التراث اليهودي المسيحي عبارة عن عدة أفكار وعقائد أخذت من العهد القديم، وخاصة نبوءات العهد القديم، فبعض متطرفي المسيحية يرون أن نبوءات العهد القديم أمر مقدر من الله ويجب تنفيذه، وهي النبوءة التي تقول إن المسيح حين يعود سيحكم العالم هو والقديسون لمدة ألف عام (1) وهي فترة سيسود فيها السلام والعدل، ولكي تبدأ الألف عام لابد من استرجاع اليهود إلى فلسطين تمهيداً لعودة المسيح؛ وبالتالي يرى المتطرفون أو (الاسترجاعيون) أن عودة اليهود لفلسطين واجبة بصفتهم شعب الله المختار القديم أو الأول، بينما المسيحيون هم شعب الله المختار الجديد أو الثاني، وهذا وعد وعدهم به الله ووعود الله لا تسقط حتى وإن خرج اليهود منها، فلابد من عودتهم وبالتالي فإن كل من سيحارب تلك العودة ويحارب اليهود ويعاديهم سيكون عدواً للمسيحية..
بل إن البعض يرجع هذا المصطلح إلى عهد كريستوفر كولومبوس وما كتبه في يومياته عن أنه كُلِف بمهمة إلهية دينية لأمل إعادة تأسيس مملكة إسرائيل في القدس على جبل صهيون. وكذلك تشبيه هجرة وهرب الأوروبيين إلى أمريكا الجديدة بهرب اليهود من مصر إلى أرض الميعاد..

الغريب أنه يوجد اختلاف جوهري وعميق بين اليهودية والمسيحية، فهناك اختلاف جوهري خاص بطبيعة الإله وعلاقته بالبشر، واختلاف حول فكرة المسيح، فاليهودية ترى المسيح (المشيح) شخصاً سياسياً قومياً، سيقود شعبه إلى أرض الميعاد ويعيد بناء الهيكل ويؤسس المملكة اليهودية مرة أخرى، والمسيحية ترى المسيح الإله والإنسان الذي يحمل عبء خلاص كل البشرية لا الشعب اليهودي فقط.
وأيضا نجد أن قضية صلب المسيح بها خلاف جوهري، فصلب المسيح في المسيحية حين نزل ابن الإله إلى الأرض وارتضى لنفسه أن يصلب ليحقق فكرة الفداء والتضحية عن الجميع وهي لحظة كونية لا تنافسها أية لحظة أخرى، وكان اليهود سبباً رئيسياً في تلك اللحظة فحاخامتهم هم الذين أوصلوا المسيح لتلك اللحظة وأصروا على معاقبته وبالتالي هم قتلة الرب، ومنكروه. والشتات كان عقابهم على هذا..
وما يمثل تلك اللحظة في المعتقد اليهودي، هو الهولوكوست، تمثل لحظة الصلب لهم.
وبالنسبة للعهد القديم فالكنيسة ترى أن العهد الجديد حل محله بل وتقدم عنه، فالعقيدة المسيحية ترى أن الشرع والقانون تحققا من خلال المسيح وتم تجاوزه وأن الرحمة والإيمان بالمسيح أصبحت وسيلة للخلاص بدلاً من الشريعة والأوامر والنواهي الواردة بالعهد القديم، فنجدهم نبذوا عادات الأكل والختان وغيرها مما تمسك به اليهود، فهم يرون أن اليهودية دين ظاهر ومفسر دون إدراك معنوي، ويحملون كتباً وتعاليم لا يفقهون معناها، بينما المسيحية قامت على أن الكنيسة هي إسرائيل الروحية والمؤمنون به تشربوا معانيه وتوغلت مبادئه في أرواحهم، وهو دين عالمي باب الهداية مفتوح للجميع، على عكس اليهودية التي هي دين منغلق مقصور على شعب بعينه، وبهذا نجد أن هناك اختلافًا جوهريًا أدى لتدني الدين اليهودي وشيوع المسيحية في العالم، وبالتالي أصبح هناك عداء قوي بين الدينين، فالمسيحية تغلبت على اليهودية وصارت أقوى واليهودية ضعفت وتدنت، ونأتي هنا إلى أن التراث الحقيقي الذي يجمع ما بين اليهودية والمسيحية هو الكره والبغض، فكيف يحب المسيحي قاتل إلاهه (المسيح) ومعذبه وناكره، وكيف يحب اليهودي سارق مجده ونابذه، ومسبب شتاته .

ولكننا نراهم يتحدون في هجومهم على الاسلام .. فلماذا ياترى ؟؟؟