قساوسة كاثوليك يطالبون بإقرار زواج الكهنة

* الأنبا يوحنا قلته: زواج الراهب أصبح ضرورة
* القس رفعت فكري: الفضائح نالت من سمعة الكنيسة الكاثوليكية

القاهرة -الراية - مجدي أبو الليل:صارت قضية الفضيحة الجنسية لدى الفاتيكان ككرة الثلج التي كبرت حتى طالت البابا شخصيا والذي تحدث البعض عن احتمال إلقاء القبض عليه أثناء زيارته لبريطانيا في شهر سبتمبر المقبل والتهمة المنسوبة اليه هي التستر على جرائم الاستغلال الجنسي للاطفال من جانب بعض الكهنة والرهبان حين كان رئيسا لأساقفة ميونيخ بألمانيا في بداية الثمانينيات، وذكرت صحيفة التايمز البريطانية في منتصف مارس الماضي ان تستر البابا بنديكتوس السادس عشر يجعله متورطا بشكل مباشر فيما يحدث، خصوصا ان شقيقه جورج كان احد المتهمين في الجرائم التي وقعت آنذاك منذ بداية العام الماضي والقضية تتفاعل وتكبر حتى اصبح يطلق عليها تسونامي الفاتيكان، وذلك ان وسائل الاعلام البريطانية تحدثت مؤخرا عن الفضيحة في ثلاثة تحقيقات تمت في ايرلندا التي يتبع اغلب سكانها المذهب الكاثوليكي، وكان المتهمون فيها بعض الشخصيات البارزة في الكنيسة ثلاثة من الاساقفة، وقالت الصحف في التحقيقات حول موضوع الاعتداءات الوحشية بحق الاطفال الذين يترددون على الكنيسة استمرت خلال السنوات الخمس الاخيرة بصورة غير معلنة وكان احد الثلاثة الاسقف جون ماجي سكرتيرا خاصا لثلاثة باباوات هم بولس السادس ويوحنا بولس الاول ويوحنا بولس الثاني.

قدم الكهنة الثلاثة استقالاتهم، واصدر البابا بنديكتوس بيانا هو الاول من نوعه عبر فيه عن مشاعر العار والندم للاعتداءات الجنسية التي تعرض لها هؤلاء الاطفال الايرلنديون واكد ان الاساقفة الثلاثة ارتكبوا اخطاء جسيمة يجب ان يحاكموا عليها، لكن بيان البابا لم يرض اهالي الضحايا او المنظمات المعنية بالموضوع فقد طالب هؤلاء باعتذار صريح من البابا بنديكت السادس عشر عما حدث والاعتراف بأن الكنيسة الكاثوليكية أساءت استخدام سلطاتها وتسترت عمدا على أفعال كهنة اعتدوا على اطفال رغم علمها بممارستهم في حين يرى بعض الكتاب الغربيين ممن يدافعون عن البابا انه اول حبر اعظم في المجتمع المعاصر يصدر وثيقة رسمية بخصوص الاعتداء الجنسي.

يشير بعض رجال الدين المسيحي ان هذه الوقائع تنال بالتأكيد من سمعة الكنيسة الكاثوليكية في العالم، حتى وان كان الامر شخصيا يتعلق بنفر هنا وهناك غير ان القضية الكبرى التي تحتاج مراجعة من قبل الكنيسة الكاثوليكية هي زواج الكاهن او الراهب واقرار ذلك مبدأ رسميا لديها واعتبار ذلك تطورا طبيعيا لهذه الكنيسة وسط الكنائس مع التدقيق في طرق وقواعد اختيار الكهنة والمتبتلين.
الانبا يوحنا قلته نائب البطريرك الكاثوليكي في القاهرة يقول ان مثل هذه الامور تجرح مشاعر الكاثوليك جميعا وتثير الأسى والأسف لدى رجال الفاتيكان وهذا امر مشين ومرفوض، لكن هناك تيارات معادية للمسيحية والكنيسة الكاثوليكية على وجه الخصوص في انجلترا نظرا لانضمام عد كبير من الكنيسة الاسقفية الى الكاثوليكية بعد ان رفضت الاخيرة زواج الشواذ في حين سمحت به الاولى.

ويضيف الأنبا قلته لا ينبغي التضخيم في القضية حيث ان الشذوذ الجنسي موجود منذ قديم الاذل وهو بطبيعة الحال مرفوض من العقيدة المسيحية تماما، واذا كان هناك 4 ملايين راهب ينتمون للعقيدة الكاثوليكية فوجود 100 او 200 او حتى الف او الفين منهم لديهم انحراف اخلاقي او شذوذ فهذا امر عادي لان الانسان مهما كبر في المركز او المكانة هو انسان معرض للخطأ مما يعني ان القضية لا تختزل في الكاثوليك فقط فالامر يعود الى الضعف والمرض البشري الموجود لدى جميع الاجناس.

وحول طرق انتقاء من يصلحون للرهبنة لدى الكنيسة الكاثوليكية يوضح قلته ان الراهب او الكاهن يمر بمراحل كثيرة حتى يصل الى الرهبنة ولكن الانسان يتغير مع الوقت وتظهر سقطاته وخطاياه ومن منكم بلا خطيئة، ولكن خطأ الكاهن يجعله منبوذا ومرفوضا لانه سلك مسلك رجل الدين ورفض ان يكون انسانا عاديا.

ويشير قلته الى أن ما يحدث في اوروبا قائلا هناك ثلاثة تيارت وهم المؤمنون وصوتهم ضعيف والملحدون وهم الاعلى صوتا.

اما التيار الثالث فهم من لا يبالون وفي زيارة بابا الفاتيكان الاخيرة للولايات المتحدة تقدمت له سيدة بطلب ان يجعل الزواج فترة محددة من خمس الى 10 سنوات وهذه هي امراض الحضارة الغربية التي لا ينبغى ان نضخمها او تسري في مجتمعاتنا العربية موضحاً انه في 1964 درست الكنيسة الكاثوليكية على مستوى الفاتيكان قضية هل الرهبنة صالحة للعصر ام لا وهل التبتل يتناسب مع الواقع ام يتنافى معه وقد اتضح بعد دراسات مستفيضة من خبراء ورجال دين منهم من هم حاصلون على جوائز نوبل انهم قد ارتأوا ان العالم يحتاج الى اشخاص مكرسين نفسياً ووجدانياً ولديهم تربية خاصة ونفسية وتعليم يتناسب مع كونهم كهنوت متبتلون واذا كانت الرهبنة ستظل فسيبقى السؤال كيف نفرز الاشخاص ممن لديهم استعداد وقدرة على التبتل.

وحول أهمية زواج الكاهن او الراهب الكاثوليكي حتى لا ينغمس في الخطايا والشذوذ الجنسي يقول قلته هذه ضرورة وهي ان يتزوج المتبتل قبل ان يكون قسيساً والطوائف الكاثوليكية الشرقية سمحت بذلك وعلى الكنيسة الكاثوليكية الغربية ان تصرح بزواج الكاهن وتسمح بذلك حتى لا يقع في الخطيئة خاصة ان الاصل في الشريعة المسيحية هو الزواج والتبتل نوع من الكمال والمثالية.

بينما يشير القس رفعت فكري راعي الكنيسة الانجيلية بضاحية شبرا بالقاهرة ان الفاجعة الاخيرة لتورط الكهنة والرهبان الكاثوليك في الاعتداء الجنسي على الاطفال يعني ان زواج الراهب بات امراً ضرورياً وليس ترفاً، وعلى الكنيسة الكاثوليكية ان تتخذ قراراً بباوياً في هذا الشأن خاصة ان تلك الاحداث تكررت اكثر من مرة من قبل رهبان في بلاد اوروبية مما ينال من صورة الكنيسة الكاثوليكية في العالم.

ودعا رفعت فكرى بابا الفاتيكان لمحاسبة كل هؤلاء ووضع قواعد صارمة لمثل هذه البذاءات لتجفيف منابع الفساد داخل الكنيسة وبخاصة المقر الباباوي ورفض اي قاعدة اجنبية تقر بان كل انسان مسؤول عن تصرفاته خاصة ان هذا الامر لم يعد امراً شخصياً بل هو عام ينال من صورة رجل الدين المسيحي في كافة المجتمعات.

ومن جانبه يقول القس عبد المسيح بسيط أسقف الكنيسة الاثرية في القاهرة ان النصوص في الكنيسة الكاثوليكية تقدم الرهبنة على الكهنوت اي من الممكن ان يدخل شخص الى الرهبنة لكي يكون كاهنا، وفي وسط هؤلاء الناس تتواجد فئة ليست كفئا لهذه المهمة وقد يكونون متعلمين جيداً لكن لا يستطيعون السيطرة على انفسهم فيما يخص العلاقات الجنسية، واذا كان عدد الكاثوليك قد بلغ مليارا و100 مليون حول العالم فهناك 10 ملايين كاهن كاثوليكي على الأقل يعملون وسط الناس ويعيشون معهم بواقع كاهن لكل 200 شخص يختلط بهم ومن الطبيعي وسط هذا الكيان الضخم ان يحدث عدد قليل من الاخطاء ولا ينظر في هذا الامر من الجهة الوظيفية للشخص الذي قام بهذه الافعال المشينة وانما الى فداحة وحجم الخطأ الذي ارتكبه ايا كان موقعه داخل الكنيسة.

ويعتبر الأنبا عبد المسيح بسيط خطأ الكاهن أو الراهب وارتكابه الفاحشة هو خطأ مزدوج يتمثل في الاعتداء على الاطفال والتعدي على قيمة ورمز الكهنوت والراهب ويشوه صورهم لدى العامة.

ويضيف عندنا في الكنيسة الارثوزوكسية وكذلك البروتستانت والانجليليكان معظم رجال الدين متزوجون فيما عدا بعض القيادات من الاساقفة والبطريرك.

وعلى الكنيسة الكاثوليكية ان تتدارك هذا الخطأ وتتماشى مع العصر وتسمح بزواج الراهب او الكاهن لاسيما ان نفس القضية ثار ضدها مارتن لوثر كينج في القرن الــ 16 ونادى بأهمية زواج الكاهن وعلى الكنيسة الكاثوليكية أن تطور نفسها بنفسها باستمرار وتدفع بزواج الكهنة الحاليين او من يرسموا مستقبلاً لأنهم لن يستطيعوا أن "يخصوهم" او ينتزعوا منهم الغريزة الجنسية مما يستوجب على الفاتيكان أن يراجع نفسه في قضية زواج الكهنة.

http://www.raya.com/site/topics/arti...3&parent_id=42