرها إلى قرطبة ومنها إلى أشبيلية حيث استخلف فيها ولده

    عبد العزيز والياً واتخذ منها عاصمة للبلاد، ولكن أشبيلية لم

    تمكث طويلاً عاصمة للبلاد وإنما استعيض عنها بقرطبة منذ عام

    97هـ وظلت قرطبة مركز الديار الأندلسية حتى نهاية عهد

    الخلافة في الأندلس، ويبدو أن موسى اختار اشبيلية عاصمة في

    هذه المرحلة من تاريخ الأندلس لوقوع اشبيلية في منطقة




    اشبيلية

    تتساوى عندها احتمالات الخطر والسلامة، وواجبات الحفاظ على

    البلاد وحمايتها، فهي لم تخرج إلى الأطراف بعيداً عن الوسط،ولم

    تقترب من خطوط المواجهة مع الأعداء بعيداً عن بلاد المغرب

    وإمداداتها.


    رجوع موسى إلى عاصمة الخلافة دمشق


    ... غادر ركب موسى وطارق بن زياد الأندلس في ذي الحجة عام

    95هـ يحمل معه الأسرى والغنائم الوفيرة والهدايا الثمينة

    وغيرها من الكنوز، فلما بلغ طنجة ترك ابنه عبد الملك فيها

    حاكماً، ثم انصرف منها إلى القيروان فأقرّ ابنه عبدالله الذي كان




    القيروان

    قد استخلفه في أثناء غيابه في الأندلس، ثم سار من هناك يريد

    دمشق فوصلها في عام 96هـ .


    ومن الأسباب التي ذكرت في سبب استدعاء موسى إلى


    دمشق تخوف الوليد على المسلمين أن يكونوا في أرض منقطعة،

    ومحاطة بمناطق غير إسلامية وعلى اتصال بها، هي أقرب إليها

    من العالم الإسلامي أو مراكز ارتباطه واستمداده وهو الذي رأيناه

    عارض فتح الأندلس خوفاً على المسلمين أن يخوضوا المخاطر

    ويركبوا المهالك حتى بين له موسى ألا داعي للخوف، ويرى

    الكثير من المؤرخين أن موسى بن نصير لم يكن يعتزم التوقف

    في فتوحاته عند هذا الحد وإنما كان يخطط لعبور جبال البرانس

    واجتياح أوربا كلها والوصول إلى القسطنطينية وفتحها من جهة

    الغرب لولا أن استدعاه الخليفة الوليد إلى دمشق وأمره بالتوقف



    دمشق

    بالفتح عند هذا الحد، ويؤكد المؤرخون أنه لو قد قدر لموسى بن

    نصير أن يمضي قدماً في مشروعه هذا لتغير شكل النظام الدولي

    تماماً ولقضى على القوى غير الإسلامية، ذلك أنهم باستقرائهم

    النظام الدولي وقتئذ فإنهم يؤكدون أن احتمالات نجاح مشروعه

    هذا كانت عالية جداً، إذا لم تكن الظروف مواتية لنجاحه مثلما

    كانت مواتية وقتها، فمملكة الفرنجة كانت مشغولة وقتها

    بصراعاتها مع الممالك الأخرى ولم يكن هناك كيان سياسي واحد

    في أوربا كلها يعادل قوة الدولة الإسلامية أو حتى بدايتها، ويشير

    هؤلاء المؤرخون إلى أنه لما قدر للمسلمين في هذه المنطقة قائد

    كفء بعد عشرين عاماً من ضياع هذه الفرصة كانت الظروف

    الدولية قد تغيرت لغير صالح المسلمين، فلما حاول هذا القائد

    إحياء مشروع موسى بن نصير هزم هزيمة ضخمة تدخل في

    تاريخ العلاقات الدولية بوصفها نقطة تحول وهي معركة بلاط

    الشهداء، وقد تكرست الآثار السلبية لعدم استكمال موسى بن

    نصير لمشروعه بفشل حصار المسلمين للقسطنطينية بعد ذلك

    بسنوات قليلة وهو ما أغلق أوربا أمام المسلمين من الشرق بعد

    أن كانت قد أُغلقت أمامهم من الغرب، ولقد فشل المحللون في

    تفسير سبب استدعاء الخليفة الوليد لموسى بن نصير، فبعضهم

    قائل إنه أشفق على المسلمين من مخاطر هذا المشروع البحري،

    وبعضهم الآخر يؤكد أن الخليفة إنما خاف على سلطانه من

    تصاعد نفوذ وقوة موسى بن نصير وسواء صحت هذه التفسيرات

    أو أخطأت، فإن ما حدث بالفعل بعد استدعاء موسى بن نصير إلى

    دمشق، هو تقويض هدف مصيري للأمة أضاعت فيه فرصة ثمينة

    في فتح أوربا وجعلها تحت نفوذ الدولة الإسلامية.

    وقد وصف الذهبي موسى بن نصر بقوله: الأمير الكبير، أبو عبد

    الرحمن اللخمي، متولي إقليم المغرب، وفاتح الأندلس، قيل: كان

    مولى امرأة من لخم، وقيل: ولاؤه لبني أمية. وكان مهيباً ذا

    رأي وحزم، وكان من اصحاب الهمم الكبيرة فقد قال مرّة: والله لو

    انقاد الناس لي، لقدتهم حتى أُوقعهم على رُومية ثم ليفتحنها


    الله على يدي، وكان موسى بن نصير بوسعه أن يستقل على

    الخلافة ويقيم ملكاً له ولأولاده في المغرب والأندلس، ولكن

    إيمانه العميق بتعاليم الإسلام وتمسكه والتزامه بها جعله لا يفكر

    بذلك حتى إن يزيد بن المهلب ابن أبي صفرة سأله عن ذلك فقال

    موسى: والله لو أردت ذلك ما نالوا من أطرافي طرفاً، ولكني آثرت

    الله ورسوله، ولم نر الخروج عن الطاعة والجماعة، وقد توفي

    موسى بن نصير رحمه الله تعالى وهو متجه للحج برفقة الخليفة

    سليمان بن عبد الملك في المدينة المنورة ـ على سكانها أفضل

    الصلاة والسلام ـ أو في وادي القرى ((العُلا ، حاليا) أواخر سنة

    97هـ وعمره ثمان وسبعون سنة أو يزيد (في سنة 97هـ)، وقال

    صاحب معالم الإيمان: توفي بالمدينة متوجهاً إلى الحج وكان قد



    المدينة المنورة

    سأل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة أو يموت بالمدينة فأجاب الله

    دعاءه، وصلى عليه مسلمة بن عبد الملك لقد كانت الدنيا وما

    فيها صغيرة ولا قيمة لها عند موسى بن نصير ويرجع الفضل في

    ذلك إلى الله ثم نصيحة العالم الجليل أبو عبد الله علي بن رباح

    اللخمي لموسى بن نصير، فقد أورد صاحب كتاب رياض النفوس

    أن موسى بن نصير لما وصل من الأندلس إلى القيروان قعد يوماً

    في مجلسه، فجاءه العرب يسلمون عليه، فلما احتفل المجلس

    قال: إنه قد صحبتني ثلاث نعم: أما واحدة فإن أمير المؤمنين كتب

    إلى يهنئني في كتابه وأمر بقراءة الكتاب، فهنيء بذلك وأما

    الثانية فإن كتاب ابني قدم علي بأنه فتح له بالأندلس فتح عظيم،

    وأمر بالكتاب فقريء فهنيء بذلك، وكان علي بن رباح ساكت

    فقال له موسى: مالك يا علي لا تتكلم؟ فقال: أصلح

    الله الأمير، قد قال القوم فقال: وقل أنت أيضاًَ. فقال: أنا أقول ـ

    وأنا أنصح القائلين لك ـ إنه ما من دار امتلأت حبرة إلا امتلأت

    عبرة، وما انتهى شيء إلا رجع، فارجع قبل أن يرجع بك، فانكسر

    موسى بن نصير وخشع وفرق جواري عدة.. وقال صاحب

    الرياض: ونفعه الله عز وجل بموعظة أبي عبد الله بن رباح،

    فصغرت عنده الدنيا وما فيها ونبذها وانخلع مما كان فيه من

    الإمارة، فرضي الله عن التابعي الجليل، والإداري الحازم، والبطل

    المغوار، والقوي الأمين، القائد الفاتح، موسى بن نصير اللخمي



    الذي فتح المغرب الأقصى، واستعاد فتح المغرب الأوسط، وأنه

    دعم الفتح الإسلامي في الشمال الإفريقي وأنه فتح الأندلس وقسماً

    من جنوب فرنسا وأنه كان من أعظم قادة الفتح الإسلامي، لقد

    مات موسى بن نصير بعد أن ملأ جهاده ـ بقيادة المد الإسلامي

    المبارك ـ وديان المغرب الإسلامي ((الشمال الإفريقي

    والأندلسي)) وجباله وسهوله وهضابه ووجه دعاة الحق لإسماع

    ساكنيه دعوة الإسلام الخالدة، فكانت سبباً في إخراجهم من الكفر

    إلى الإيمان، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الظلمات إلى النور، أما

    ترى معي موسى وهو يجوب الصحاري والوديان والسهول

    والجبال وقد سلخ من سني عمره خمساً وسبعين سنة ممتطياً

    جواده يتحرك في أعماقه إيمان بالله العلي القدير قد دفعه للجهاد

    والدعوة والعلم والتربية وأحكام أمور الدولة رغم ما علا رأسه

    من الشيب الوقور، منقاد لإصرار العقيدة السمحة، وهمة الإيمان

    الفتي، التي كانت سبباً في كل خير أصاب المسلمين

    أما عن البطل الكبير طارق بن زياد، فلا نكاد نعرف عما حدث له

    بعد وصوله دمشق غير أن رواية تذكر رغبة سليمان في تولية

    طارق الأندلس، وبعد ذلك قضى آخر أيامه مغموراً فهل عاد إلى

    المغرب والأندلس؟ أم بقي في دمشق ولا يستبعد أن يكون عاد

    إلى الأندلس أو المغرب، كان طارق من البربر وعامّة جنوده

    كذلك، فيهم شجاعة وإقدام، فقد تربوا في أحضان الإسلام وعلى

    تعاليم القرآن الكريم وأصبحوا أصحاب رسالة خالدة صنعت منهم

    الأبطال، وقدموا في سبيل دينهم وعقيدتهم الغالي والنفيس، بل

    نجزم بأن الجيوش الإسلامية الضاربة التي اصطدمت بالأسبان

    اعتمدت بعد الله على إخواننا من البربر الذين اندفعوا خلف طارق

    في سبيل هذا الدين ونشره، إن العقيدة الإسلامية صهرت

    المنتسبين إليها عرباً وعجماً في رحاب الإسلام العظيم.

    يتبع لاحقا
    اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرا

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    388
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    27-02-2011
    على الساعة
    09:57 AM

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا ونفع بكم الاسلام والمسلمين
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى ... 2 3

( فضائل الدولة الاموية - والرد علي القرود الشيعية).متجدد

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. دفع شبهات القرود حول قصه اوريا مع النبى داود
    بواسطة ismael-y في المنتدى الذب عن الأنبياء و الرسل
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-09-2018, 02:30 PM
  2. رؤية في القضية الشيعية
    بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-07-2010, 02:00 AM
  3. المؤسسات الشيعية التبشيرية في العراق
    بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-02-2010, 01:00 AM
  4. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-05-2008, 08:39 PM
  5. دفع شبهات القرود حول قصه اوريا مع النبى داود
    بواسطة ismael-y في المنتدى الذب عن الأنبياء و الرسل
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-12-2005, 07:01 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

( فضائل الدولة الاموية - والرد علي القرود الشيعية).متجدد

( فضائل الدولة الاموية - والرد علي القرود الشيعية).متجدد