بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أسطول الحرية... العبقرية التركية ... الغباء العربي!!

2 / 6 / 2010 م



محمد العوضي


كيف نفهم الموقف التركي في مبادرة سفينة الحرية والموقف من حصار غزة؟ كان هذا فحوى سؤال الزميل نواف القطان في برنامج «مسائي» على قناة «الراي» اول من امس وكنت مع الدكتور جمعان الحربش ضيفي البرنامج... وهو سؤال وجيه وضروري وألخص مع التركيز مجمل اجابتي التي تستلزم على المراقب ان يلحظ نقاط التحول في القضية الفلسطينية من حيث المتغيرات الدولية، ولكن قبل فهم التحول الدولي لا بد من رصد التحولات الفلسطينية ثم التحولات العربية... قلت:

على الصعيد الفلسطيني فإن اهم هذه التحولات

1 - الخروج من بيروت 1982.
2 - اتفاقية أوسلو 1993.
3 - وصول حماس للسلطة بانتخابات ديموقراطية 2006م.


أما على الرقعة العربية:

1 - هزيمة 1948.
2 - هزيمة 1967.
3 - هزيمة اتفاقية كامب ديفيد 1978.
4 - مبادرة السلام العربية 2002.


أما دوليا:

1 - سقوط نظام الشاه واستبداله بنظام يعلن الحرب على اسرائيل 1979.
2 - انهيار الاتحاد السوفيتي 1991.
3 - أما نقطة التحول الخطيرة فكانت وصول حزب العدالة والتنمية التركي بقيادة (رجب طيب أردوغان) الى الحكم في تركيا العام 2002 استبدل فيها نظام حليف استراتيجي من ايام حكم أتاتورك بنظام منتخب بطريقة ديموقراطية ذي جذور اسلامية يعلن مناصرته للقضية الفلسطينية.


ولو قارنا وأجرينا تحليلا دقيقا لهذه التحولات على المحاور الثلاثة - الفلسطينية والعربية والدولية - لوجدنا انها كلها سارت في الاتجاه السلبي والانحدار نحو الهزيمة والتخاذل الا في الحالات التي يصل فيها اصحاب المبادئ والشعارات الاسلامية الى سدة السلطة وهذا يؤكد على طبيعة الصراع الديني بيننا وبين العدو الصهيوني.

وقبل ان افصل في الشأن التركي اشير الى الدور الايراني في دعم القضية الفلسطينية لولا المنغصات والتعكير الذي يشوب هذا الدور فيفقده الاجماع الذي حازه الدور التركي وذلك بسبب سياسات ايران العسكرية واحتلالها جزرا في الخليج وتدخلاتها السياسية وأجندة خاصة طويلة ليس هذا مجال شرحها.

أما في تحليل الدور التركي فإنه تحول من حالة التحالف الاستراتيجي التاريخي الوثيق الى خط المواجهة السياسية بعد وصول حزب العدالة والتنمية الى سدة السلطة في العام 2002، وأعتقد ان كل المؤشرات تنبئ بالانتقال من هذه العلاقات الى مرحلة العداء المباشر خصوصا بعد حادثة الاعتداء على اسطول السفن التركية وقتلها للرعايا الأتراك ولقد بدا واضحا خطاب أردوغان امس في الدلالة على ما نقول.

مقارنة مهمة

معظم الحركات الاسلامية كانت ولعلها ما زالت تعاني عقدة (قطف الثمرة)، فهي كلما عملت واجتهدت في الوصول لموقع صناعة القرار او الحكم في اي بلد وعندما توشك على ذلك، يتم الانقلاب عليها وإعادتها عشرات السنين او اغراقها في مشكلات داخلية ومع الجيران.

حزب العدالة والتنمية انتبه الى هذه الاشكالية ويعود الفضل في ذلك الى رئيسه (أردوغان) الذي قرر الانفصال عن استاذه نجم الدين أربكان وحزبي (الرفاه) و(الفضيلة) في العام 2001.

في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني بقي موقف الحزب غامضا ولم يعارض الجيش (الموالي تاريخيا لإسرائيل) وواصل الاصلاحات الداخلية بهدوء شديد حتى ضمن كسب الشارع الى سياساته الى ان وصل حصار غزة الى الذروة بالحرب التي شنت عليها قبل عامين في 2008 حيث اعلن أردوغان في مؤتمر دافوس عن موقفه البطولي غير المسبوق بإدانته لإسرائيل وانسحابه من المؤتمر.

واستمرت شعبية النظام في ازدياد وبدا واضحا ان الأتراك اصبحوا مقسومين الى جبهتين:

1 - حزب العدالة ذو الحس الديني والمزاج الوطني.

2 - الجيش ذو التوجيهات المعانقة لإسرائيل كاستراتيجية تبعية لأميركا مع مصالح مقدرة.


وما فعلته القوات الصهيونية ضد السفينة التركية وقتلها بطريقة وحشية واعتداء سافر للأتراك سيكون له الاثر الذي لم يحسبه الكثيرون ومنهم اسرائيل، ألا وهو ترجيح المزاج الوطني والديني لدى الأتراك على حساب الولاء للجيش المنسجم مع النظام الصهيوني وبهذا مارست اسرائيل بهمجيتها وتوترها غير المنضبط رفع كفة الميزان الشعبي لحزب العدالة ومزيدا من قرارات تحجيم الجيش الذي ظهر بمظهر الصديق الحميم لمن يقتل أبناءه.

ويا له من ذكاء سياسي وحنكة ديبلوماسية اذا ما قورن بسياسات الانظمة العربية تجلى عجزها وغباؤها السياسي في كل وادٍ!!


محمد العوضي

جريدة الراي الكويتية - مقالات - محمد العوضي / خواطر قلم / أسطول الحرية... العبقرية التركية ... الغباء العربي!!