كتاب السنه فى كتابات أعداء الإسلام للدكتور عماد السيد الشربينى
المبحـث الرابـع
موقفنـا من الحركـة الاستشراقيـة والمستشرقيـن


عرفنا مما سبق أن الاستشراق وليد من عصبية وحقد النصارى للإسلام ولأمتنا الإسلامية، وحتى بعد تطوره إلى العلمانية، لم يخرج عن هذه العصبية، وارتبط ارتباطاً وثيقاً أولاً بالتبشير اللاهوتى، ثم ثانياً بالاستعمار ولم ينفصل عنهما معاً، وتكاتلت تلك الجيوش الثلاثة من أجل محاربة الإسلام والمسلمين، وتحقيق مصالحهم وأطماعهم، وعرفنا أن منهج الاستشراق بعيد كل البعد عن المنهج العلمى النزيه فى دراسته للإسلام والمسلمين0

وإذا كان للحركة الاستشراقية أثر كبير فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين فى العالم العربى، وأثر أخطر فى أجيال من أبناء جلدتنا ممن وقعوا فى شباكهم؛ ففسدت عقائدهم وعملوا على إفساد عقائد المسلمين، من أجل هذا كان لابد وأن يكون للمسلمين موقف من هذه الحركة الاستشراقية، ومن أنصارها الذين تعصبوا لها وخدعوا بما زعمه أعداء الإسلام من التزامهم الموضوعية فى الكتابة، وصدقوا ما كتبوه من أباطيل ضد الإسلام، واعتمدوا على مؤلفاتهم فى كتاباتهم عن الإسلام فى التفسير، أو الحديث، أو السيرة، أو التاريخ …إلخ0 وراجت مؤلفات هؤلاء الأنصار بين شباب المسلمين مع ما فيها من دسائس، ودس للسم فى العسل0

ولهؤلاء ولمن يقرأون لهم نقول كما قال الأستاذ محمد سرور بن نايف:"لا يجوز أن يعتمد المسلمون فى فهم دينهم على كتب المستشرقين مهما قيل فى مدحهم والثناء عليهم، والإشادة بحيادهم( )0

نعم، قد نلقى بعضهم منصفاً معتدلاً غير متحامل ولا متعصب، ولكنه شاذ لا يقاس عليه0 وإن كانت معظم كتاباتهم المعتدلة تتركز فى تاريخ العلوم التجريبية عند المسلمين،وأثر المسلمين فى هذا المجال لا ينازع فيه إلا مكابر، وهم فى هذا لم يأتوا بجديد غير إحقاق الحق، ومن هذا القبيل كتاب (شمس العرب تسطع على الغرب للمستشرق زغريد هونكة)0

أما العلوم الشرعية؛فلا نكاد نجد لها منصفاً لخطورتها،وأهميتها فى حياة الإنسان، ولأن العلوم الشرعية هذه مرتبطة برسالة الإسلام،الدعوة العالمية للتوحيد،وإقامة منهج الله U على الأرض، وهذا بلا ريب يهدد معاقل الشرك والوثنية أينما كانت، فلا عجب حينئذ أن ينتشر جنود إبليس للتصدى لهذه الدعوة، والنيل منها بكل وسائل التسفيه والتشكيك( )0
وكتب المستشرقين التى مدحوا من أجلها0
إما مصنفات مستقلة عبارة عن بحوث ودراسات، تتعلق بالحضارة الإسلامية، والفقه الإسلامى، وتاريخ الأدب العربى، وتاريخ الحديث الشريف وغيرها0 وهذه مصنفات طافحة بالدس والتشويه، وهى منحرفة كلياً عن منهج البحث السديد0

وإما مصنفات مبنية على مصنفات أخرى كفهارس القرآن الكريم، وفهارس كتب الحديث؛ فهى جهود محمودة، ولكنها غير إبداعية؛ لأنهم مسبوقون إليها من أئمتنا المتقدمون - رضوان الله عليهم( ) - وهذا لا يعنى انتقاص قيمة هذا العمل، فهو حقاً عمل رائع، ولكنه نال من الثناء أكثر مما يستحق، لأنه لو قام به جماعة من المسلمين فى نفس الظروف التى أُنجز فيها هذا العمل الكبير لأتوا بمثله أو أحسن منه، ولنا فى الأعمال الفردية التى قام بها بعض علمائنا الأجلاء قديماً وحديثاً خير دليل على ذلك( )0

وأما عملهم فى تحقيق كتب التراث؛ فهو أيضاً نال من المديح أكثر مما يستحق، فهم منذ بدأوا جريمتهم بسرقة المخطوطات الإسلامية من الشرق بدأً منذ عام 1311م واستولوا على كل المخطوطات الموجودة فى المساجد والزوايا، حتى جمع أحد الرهبان (زانسى) ستة آلاف مخطوط من الشرق نقلها إلى ميلانو، وتوالت بعثات الاستعمار والفاتيكان إلى العالم الإسلامى لجمع المخطوطات، كان هدفهم هو "حبس التراث الإسلامى فى مكتبات الغرب واتخاذه سلاحاً ضد المسلمين، فهم يبرزون الكتب التى تثير الفتن والنزاع بكل صوره الفكرى والمذهبى والسياسى؛ ككتب الفرق، والخلاعة، والمجون، والتصوف الفلسفى، ويخفون كتب العلوم، فيأخذون نظرياتها، وينسبونها إلى أنفسهم وعلمائهم، ويحرمون أصاحبها منها( )0

ومعظم الكتب التى حققها المستشرقون وأعادوا كتابتها كانت تستهدف إذاعة آراء معينة وتيارات مضللة تفقدنا الثقة بعقيدتنا وماضينا، وحضارتنا، وقادتنا، ولذلك فإنه لا يمكن القول بأن هذه الكتب قد طبعت، أو حققت لخدمة الأدب العربى، أو اللغة العربية، ومن هذه الكتب : ألف ليلة وليلة، والأغانى، وأخبار الحلاج، ورسائل إخوان الصفا … إلخ( )0

يقول الدكتور عبد العظيم الديب : "إن عنايتهم بالتراث كانت وما زالت وستظل من باب (اعرف عدوك)،فهذه الكتب التراثية هى الخرائط،والصور لعقولنا، وعواطفنا، ومشاعرنا، واتجاهاتنا، واهتماماتنا، وحبنا، وبغضنا، وغضبنا، ورضانا0 فهى المفاتيح التى عرفوا بها كيف يخططون لتدميرنا ثقافياً،واجتماعياً،وفكرياً،وعلمياً،بعدما حطمونا عسكرياً وسياسياً"( )0

وليس معنى هذا تسفيه كل جهودهم فى تحقيق كتب التراث، فالإنصاف يقتضى ألا نغمط الناس حقهم، على أن لا نقوم بتمجيدهم صباح مساء كما يفعل المستغربون من أبناء أمتنا ظناً منهم أنه عمل فى قمة التفوق والإبداع، غير مسبوقين فيه، على ألا يغيب عن ذهننا أنهم ما صنعوا فهارس القرآن الكريم، وفهارس كتب الحديث، وحققوا كتب التراث؛ إلا إطفاءً لنور الإسلام"( ) ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون وصدق ربنا U : ]إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ[( )0

وحسبنا دليلاً على عدم الاعتماد فى فهم ديننا على كتب المستشرقين؛ أنهم ليسوا من أهل العدالة والتى على رأس شروطها الإسلام0وقد قال رب العزة ]وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ[( ) وقال تعالى : ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا[( ) فإذا كان خبر المسلم الفاسق مردود على صحة اعتقاده، فخبر الكافر من المستشرقين أولى بالرد0

وحسبنا أيضاً دليلاً على عدم الاعتماد فى فهم ديننا وتاريخنا على كتب المستشرقين، أن المعتدل منهم وإن كان ظاهره الإنصاف للإسلام والمسلمين فى العلوم الشرعية؛ فقد دس السم فى الدسم0

والدسم هنا هو باب التقدير والثناء والمدح، يدخل من هذا الباب وهو يكتب عن الإسلام ونبيه e حتى يخدع القارئ ويكسب ثقته، ثم لا يلبث بعد ذلك أن يثير شبهات خفية متتالية فى إطار هذا المديح الكاذب، كل ذلك دون منهج موضوعى يتحرر فيه من أهوائه ورواسبه الموروثة ويلتزم فيه النقد التقويمى ونزاهة البحث، وهذا أسلوب جديد حرص عليه المستشرقون فى هجومهم على الإسلام بعدما تبين لهم فشل أو ضعف تأثير الهجوم على الإسلام ومصادره بعنف دون مواربة أو حيلة( ) أ0هـ0

فالواجب يقتضى من المسلم أن يحذر السير وراء أقوال معسولة، وآراء مغرية، ومواقف خادعة، يمكن أن تخدع عقول البسطاء من المسلمين، وتؤثر على اقتناعهم بأن المستشرقين يمدحون الإسلام، أو يمدحون النبى e ، ويثنون على صفاته، ويعدون شخصيته e فى مقدمة المصلحين وعباقرة العالم، فقد تظاهر بعضهم بالإسلام وتزيا بزى العلماء حين زار العالم الإسلامى كما فعل صنمهم الأكبر "جولد تسيهر" اليهودى المجرى، وسنوك هرجونيه المستشرق الهولندى، وتقدم آخرون ببحوث مجمعية لينخرطوا بين المجمعيين، فتصبح آراؤهم موضع القبول والرضا، وأثبتت الدراسات أن ربع أعضاء المجامع العلمية فى القاهرة ودمشق وبغداد وبيروت من هؤلاء المستشرقين، والأزمة الفكرية التى اختلقها (مرجليوث)( ) فى اصطناع الشعر الجاهلى، والفساد العقائدى الذى نشره (لرى ماسينون) حول القرآن وعامية العربية فى القاهرة، وما كتبه جولد تسيهر وشاخت وغيرهم عن السنة المطهرة لا تزال آثاره ماثلة للعيان0

فلا يفرح مسلم من ثناء مستشرق على الإسلام أو الرسول e، ويعد هذا كسباً للعلم والتاريخ، فإن هذا قد يكون مرحلة من مراحل التغريب فى العقيدة والفكر، وأسلوباً من أساليب المكر والخديعة( )0

يقول الدكتور محمد حسين : "لذلك كان من الواجب على المسلمين أن يدركوا إدراكاً واضحاً أن البحوث الإسلامية التى يكتبها المستشرقون هى بحوث موجهة ضد الإسلام والمسلمين، فتمجيد الإسلام فى كتب المستشرقين يقصد به خلق جوٍ من الاطمئنان إلى نزاهة الفكر الغربى من ناحية، ومقابلة هذه المجاملة من جانب المستشرقين بمجاملة مثلها من جانب المسلمين للقيم الغربية، ويقصد بذلك أيضاً أن يقوم تفاهم بين الشرق والغرب، ودعوة الباحثين من المسلمين فى مؤتمراتهم، وفى غيرها من الكتب والبحوث الإسلامية، بقصد المعاونة فى تحقيق التقارب بين الثقافتين، ومزج إحداهما بالأخرى، وبالطبع مزج الفكر الفلسفى اليونانى الغربى بالفكر الإسلامى العربى، والنتيجة الطبيعية لهذا المزج الخروج بفكر منحرف مجافٍ لإسلامنا وحضارتنا تماماً كما حدث مع أصحاب الفرق من المعتزلة والمتكلمين وغيرهم ممن تأثروا بالفكر الفلسفى اليونانى والفارسى والهندى، وخرجوا بأصول ومناهج كان لها أثرها السئ فيما أثير حول السنة من شبهات( )0
فكثير من المستشرقين المعتدلين لم تكن كتاباتهم إنصافاً للإسلام والمسلمين، وإنما مرحلة جديدة من مراحل تغريب الأمة الإسلامية فى عقيدتها وفكرها بأسلوب ماكر خبيث ينخدع به المفتونون بهم0

يقول الأستاذ محمد سرور بن نايف : "وأتحدى أن يكون هناك مستشرق منصف فيما يكتب عن الإسلام والمسلمين"( )0

ويؤكد ذلك الأستاذ محمد أسد بقوله : "صورة مشوهة للإسلام وللأمور الإسلامية تواجهنا فى جميع ما كتبه مستشرقوا أوربة"( )0

فلو أخذنا مثلاً "بروكلمان"( ) فى كتابيه (تاريخ الأدب العربى) و (تاريخ الشعوب الإسلامية) وهما من المراجع المهمة عند كثير من المتخصصين بعلم التاريخ؛ لأنهما فى نظرهم من المراجع الهامة التى أدت ولازالت تؤدى خدمات جليلة للباحثين فى شتى مجالات العلوم العربية والإسلامية( )0 لو قرأنا بإمعان هذين الكتابين واللذين هما فى نظر المنتصرين للمستشرقين من المراجع الهامة فى التعريف بإسلامنا وتاريخنا، وصاحبه من المعتدلين، لرأينا أن صاحبه صليبى، حاقد على الإسلام والمسلمين، وقد تجاوز كل حد فى شططه عن الحق وإعراضه عن الصواب، وبعده عن الموضوعية والتحرر، ولم يترك مركباً للدس والتضليل إلا امتطاه، وذلك بترديده أقوال من سبقه من المستشرقين، ولكن بأسلوب ماكر دس فيه السم بالدسم0 فى كل ما كتبه عن القرآن الكريم والسنة المطهرة والنبى e وصحابته الكرام0

فكارل بروكلمان وهو يتحدث عن نبوة محمد e، يردد أكاذيب وأباطيل سلفه من اليهود والنصارى فيقول : "وتذهب الروايات إلى أنه اتصل فى رحلاته ببعض اليهود والنصارى، أما فى مكة نفسها فلعله اتصل بجماعات من النصارى كانت معرفتهم بالتوراة والإنجيل هزيلة إلى حد بعيد( )، وعن الوحى يردد أكاذيب سلفه؛ بأنه وحى نفسى قائلاً : "لقد تحقق عنده – أى عند الرسول e - أن عقيدة مواطنيه الوثنية فاسدة فارغة، فكان يضج فى أعماق نفسه هذا السؤال : إلى متى يمدهم الله فى ضلالهم، ما دام هو U قد تجلى، آخر الأمر، للشعوب الأخرى بواسطة أنبيائه؟! وهكذا نضجت فى نفسه الفكرة أنه مدعو إلى أداء هذه الرسالة، رسالة النبوة( )0

ولا ننسى المستشرق (موريس بوكاى) فى كتابه : "دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة، فشهادته بصدق القرآن بقوله : "إن القرآن لا يحتوى على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم فى العصر الحديث"( ) وعلى الرغم من أن كلامه على القرآن الكريم لا يسلم من المآخذ، إلا أننا نراه فى موقفه من السنة المطهرة يردد أقوال من سبقه من المستشرقين مشككاً فى صحة نقلها وحجيتها، كقوله : "فقد كتبت أولى الأحاديث بعد عشرات من السنوات من موت محمد e مثلما كتبت الأناجيل بعد عشرات السنوات من انصراف المسيح، إذن فالأحاديث والأناجيل شهادات بأفعال مضت) ( )0 ثم وصفة لكلام النبى e؛ بأنه كلام بشر قد يخطئ ويصيب …( )، وأن هناك مبادئ للقرآن صريحة فى الأمر دائماً بالرجوع إلى العلم والعقل فى الحكم على الأحاديث( )0

إلى غير هؤلاء من المستشرقين الذين وصفوا بإنصاف الإسلام ونبيه e( )؛ لأنهم وصفوه ومجدوه بالعبقرية، وبأن دعوته حركة إنسانية إصلاحية، وانخدع بذلك بعض المسلمين غافلين عن السم الذى وراء هذا الدسم (الثناء والمدح)، وهو تجريد النبى e من النبوة، ومن مزية أن القرآن الكريم والسنة النبوية وحى من عند الله U وأن رسالته e ربانية صالحة لكل زمان ومكان إلى يوم الدين، وليست حركة إصلاحية إنسانية لم تعد صالحة فى عصرنا هذا، كما يهدف أعداء الإسلام ومن اغتر بهم0

يقول الأستاذ محمد سرور بن نايف -بعد أن تحدى أن يكون هناك مستشرق منصف فيما يكتب عن الإسلام والمسلمين- قال : "بل لا يجوز الاعتماد فيما نكتبه عن الإسلام على أقوال المستشرقين ولو كانوا مسلمين وذلك للأسباب التالية :
1- ثبت أن نفراً منهم : أسلم خلال وجوده فى بلدان العالم الإسلامى لغاية فى نفوسهم، وارتدوا عن الإسلام عندما عادوا إلى أوطانهم وأدوا الدور الذى كان مطلوباً منهم0
2- وبعضهم : كان متخصصاً بالعلوم الفلسفية، واطلع خلال بحثه على مؤلفات ابن عربى وغيره من غلاة الصوفية الذين يؤمنون بالحلول، ووحدة الوجود، أو اطلع على مؤلفات الشيعة والمعتزلة والمتكلمين وباقى الفرق المنتسبة إلى الإسلام، ثم راحوا يكتبون عن الإسلام من خلال تلك الفرق التى أشربوا حبها ووصفوها بأنها صاحبة فكر عقلى ثورى تحررى - مع خروج غلاتها عن الإسلام0
3- وآخرون منهم : مزجوا بين الإسلام وعادات وتقاليد الغربيين، وهذا المزيج المشوه أسموه إسلاماً، ومن سلم من هذه الانحرافات من المستشرقين( ) لا يستطيع الكتابة بعمق وشمولية عن العقائد الإسلامية أو غيرها من بقية العلوم والمعارف الإسلامية، وهذا ما اعترفت به إحدى المجلات التبشيرية الألمانية قائلة : "إنه رغماً من اطلاع المستشرقين الألمانيين وطول باعهم فى المؤلفات الإسلامية؛ فإن التعليم والعقائد التى تلقى فى المساجد والمعاهد الإسلامية لم تزل خافية علينا"( ) إن العلوم الإسلامية لها رجالها الذين حفظ الله U بهم دينه، وفى طليعتهم الصحابة –رضوان الله عليهم- والتابعون ومن بعدهم من الأئمة الجهابذة – رضوان الله عليهم أجمعين -( )0
4- هذا بالإضافة إلى جهل معظمهم باللغة العربية ولأبعادها ومراميها، بل إن بعضهم كان لا يعرف كلمة واحدة من اللغة العربية من أمثال "سلفتردى ساس"، و "أليس عرينان" و"جيراردمتر"( )0
يقول الدكتور السباعى : "وفى جامعة أكسفورد وجدنا رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية فيها يهودياً يتكلم العربية ببطء وصعوبة، وكان أيضاً يعمل فى دائرة الاستخبارات البريطانية فى ليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، وهناك تعلم العربية، وتلك هى مؤهلاته التى بوأته هذا القسم، ومن العجيب أنى رأيت فى منهاج دراساته التى يلقيها على طلاب الاستشراق : تفسير آيات من القرآن الكريم من الكشاف للزمخشرى "أى والله وهو لا يحسن فهم عبارة بسيطة فى جريدة عادية" ودراسة أحاديث من البخارى ومسلم، وأبواب من الفقه فى أمهات كتب الحنفية والحنابلة، وسألته عن مراجع هذه الدراسات؛ فأخبرنى أنها من كتب المستشرقين أمثال : جولدتسيهر، ومرجليوث، وشاخت، وحسبك بهؤلاء عنواناً على الدراسات المدخولة المدسوسة الموجهة ضد الإسلام والمسلمين"( )0

يقول الأستاذ سرور : "ليكتب إخواننا المستشرقون المسلمون عن فساد الحضارة الأوربية،وعن انهيار وتفكك الأسرة الغربية،وليقدموا لنا دراسات وأبحاثاً عن عقائد وتصورات المغضوب عليهم والضالين من اليهود والنصارى، وعن الخرافات والأساطير التى اتخذوها ديناً، وليكشفوا فضائح المستشرقين، وفساد مناهجهم، وليترجموا أمهات الكتب الإسلامية إلى الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية وغيرها من اللغات التى يجيدونها،وليكونوا دعاة إلى اللهU فى أقوامهم،وليحرصوا على دراسة الإسلام وفهمه فهماً صحيحاً ليس فيه أى غلو أو انحراف، وليعيدوا النظر فى جميع التصورات والمفاهيم المشوهة عن الإسلام التى سبق وأخذوها عن بنى قومهم0 هذا ما ننصحهم به ورحم الله U امرءاً عرف قدر نفسه أ0هـ( )0

وإذا كان ما سبق بيان لموقف المسلمين من كتابات المستشرقين وعدم الاعتماد عليها فى فهم ديننا، ولا الاعتماد عليها فيما نكتبه عن الإسلام ومصادره من قرآن، وسنة، وسيرة، وتاريخ … إلخ0 حتى لو كان هؤلاء المستشرقين مسلمين للأسباب السابقة0 فإن هذا لا يعنى أن نلقى تلك الكتابات بعيداً، ونقول : إنها كلام فارغ … صحيح أن فيه كذباً وتضليلاً : صحيح أنه صادر عن حقد عميق، ولكنه ليس كلاماً فارغاً، ولا يخدمنا فى شئ أن نلقيه بعيداً، ثم نجر اللحاف وننام … لأن هذا "الكلام الفارغ" هو الحديد والنار اللذان يحاربنا بهما أعداؤنا فى بلادهم وبلادنا0 والحديد والنار لا يقابلان إلا بالحديد والنار، وفى ميدان العلم0 الحديد والنار، هما العمل، والعمل الطويل نواجه به مكر أعدائنا فإذا كان أعداؤنا يعملون بتخطيط ومكر، فعلينا أن نخطط ونمكر لنفسد عليهم خططهم ومكرهم0 وإذا كانوا يكتبون عن الإسلام والمسلمين "كلاماً فارغاً … فلنشمر نحن عن سواعدنا ولنكتب نحن الشئ المليان أداءً للأمانة التى حملنا الله U إياها فى أعناقنا بتبليغ رسالته إلى خلقه كافة0 كما قال U : ]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[( ) أ0هـ0