يا نَهرَ شِعري، مَا الذي أَجْرَاكا
بَعْد انقِطَاعِ البَوحِ عَن مَرْسَاكا؟ قد كُنتُ أَحسبُ أنَّ كُلَّ سفائني
غَرْقَى، فَلَنْ تشدُو إلى لُقيَاكا! فَجَّرتَ في أَرضِ الحُروفِ مَشَاعِراً
فَمَنِ الذي بعدَ الغِيابِ دَعَاكا؟! وَسقيْتَ مِن حَقلِ القلوبِ بَراعِماً
لَولاكَ قدْ ظَمِئَتْ جَوًى.. لَوْلاكا فَأجابَنِي قَلميْ بِفَيضِ عَواطِفٍ:
أَنا مَا كَتبتُ الشِّعرَ عَن دُنيَاكا أنَا ما كَتبتُ لكَي أُمجِّدَ طاغِياً
حَاشاكَ - يَا قَلَمَ العُلا - حَاشَاكا يَا ربِّ، عطِّرْ لي حُروفيَ بِالرِّضَا
مَا ضلَّ مَن يسعَى لِنَيلِ رِضاكا أنا قدْ أَتيتُ لكي أُبَرِّئَ ذِمَّتِي
خُذْهَا حُروفي كَي تُنيرَ سَمَاكا لِتسطِّرَ الأَبياتَ في ذِكرِ الهُدَى
وَلِتستَجِيبَ لِصَوتِ مَن نَاداكا تِلكَ الحَصَانُ، فَيَا مَكارِمُ غرِّدي
فَوقَ السَّحابِ.. فَمَن يَضِيرُ عُلاكا؟ هِيَ أمُّ كُلِّ المُؤمنينَ جَميعِهِم
نَصُّ الكِتابِ، فَمنْ سَيُنكِرُ ذَاكا؟! وَاللهِ لَو خَلَطَتْ بِسِيرَتِها الدُّجَى
لَتلأْلأَتْ لِتُنوِّرَ الأَفلاَكا واللهِ لو مُزِجَتْ بِمِلحِ بِحَارِنا
لَشَربتَهُ عَذْباً يُعَطِّرُ فَاكا هِيَ قِمَّةَ الأخلاقِ في جَبَلِ الهُدى
يَا ناطِحاً جَبَلَ العَفافِ، كَفَاكا! سَلِمَتْ عَواهِرُ لَندَنٍ مِن إفكِكُمْ
وَقَذَفتَ أُمَّ المُؤمنينَ هُناكا! اللهُ طَهَّرَها، وأَنزلَ سُورةً
أَكَفَرْتَ بالقُرآنِ حِينَ أَتاكا؟ وَاللهُ أعلَى شَأنَها وَمَقامَهَا
اَللهُ بَرَّأَها وَما بَرَّاكا! جَدَّدتُمُ قَولَ اليهودِ بِمَريَمٍ
وَهَلِ اليَهُودُ المُفتَرُونَ سِوَاكا؟! فهُنا تُعادُ مَعالِمُ التاريخِ كَي
يَتقمَّصَ الأَدوارَ نَبْحُ عُوَاكا وَلِتُرمَى أمُّ المُؤمِنينَ بقَذْفِكمْ
.. عَن عِرضِها رَبُّ الحُسَيْنِ نَهَاكا أَلْفٌ مِن الأَعوامِ والبَاغُونَ في
طَعْنٍ لَها، مَا مَلَّهَا أفَّاكَا! تِلكَ الحَقائقُ سَاطِعاتٌ، إنَّها
عِبَرٌ عِظَامٌ لو تَرى عَيْناكا يا أيُّها المَنبوذُ، فكِّرْ لَحظةً
صَدَقَ الذي هوَ (خاسِراً) سمَّاكا يا أيُّها المَأفونُ، فكِّرْ بُرْهةً
بِحَبِيبةِ المُختَارِ مَنْ أَغرَاكا؟! نامِي بقَبركِ يا حَبِيبةَ أَحمدٍ
.. قِمَمُ الجِبالِ، فَمنْ يُطاوِلُ ذاكا؟! يا أيُّها القِرطاسُ، سطِّرْ سِيرَةً
عنْ عَائشٍ، ومُخضِّباً يُمْنَاكا اُنثرْ رَبِيعاً في خَريفِ غُصونِهمْ
أَشعِلْ لهُمْ شَمْعَ الهُدىَ بِسَنَاكا ازرَعْ وُروداً في مَشاتِلِ حِقدِهمْ
لَن يَحصُدَ الباغِي سِوَى الأَشوَاكا.