بسم الله الرحمن الرحيم خالق السماوات والأرض له الحمد حمدا يليق بجلاله وعظيم سلطانه يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير
عندما أرسل الله الأنبياء الى البشر كان يرسل معهم معجزات لتؤيدهم وتثبت صدق ما يدعون الناس اليه فمثلا سيدنا موسى حول العصى الى حية تسعى وسيدنا عيسى أحيى الموتى وشفى المرضى وايضا سيدنا محمد فعل معجزات كثر لقومه فقد برأ المرضى على يديه وسمع الناس الحصى يسبح فى يده وبكى جذع النخلة الذى كان يستند عليه فى المسجد بل انه شق القمر ولكن كل هذه المعجزات انتهت بموت من شاهدها فمن منا شاهد المسيح وهو يحيى الموتى اذن فبالنسبة لنا هذا يسمى خبرا وليس معجزة اى ان خبر المعجزة هو ما وصلنا
يوجد معجزات من نوع آخر يتضمنها القران الكريم وتثبت لكل من يقرأه ان هذا كلام الرب
يقول الله تعالى "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " سورة فصلت
اذن الله سيجعل الناس يتبينون الحق عندما يرون آيات الله فى أنفسهم أى فى جسم الانسان نفسه وفى الآفاق اى فى الطبيعة المحيطة بهم وبالفعل يزخر القران بحقائق علمية لم يتوصل اليها العلم الحديث الا من وقت قريب لا يتأتى لشخص يعيش فى الصحراء منذ اكثر من ألف وربعمائة عام أن يعرف عنها أى شئ
اولا معجزات تتعلق بنشأة الكون وخلق الارض وطبيعتها
فى عام 1927 وضع العالم جورج لوميتر نظرية الانفجار العظيم والتي تقول بأن الكون كان في بدء نشأته كتلة غازية عظيمة الكثافة واللمعان والحرارة، ثم بتأثير الضغط الهائل المتآتي من شدة حرارتها حدث انفجار عظيم فتق الكتلة الغازية وقذف بأجزائها في كل اتجاه
وفى عام 1929 وضع العالم همسن نظرية توسع الكون والتى تستنتد على النظرية السابقة وتقول ان الكون مازال فى مرحلة التوسع والتمدد بسبب الانفجار وأمكن بالفعل حساب عمر الكون التقريبى
وقد سبق القرآن الكريم كل هذه النظريات وأورد هذه الحقائق فيقول الله تعالى
"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" سورة الأنبياء
واذا بحثنا فى المعجم لوجدنا رتق الشئ أى انسد والتأم اما فتق فتعنى شق ويقال فتق الثوب أى شقه فالقرآن يخبرنا ان الكون كان شيئا واحدا ثم تشقق وانفصل عن بعضه بل ويخبرنا ان اصل السماء كانت دخان وهو نفس الشئ الذى ذهب اليه لوميتر من أن اصل الكون كان كتلة غازية ذات كثافة عالية
"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ" سورة فصلت
وفى سورة الذاريات "وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ " وهنا يسبق القرآن همسن فى نظرية توسع الكون عندما يخبرنا انا الله خلق السماء ومازال يوسع فيها ويزيد من اتساعها
يتحدث القرآن عن احدى الحقائق التى تتعلق بالشمس والقمر فقد ذكر فى سورة يس "لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ"
تخبرنا هذه الايه أن القمر أسرع من الشمس وأن الشمس لن يحدث ابدا وتدرك القمر وتكون فى نفس سرعته أو أسرع منه فما الذى يعنيه هذا وكيف يسبحون فى الفلك
وجد علماء الفلك أن القمر يسير بسرعة 18 كيلو مترا في الثانية والواحدة والأرض 15 كيلومترا في الثانية والشمس 12 كيلومترا في الثانية اذن فالقمر بالفعل أسرع من الشمس فكيف علم شخص يعيش فى الصحراء كل هذه الأشياء
جميعنا يعرف أن الارض تدور حول نفسها بسرعة كبيرة تصل الى 1670 كم فى الساعة وهذا سبب تعاقب الليل والنهار ورغم هذا لا يشعر الانسان بأن الارض تتحرك تحت قدميه ويخبرنا القرآن بهذا فى سورة النمل "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ"
فالله يخبرنا أن الجبال التى يحسبها الانسان جامدة ساكنة ليست فى حقيقتها هكذا بل هى تتحرك وتمر كما يمر السحاب
توجد حقيقة علمية تقول أن عنصر الحديد لا يمكن له أن يتكون داخل المجموعة الشمسية فالشمس نجم ذو حرارة وطاقة غير كافية لدمج عنصر الحديد وهذا ما دفع بالعلماء إلى القول بأن معدن الحديد قد تم دمجه خارج مجموعتنا الشمسية ثم نزل إلى الأرض عن طريق النيازك والشهب
وتوجد سورة كاملة فى القرآن تسمى سورة الحديد وقد وردت بها آيه تخبرنا بهذا
"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ "
يخبرنا الله أنه أنزل الحديد ويتفق هذا مع أنه لا يتكون فى الارض بل مصدره الشهب والنيازك التى تأتى من خارج المجموعة الشمسية فلماذا لم يخبرنا القرآن بهذا عن النحاس او أى معدن آخر وخص الحديد فقط بهذا
ثانيا معجزات تتعلق بخلق الانسان وطبيعته
نحن جميعا نعرف أن المسئول عن تحديد نوع الجنين هو الرجل وليس المرأة التى لا دخل لها فى هذا حيث أن منى الرجل ينقسم الى نوعين أحدهم يحتوى على كروموسوم X والآخر Y وهو المسئول عن جعل الجنين ذكرا وطبعا هذا عكس ما كان يظن سابقا ولكن يسبق القران العلم الحديث فى سورة القيامة
"أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى"
يخبرنا القرآن ان أصل الانسان هو نطفة من منى الرجل وتتحول النطفة الى علقة بعد التقائها ببويضة المرأة ثم يخبرنا أنه يجعل منه الذكر والانثى والضمير فى جعل منه يعود على شئ مذكر ولا يعود على العلقة لأنها مؤنثة والا لوجب أن يقول فجعل منها اذن المسئول عن تحديد نوع الجنين هو منى الرجل
يتحدث القرآن عن مراحل خلق الجنين فى بطن أمه فى سورة المؤمنون فيقول
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "
العظم يتكون أولا ثم تكسى العظام لحما فقد أستخدم القرآن حرف الفاء الذى يدل على الترتيب والتعقيب أى انه يحدد أسبقية تكوين العظم قبل اللحم ورغم أن العلم كان حتى وقت قريب يعتقد أن العظم واللحم يتكونان معا ولكن تأتى أجهزة الفحص الحديث لتثبت أن العظم يتكون فى الأسبوع السابع ويليه تكوين اللحم فى الاسبوع الثامن
ثالثا معجزات تتعلق بالبيئة المحيطة بالانسان
"أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ" سورة النور
يصف الله حال الكفار فى تخبطهم فى ظلمات الجهل والشرك بالظلمات الموجودة فى بحر عميق ولكن يصف الله هذه الظلمات بكونها ظلمات بعضها فوق بعض فما معنى هذا
يتكون الضوء من ألوان تسمى ألوان الطيف والمعروف أن ألوان الطيف سبعة منها الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي فإذا غصنا في أعماق البحر تختفي هذه الألوان واحدا بعد الآخر واختفاء كل لون يعطي ظلمة فالأحمر يختفي أولا ثم البرتقالي ثم الأصفر وآخر الألوان اختفاء هو اللون الأزرق على عمق مائتي متر كل لون يختفي يعطي جزءا من الظلمة حتى تصل إلى الظلمة الكاملة
وأيضا يصف القرآن هذا البحر العميق بقوله موج من فوقه موج وقد ثبت علميا أن هناك فاصلا بين الجزء العميق من البحر والجزء العلوي وأن هذا الفاصل ملئ بالأمواج فكأن هناك أمواجا على حافة الجزء العميق المظلم من البحر وهذه لا نراها وهناك أمواج على سطح البحر وقد سبق القرآن فى كشف هذا
"فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ" سورة الأنعام
يصف الله حال غير المؤمن بأن صدره ضيقا مثله مثل شخص يصعد فى السماء فكيف عرف شخصا عاش منذ ألف وربعمائة عام أن نسبة الاوكسجين تنخفض فى الغلاف الجوى كلما أرتفعنا لأعلى وهذا يسبب ضيقا فى التنفس فى الارتفاعات العالية
ما أوردته هو بعض الحقائق العلمية التى يزخر بها القرآن وهى تعتبر معجزات حية ملموسة يستطيع أى مسلم أن يقنع بها كل من يبحث عن الحق
ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا
والله الموفق,
روح الحـــــــــــــــــــق