بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أبو جهل الإسرائيلي في أسطول الحرية


سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة...!!

وما أشبه أبا جهل الإسرائيلي بأبي جهل الجاهلي...!!

وما أشبه شرفاء أسطول الحرية بشرفاء من قريش...!!

حوصر رسول الهدى ومنقذ البشرية -صلى الله عليه وسلم- في شعبٍ أجدب ثلاث سنوات، ليس وحده بل معه بنو هاشم وبنو عبد المطلب، قال رواة السيرة: حتى بلغ القوم الجهد الشديد، وحتى سمعت قريشٌ أصوات صبيانهم يتضاغون من وراء الشعب...


في أثناء الحصار لقي أبو جهل بن هشام حكيم بن حزام بن خويلد معه غلام يحمل قمحاً يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهى عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الشعب، فتعلق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تذهب أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة!!

فجاءه أبو البخترى بن هشام فقال: ما لك وله؟

فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم.

فقال له أبو البخترى: طعام كان لعمته عنده بعثت به إليه، أتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خلِّ سبيل الرجل.

فأبى أبو جهل لعنه الله حتى نال أحدهما من صاحبه...

هذا أبو جهل الجاهلي يحاصر الأبرياء والأطفال، ثم يمنع المعونات أن تصل المحصورين؛ بل يقطع الطريق على المحسنين والمتعاطفين، ويستعمل القوة.

يعيد المشهدَ تماماً أبو جهل الإسرائيلي بكل وقاحة ووحشية وتوظيف القوة في القرصنة والاستخفاف بالدول والقوانين والإنسانية كلها..
لن أتمادى في سبّ اليهود كيلا أصبح كما قال الأول: "أوسعتهم شتماً وراحوا بالإبل" كعادتنا في كل حدث إلاّ ما رحم ربي، (وإن كنا أحياناً نتمنى ولو قليلاً من السبّ) بيد أني سأعود إلى السيرة النبوية الشريفة؛ فقصة الحصار فيها لم تنته بعد..
يقول المؤرخون في قصة أبي جهل الآنفة الذكر: فأخذ أبو البخترى لحى بعير فضرب أبا جهل به فشجه ووطئه وطئاً شديداً.

أبو البخترى مشرك فليس موافقاً لمحمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يرضَ بعنجهية أبي جهل هذه وعاقبه على تعدّيه..

تُرى ماذا فعلنا وسنفعل تجاه أبي جهل الإسرائيلي؟! فأين من يطالب (فقط يطالب) بمعاقبته ويصرّ على هذا الحق؟!

قصة الحصار في السيرة لم تنته بعد..

قال المؤرخون: وكان المشركون يكرهون ما فيه بنو هاشم من البلاء حتى كره عامة قريش ما أصاب بني هاشم، وأظهروا كراهيتهم لصحيفتهم القاطعة الظالمة.. وتصبح قريش فيسمعوا من الليل أصوات صبيان بني هاشم الذين في الشعب يتضاغون من الجوع، فاذا أصبحوا جلسوا عند الكعبة فيسأل بعضهم بعضاً فيقول الرجل لصاحبه: كيف بات أهلك البارحة؟ فيقول: بخير فيقول: لكن إخوانكم هؤلاء الذين في الشعب بات صبيانهم يتضاغون من الجوع...

تُرى هل قلنا نحن ذلك تجاه إخواننا وشيوخنا ونسائنا وأطفالنا في غزة؟! ونحن المسلمون المنعوتون بالجسد الواحد؟!

قصة الحصار في السيرة لم تنته بعد..
قال المؤرخون: ثم إن هشام بن عمرو بن ربيعة مشى إلى زهير بن أبي أمية، فقال: يا زهير، أرضيت بأن تأكل وتشرب وتلبس الثياب، وتنكح النساء آمناً، وأخوالك بحيث علمت على الحال التي تعرف من الجهد والضر؟ فقال له: إنما أنا رجل واحد، قال: فقد وجدت ثانياً. قال: ومن هو؟ قال: أنا. فقال زهير: ابغنا ثالثاً. قال: فذهب إلى مطعم بن عدي، فقال له: أرضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف وأنت شاهد، موافق لقريش على ذلك؟ قال: ويحك، فما أصنع؟ إنما أنا رجل واحد. قال: فقد وجدت لك ثانياً. قال: من هو؟ قال: أنا. قال: فابغنا ثالثاً. قال: قد وجدته. قال: ومن هو؟ قال: زهير بن أبي أمية. قال: فابغنا رابعاً. فذهب إلى أبي البخترى العاص بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، فكلمه. فقال: هل من أحد على هذا الرأي؟ قال: نعم، أنا ومطعم بن عدي، وزهير بن أبي أمية. قال: فابغنا خامساً. فأتى زمعة بن الأسود بن المطلب بن عبد العزى، فكلمه وأخبره خبر القوم. وأجمعوا أمرهم، وتعاهدوا على القيام بنقض ما في الصحيفة وإخراج بني هاشم وبني المطلب من الشعب.
منقول
للاستفادة والموعظة