والآن بعد أن صححت أهم جانبين في حياتك وهما جانب العقيدة والعبادة أحب أن ألفت نظرك لأمور عشر

أولا : إذا كنت عزمت على الدخول في الإسلام ولكنك تؤجل النطق بالشهادة حتى يتهيأ الجو المناسب أو تنتهي بعض المشاكل أو تتخلص من بعض العادات السيئة المحرمة في الإسلام أو تحين الفرصة المناسبة لذلك فقد أخطأت التقدير فإنك أن تؤمن بالحق حالا وتنتهز فرصة حياتك وتدخل الإسلام وتواجه بعض المشاكل الصغيرة خير لك من أن تبقى على الباطل منتظرا أن تحين الفرصة المناسبة وأن تكون مسلما عاصيا خير لك من أن تكون كافرا وأنت لا تضمن عمرك فالفرصة قد جاءتك والوقت المناسب للدخول الفعلي في الإسلام والنطق بالشهادتين هو الآن بمجرد أن تنتهي من قراءة هذه الجملة.

ثانيا : لا تنتظر أن يخبرك أحد بأنك قد اخترت الدين الصحيح ولكن كما أنك اخترت الإسلام بنفسك فتوقع أن يكون إحساسك بأنك اخترت الدين الحق نابعا من داخلك.. من الطمأنينة التي تجدها في قلبك حين تذكر الله.. من السعادة الداخلية التي ستغمرك حين تركع وتسجد لله رب العالمين .. من الصفاء الذي ستشعر به في روحك ..من الرضا والسرور بأنك قد وجدت المنهج المتكامل الذي يجب أن تسير عليه في حياتك .

ثالثا :
من الطبيعي أن يتعرض الإنسان في الفترة الأولى لبعض الاختبارات من الله التي يخرج منها الإنسان المخلص في طلب الحق وقد ازداد إيمانه وازداد يقينه وعلا قدره عند الله و من كان في قلبه مرض فإنه يسقط في الفتنة وهذا نوع من التمحيص والغربلة للمؤمنين " وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ "

رابعا : أغلى ما يملك الإنسان هو دينه ودينك أغلى من لحمك ودمك وسلامة الدين لا يعدلها شيء فعليك أن تكون مستعدا لأي رد فعل يصدر من المقربين إليك فإذا تعرضت لفتنة في دينك فاثبت يا عبد الله وابتغ الأجر من الله وإن اضطررت للاختيار بين دينك وأي شيء من متاع الدنيا مهما كان فلا تؤثر على الدين شيئا فالدنيا تُعوّض والدين لا عوض له والدنيا فانية والدين باق وإن تعرضت لأذى فاصبر واصطبر وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أعطى أحد عطاء خيرا و أوسع من الصبر) فالأذى مهما طال سوف ينتهي يوما ويبقى الدين وعليك بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله أن يكشف عنك الأذى خاصة وقت السحر قبيل الفجر فهو قريب يجيب دعاء المضطر إذا دعاه . قال تعالى " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ " وإذا قدر الله لك أمرا فارض بقضاء الله فهو أحكم الحاكمين و أرحم الراحمين وقضاؤه للمؤمن كله خير ورحمة.

خامسا : احرص على إخفاء إسلامك في البداية عن أهلك لمدة حتى تتمكن من فهم الإسلام فهما صحيحا وحتى يثبت الإيمان في قلبك وتكون قد كونت علاقات اجتماعية جديدة مع إخوانك المسلمين ليمكنك بعدها بحول الله وقدرته الصمود أمام أي مشكلة قد تواجهها وحتى يجعل الله لك مخرجا وتذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظل يدعو للإسلام في مكة سرا ثلاث سنوات وهذه الفترة أيضا سوف تجعل الأهل يلاحظون التغير الإيجابي الذي أحدثه الإسلام فيك من أخلاق حسنة وطاعة للوالدين وتفوق في الدراسة مما يجعلهم أكثر تقبلا عندما تخبرهم بإسلامك فاحرص على أن تكون مثالا جيدا للمسلم الملتزم واعلم أن الإسلام دين يسر لا عسر والضرورات تبيح المحظورات فيه فإن اضطررت من أجل إخفاء دينك في الفترة الأولى أن تفعل بعض الأشياء الممنوعة فلا حرج عليك ومن الأمور التي تباح لك عند الضرورة هو جمع صلاتين وأداءهما معا في وقت واحد إن لم تستطع أداء كل واحدة على حدة وهم صلاتا الظهر والعصر في وقت أي منهما وصلاتي المغرب والعشاء في وقت أي منهما وإن لم تستطع القيام في الصلاة فيمكنك الصلاة جالسا وإن لم تستطع الركوع والسجود فيمكنك أن توميء برأسك وإن لم تستطع فبرمش عينك فإن لم تستطع فبقلبك وكذلم يباح لك عند الضرورة إن خفت على حياتك النطق بكلمة الكفر بلسانك والتوحيد بقلبك كما فعل عمار بن ياسر حين أكرهه المشركون على سب النبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئناً بالإيمان، قال: إن عادوا فعد .

سادسا : إذا لم تستطع المحافظة على إسلامك في بلدك أو خفت من الفتنة في الدين فالنجاة النجاة واعلم أن أرض الله واسعة و من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ففكر في جميع البدائل الممكنة واخرج بدينك إلى بلد آخر ومكان جديد تأخذ ثواب الإسلام وثواب الهجرة (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) وتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد تركوا وطنهم مكة وهو أحب البلاد إلى الله وهاجروا بدينهم إلى بلد جديد قال تعالى" وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " فاخرج إلى بلد غير بلدك واحك للناس قصتك وسوف يتعاطفون معك إن شاء الله ويؤونك فإن عامة الناس يتعاطفون مع المسلمين الجدد.

سابعا : حاول أن تكتسب أصدقاء مسلمين تثق فيهم واندمج معهم سواء في مقر عملك أو دراستك أو في المسجد القريب منك فهم إخوانك ولن يتأخروا عن مساعدتك إن احتجت إليهم يوما والمرؤ قليل بنفسه كثير بإخوانه وإن لم تجد فالإنترنت يتيح لك اكتساب أصدقاء مسلمين من جميع أنحاء الأرض من خلال المنتديات والمواقع الإسلامية والمجموعات البريدية فقط عليك بالمحاولة وسوف تجد بإذن الله ما يسرك ومن المفيد أن تكون على اتصال دائم بأحد أصدقائك المقربين لكي يتابع أخبارك ويطمئن عليك أولا بأول لكي يتصرف بسرعة إن أصابك أي مكروه.

ثامنا : اجتهد في الفترة الأولى للإسلام بزيادة إيمانك- فالإيمان يزيد وينقص- وتزكية نفسك وإصلاح عقيدتك خاصة قبل أن تستعلن بإسلامك وذلك بتلاوة القرآن والقراءة في الكتب وسماع الدروس والمحاضرات وكل ذلك متاح على الإنترنت فأنت الآن في فترة قوة ونشاط وحماس متوهج لتعلم دينك الجديد فاغتنم هذه الفترة وانشغل فيها عن الخوض في مناقشات ومناظرات قد لا تنفعك حتى يقوى إيمانك ويشتد ساعدك فإن كثيرا من الناس يجادل بالباطل أو يجادل بدون أي استعداد لتقبل الحق وحاول تطبيق كل ما تتعلم واعلم أن دين الله متين فأوغل فيه برفق وسوف تكتشف عظمة هذا الدين أكثر كلما تعمقت فيه وحاول التركيز على الأصول العامة للشريعة ولا تكتف بالقراءة ولكن إن استطعت أن تلزم شيخا موثوقا أو شخصا ذا خلق ودين وعلم بالشريعة ليكون دليلا و مرشدا لك وتكتسب منه أخلاق الإسلام تكن وفرت على نفسك خطوات واسعة واعلم أن دين الله هو دين الفطرة ولا يتعارض أبدا مع الفطرة الصحيحة وهو منهج كامل للحياة وليس مجرد شعائر وهو يسير تعلمه يسير تطبيقه قال تعالى " وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" والتزم بمنهج أهل السنة واحذر أن تتلقفك إحدى الفرق المنحرفة وهي كثيرة وإن رابك شيء أو خفي عليك شيء من معالم الدين فسارع بالبحث فيه وسؤال أهل العلم الراسخين فيه فالصحابة اعتادوا أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما عرض لهم والله يقول في كتابه : " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" فإن مثل الداخل إلى الإسلام من اليهودية والنصرانية كمثل رجل انتقل من بلده وهي بلد سوء وظلم إلى مدينة جميلة رائعة متكاملة الخدمات فيها كل ما يتمناه الإنسان وأهلها ناس طيبون في الغالب ولكنهم مثل سائر البشر فيهم قلة طالحة .. يجد الإنسان نفسه مبهورا أمام عمارة وبناء هذه المدينة كلما تجول فيها وتعرف عليها أكثر فهو يريد أن يلم بكل جوانبها في ليلة واحدة وهذا غير ممكن وإذا تذكر بلده القديم يحس أن لم يكن فيها مما يراه الآن في هذه المدينة العظيمة إلا الأسماء ففيها أبنية ولكن ليست كهذه الأبنية وفيها مرافق ولكن شتان بينها وبين مدينته الجديدة وأهل بلده القديمة أكثرهم فاسقون وأهل هذه المدينة أكثرهم صالحون يأمن بينهم على نفسه وماله وعرضه ويعيش بينهم في سلام ووئام وإن الإنسان إذا سار وحده في هذه المدينة لاتساعها وتعدد دروبها قد يتوه ولابد له أن يستعين بأهلها الموثوقين الذين يعرفون مداخلها ومخارجها وقد يحاول أهل مدينته القديمة استمالته للرجوع إليهم لما كانوا يجدونه من منفعة من ورائه ولكن هيهات .. أو بعد أن ذاق طعم الحياة ؟ّ!

تاسعا : اعلم أن الإسلام لا يمنعك أن تبر أقاربك إن ظلوا على دينهم وخاصة أبويك فهما أحق الناس بحسن صحابتك ولهما فضل عليك والإسلام لا ينكر لأهل الفضل فضلهم وأخبر أبويك أنك ما زلت ابنهم وأن علاقتك معهم ستكون كما هي أو أفضل من ذي قبل لكن إن أمراك بمعصية فلا تطعهما فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قال تعالى " وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "

عاشرا : إذا أعلنت إسلامك رسميا وألزمتك سلطات بلدك بحضور جلسة مع القساوسة لمناقشتك في قضية إسلامك فاثبت وتوكل على الله واعلم أن الله الذي هداك للإيمان هو وحده القادر على أن يثبت الإيمان في قلبك فأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله وعليك بقراءة الآيات التي تتحدث عن المسيح عليه السلام والنصارى وتلاوتها عليهم في هذه الجلسة وتذكر أنهم سوف يختلقون لك الأكاذيب والافتراءات عن الإسلام وربما يذكرون لك أمثلة ملفقة عن أناس أسلموا ثم ارتدوا-فقد كذبوا كثيرا من قبل- فكن مستعدا لذلك كله وإن خاضوا معك في أمور لا علم لك بها فلا تجبهم وأكثر من ذكر الله وتلاوة آيات القرآن