محمود سلطان : بتاريخ 3 - 7 - 2007
إثر الفيضانات التي اجتاحت بريطانيا الأسبوع الماضي، وخلفت أربعة قتلى وأكثر من 30 ألف مشردا، نقلت صحيفة "صنداي تلغراف" يوم الاثنين الماضي 2-7-2007، عن "أساقفة كبار" في الكنيسة البريطانية قولهم:" إن الفيضانات الأخيرة التي شهدتها البلاد هي عقاب من الله على زيادة الجشع والفسق. ونقلت عن أحدهم قوله أيضا:" إن التراخي في قوانين الزواج والتشريعات المؤيدة للمثليين هي سبب الفيضانات التي ضربت بعض المناطق البريطانية وشردت آلاف الأشخاص" .
وعندما عقب البعض على هذه التصريحات مستغربا بالقول "إن الأبرياء عوقبوا بالفيضانات"؟! رد الأساقفة:" إن غضب الله لا يميز بين البشر" .
ونسبت الصحيفة البريطانية إلى أسقف وصفته بـ"رفيع المستوى" قوله:" "هذا حكم قوي وواضح لأن العالم أصبح متعجرفا في اختيار طريقه"، مضيفاً: "نحن نقطف نتائج انحطاطنا الأخلاقي والأضرار التي ألحقناها بالبيئة. نحن نمر الآن بأزمة أخلاقية لأن كل أساليب الحياة باتت غير شرعية".
هذا الكلام قيل في "بريطانيا الديمقراطية" وليس في "مصر الظلامية"! ولم يحدث أية ضجة، ولم تنبر أقلام وصحف للتهجم على الأساقفة، والسخرية منهم وتحويلهم إلى مادة إعلامية للتندر وإطلاق النكات، وما كنا سنعلم عن هذه التفسيرات الكنسية للفيضانات شيئا، لولا ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية بشأنها!
ولقد كتب عدد من الأمريكيين المنتمين إلى المحافظين الجدد مقالات ـ نشرت صحيفة الحياة اللندنية بعضها ـ تكلمت صراحة عن أن "إعصار كاترينا عقوبة من الرب بسبب دعم الولايات المتحدة لانسحاب إسرائيل من غزة" .
وبعيد كاترينا بأيام نقلت "رويترز" عن القس "فرانكلين جراهام" قوله أثناء زيارة له لمدرسة مسيحية بولاية فيرجينيا الأمريكية: "لقد كانت هناك سحابة روحية سوداء فوق نيو أورليانز منذ سنوات"، موضحًا أن "نيو أورليانز مدينة تعرف بعبادة الشيطان وانتشار الخمور وتعاطي المخدرات ، وأن البعض يعتقد أن الله استخدم الإعصار من أجل عمل صحوة دينية هناك"
الوكالة ذاتها علقت على ذلك بقولها:" إن بعض المسيحيين الأمريكيين يرون أن التطهير الجيد سيبدأ من الحانات والنوادي الراقصة المتراصة بشارع بوربون بالحي الفرنسي بالمدينة ، حيث يجتمع السياح والمحليون هناك عند قدومهم إلى المدينة ، وخاصة أثناء احتفالات ماردي جراس السنوية التي تشهد العديد من مظاهر الخلاعة والعربدة".
ونقلت عن مصدرها بأنه قد شوهد أحد الإنجليين المنصرين ويدعى "مايكل ووكر" بشارع بوربون حاملاً لافتة مكتوبا عليها "الوقت ينفذ. هل تعرف المسيح؟"
كل هذه "التفسيرات الدينية" للظواهر الطبيعية بلعها المثقفون العرب "الصلع"، الذين يتحلون بـ"شعر التنوير" الغربي، فقط لأن قائلها من ذوي العيون الزرقاء والشعر الأشقر، من الذين يشعر المثقف العربي أمامهم بالأنوثة والخنوثة والخضوع والطاعة والاستسلام لـ"قوامته" عليه ، وكأن الله ـ سبحانه ـ رفعه عليه درجة!
لو أن داعية مسلما قال مثل هذا الكلام، لنهشت لحمه أقلام مأجورة ومرتزقة، لا تعرف للعفة معنى، ولا للطهارة طعما.
قد نختلف أو نتفق على هذه التفسيرات .. قد نقبلها وقد نرفضها، فالبشر خلقوا مختلفين في كل شيء، غير أن قلوبا مريضة ران عليها الزيغ والعفن الفكري والأيديولوجي، ما انفكت تتربص بالدعاة والمفكرين، سيما المؤثرين في الرأي العام، تتصيد منهم أية كلمة هنا أو هناك، ليحيلوها حملة شعواء عليهم، لا تستهدف إلا النيل من مكانة الدين في النفوس والقلوب ،، ومن ثم دوره في تنظيم حياة الناس على الصعيدين السياسي والتشريعي. ولعل العالم الجيولوجي الكبير د. زغلول النجار هو أكثر العلماء عرضة لهذه "البهدلة" من "فسافيس" لا يستحقون أن ينالوا شرف أن يكونوا "نعلا" يستخدمه في غدوه ورواحه


http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=35577&Page=1&Part=5