يعتبر من السهل نقل اجماع اكثر رجال التربية على اهمية اللعب والحركة ودورهما الهام في تنمية قوى الطفل، الجسمية، والعقلية، والخلقية، والاجتماعية. ففي مجال التنمية الذهنية للطفل: (اثبتت الابحاث ان الاطفال الذين تكون لديهم الامكانات والفرص للعبب تنمو عقولهم نمواً أكثر واسرع من غيرهم ممن لم تتح لهم هذه الفرص وتلك الامكانات). وفي مجال تنمية القوى الجسمية وتنشيطها، فإن لعب الأطفال يكسبهم مهارات حركية، فالقفز، والجرى، والتسلق، والتسابق وغيرها من النشاطات الجسمية يكتسب منها الطفل قدرات حركية، الى جانب ان اللعب يساهم مساهمة كبيرة مع الغذاء في زيادة وزن الطفل وحجمه ويساعد على نمو أجهزته الجسمية المختلفة. اما من الجانب الاجتماعي والخلقي فإن ممارسة الطفل للعب وسط مجموعة من الاقران، يساعده على التكيف الاجتماعي وقبول آراء الجماعة، وايثارها على النفس، والتخلص من الأنانية وحب الذات، الى جانب ظهور القيادات بين الأولاد، وتعلم أساليبها وطرق ممارستها. كما ان المباريات المختلفة بين الأطفال تعتبر مجالا جيدا لصرف المشاعر العدوانية عندهم. وممارسة الطفل للأدوار الاجتماعية المختلفة كالأب، والأم، والطبيب، والجندي، في لعبة التمثيلي: يجعله يتقلب بين هذه الشخصيات المختلفة، فيكتسب منها أدباً اجتماعيا، في كيفية التعامل مع هذه الفئات، والشخصيات الاجتماعية المختلفة. ومن فوائد اللعب ايضا: انه يساعد الطفل على معرفة البيئة من حوله، فيكتشف أولا غرفته التى يعيش فيها ومحتوياتها، ثم يتعرف على باقي غرف البيت، وما فيها من أثاث، ويتدرج في ذلك ليخرج فيتعرف على ما يحيط بالبيت من منازل، وحدائق.وهكذا فالطفل في نمو مطرد، ومستمر، وظاهر حركته اللعب واللهو، ولكنه لعب مفيد، يزيد في معرفته ومعلوماته. وقد اشار الى اهمية اللعب الامام الغزالي، وتنبه الى ذلك من جهة حث الولد على طلب العلم، وعدم التنفير منه فقال رحمه الله: (وينبغي ان يؤذن له بعد الانصراف من الكتاب ان يلعب لعبا جميلا يستريح اليه من تعب المكتب بحيث لا يتعب في اللعب، فإن منع الصبي من اللعب وارهاقه الى التعليم دائما يميت قلبه ويبطل ذكاءه وينغص عليه العيش، حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه رأسا) وهذه لفتة هامة من الامام الغزالي تبين أثر اللعب في النشاط الفكري للولد، وان فيه راحة للعقل من كثرة التلقين كما ان في اهماله ايذاء للولد وتضييقا عليه في عيشه، ودفعا له لاتخاذ الحيلة غير المشروعة. وقال رحمه الله حول اهمية الحركة والرياضة للولد: (ويعود في بعض النهار المشي والحركة والرياضة حتى لا يغلب عليه الكسل)، وقال بعض الحكماء: (الخلق المعتدل، والبنية المتناسبة دليل على قوة العقل وجودة الفطنة)، ولقد اثبتت التجارب ما اشار اليه الغزالي من ان هناك علاقة بين حركة الجسم والعقل، (فالتمرينات العضلية التى تسبق العمل الفكري تؤدي الى تحسينه غالبا وزيادة نشاطه)، كما انها في الجانب الآخر (تنمي كتلة العضلات وتزيد من قدرتها على المقاومة، كما تزيد ضخامة العظام، وتيسر سرعة الحركات ورشاقتها) ومما تقدم نجد ان الرياضة البدنية ضرورية لاعداد الافراد اللائقين بدنيا، وعقليا، واكتساب القامة المعتدلة، واعطاء الجهاز الدوري والدورة الدموية كفاءة جيدة مع حماية الجسم من الامراض ولقد نص الميثاق الدولي للتربية البدنية والرياضية في مادته الاولى على ان الرياضة حق أساسي للجميع، وأنه يجب توفير برامج للتربية البدنية والرياضية للأطفال في سن ما قبل المدرسة. وهذه أدلة كافية وواضحة على اهمية هذا الجانب في حياة الولد، حيث يتحمل الأب المسؤولية الكبرى في اعداد وتكوين الجو المناسب لابنه، لاستغلال طاقاته وقدراته الجسمية في ممارسة الألعاب والنشاطات البدنية المختلفة التى تعود عليه بالنفع.



م.ن



منقول