بسم الله الرحمن الرحيم

أريد هنا الرد -بعون الله- على الشبهة التالية :

أن مصطلحات القرآن هي مصطلحات فضفاضة بذاتها مما يمكن المتأمل فيها من اختلاق معجزات علمية لا وجود لها أصلا .. بمعنى آخر ، أن المعجزات العلمية القرآنية هي ليست إلا نتيجة استغلال المتكلمين عن الإعجاز لطبيعة اللغة العربية التي تتميز بالمصطلحات والتراكيب الفضفاضة التي يمكن فهمها بأوجه عدة..

يرد على هذا الافتراء بوجوه عدة .. منها

أولا : يقول الله تعالى : ( ( سنريهم آياتنا في الآفق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق..)) وهذا دليل صريح على أن القرآن يحتوي على آيات علمية.. مما يؤكد أن الأيات العلمية ليست زعم للمتكلمين بالإعجاز ..بل هو تصريح مباشر من القرآن باحتوائه على تلك التفسيرات العلمية .. مما ينفي أننا حملنا القرآن ما لم يقصده. بعبارة أخرى ,, القرآن يشهد لنا أننا لم نحمله فوق معناه الحقيقي بل يؤكد أن تفسيراتنا جاءت وفقا لمراده.

ثانيا : لنفرض أننا نحن -أعني المتكلمين في الإعجاز- قد استحدثنا التفسيرات العليمة بعد الاكتشافات العلمية الحديثة باستغلال اللغة العربية .. فما هو حال العلماء القدامى الذين فسروا القرآن بالطريقة العلمية الصحيحة قبل أن تكتشف تلك الحقائق العلمية؟ إن هناك العديد من التفسرات العلمية لم نتكلم فيها نحن فحسب .. بل تكلم فيها علماء التفسير السابقون في زمن لم تكن فيه تلك الحقائق مكتشفة .. وأعطي في ذلك مثال :

قول الله تعالى : ( ( ثم خلقنا النطفة علقة .. )) .. قال ابن كثر عن في تفسيره لتحول النطفة إلى علقة : " .. فتصبح -يعني النطفة- كالعلقة مستطيلة" .. وفي هذا يبين ابن كثير أن معنى العلقة هو الشكل الدودي لدودة العلق .. وهذا علميا ما يحدث للجنين في الأسبوع الثالث .. لكن السؤال الذي يطرح نفسه .. هل راقب ابن كثير العلقة بالمايكروسكوب حتى علم ذلك؟! وهل كان يتلاعب باللغة العربية ليلبسها ذلك التفسير العلمي؟!؟

ثالثا : من المعروف لدى مفسري القرآن الكريم أن تفسير الآية بالمعنى الظاهري أولى من استخدام المجاز .. وأنه لا يلجأ للمجاز إلا لوجود سبب يدفعنا لذلك... وفعليا ، إن الكثير من آيات الإعجاز تم تفسيرها بالسابق باستخدام المجاز مما أبعدها عن المعنى العلمي.. بالرغم من أن المعنى الظاهري هو المعنى العلمي .. ونضرب في ذلك مثال ..

قوله تعالى : ( ( والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون )) .. تم تفسير الإيساع سابقا لدى بعض المفسرين في قوله "موسعون" على أنه إيساع الرزق وذلك لعدم معرفة المفسرين القدامى أن السماء (الكون) يتمدد ويتسع في جيمع الاتجاهات.. مما دفعهم إلى استخدام حمل المعنى بعيدا عن ظاهره والقول بأن الله يوسع الرزق للناس... ولكننا اليوم نعلم أن السماوات تتوسع وفقا لما اكتشف حديثا .. لذلك ترى أن التفسير الظاهري .. وهو أن الله يوسع السماء .. هوالتفسير الصحيح .. وكما أكدنا .. التفسير الظاهري أولى من غيره.

رابعا : لنفرض أننا نتلاعب باللغة العربية لنختلق معجزة أو معجزتين أو ثالثة.. ولكن .. هل يعقل أنه يوجد 1000 آية كلها نتاج تلاعبنا اللغوي؟!! لأننا نعلم أن هناك ما يقرب ألف آية في القرآن يمكن اعتبارها سبقا علميا ..إنه من السخيف فعلا أن نقول أن كل تلك الآيات العلمية كانت تحمل على غير معناها

خامسا : دائما ما تقلب الشبهات على رأس أصحابها .. لأني أرى لغة القرآن متعددة الوجوه تلك هي إعجاز رهيب بحد ذاته .. ذلك لأن القرآن هو كتاب الإسلام الذي لا بد أن يمر على كل الشعوب بمختلف طرائق تفكيرهم .. ومن وظائفه أن يقنع جميع الناس بمختلف الشعوب ومختلف الأزمنة .. فكانت لغة القرآن الفضفاضة متعددة الوجوه سبيل لإقناع السابقين واللاحقين .. أدباء العرب وأعاجم الغرب بفكرة واحدة .. وهي : أن هذا القرآن هو من عند الله .. فينبغي الآن لكل ملحد أن يخرج نفسه من هذا المأزق .. وهو : أليست لغة القرآن العربية متعددة الوجوه معجزة في التأثير على جميع من يسمعه إلى درجة أنها ترقى عن أي مستوى بشري؟