سام تنسلي: نقاشات الجامعة فتحت قلبي وعقلي على الدين الحنيف

يوم إعلاني الشهادة في سبتمبر 2008.. يوم فاصل في حياتي



سام تنسلي («الشرق الأوسط»)

* سام تنسلي بريطانية إحدى النساء اللاتي اعتنقن الدين الإسلامي كشفت في حوارها مع «الشرق الأوسط» جوانب من تحولها الى الإسلام والصعوبات التي واجهتها في البداية, فجاء الحوار على النحو التالي:

* كيف كانت تجربتك الأولى مع الإسلام والمسلمين؟ وعند أي نقطة بدأت التفكير في اعتناق الإسلام؟

- كانت إحدى صديقاتي المقربات في المدرسة الابتدائية مسلمة، ودرست الإسلام بصورة محدودة في المدرسة. لذا، كنت مدركة لبعض المبادئ الإسلامية منذ سن صغيرة. على سبيل المثال، كنت أعلم ما هي الأعمدة الخمسة الرئيسية التي يقوم عليها الإسلام. ومع ذلك، لم أتفهم قط أصل الإسلام والجذور المشتركة بينه وبين المسيحية إلا في مرحلة متقدمة من حياتي. وكنت أنظر إلى الإسلام باعتباره ديانة غريبة لا علاقة لها تقريبا بالمسيحية التي كنت أعتنقها.

عندما التحقت بالجامعة، التقيت بعض المسلمين ودخلت معهم في مناقشات دينية، وكنا نناقش التوترات القائمة بين المسيحية والإسلام. وكنت عاقدة العزم على إقناع أصدقائي بحقيقة المسيحية، لكنني أدركت أني بحاجة لمعرفة المزيد عن الإسلام كي أتمكن من خوض النقاش. في الإنجيل، يقول يسوع إن علينا اختبار كلمة الأنبياء الجدد كي نرى ما إذا كانت طيبة، بمعنى أنها قادمة من عند الله. وعليه، فإن هذه الآية في الإنجيل تفتح الباب أمام إمكانية وجود أنبياء بعد يسوع. وأجريت مزيدا من الأبحاث وقرأت القرآن (على أمل أن أتمكن من دحضه). ولدى قراءتي القرآن، وجدت نفسي منجذبة لهذا الدين وشرعت في النظر إليه بعقل أكثر تفتحا.

* ما أكثر ما جذبك للإسلام؟

- كمسيحية، درست الإنجيل بالتفصيل، وكنت على معرفة جيدة ليس بتعاليم يسوع فحسب، وإنما كذلك الأنبياء السابقين له. عندما قرأت القرآن، دهشت من حجم العناصر المشتركة بينه وبين الإنجيل، ليس فقط فيما يخص تاريخ الأنبياء، وإنما كذلك فكرة الدعوة لعبادة إله واحد، الأمر الذي يعد محوريا بالنسبة للعهد القديم. أيضا، في الوقت الذي لم أتمكن فيه من استساغة كل ما ورد في القرآن في بادئ الأمر، لم أتمكن من العثور على التناقضات التي سبق أن وجدتها في الإنجيل، الأمر الذي أثار فضولي حيال إمكانية أن يكون هذا النص أصليا.

* هل كان هناك شخص محدد أثر على قرارك بالتحول إلى الإسلام أو شجعك على ذلك؟

- كنت على معرفة بصديقتين مسلمتين تنتمي كل منهما إلى خلفية ثقافية ودينية مختلفة عن الأخرى. وقد أعطتني إحداهما نسخة من القرآن، الأمر الذي كان عنصرا محوريا في اعتناقي الإسلام. أما الأخرى، فكانت على معرفة بالتفهم المقارن للإسلام (خاصة أعمال زاكر نايك)، لكنها عجزت عن أن تشرح لي كيف يمكن التوفيق بين الإسلام والمسيحية.

* ما نمط الكتابات التي اطلعت عليها كي تتعرفي على الإسلام؟

- الكتاب الوحيد الذي قرأته بتمعن وتفصيل قبل اعتناقي الإسلام كان القرآن. ورغم أن القرآن وحده كان من الصعب تفهمه بالنسبة لشخص حديث العهد بالإسلام، فإنه منحني كثيرا من التساؤلات التي طرحتها بدوري على أصدقائي المسلمين.

* كيف كانت فكرتك عن المسلمين والإسلام قبل اعتناقك له؟

- لم أقتنع قط بفكرة أن الإسلام دين إرهابي، فلا أزال أتذكر الغضب الشديد الذي اجتاح أصدقائي بالمدرسة لدى ورود أنباء وقوع هجمات 11 سبتمبر (أيلول) ومعاناتهم الشديدة من العنصرية، الأمر الذي أدنته تماما لأنني كنت أعلم أن أصدقائي المسلمين صادقون ومحبون للسلام. إلا أن معظم أصدقائي المسلمين كانوا فتيات وكان آباؤهم على درجة بالغة من الصرامة، الأمر الذي أثار في نفسي اعتقادا بأن الإسلام دين متحيز ضد المرأة ويقلص من حقوقها. وعمد بعضهن إلى أنماط من السلوك المتمرد بالمدرسة رغبة منهن في التمرد ضد الوالدين (الأمر الذي عاينته كثيرا بين زميلاتي المسلمات عن غيرهن من غير المسلمات). لذا، رأيت أن هذا التمييز ضد المرأة يضر بالفتيات المسلمات.

* هل يمكن أن تصفي لنا يوم اعتناقك للإسلام؟ هل تتذكرين اليوم والساعة؟

- بعد قراءتي للقرآن، أصبحت في مأزق حيال ما ينبغي أن أؤمن به. كنت أعلم أنني أؤمن بإله واحد، لكنني لم أكن على ثقة أي الديانتين على صواب. خلال رمضان عام 2008، صمت معظم الشهر وأديت الصلاة بانتظام، سائلة الله الهداية، مثلما يقول الإنجيل فيما معناه «ستبحث عني وتجدني عندما تبحث عني من أعماق قلبك». وكلما سعيت وراء الحقيقة، اتضح الإسلام أمامي، حتى شعرت بأني على استعداد لقبوله كدين لي. في نهاية سبتمبر (أيلول) 2008، التقيت إحدى صديقاتي المسلمات وذهبنا لتناول الغداء، وأخبرتها عن رغبتي في اعتناق الإسلام. وعليه، دعتني صديقتي لنطق الشهادة.

* كيف كان رد الفعل العام من أسرتك وأصدقائك حيال تحولك إلى الإسلام؟ هل كانوا مؤيدين أم معارضين؟

- سيطر على أصدقائي بصورة أساسية شعور بالصدمة وعدم التصديق، ليس بسبب أفكارهم الخاطئة حول الإسلام، وإنما لنظرتهم لي باعتباري شديدة التحرر! قبل اعتناقي الإسلام، كنت معتادة على احتساء الخمور وكان لدي علاقات عاطفية عديدة. لذا، عندما أعلنت رغبتي في التحول إلى الإسلام والامتناع عن شرب الخمر والدخول في علاقات خارج إطار الزواج، ظن أصدقائي أنني أمزح. بالنسبة لوالديّ، فإنهم كانوا أقل ترحيبا بالأمر في البداية، نظرا لمعارضة والدي للأديان المنظمة ونظرة والدتي للإسلام باعتباره معارضا لحركة تحرير المرأة. لذا، كانا غير سعيدين بالقرار لأسباب تخصهما، وزاد الأمر عندما بدأت أرتدي غطاء للشعر. لكن لحسن الحظ، بمرور الوقت باتا أكثر تقبلا لديني الجديد، إن لم يكونا قد تقبلاه تماما. مثلا، في عشية عيد الميلاد، اشترت لي والدتي أسماك سالمون لأتناولها في العشاء وحلوي لا يدخل في صنعها الكحوليات. ربما تكون هذه أمورا صغيرة، لكنها تعكس إيمان والدي بأهمية جعل ديني متناغما مع الأسرة وتقاليدها.

* باعتبارك إنجليزية اعتنقت الإسلام، هل شعرت قط بتعرضك لأي نوع من التمييز من جانب مسلمين آخرين أو غير مسلمين؟

- أكثر التجارب إحباطا كانت التوجه المتسيد الذي انتهجه إخواني المسلمون وكان لسان حالهم يقول: «لقد كنا مسلمين طيلة عمرنا، فكيف يمكنك أن تعلمي بكل شيء؟»، خاصة عندما بدأت نشاطات دعوية. أعتقد أن الكثير من المسلمين لا يقدرون هذا الأمر بالنسبة للمعتنقين حديثا للإسلام، وهو أنه رغم كونهم لا يزال أمامهم الكثير لتعلمه، فهم متلهفون للمعرفة ومتحررون من جميع صور التحيز الثقافي والطائفي والأفكار الخاطئة عندما يشرعون في التعرف على الإسلام. إن أصدقائي المسلمين عادة ما يعرفون عن الإسلام أكثر مني بكثير، ورغم ذلك تبقى أمور أعلمها لا يعلمونها.

وكطالبة، يسعدني القول بأن زملائي في مجملهم كانوا متقبلين للغاية لاعتناقي الإسلام. ورغم أن أقلية من أصدقائي المسيحيين واليهود جاء رد فعلهم غير لطيف، مع إقدام أحد أصدقائي المسيحيين السابقين على مهاجمتي عبر شبكة الإنترنت وإثارة انطباع لدى أصدقائي من كنيستي السابقة أنني تعرضت لغسل مخ من جانب رجل مسلم. وهناك أيضا بالطبع النظرات الحقيرة التي أقابلها أحيانا لارتدائي غطاء للشعر علانية، غالبا ما تكون من أبناء الأجيال الأكبر سنا (وقد أخبرني رجل أكبر سنا أنني لست «ليبرالية»). ومع ذلك، تبقى تجربتي في مجملها إيجابية لحسن الحظ، وتبقى التوجهات المتحيزة ضد الاستثناء، وليس القاعدة.

* منذ اعتناقك الإسلام، كيف أصبحت وجهة نظرك تجاه الأمة المسلمة بوجه عام؟

- خلال تجربتي مع المسلمين، خاصة «الجمعية الإسلامية» بالجامعة، التقيت عددا من الرجال والنساء الرائعين وعقدت علاقات صداقة رائعة. أشعر بأن أمتنا تحمل كثيرا من الخير والكثير من الإمكانات، لكن المشكلة الوحيدة أنه غالبا ما يبدو المسلمون بالغرب خائفين من النهوض وتمثيل الإسلام. وعليه، تبقى الشخصيات المسلمة الرئيسة التي تظهر في وسائل الإعلام هي تلك المتطرفة للأسف والذين لا يمثلون الإسلام حقا.

هناك الكثير من الضغوط على الشباب اليوم، خاصة المسلمين، كي ينجحوا في حياتهم الخاصة ويحققوا مكانة رفيعة. لذا، بات من العسير للغاية ألا ينغمس المسلمون في السعي لنيل درجات علمية وبناء حياة مهنية ناجحة والمشاركة في الثقافة الغربية بدرجة لا تترك وقتا يستثمرونه في مجتمعهم أو في العمل الدعوي. وأعتقد أن الضغوط الثقافية دفعت المسلمين المتدينين للاختلاط فقط مع المسلمين. وعليه، لا تتوافر إمكانية أمام غير المسلمين للتعرف على الإسلام الصحيح.

* ما أكثر آية قرآنية اجتذبتك للإسلام؟ وهل هناك آية قريبة إلى قلبك بصورة خاصة؟

- سورة الإخلاص مهمة جدا بالنسبة لي لأنها توجز فكرة وحدانية الله، الأمر الذي شكل دوما عنصرا محوريا في إيماني، كمسيحية ومسلمة. أعتقد أهم آية بالنسبة لي على الصعيد الشخصي هي «لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» لأنها تعكس الحقيقة التي وجدتها في الإسلام وثقتي في الله لإرشاده لي إلى الحقيقة.

* ما النصيحة التي تقدمينها إلى جيل الشباب المسلم داخل المملكة المتحدة؟

- لا أعتقد نفسي مؤهلة لتقديم النصح، سوى أنني كمعتنقة حديثا للإسلام أقول إن علينا تقدير الإسلام حق قدره. أشعر بامتنان عظيم لاعتناقي الإسلام وإدراكي جمال وروعة هذا الدين، الأمر الذي أعتقد أنني لم أكن لأشعر به حقا لو كنت نشأت كمسلمة واعتدت على هذا الدين. نصيحتي الكبرى لنفسي وللآخرين ضرورة التركيز على الصورة الأكبر وعدم التشتت بتفاصيل الحياة من يوم لآخر. من العسير للغاية لمسلم متدين في ظل الضغوط الراهنة الالتزام بثقافة وتقاليد المملكة المتحدة، لكننا في النهاية محاسبون أمام الله، وليس أي شخص آخر. وإن شاء الله لن نندم قط على تضحيتنا بشيء دنيوي من أجل ديننا، لكن من المحتمل أن نندم إذا اتخذنا الطريق المعاكس.




الشرق الأوسط - الثلاثـاء 15 شعبـان 1431 هـ 27 يوليو 2010 العدد 11564