الشهيد سيد قطب وقناة الجزيرة
افتراءات برنامج "ممنوعون" على شهيد الإسلام
[


يستنكر مركز المقريزي ما بثه برنامج "ممنوعون" بقناة الجزيرة اليوم [غرة ربيع ‏الثاني 1425هـ / الموافق 20 مايو 2004م] عن شهيد الإسلام سيد قطب وقد أثار ‏حفيظتنا هذا البرنامج الساذج غير اللائق بعلم من أعلام الإسلام؛ عقيدة وفكراً ‏وسياسة.. وتتلخص ملاحظاتنا في النقاط التالية:‏

أولاً: من الناحية الشكلية: سطحية المذيع معد البرنامج واسترساله في مواضيع نشتم ‏منها تمجيد عهد بائد، وخلو جعبته من قضايا جدية تلقي الضوء على فكر هذه ‏الشخصية العظيمة.. فواضح أن المذيع لم يعرف الفرق بين صاحب الظلال وصاحب ‏الحرافيش: الفاجومي وشيخه إمام!‏

ثانياً: البرنامج ينطبق عليه المثل العرب: (نسمع جعجعة ولم نر طحناً).. فقد بثت ‏الجزيرة عنواناً مثيراً فكان جعجعة! ومضموناً ساذجاً مهيناً بحق.. ومن ثم فلم نر ‏طحناً!! اللهم إلا صوت العندليب الذي كان يخدر الأمة بأغانيه!! وصوت الزعيم ‏الملهم الذي أحل بقومه دار البوار.. وصارت مصر والأمة بأسرها بفكره الميمون! ‏مرتعاً لكل غاز وعربيد.. بل لم يفلح خلفاؤه لا في السياسة ولا حتى في الكورة!‏

ثالثا: لم يكلف معد البرنامج نفسه بأخذ تعليق أحد أقارب الشهيد سيد قطب رغم أنهم ‏غير مجهولي الهوية.‏

رابعاً: لم يكلف نفسه أن يستضيف أحد الكتاب المقربين الذي كتبوا عن الأستاذ العلم ‏سيد قطب وبعضهم أحياء يرزقون.. وهذا خلل كبير لقناة مثل الجزيرة أن تغفل هذه ‏الأبجديات المهنية.

خامساً: عدم إبراز الوجه الغربي القبيح في الباعث الحقيقي الذي أبرزه سيد قطب ‏وهو في أمريكا ألا هو نبأ استشهاد الأستاذ حسن البنا وحالة الهستيريا التي انتابت ‏المجتمع الأمريكي وخاصة النخبة وهو يرقصون فرحاً بالتخلص من أحد أعداء ‏الغرب!

‏سادساً: نشر رسالة سيئة مفادها أن سيد قطب كان عصبي المزاج متمرداً في جميع ‏أطوار حياته فكأن الرجل ـ وحاشاه ذلك ـ مريض بعقدة ما!! ويتصرف من منطلق ‏‏(خالف تعرف)!.. كما أن الربط بينه وبين شيخ الإسلام ابن تيمية من خلال أن ‏كتاباتهما حدية وعنيفة لظروف السجن! وهو مثلما فعلوا مع الدكتور أيمن الظواهري ‏عندما أرادوا أن يربطوا بين أفكاره وبين محنة السجن..

وهذا ديدنهنم مع دعاة الحق ‏وأهل الطهر.. وهذا تحليل خائب يقطر من مرض خبيث وهذا يدل على أن معد ‏البرنامج لم يسبر غور دعوة الأستاذ الشهيد سيد قطب رحمه الله.

‏سابعاً: تصوير الأستاذ الشهيد سيد قطب وخاصة في مقدمة البرنامج على أنه رجل ‏دموي تسبب في كل الأحداث من خلال صور لأحداث المنصة [اغتيال السادات عام ‏‏1981]، وإن كنا لا ننكر أن معظم الجماعات الإسلامية الجهادية الحديثة قد استقت ‏من معين هذا الشهيد العظيم غير أننا نرفض أن يوصم الأستاذ الشهيد سيد قطب ‏بالصورة الدموية المختزلة في عقلية الباحث الغربي ومن يسيرون على دربهم ‏المشين.‏

ثامناً: القول بأن الصراع بينه وبين النظام الناصري صراع سياسي بالمفهوم الذميم ‏لهذا المصطلح وهذا تحليل إما ساذج وإما خبيث فصراع الأستاذ الشهيد كان صراعاً ‏عقدياً وقد استبان له ذلك جلياً عندما عمل مع ضباط يوليو في أول الأمر خلال ثلاثة ‏أشهر إذ ظهر أنهم حفنة من المارقين على الإسلام وعصبة من المتخلفين عقلياً ‏ضررهم أكثر من نفعهم.‏

تاسعاً: تشويه البرنامج لشيخ الإسلام ابن تيمية من خلال أنه أفتى بناء على طلب من ‏حكومة المماليك: بجهاد التتار الإيلخانيين الذين كانوا قد أسلموا!! والعجيب أن الذي ‏يحلل لنا أحد ضيوف البرنامج من المستشرقين الإنجليز!! وفاتهم أن حكومة المماليك ‏هي التي سجنت شيخ الإسلام وأنه لم يكن يحابي أحداً من هؤلاء السلاطين رغم أننا ‏نتمنى في وقتنا الحاضر أن نحكم يهؤلاء المماليك! وأما أن التتار الإيلخانيين قد ‏أسلموا نعم قد أسلموا ظاهراً ولم يلتزموا بشريعة الإسلام ولم يكفروا بشريعة جانكيز ‏خان "الياسق" الذي جمعه له من كل ملة؛ عبارة عن خليط من التشريعات مثل ‏القوانين الوضعية المعمول بها في العالم الإسلامي بدون استثناء.

‏عاشراً: نعتقد أن القول بأن شيخ الإسلام ابن تيمية كان يفتي بناء على طلب المماليك ‏افتراء على ابن تيمية وتزوير فاضح للتاريخ.. لذلك فإننا نرى أن إبراز هذه المقولة ‏مداهنة لحكام اليوم الذين هم أسوأ وأرذل من التتار.. والمقام لا يتسع لإثبات ذلك. ‏


‏صفوة القول:

نطالب القائمين على قناة الجزيرة أن يصلحوا الخلل والعوار الذي بثه برنامج "الممنوعون" وأن يعيدوا الإعتبار لشهيد الإسلام سيد قطب إما ببرنامج آخر يكون ‏أكثر جدية وأعمق بعداً في تناول سيرة هذا الجبل الأشم الأستاذ الكبير بحق سيد ‏قطب. وإما اعتذار رسمي عن بثهم لبرنامج أقل ما يقال فيه إنه برنامج تافه ساذج.‏

كما نطالب الغيورين من أهل الإسلام وخاصة أصحاب الأقلام الطيبة النافعة أن ‏يذودوا عن حياض فكر هذا الصرح العظيم المتمثل في شهيد الإسلام سيد قطب.. وأن ‏يتصدوا لهذه الحملات المشبوهة والمنظمة للنيل من فكر الأستاذ الشهيد سيد قطب ‏ومن تياره الأصيل المدافع بحق عن الإسلام المقاوم لتيارات الإستكبار والغطرسة ‏ومن وراءهم من طوابير أهل العلمنة وبعض الإسلاميين المنهزمين عقدياً وفكرياً.. ‏

وفي الختام نقول: لقد ظلموا علم الإسلام سيد قطب حياً.. وها هم أولاء يظلمونه ‏بعد استشهاده.. لكننا نعلنها مدوية إذا كانت حياته أطول من حياة شانقيه.. فإن ‏حياته أيضاً أطول من حياة شانئيه..‏
غرة رربيع الثاني 1425هـ / الموافق 20 مايو 2004م