د. محمد عمارة : بتاريخ 2 - 7 - 2007

لم يترك الزنادقة بابا من أبواب الطعن في القرآن الكريم والافتراء عليه إلا واقتحموه! ...ومن هذه الأبواب ما جاء في بعض كتب الإخباريين ـ أي الذين يلملمون الروايات ويثبتونها دونما نقد أو مقارنة أو تصحيح ـ ما ورد في بعض كتب هؤلاء الإخباريين من الشيعة ، من روايات تقول إن لعلي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ مصحفا أكبر من هذا المصحف الذي بين يدي المسلمين اليوم ..وأن لفاطمة ـ بنت النبي عليه الصلاة والسلام ـ هي الأخرى مصحفا مخالفا!!..

نعم ..لقد اقتحم الزنادقة هذه الأبواب ...وركزوا على أن احد هؤلاء المؤلفين من الشيعة ـ الإخباريين ـ وهو " الميرزا حسين النوري" قد ألف كتابا عنوانه "فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب"!!

لكن الزنادقة لا يذكرون أن إخوتنا من علماء الشيعة الإمامية قد نقضوا ونقدوا وفندوا كل الكتابات والروايات التي جاءت في تراث هؤلاء الإخباريين من علمائهم ..وذلك عندما أصدروا كتابا عنوانه " أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة " طبعته الدولة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بطهران سنة 1406هـ سنة 1985 م

وقدم له الناشر وهو الدولة ـ معاونية الرئاسة للعلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي ـ بمقدمة جاء فيها :" إنه ليس هناك مسلم واع موضوعي يؤمن بهذه الأكذوبة {أكذوبة التحريف} أو يرتب أي أثر عليها ، وهذا ما يبدو لنا من استقراء أقوال العلماء واستدلالاتهم القوية على رد هذه الشبهة وهذا الكتاب يعد محاولة جيدة لتأكيد هذه الحقيقة ، بالإضافة إلى أنه يدفع الكثير من الشبهات التي حاولت إلصاق القول بالتحريف للقرآن بمذهب أهل البيت ، وهو برئ من هذه التهمة تماما . نعم يوجد في التاريخ أناس غرتهم الظواهر وابتلوا ببعض الاستدلالات غير المنطقية فراحوا يشككون في المسألة ، إلا أن ضعف استدلالهم ومخالفتهم للضرورة الإسلامية القائمة طوت أفكارهم فلم يعد لها أي ذكر ، وبقي النص القرآني ناصعا قويا ، قطعي السند ، خالدا معبرا عن خلود الإسلام العظيم ..

وبعد هذا التقديم لهذا الكتاب ..عرضت فصول الكتاب الذي ألفه "الشيخ رسول جعفريان" ـ لما ذكره "الميرزا حسين النوري " في كتابه { فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب} ..فرأينا شهادة تلميذ النوري الشيخ " آقابزرك الطهراني " على تراجع أستاذه "النوري" عن هذه الدعوى ..وقوله " حسبما شافهنا به وسمعنا من لسانه فإنه كان يقول : أخطأت في تسمية الكتاب ، وكان الأجدر أن يسمى بـ{فصل في عدم تحريف الكتاب} لأني أثبت فيه أن كتاب الإسلام ـ القرآن الشريف ـ الموجود بين الدفتين، المنتشر في أقطار العالم ، وحي إلهي بجميع سوره وآياته وجمله لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل ولا زيادة ولا نقصان من لدن جمعه حتى اليوم ، ولقد وصل إلينا المجموع الأول بالتواتر القطعي ".

وأضاف الطهراني ـ في شهادته على أستاذه ـ: "هذا ما سمعنا من قول شيخنا نفسه أما عمله فقد رأيناه وهو لا يقيم لما ورد في مضامين الأخبار وزنا بل يراها آحادا لا تثبت بها القرآنية بل يضرب بخصوصيتها عرض الجدار "

هكذا انهارت أهم حجة من حجج الزنادقة على حدوث التحريف في نص القرآن الكريم
ولقد عرض هذا الكتاب أيضا في معرض النقد والنقض للروايات التي جاءت في كتب الإخباريين الشيعة عن تحريف القرآن ـ لما جاء في كتاب "الكافي" للكليني وهو من أهم مراجع الشيعة في الأحاديث فقال :"إن الشيعة لا يعتقدون بصحة جميع مروياتهم ولذا ذكروا أسانيد الأحاديث لكي ينظر المدقق ويتحقق من صحة الحديث أو ضعفه وهذا ينسحب على كتاب الكافي وغيره من كتب الشيعة
...ونحن لا نقول بصحة كل الروايات التي نقلها الكليني ...ففيه الضعيف والمرسل وما لا يوافق القرآن ..فليس الكافي كالبخاري ومسلم عند أهل السنة ...وإن أحاديث الكافي التي بلغت 16199 حديثا الصحيح منها 5072 حديثا أي أقل من الثلث ...والحسن 144 حديثا والموثق 1128 حديثا والقوي 302 حديثا والضعيف 9480 حديثا " أي ثلثي أحاديث هذا الكتاب الذي وردت فيه روايات من تحريف القرآن الكريم ..

وهكذا انهار العمود الثاني من الأعمدة التي اعتمد عليها الزنادقة في التشكيك بحفظ القرآن الكريم عن التحريف .


http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=35487&Page=1&Part=2