السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


عزيزتي الأم ... طفلك بحاجة لحكاية المساء


عندما كنا في سن الطفولة، كنا ننتظر بفارغ الصبر أن تنهي جدتي نفلة - رحمها الله تعالى - تأديتها صلاة العشاء
وتطوي سجادتها لكي نسارع بالإلتفاف حولها .. وننظر لشفتيها تنطق بقولها ( صلوا على النبي )

فنردد وراءها متحفزين ( اللهم صل وسلم عليه ) .

هكذا كانت تبدأ ليلة ممتعة من الإستماع للحكايات الممتعة التي كانت رحمها الله ترويها لنا ،
وكانت تستحضر كل ليلة حكاية ذات مغزى عميق .

الآن كلما تذكرت إحدى تلك القصص ، أدركت ماهو مغزاها ، كنا حينها فقط نستمتع بأحداثها ،أما الآن فقد أدركت أن تلك القيم التي تحتويها قد تركزت بعمق في وجداني ،
بل وتشكلت شخصيتي ومبادئي على أساسها .


وعندما بدأت أقرأ في أثر القصة في حياة الطفل .. خاصة إذا كانت مروية من أمه ،
أدركت كم هي متعة مفقودة عند أطفال هذا الزمن ، حيث انشغـلت الأم عن مجالسة أطفالها ،


ولم تعد الجدة تعيش في بيت واحد مع أحفادها ، وبالتالي لم يعد الأطفال يستمتعون بسماع حكاياتها ،

وإن وجدت جدة تعيش معهم ، فهم في شغـل عنها بمشاهدة التلفاز.. !!

لقد دعت دراسة متخصصة عربية إلى إحياء " فـن الحكاية " أو ما نسمية رواية القصة للأطفال ،
الذي كانت تقوم به الجدات والأمهات في الأمسيات ، وذلك من خلال أسلوب معاصر
وتوظيفه بأساليب حديثة في ظل تنوع فنون الأداء
.

وأوضحت هذه الدراسة الصادرة عن المجلس العربي للطفولة والتنمية ، أن رواية القصص

لم يعد قاصراً على الأمسيات المنزلية ، بل أصبح قاسماً مشتركاً لكل تجمعات الأطفال بداية من الروضة
مروراً بالمكتبات ونهاية بالمعسكرات والرحلات الخلوية في بعض بلدان العالم .


وتشير الدراسة إلى أن الجدات وكبار السن من السيدات ، لم يعدن وحدهن المسئولات عن ممارسة هذا الفن ،
فيما لم يعد الحكي قاصراً على الحكايات الشعبية ، سواء كانت حكايات الحيوان أو الحكايات الخرا فية ،

ليشمل كل ما أبدع من القصص والقصص المصورة
.

ولاحظت هذه الدراسة أن وظائف الحكاية ليس مجرد وسيلة لقضاء أوقات الفراغ ،

أو حكايات لشغل وقت الطفل ما قبل النوم ، بل ترتقي إلى هدف المساعدة في نمو الأطفال في كافة


المجالات نمواً سوياً .. مؤكدة أن شكل جلسات الجدّة أثبتت جدواها في تثقيف الأطفال .
وذكرت أن الدراسات التربوية والتعليمية والثقافية أثبتت أهميّة فن الحكي في تنمية
عدد من المهارات والقدرات والخبرات التي تساعد على النموالسوي للطفـل ،
منها تنميةالإحساس بالأمن والأمان من خلال روح المودة والتعاطف والألفة التي تسود جلسات الحكي .


وأضافت الدراسة ، أن جلسات الحكاية ... ُتنـمي مهارات التواصل لدى الطفل ،
خاصة مهارات الحديث والإنصات والتمهيد للقرآءة والكتابة .
وكذلك تنميّة الجانب المعرفي بما قد تضيفه من معلومات حول العالم الواقع الواقعي والمُتخيّل .


إن الإسلوب القصصي ينمي خيال الطفـل بنقلـه إلى عوالم غير مألوفة ، وتقديم نماذج غريبة عليه ،

و بالتالي تنمية قدراته الإبداعية من خلال مشاركته في فعـل الحكي والأنشطة الأخرى المرتبطة به .
و هناك عدّة قواعد يمكن الاسترشاد بها لممارسة فعـل الحكي وقراءة القصة بصوت مرتفع للأطفال ،

أهمها معرفة القصة المناسبة لكل مرحلة عمرية ، موضحة أن :

* صغار الأطفال ( 4 - 6 سنوات ) ُيفضل لهم القصص القصيرة والحوار البسيط ،
أو الحدث الواحد والشخصيات القـليلة العدد



* والأطفال من ( 6 – 10 ) تناسبهم قصص الأنبياء والقصص الواردة في القرآن الكريم
، على أن تكون بإسلوب مبسط .


* فيما ُيفضل للأكبر سناً القصص الواقعية وقصص الأبطال .

ولقد أثبتت جميع الدراسات المتعلقة بحكايات الأطفال ، أن المرأة بطبيعتها وموهبتها الطبيعية
كأم وحاضنة وراعية للصغار ، هي الأفضل والأكثر مهارة وقدرة وإبداعاً لعالم الحكايات
ولرواية القصص أو قرآءتها للصغار .


عزيزتي الأم :

يجب أن تعلمي ....أن المرأة كانت وما زالت حتى العصر الحديث
أفضل من الرجل في رواية القصة ..


و لذلك أرجو منك أن تتوجهي لطفلك كل ليلة ، وتبحثي له عن حكاية تنقلي فيها خبرتك في الحياة ، وتغرسي من خلالها كل الفضائل والقيم التي تريدين أن تربـيه عليها ..

وثقي بأنك ستكونين في تلك اللحظات لسان الصدق الذي يبحث عنه ولا يجده في عالم الزيف المسمى التلفاز .


منقول للمعرفة والفائدة