النوع الثاني عشر: المُعَلَّق

تعريفه: ما حُذِف مُبْتَدَأُ سنده سواء كان المحذوف واحدا أو أكثر على سبيل التوالي ولو إلى آخر السند.

مثاله: ما رواه البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم[ أَحَبُّ الْأَدْيَانِ إِلَى اللَّهِ ‏‏الْحَنِيفِيَّةُ ‏‏السَّمْحَةُ] رواه البخاري كتاب الإيمان باب 30.

وفي مسند احمد:
[ حَدَّثَنِي ‏يَزِيدُ ‏قَالَ ‏أَخْبَرَنَا‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ‏‏عَنْ ‏دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ‏عَنْ ‏عِكْرِمَةَ ‏‏عَنِ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏قَالَ ‏قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ ‏‏الْحَنِيفِيَّةُ ‏‏السَّمْحَةُ ] مسند احمد 2003.

وفي سنن ابن ماجة :
[ ‏حَدَّثَنَا ‏أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ‏حَدَّثَنَا‏ ‏يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ‏‏وَأَبُو أُسَامَةَ ‏قَالَا حَدَّثَنَا ‏بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ ‏عَنْ ‏أَبِيهِ ‏عَنْ ‏جَدِّهِ ‏‏قَالَ ‏قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ‏ ‏احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ قَالَ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تُرِيَهَا أَحَدًا فَلَا تُرِيَنَّهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا قَالَ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ ‏ ‏يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ ] سنن ابن ماجة كتاب النكاح 1910.

وحكم المعلق أنه مردود مثل حكم المنقطع للجهل بحال المحذوف إلا أن يقع في كتاب الْتُزِمَت صحته كصحيح البخاري ومسلم وقد علَّق البخاري أحاديث وصلها في مواضع أخرى من صحيحه للاختصار وخشية التطويل ومعلقات أخرى لم يصلها وهي على قسمين :

القسم الأول: المُعَلَّّق بصيغة الجزم

مثل قال فلان أو حَدَّثَ أو رأى أو ذَكَر وهذه الصيغة تُعتبر حكما بصحة الحديث إلى من عَلَّقه فقط لأنه لا يستجيز أن يجزم بالحديث عنه ونسبته إليه إلا وقد صح عنده أنه قاله فإذا جزم به عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابي عنه فهو صحيح أما إذا كان الذي علق الحديث عنه دون الصحابة فلا يحكم بصحة الحديث حكما مطلقا بل يتوقف على النظر في مَنْ أبرز من رجاله وفى غير ذلك مما يشترط لصحة الحديث فتتنوع هذه الأحاديث إلى الصحيح وغيره بحسب ذلك .

مثال الصحيح:
قوله [ ‏حَدَّثَنَا ‏عَفَّانُ‏ ‏حَدَّثَنَا‏ ‏حَمَّادٌ ‏قَالَ أَخْبَرَنَا‏ ‏ثَابِتٌ ‏عَنْ ‏أَنَسٍ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ يَوْمَ ‏أُحُدٍ ‏وَهُوَ ‏يَسْلِتُ ‏الدِّمَاءَ عَنْ وَجْهِهِ كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ ‏‏ شَجُّوا ‏‏وَجْهَ نَبِيِّهِمْ وَكَسَرُوا ‏رَبَاعِيَتَهُ‏ ‏وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ] الحديث رواه مسلم في صحيحه 4746 والترمذي 3272 وابن ماجة 4027.

مثال الضعيف:
قوله في كتاب الزكاة: [ وقال طاووس قال معاذ لأهل اليمن ائتوني بعَرْضٍ ثيابٍ خميصٍ أو لَبِيسٍ في الصدقة مكان الشعير والذُّرة أهونُ عليكم وخيرٌ لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ] الترمذي كتاب تعجيل الزكاة 34..
وإسناده إلى طاووس صحيح لكنه لم يسمع من معاذ. .

وفي الترمذي:
[ ‏حَدَّثَنَا‏ ‏الْقَاسِمُ بْنُ دِينَارٍ الْكُوفِيُّ ‏حَدَّثَنَا‏ ‏إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ ‏عَنْ ‏إِسْرَائِيلَ ‏‏عَنْ ‏الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ ‏عَنْ ‏الْحَكَمِ بْنِ جَحْلٍ ‏عَنْ ‏حُجْرٍ الْعَدَوِيِّ ‏‏عَنْ ‏عَلِيٍّ ‏‏أَنَّ النَّبِيَّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏قَالَ ‏لِعُمَرَ ‏إِنَّا قَدْ أَخَذْنَا زَكَاةَ ‏الْعَبَّاسِ ‏عَامَ الْأَوَّلِ لِلْعَامِ ‏‏قَالَ ‏‏وَفِي الْبَاب ‏عَنْ ‏ابْنِ عَبَّاسٍ ‏قَالَ ‏أَبُو عِيسَى‏ ‏لَا أَعْرِفُ حَدِيثَ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ مِنْ حَدِيثِ ‏ ‏إِسْرَائِيلَ ‏‏عَنْ ‏الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ‏ ‏إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ‏وَحَدِيثُ ‏‏إِسْمَعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا ‏عَنْ ‏ ‏الْحَجَّاجِ ‏‏عِنْدِي أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ ‏إِسْرَائِيلَ ‏‏عَنْ ‏الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ ‏وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ ‏الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏مُرْسَلًا] الترمذي كتاب تعجيل الزكاة 615..

القسم الثاني: المُعَلَّّق بغير صيغة الجزم

مثل رُوى عن فلان أو يُحْكَى أو يُذْكَر أو يُقَال وتُسَمَّى صيغة تمريض وهذه الصيغة ليست حكما بصحته عمن رواه عنه لأنها تستعمل في الحديث الصحيح وتُستعمل في الحديث الضعيف أيضا:

مثال الصحيح: قوله: ويُذْكَر عن عبد الله بن السائب قال قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنون في الصبح حتى إذا جاء ذِكْرُ موسى وهارون أو ذِكْرُ عيسى أخذته سَعْلَةٌ فركع وهو حديث صحيح على شرط مسلم،فلقد روى مسلم في صحيحه :
[ ‏و حَدَّثَنَا‏ ‏هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‏حَدَّثَنَا ‏‏حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ‏عَنْ ‏ابْنِ جُرَيْجٍ ‏‏ قَالَ ‏ح ‏‏وحَدَّثَنِي‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ‏‏وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ ‏‏حَدَّثَنَا ‏‏عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ‏ابْنُ جُرَيْجٍ ‏ قَالَ سَمِعْتُ ‏مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ يَقُولُ‏ أَخْبَرَنِي‏ ‏أَبُو سَلَمَةَ بْنُ سُفْيَانَ ‏‏وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْعَابِدِيُّ ‏‏عَنْ ‏‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ ‏‏صَلَّى لَنَا النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏ الصُّبْحَ ‏ ‏بِمَكَّةَ ‏ ‏فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ ‏ ‏الْمُؤْمِنِينَ ‏ ‏حَتَّى جَاءَ ذِكْرُ ‏‏ مُوسَى ‏ ‏وَهَارُونَ ‏ ‏أَوْ ذِكْرُ ‏ ‏عِيسَى ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ ‏ ‏يَشُكُّ أَوْ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ ‏ ‏أَخَذَتْ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏سَعْلَةٌ فَرَكَعَ ‏‏ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ ‏ ‏حَاضِرٌ ذَلِكَ ‏‏وَفِي حَدِيثِ ‏‏ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ‏ ‏فَحَذَفَ فَرَكَعَ ‏ ‏وَفِي حَدِيثِهِ ‏‏ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ‏ ‏وَلَمْ يَقُلْ ‏ ‏ابْنِ الْعَاصِ ] صحيح مسلم 693.
إلا أن البخاري لم يُخْرِجْ لبعض رواته.

مثال الضعيف،ما رواه احمد:
[ ‏حَدَّثَنَا ‏‏يَحْيَى ‏عَنْ ‏‏سُفْيَانَ ‏عَنْ ‏عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏يَسْتَاكُ مَا لَا أَعُدُّ وَلَا أُحْصِي وَهُوَ صَائِمٌ ] مسند احمد15233. ورواه موصولا أبو داود 2366 والترمذي 729.

وفي الترمذي:
[ ‏حَدَّثَنَا‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا‏ ‏عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ‏حَدَّثَنَا ‏سُفْيَانُ ‏عَنْ ‏عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ‏عَنْ ‏‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ ‏قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏مَا لَا أُحْصِي ‏يَتَسَوَّكُ وَهُوَ صَائِمٌ ‏‏قَالَ ‏وَفِي ‏الْبَاب‏ ‏عَنْ ‏عَائِشَةَ ‏قَالَ ‏أَبُو عِيسَى ‏حَدِيثُ ‏عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ‏حَدِيثٌ حَسَنٌ ‏وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا‏ ‏إِلَّا أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهُوا السِّوَاكَ لِلصَّائِمِ بِالْعُودِ وَالرُّطَبِ وَكَرِهُوا لَهُ السِّوَاكَ آخِرَ النَّهَارِ ‏وَلَمْ يَرَ ‏الشَّافِعِيُّ ‏بِالسِّوَاكِ بَأْسًا أَوَّلَ النَّهَارِ وَلَا آخِرَهُ ‏وَكَرِهَ ‏أَحْمَدُ ‏وَإِسْحَقُ ‏السِّوَاكَ آخِرَ النَّهَارِ] الترمذي 657..

في سنن أبي داود:
[ ‏حَدَّثَنَا ‏مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ‏حَدَّثَنَا ‏شَرِيكٌ ‏ح ‏‏وحَدَّثَنَا ‏مُسَدَّدٌ ‏حَدَّثَنَا ‏يَحْيَى عَنْ ‏‏سُفْيَانَ ‏عَنْ ‏‏عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ‏ ‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ‏‏عَنْ ‏‏أَبِيهِ قَالَ ‏رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ ‏زَادَ ‏‏مُسَدَّدٌ ‏مَا لَا أَعُدُّ وَلَا أُحْصِي] سنن أبو داود 2017.
وعاصم بن عبيد الله ضعَّفه يحيى بن معين وقال البخاري منكر الحديث.

وقد صنف الحافظ ابن حجر كتابًا جمع فيه مُعَلَّقات البخاري وخَرَّجها ووصلها من طرق أخرى فجاء فريدا في بابه سماه تغليق التعليق وهو مطبوع في خمس مجلدات, وأما معلقات مسلم فقد عَدَّها أبو علىٍّ الغساني أربعة عشر حديثا ووصلها من طرق صحيحة ذكرها في كتابه تقييد المُهْمَل وتمييز المُشْكِل وقد نقلها عنه ابنُ الصلاح في مقدمة شرحه لصحيح مسلم وحقق أنها اثنا عشر حديثا فقط حيث ذكر أبو علىٍّ الغساني الحديث 6643 مرتين والحديث 937 جاء موصولا في رواية أبى أحمد الجلودي لصحيح مسلم وقد نقل الإمام النووي كلام ابن الصلاح بنصه في مقدمة شرحه لصحيح مسلم ص 16 إلى 18 .
وهذه هي أرقام الأحاديث 848 و 1384 و 1461 و 2301 و 4066 و 4069 و 4208 و 4517 و 4913 و 6105 و 6643 و 6953.

ويلاحظ أنهم جعلوا ما كان في أول إسناده راو مُبْهم معلَّقًا كقول مسلم حُدِّثْتُ عن وحدثني مَنْ سمع وحدثني بعض أصحابنا وحدثني غيرُ واحد أو عدةٌ من أصحابنا وبدون هذه المبهمات يصير عدد المعلقات سبعة أحاديث.