أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ

النتائج 11 إلى 11 من 11

الموضوع: أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    المشاركات
    97
    آخر نشاط
    25-08-2009
    على الساعة
    07:24 AM

    افتراضي أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ

    الحَجُّ : 52

    وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ


    أثارت هذه الآية جدلاً طويلاً من العلماء و دخل فيه كثير من الحشو و الإسرائيليات , خاصةً حول معنى (تَمَنَّى)

    و هي ترد في اللغة بمعنيين , و ما دام اللفظ يحتمل معنيين , فليس أحدهما أولى من الآخر إلا بمدى استعماله و شيوعه بين جمهور العربية , و يأتي التمني في اللغة بمعنى القراءة , كما ورد في قول حسان بن ثابت في رثاء عثمان بن عفان رضي الله عنهما :

    تمنى كتاب الله أول ليلة ********** و آخرها وافاه حتم المقادير

    يعني : قتل عثمان و هو يقرأ القرءان , و هذا المعنى غريب في حمل القرءان عليه لعدم شيوعه .

    و تأتي تمنى بمعنى : أحب أن يكون الشيء , و هذا القول المشهور في لغة العرب .

    أما معنى قرأ , فهو غير شائع , و يرد هذا القول و ينقده نقداً أولياً و مبدئياً قوله تعالى :

    { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ } الحج 52

    و معلوم أن الرسول ينزل عليه كتاب يمكن أن يقرأه , أما النبي فلا ينزل عليه كتاب , بل يعمل بشرع من سبقه من

    الرسل .

    إذن , فما دام الرسول و النبي مشتركين في إلقاء الشيطان , فلا بد أن تكون الأمنية هنا بمعنى : أحب أن يكون الشيء , لا بمعنى قرأ , فأي شيء يقرأه النبي و ليس معه كتاب ؟

    و الذين فهموا أن التمني في قوله { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}الحج 52

    أنه بمعنى قرأ , سواء أكانوا من العلماء المتعمقين أو السطحيين , قالوا : معنى إذا قرأ رسول الله القرآن تدخل الشيطان
    في القراءة , حتى يدخل فيها ما ليس منها.

    و ذكروا دليلاً على ذلك في قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى } النجم 19 و 20,
    ثم أضافوا :{ الغرانيق العلا } , { و إن شفاعتهن لترجى } .

    و كأن الشيطان أدخل في القرءان هذا الكلام , ثم نسخه الله بعد ذلك و أحكم آياته .

    و لكن هذا القول يشكك في قضية القرءان , و كيف نقول به بد أن قال الله تعالى في القرءان : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ } الشعراء 193 و 194

    و قال { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ ، لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ ، فَمَا مِنْكُمْ مِّن أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } الحاقة 44 إلى 47

    إذن الحق سبحانه و تعالى حفظ قرآنه و كلامه من أمثال هذا العبث , و كيف ندخل في القرءان هذه الكفريات ؟
    و كيف تستقيم عبارتهم :{ و الغرانيق العلا } , { و إن شفاعتهن لترجى } مع قول الله تعالى { أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى ، ألَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى ، تِلْكَ إِذَا قِسْمَةٌ ضِيزَى } النجم 19 إلى 22

    كيف ينسجم هذا و ذاك ؟

    فهذا الفهم في هذه الآية لا يستقيم , و لا يمكن للشيطان أن يدخل في القرءان ما ليس منه , لكن يحتمل تتدخل الشيطان على وجه آخر : حين يقرأ رسول الله القرءان و فيه هداية للناس و فيه مواعظ و أحكام و معجزات , أتنتظر من عدو الله أن يخلي الجو للناس حتى يسمعوا هذا الكلام دون أن يشوش عليهم , و يبلبل أفكارهم و يحول بينهم و بين سماعه ؟

    فإذا تمنى الرسول يعني : قرأ ألقى الشيطان في أمنيته , و سلط أتباعه من البشر يقولون في القرءان : سحر و شعر إفك و أساطير الأولين .

    فدور الشيطان إذن لا أن يدخل في كلام الله ما ليس منه , فهذا أمر لا يقدر عليه و لا يمكنه الله من كتابه أبداً , إنما يمكن أن يلقي في طريق القرءان و فهمه و التأثر به العقبات و العراقيل التي تصد الناس عن فهمه و التأثر به , و تفسد القرءان في نظر من يريد أن يؤمن به .

    لكن , هل محاولة تشويشه للقرءان هذه و صد الناس عنه جاءت بنتيجة و صرفت الناس فعلاً عن كتاب الله ؟

    لقد خيب الله سعيه و لم تقف محاولته عقبة في سبيل الإيمان بالقرءان و التأثر به , لأن القرءان وجد قلوباُ و آذاناً استمعت و تأملت و انهارت للجلاله و عظمته و خضعت لأسلوبه و بلاغته , فآمنوا به واحد بعد الآخر .

    ثم يقول تعالى { فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } الحج 52 : يعني : ألغى و أبطل ما يقول الشيطان من الأباطيل و العقبات التي أراد بها أن يصد الناس عن القرءان , و أحكم الله آياته , و أوضح أنها منه سبحانه و أنه كلام الله المعجز الذي لو اجتمعت الإنس و الجن على أن يأتوا بمثله ما استطاعوا ذلك سبيلاً .


    هذا على قول من اعتبر أن { تَمَنَّى } بمعنى قرأ .

    أمـــا على معنى أنها الشيء المحبوب الذي نتمناه , فنقول الرسول الذي أرسله الله تعالى بمنهج الحق إلى الخلق , فإن كان قادراً على تطبيق المنهج في نفسه فإن أمنيته أن يصدق و يطاع فيما جاء به , أمنيته أن يسود منهجه و يسيطر و يسوس به حركة الحياة في الناس .

    و النبي أو الرسول أولى الناس بقومه و هو أحرثهم على نفعهم و هدايتهم , و القرءان خير يحب للناس أن يأخذوا به عملاً بقوله صلى الله عليه و سلم

    { لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه } أخرجه البخاري 13


    لكن , هل يترك الشيطان لرسول الله أن تتحقق أمنيته في قومه أم أن يضع في طريقه العقبات , و يحرك ضده النفوس
    فيتمرد عليه قومه حيث يذكرهم الشيطان بما كان لهم من سيادة و مكانة يفتقدونها في الإسلام؟
    و قصة السيد المسيح مع اليهود خير دليل على ما ذكرناه

    هكذا يلقي الشيطان في أمنية الرسول { إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ }الحج 52 و ما كان الشيطان ليدع القرءان ينفد في قلوب الناس و حتى آذانهم , أليس هو صاحب فكرة { وقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا القُرْءانِ والْغَوْا فِيهِ } فصلت 26

    إن الشيطان لو لم يلق العراقيل في سبيل سماع القرآن و يشكك فيه لآمن به كل من سمعه , لأن للقرآن حلاوة لا تقاوم , و أثرا ينفذ إلى القلوب مباشرة .

    و مع ذلك لم يفت ما ألقي الشيطان في ألقى الشيطان في عضد القرآن , ولا في عضد الدعوة , فأخذت تزداد يوماً بعد يوم , و يزداد عدد المؤمنين بالقرآن المصدقين به , المهم أن ننتبه : كيف نستقبل القرآن , و كيف نتلقاه , لا بد أن نستقبله استقبال الخالي من هوى , فالذي يفسد الأحكام أن تستقبل و تدخل على هوى سابق .

    و سبق أن قلنا : إن الحيز الواحد لا يسع شيئين في وقت واحد , لا بد أن تخرج أحدهما لتدخل الآخر , فعليك – إذن –
    أن تخلى عقلك و فكرك تماماً , ثم تستقبل كلام الله , و ابحث فيه كما شئت , فسوف تنتهي إلى الإيمان به شريطة أن تصفى له قلبك , فلا تبق في ذهنك ما يعكر صفو الفطرة التي خلقها الله فيك , عندما سيأخذ القرآن طريقة إلى قلبك , فلا أشرب قلبك حب القرآن , فلا يزحزحه بعد ذلك شيء .

    و لنا في إسلام سيدنا عمر مثال وعظة , فلما سمع القرآن من أخته لأول مرة , و قد أغلق قلبه على كفره لم يتأثر به , و ضربها حتى أدمى وجهها , و عندها رق قلبه , و تحركت عاطفته نحو أخته , و كأن عاطفة الحب زحزحت عاطفة العداوة , و كشفت عن صفاء طبعه , فلما سمع القرآن بعدها آمن به على الفور.كذلك , إن أردت أن تناقش قضية الإيمان أو الكفر , و أن تختار بينهما , لأنهما لا يجتمعان أبداً , و لا بد أن تختار , فحين تناقش هذه القضية و أنت مصر على الكفر فلن تصل إلى الإيمان لأن الله يطبع على القلب المصر فلا يخرج منه الكفر , ولا يدخله الإيمان , إنما أخرج الكفر أولاً و تحرر من أسره , ثم ناقش المسائل كما تحب .

    كما قال الله تعالى : { قُلْ إِنمَّا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّنْ جِنَّةٍ .... }سبأ 46

    أنا أن تناقش قضية , و في ذهنك فكرة مسبقة , فأنت كهؤلاء الذين قال الله فيهم : { وَمِنْهُمْ مَن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِن عِنْدَكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا }محمد 16 يعني : ما الجديد الذي جاء به ؟ و ما المعجزة في هذا الكلام ؟

    فيأتي الرد { وَمِنْهُمْ مَن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِن عِنْدَكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ، والَّذِينَ اهْتَدَوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ }محمد 16 و 17

    و في آية أخرى يقول الحق سبحانه عن القرآن : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ والَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وهُوَ عَلَيْهِم عَمًى .... }فصلت 44

    فالقرآن واحد , لكن المستقبل مختلف , و قد ذكرنا أنك حين تريد أن تبرد كوب الشاي الساخن فإنك تنفخ فيه , و كذلك إن أردت أن تدفئ يديك في الشتاء فأنك أيضاً تنفخ فيها , فكيف – إذن – و الفاعل واحد ؟ نعم الفاعل واحد , لكن المستقبل للفعل مختلف .
    و قوله تعالى : { مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ }الحج 52

    (مِنْ ) هنا للدلالة على العموم و شمول كل الأنبياء و الرسل السابقين فكل نبي أو رسول يتمنى يعني : يود و يحب و يغب أن ينشر دينه و يطبق منهجه , و يؤمن به جميع قومه, لكن هيهات أن يتركه الشيطان و ما أحب, بل لا بد أن يقف له بطريق دعوته ليصد الناس عنه و يصرفهم عن دعوته و منهجه , لكن في النهاية ينصر الله رسله و أنبياءه , و ينسخ عقبات الشيطان التي ألقاها في طريق الدعوة , ثم يحكم الله آياته , و يؤكدها و يظهرها , فتصير محكمة لا ينكرها أحد .

    و ساعة تسمع كلمة { ألقى } الحج 52 ؛؛ فاعلم أن بعدها عقبات و شرورا , كما يقول الله تعالى : { وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ }المائدة 64

    و مما قاله أصحاب الرأي في تفسير { تمنى } الحج 52
    و أنها بمعنى قرأ : يقولون : إن الله تعالى ينزل على رسوله صلى الله عليه و سلم أشياء تثبت بشريته , ثن يمحو الله آثار هذه البشرية ليبين أن الله صنعه على عينه , حتى إن همت بشريته بشيء يعصمه الله منها .

    لذلك يقول صلى الله عليه و سلم : { يرد علي فأقول : أنا لست كأحدكم , و يؤخذ مني فأقول : ما أنا إلا بشر مثلكم }

    إذن : فالرسول بشر إلا أنه يوحي إليه ما يعصمه من زلات البشر.


    و من بشريته , أنه تعرض للسحر , و هذه واقعة لا تنكر , و قد ورد فيها أحاديث صحيحة , و قد كاد الكفار لرسول الله
    بكل أنواع الكيد : استهزاءً , و سباباً , و اضطهاداً , و إهانةً , ثم تآمروا عليه بليل ليقتلوه , و بيتوا له , فلم يفلحوا
    قال تعالى { وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ويَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ}الأنفال 30 }

    و كاد الله لرسوله و أخرجه من بينهم سالماً , و هكذا فضح الله تبييتهم و خيب سعيهم , و فشلت محاولاتهم الجهرية
    و السرية فلجئوا إلى السحرة ليفعلوا برسول الله ما عجزوا هم عنه , و عملوا لرسول الله سحراً في مشط و مشاطة من شعره صلى الله عليه و سلم و طلع نخلة ذكر ففضحهم الله , و أخبر رسوله بذلك فأرسل الإمام علياً أتى به من بئر ذروان.

    و كان الحق سبحانه يريد أن يبين لنا بشرية الرسول , و أنه يجري عليه ما يجري على البشر , لكن لا يترك بشريته وحدها , و إنما يعصمه بقيوميته .

    و هذا المعنى هو ما قصده أصحاب الرأي الأول : أن الرسول يطرأ عليهما يطرأ على البشر العادي , لكن تتدخل السماء لتعصمه .
    و نحن نختار الرأي الآخر الذي يقول أن تمنى بمعنى ودّ و أحبُّ .

    ثم تختتم الآية بقوله تعالى : { والله حكيم عليم } الحج 52
    عليم بكيد الشيطان , و تدبيره , حكيم في علاج هذا الكيد .

    { لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}الحج 53

    و لسائل أن يقول : إذا كان الله تعالى ينسخ ما يلقي الشيطان , فلماذا كان الإلقاء بداية ؟

    جعل الله الإلقاء فتنة ليختبر الناس , و ليميز من ينهض بأعباء الرسالة , فهي مسئولية لا يقوم بها إلا من ينفذ من الفتن , و ينجو من إغراءات الشيطان , و يتخطى عقباته و عراقيله , لذلك قال الله تعالى عنهم : { آل عمران 110 }
    { كنتم خير امةٍ اخرجت للناس }

    و ما تبوأتم هذه المنزلة إلا لأنكم أهل لحمل هذه الأمانة, تمر بكم الفتن فتهزءون بها و لا تزعزعكم , لذلك قال الله تعالى
    { لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } الحج 53

    أي : نفاق , فإن تعرض لفتنة على وجهه . يقول كما يقولون : سحر و كذب و أساطير الأولين .

    و كذلك فتنة { وَالقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } الحج 53

    و هم الذين فقدوا لين القلب , فلم ينظروا إلى الجميل عليهم في الكون خلقاً و إيجاداً و إمداداً , و لم يعترفوا بفضل الله عليهم , و لم يستبشروا به و يأتوا إليه.

    و نحن نلحظ الولد الصغير يأنس بأمه و أبيه , و يركن إليهما , لأنه ذاق حنانهما , و تربى في رعايتهما , فإن ربته المربية حتى في وجود أمه فإنه يميل إليها , و يألف حضنها , و لا يلتفت لأمه , لماذا ؟ لأنه نظر إلى الجميل , من أين أتاه , ومن صاحب الفضل عليه فرق له قلبه , بصرف النظر من هو صاحب الجميل .

    فهؤلاء طرأوا على كون الله , لا حول لهم و لا قوة , فاستقبلهم بكل ألوان الخير , و مع ذلك كانت قلوبهم قاسية متحجرة لا تعترف بجميل .

    ثم يقول سبحانه و تعالى : { وَإِنَّ الظَّالمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } الحج 53
    فهم ظالمون أولاً لأنفسهم حين نظروا إلى منفعة عاجاة قليلة , و تركوا منفعة كبيرة دائمة . و الشقاق: الخلاف , و منه قولنا : هذا في شق , و هذا في شق يعني : غير متلائمين , و ليته شقاق هين يكون له اجتماع و التئام , ليته كشقاق الدنيا بين الناس على عرض من أعراض احياة , إنما هم في شقاق بعيد . يعني : أثره دائم , و أثره فظيع .

    إذن : العلة الأولى لما يلقي الشيطان أن يكون فتنة . أما العلة الثانية ففي قوله تعالى :

    { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبَتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
    }الحج 54

    قوله تعالى { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِكَ } الحج 54

    يعني : يتأكدوا تأكيداً واضحاً أن هذا هو الحق , مهما شوش عليه المشوشون , و مهما قالوا عنه : إنه سحر , أو كذب , أو أساطير الأولين , لأن الله سيبطل هذا كله , و سيقف أهل العلم و النظر على صدق القرآن بما لديهم من حقائق و مقدمات و استدلالات يعرفون بها أنه الحق .

    و ما دام هو الحق الذي لم تزعزعه هذه الرياح الكاذبة فلا بد أن يؤمنوا به { فيؤمنوا به } الحج 54
    ثم يتبع هذا الإيمان عمل و تطبيق { فتخبت له } الحج54
    يعني : تخشع و تخضع و تلين و تستكين .

    ثم يقول سبحانه و تعالى{ وإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } الحج 54

    فمسألة كيد الشيطان و إلقائه تنته بموت الرسول , بل هو قاعد لأمته من بعده , فالشيطان يقعد لأمة محمد كلها , و لكل من حمل عنه الدعوة .

    يقول تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}الأنعام 112

    يعني : دعهم جانباً فالله لهم بالمرصاد ، فلماذا - إذن – فعلوه ؟ وما الحكمة ؟

    قال تعالى : { وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ } آلِ عِمْرَان 141


    قال تعالى : { وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ .. } الأَنْعَام 113

    فالرد : ليبرروا لأنفسهم الانغماس في الشهوة والسير في طريق الشيطان ، وهؤلاء يحلو لهم الطعن في الدين ، ويتمنون أن يكون الإسلام دين أوهام لا حقيقة له ، لأنهم يخافوا أن يكون حقيقة ، وأن يتورطوا بأعمالهم السيئة ونهايتهم المؤلمة .

    لماذا ؟

    لأنهم يريدون أن يبرروا سلوكهم ، محاولين إخراج أنفسهم من ورطة ، لا مخرج منها ، فهؤلاء يتبعون كل ناعق ، ويجرون وراء كل شبهة في دين الله يتلقفونها ويرددونها ، ومرادهم أن يهدموا دين الإسلام من أساسه ، ولكن إن ربك لهم بالمرصاد .

    الإمام المرحوم / الشيخ محمد متولي الشعراوي .

    ولتصل الفكرة بشكل اسهل لعبدة الصليب نطرح عليهم ما يؤمنوا به كما جاء بإنجيل لوقا :

    8: 11 و هذا هو المثل الزرع هو كلام الله 12 و الذين على الطريق هم الذين يسمعون ثم ياتي ابليس و ينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فيخلصوا

    هكذا يلقي الشيطان في امنيته .

    اقتباس
    ألقى الشيطان في أمنيته
    .
    مرقس 4: 14
    الزارع يزرع الكلمة 15 و هؤلاء هم الذين على الطريق حيث تزرع الكلمة و حينما يسمعون ياتي الشيطان للوقت و ينزع الكلمة المزروعة في قلوبهم

    التعديل الأخير تم بواسطة السيف البتار ; 24-02-2010 الساعة 03:48 AM

أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ
    بواسطة المهتدي بالله في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 26-09-2005, 10:20 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ

أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ