خطاب الأب هانز كونج يطالب فيه باقالة البابا ويفضح ممارساته


هو الأب هانز كونج قس كاثوليكى سويسرى ومنظر لاهوتى مثير للجدل ومؤلف متميز.. ولد فى 19 مارس عام 1928 فى منطقة سورسى الواقعة فى كانتون لوسيرن. وشغل كونج منصب رئيس مؤسسة الأخلاق العالمية ـ جلوبال ايثيك). ويعد كونج من القساوسة الكاثوليك الملتزمين ولكن الفاتيكان ألغى صلاحيته لتدريس اللاهوت الكاثوليكى. واضطر إلى مغادرة الكلية الكاثوليكية، وبقى فى جامعة توبنجن (فى ألمانيا) كأستاذ اللاهوت المسكونى وذلك كأستاذ متفرغ منذ عام 1996. وعلى الرغم من عدم السماح له بتعليم اللاهوت الكاثوليكى، لم تنزع الأسقفية التابع لها أو الكرسى الرسولى فى الفاتيكان عنه صفاته الدينية

وهذا نص الخطاب



نيافة الأساقفة

كنت أنا ويوزيف راتسنيجر، الذى هو الآن البابا بنيديكت السادس عشر، أصغر علماء اللاهوت سنّا فى مجمع الفاتيكان الثانى من 1962 إلى 1965. والآن نحن الأكبر سنّا والوحيدان اللذان يمارسان عملهما بنشاط. وكنت على الدوام أفهم عملى اللاهوتى على أنه خدمة للكنيسة الكاثوليكية. ولهذا السبب، فإنه بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لانتخاب البابا بنيديكت السادس عشر، أقدم لكم هذا النداء فى شكل خطاب مفتوح. وأنا مدفوع فى ذلك باهتمامى الشديد بكنيستنا، التى تجد نفسها الآن فى أسوأ أزمات المصداقية منذ عصر الإصلاح. أرجوكم أن تسامحونى على صيغة الخطاب المفتوح؛ فليس لى، بكل أسف، من سبيل آخر للوصول إليكم.

قدَّرت بشدة دعوة البابا لى، أنا المنتقد الصريح له، حيث التقينا على نحو ودى، وكان هناك نقاش دام أربع ساعات بعد توليه المنصب. وقد أيقظ ذلك فىَّ الأمل فى أن زميلى القديم فى جامعة توبنجين قد يجد طريقه إلى تشجيع التجديد الدائم للكنيسة والتقارب المسكونى بروح مجمع الفاتيكان الثانى.

وللأسف لم تتحقق آمالى آمال الكثير من الرجال والنساء الكاثوليك الملتزمين. وقد أوضحت مرارا ذلك فى مراسلاتى اللاحقة مع البابا. وليس هناك شك فى أنه يؤدى واجباته اليومية كبابا بضمير، وقد قدم لنا ثلاثة منشورات باباوية عن الإيمان والأمل وعمل الخير. ولكن عندما يتصل الأمر بمواجهة التحديات الكبرى الخاصة بزماننا، فقد أضاع قداسته من الفرص أكثر مما استغل:

ضاعت فرصة التقارب مع الكنائس البروتستانتية: وبدلا من ذلك حُرمت من وضعها ككنائس بالمعنى الصحيح للكلمة، ولهذا السبب ليس معترفا بقساوستها، كما أن المشاركة فى القدسات ليست ممكنة.

وبدلا من ذلك أعاد البابا إلى الليتورجيا (خدمة الشعب) دعاء ما قبل المصالحة من أجل تنوير اليهود، وأعاد الأساقفة الذين اشتُهر عنهم كونهم معادين للسامية وانشقاقيين إلى تناول العشاء الربانى مع الكنيسة، وهو يروج بنشاط لتطويب البابا بيوس الثانى عشر الذى اتُهم بعدم توفير الحماية الكافية لليهود فى ألمانيا النازية.

والحقيقة هى أن بنيديكت لا يرى فى اليهودية إلا الأصل التاريخى للمسيحية؛ وهو لا يأخذها مأخذ الجد باعتبارها جماعة دينية قائمة تقدم طريقها للخلاص. المقارنة الأخيرة للنقد الحالى الذى واجهه البابا بحملات كراهية معادية للسامية قام بها القس رانييرو كانتالاميسا أثناء قداس الجمعة الحزينة الرسمى فى الفاتيكان أثارت عاصفة من الغضب بين اليهود وفى أنحاء العالم.

ضاعت فرصة الحوار مع المسلمين فى مناخ من الثقة المتبادلة: وبدلا من ذلك، صوَّر بنيديكت فى محاضرته بجامعة ريجنزبورج عام 2006 الإسلام على أنه دين عنف ولا إنسانية مما استدعى عدم ثقة المسلمين الدائمة.

ضاعت فرصة المصالحة مع الشعوب الأصلية المستعمَرة فى أمريكا اللاتينية: وبدلا من ذلك أكد البابا بكل جدية أنهم كانوا «يتوقون» إلى دين غزاتهم الأوروبيين.

ضاعت فرصة مساعدة الناس فى أفريقيا بالسماح باستخدام تنظيم الأسرة لمحاربة الزيادة السكانية والواقى الذكرى لمحاربة انتشار مرض نقص المناعة البشرية.

ضاعت فرصة إقامة سلام مع العلم الحديث من خلال التأكيد بوضوح على نظرية التطور والارتقاء وقبول أبحاث الخلايا الجذعية.

ضاعت فرصة جعل روح مجمع الفاتيكان الثانى بوصلة الكنيسة الكاثوليكية جمعاء، بما فى ذلك الفاتيكان نفسه، وبالتالى تشجيع الإصلاحات اللازمة فى الكنيسة. وهذه النقطة الأخيرة، أيها الأساقفة المحترمون، هى أخطر النقاط جميعا. فقد أضاف هذا البابا مرارا وتكرارا مؤهلات للضرائب المجمعية وفسرها على عكس روح آباء المجمع. ومرارا وتكرارا اتخذ موقفا صريحا من المجمع المسكونى الذى يمثل بالنسبة للقانون الكنسى أعلى سلطة فى الكنيسة الكاثوليكية.

أعاد أساقفة جمعية بيوس العاشر التقليدية المحافظة إلى الكنيسة بلا شروط مسبقة هؤلاء هم الأساقفة الذين جرى ترسيمهم على نحو غير مشروع خارج الكنيسة الكاثوليكية ويرفضون النقاط الأساسية لمجمع الفاتيكان الثانى (بما فى ذلك الإصلاح الليتورجى والحرية الدينية والتقارب مع اليهودية).

يشجع قداس الشعائر الرومانية بكل وسيلة ممكنة ويحتفل من حين لآخر بالأفخارستيا (سر التناول) باللاتينية وظهوره للشعب.

يرفض تفعيل التقارب مع الكنيسة الإنجيلية التى وضعت خطوطه العريضة فى وثائق مسكونية بواسطة اللجنة الدولية الكاثوليكية الإنجيلية الرومانية، وحاول بدلا من ذلك إغراء رجال الدين المتزوجين الإنجيليين لدخول الكنيسة الكاثوليكية الرومانية من خلال تحريرهم من قانون التبتل التى أجبرت عشرات الآلاف من الكهنة الروم الكاثوليك إلى ترك مناصبهم.

عزز بفاعلية القوى المناوئة للمجمع فى الكنيسة من خلال تعيين المسئولين الرجعيين فى المناصب الرئيسية فى حكومة الفاتيكان (بما فى ذلك سكرتارية الدولة، ومناصب فى اللجنة الليتورجية) بينما عين الأساقفة الرجعيين فى أنحاء العالم.

يبدو أن بنيديكت السادس يزداد انقطاعا عن غالبية أبناء الكنيسة الذين يقل اهتمامهم بروما أكثر فأكثر، ويربطون أنفسهم فى أفضل الأحوال بأبرشيتهم وأسقفهم المحليين.

أعلم أن كثيرين منكم آلمهم هذا الوضع. ويتلقى البابا فى سياسته المعادية للمجمع دعما كاملا من الإدارة الباباوية الرومانية. وتبذل الإدارة الباباوية ما فى وسعها لإسكات النقد فى هيئة الأساقفة وفى الكنيسة ككل، ولتشويه سمعة المنتقدين بكل وسيلة متاحة. ومع العودة إلى الأبهة والاستعراض الذى يلفت انتباه وسائل الإعلام، تحاول القوى الرجعية فى روما أن تهدينا كنيسة قوية على رأسها «نائب المسيح» الطاغية الذى يجمع سلطات الكنيسة التشريعية والتنفيذية والقضائية فى يديه وحده. ولكن سياسة الترميم الخاصة ببنيديكت فشلت. ذلك أن كل مظاهر البابا المبهرة ورحلاته الاستعراضية وبياناته العامة فشلت فى التأثير على آراء معظم الكاثوليك بشأن القضايا الخلافية. ويصدُق هذا بشكل خاص على ما يتعلق بأمور الأخلاق الجنسية. بل إن لقاءات الشباب البابوى، التى يأتى على رأس من يحضرونها جماعات كاريزمية محافظة، فشلت فى وقف تسرب هؤلاء الذى يتركون الكنيسة أو اجتذاب المزيد من النداءات الباطنية إلى الكهنوت.

إنكم على وجه التحديد، باعتباركم أساقفة، لديكم سبب لحزنكم العميق: فعشرات الآلاف من الكهنة استقالوا من مناصبهم منذ مجمع الفاتيكان الثانى، فى الأغلب بسبب قانون التبتل. لقد انخفضت النداءات الباطنية إلى الكهنوت، بل كذلك إلى الدرجات الكهنوتية والرهبنة النسوية والأخويات الرهبانية العلمانية ليس من حيث الكم فحسب، بل كذلك من حيث الكيف. وتنتشر الاستقالات والإحباط بسرعة بين كل من رجال الدين والعلمانيين النشطين. ويشعر الكثيرون بأنهم قد تُرِكوا مع حاجاتهم الشخصية فى وقت هم أشد الحاجة فيه إلى المساعدة، ويشعر كثيرون بضيق شديد بشأن حالة الكنيسة. وتتكرر القصة نفسها فى كثير من الأبرشيات: المزيد من الكنائس الخالية والمعاهد اللاهوتية الخالية ومساكن الكهنة الخالية. وفى بلدان كثيرة، وبسبب نقص الكهنة، يتم دمج المزيد والمزيد من الأبرشيات، وفى الغالب ضد إرادة أعضائها، إلى «وحدات رعوية» أكبر، يكون فيها عدد قليل من الرعاة الباقين مثقلا بالأعباء. وهذا إصلاح كنسى فى ظاهره وليس فى جوهره!

والآن، يأتى على رأس هذه الأزمات الكثيرة فضيحة تصل إلى عنان السماء الكشف عن إساءة استغلال رجال الدين لآلاف الأطفال والمراهقين، فى الولايات المتحدة أولا، ثم فى أيرلندا، واليوم فى ألمانيا وغيرها من البلدان. ولكى يزيد الطين بلة، أدت معالجة هذه الحالات إلى ظهور أزمة قيادة غير مسبوقة وانهيار الثقة فى قيادة الكنيسة.

ليس هناك إنكار لحقيقة النظام العالمى لتغطية حالات الجرائم الجنسية التى ارتكبها رجال دين من خلال قانون الإيمان فى ظل الكاردينال راتسينجر (1981 ـ 2005). وفى عهد البابا بولس الثانى، كان هذا الشعب قد تولى بالفعل مسئولية تلك الحالات تحت قسم الصمت التام. وأرسل راتسينجر نفسه فى 8 مايو 2001 وثيقة مقدسة إلى كل الأساقفة تتناول الجرائم الحادة (epistul de delictis gravioribus)، حيث وضعت حالات الاستغلال تحت عنوان «secretum pontificium» (السر البابوى) الذى يستتبع انتهاكه عقوبات إكليروسية خطيرة. وعليه، ولوجود سبب وجيه، توقع أشخاص كثيرون اعترافا رسميا بالأخطاء الشخصية من جانب الكاهن السابق والبابا الحالى. وبدلا من ذلك، أضاع البابا الفرصة التى أتاحها أسبوع الآلام: فى أحد عيد الفصح أعلن براءته «urbi et orbi» (للمدينة وللعالم) بواسطة عميد كلية الكرادلة.

إن عواقب هذه الفضائح على سمعة الكنيسة الكاثوليكية مفجعة. وقد اعترفت قيادات مهمة بهذا. ويعانى العديد من الرعاة والمعلمين الأبرياء والملتزمين من وصمة الشك التى تشمل الكنيسة. وأنتم أيها الأساقفة المبجلون، لابد لكم من مواجهة هذا السؤال: ما الذى سيحدث لكنيستنا وأسقفيتكم فى المستقبل؟ إننى لا أعتزم وضع برنامج جديد لإصلاح الكنيسة. فذلك فعلته كثيرا قبل المجمع وبعده. بل إننى أريد فحسب أن أضع أمامكم ستة مقترحات أجدنى مقتنعا بأنها تحظى بتأييد ملايين الكاثوليك الذين ليس لهم رأى فى الوضع الحالى:

لا تصمتوا: فأنتم بصمتكم فى مواجهة الكثير من المظالم الخطيرة توصمون أنفسهم بالذنب. وعندما تشعرون أن بعض القوانين والتوجيهات والإجراءات معوقة، ينبغى عليكم قول ذلك فى العلن. لا ترسلوا إلى روما إعلانات إخلاصكم، بل أرسلوا دعوات إلى الإصلاح!

الكثيرون فى الكنيسة وفى هيئة الأساقفة يشكون من روما، ولكنهم هم أنفسهم لا يفعلون شيئا. فعندما لم يعد الناس يذهبون إلى الكنيسة فى الأسقفية، وعندما لا يثمر الكهنوت كثيرا، وعندما يتم الإبقاء على الجمهور جاهلا باحتياجات العالم، وعندما يقل التعاون المسكونى إلى حده الأدنى، حينئذ لا يمكن أن يقع اللوم على روما فحسب. وسواء أكان المرء أسقفا أو كاهنا أو علمانيّا أو علمانية الجميع يمكنهم عمل شىء من أجل تجديد الكنيسة كلٌ داخل مجال نفوذه، كبُر ذلك المجال أو صغُر. فالكثير من المنجزات العظيمة التى تمت فى الأبرشيات المفردة وفى الكنيسة بصورة عامة تعود أصولها إلى مبادرة من فرد أو مجموعة صغيرة. وكأساقفة، ينبغى عليكم دعم تلك المبادرات، وينبغى عليكم كذلك الاستجابة لشكاوى المؤمنين العادلة، وبالأخص فى ظل الوضع الحالى.

بعد جدل حاد وفى مواجهة معارضة عنيدة من حكومة الفاتيكان، أفتى مجمع الفاتيكان الثانى بأن البابا والأساقفة تربطهم علاقة زمالة. وكان ذلك بناء على سفر أعمال الرسل، وفيه لم يعمل بطرس بمفرده دون زملائه من الرسل. ورغم ذلك، فى حقبة ما بعد المجمع، تجاهل البابا وحكومة الفاتيكان هذه الفتوى. وبعد سنتين فقط من المجمع، أصدر البابا بولس السادس منشوره مدافعا عن قانون التبتل المثير للجدل دون أدنى مشاورة مع الأساقفة. ومنذ ذلك الحين، استمرت السياسة البابوية والنيافة البابوية فى العمل وفقا للنمط القديم غير الجماعى. وحتى فى المسائل الشعائرية، حكم البابا باعتباره أوتوقراطيا فوق الأساقفة وضدهم. فهو سعيد بإحاطة نفسه بهم طالما لا يمثلون أكثر من زيادات على المنصة بلا حقوق للتعبير أو التصويت على السواء. وهذا هو السبب، أيها الأساقفة المبجلون، فى أن عليكم ألا تعملوا من تلقاء أنفسكم منفردين، ولكن بالأحرى من خلال مجتمع الأساقفة الآخرين، والكهنة والرجال النساء الذين يشكلون الكنيسة.

على الرغم من تكريسكم الأسقفى، عليكم أن تقسموا بالطاعة المطلقة للبابا، وأنتم تعلمون أن الطاعة المطلقة لا يجوز أن ندين بها لأى سلطة بشرية؛ إذ إنها مستحقة للرب وحدة. ولهذا، يجب ألا تشعروا أن هذا القسم يعوقكم عن قول الحق فيما يتعلق بالأزمة الحالية التى تواجه الكنيسة وأسقفيتكم وبلدكم. عليكم أن تتخذوا من بولس الرسول مثالا، فهو الذى تجرأ على معارضة بطرس «قاومته مواجهة لأنه كان ملوما»! (سفر رسالة إلى أهل غلاطية 2: 11). لقد كان الضغط على السلطات الرومانية انطلاقا من روح الأخوة المسيحية جائزا، بل حتى ضروريا، عندما لم ينجحوا فى الارتقاء إلى روح الإنجيل ورسالته. وتحققت إصلاحات مثل استخدام اللغة العامية فى الطقوس الدينية، والتغيرات فى الضوابط الحاكمة للزواج المختلط، والتأكيد على التسامح، والديمقراطية وحقوق الإنسان، والعمل على انفتاح المنهج المسكونى، وإصلاحات أخرى كثيرة للفاتيكان الثانى، بسبب الضغط الدءوب من أسفل.

لم ينصت الفاتيكان مرارا للمطالب المبررة للأسقفيات والكهنة والعلمانيين. ويعتبر ذلك سببا إضافيا للسعى إلى حلول إقليمية حكيمة. وكما تدركون جيدا، يمثل قانون التبتل الموروث من العصور الوسطى، مشكلة حساسة بصورة خاصة. وفى سياق الفضيحة الحالية بشأن إساءة رجال الدين، صارت هذه الممارسة محل تساؤل بصورة متزايدة. وعلى عكس الرغبة التى أعربت عنها روما، لا يكاد التغيير يبدو محتملا؛ رغم أن هذا لا يعد سببا للاستقالة السلبية. فعندما يرغب قس فى الزواج بعد البحث الناضج، فليس هناك من سبب لوجوب استقالته تلقائيا من منصبه حينما يختار أسقفه وأبرشتيه الوقوف وراءه. ويمكن أن المؤتمرات الأسقفية الفردية رائدة للحلول الإقليمية. وسوف يكون من الأفضل فى كل الأحوال البحث عن حلول للكنيسة كلها.

يتطلب تحقيق الإصلاح الخاص بالشعائر، والحرية الدينية، والمسكونية، والحوار بين الأديان عقد مجمع مسكونى، ولهذا فهناك حاجة إلى مجمع يدعو إلى الإصلاح من أجل حل المشاكل التى تتزايد بصورة مثيرة. وفى القرن السابق على حركة الإصلاح، أفتى مجلس الكونستانس بأن المجامع يجب أن تعقد كل خمس سنوات. ورغم هذا تمكنت حكومة الفاتيكان بنجاح من إبطال هذه القاعدة. وليس هناك شك فى أن حكومة الفاتيكان سوف تفعل كل ما فى حدود سلطتها من أجل منع انعقاد المجامع فى الوضع الراهن، خشية تقليص سلطتها. وهكذا فإن الأمر متوقف عليكم للدفع من خلال الدعوة إلى مجمع أو على الأقل إلى جمعية تمثيلية للأساقفة.

وبما أن الكنيسة تمر بأزمة عميقة، فهذه مناشدة منى لكم، أيها الأساقفة المبجلون: من أجل استخدام السلطة الأسقفية التى أكد عليها مجمع الفاتيكان الثانى. وفى هذا الوضع الحرج، فإن عيون العالم تتجه صوبكم. إذ فقد عدد هائل من البشر ثقتهم فى الكنيسة الكاثوليكية. ويمكن استعادة ثقتهم فقط من خلال تصفية الحسابات بصورة مفتوحة وأمينة مع هذه المشاكل والقيام بصورة حازمة بالإصلاحات المطلوبة. ومع كل الاحترام الواجب، أتوسل إليكم القيام بدوركم ـ جنبا إلى جنب مع زملائكم الأساقفة بقدر الإمكان، وكذلك بمفردكم إذا لم يكن من ذلك بد ــ بـ«المجاهرة» الرسولية (سفر أعمال الرسل 4: 29،31). ولتظهروا علاماتكم الإيمانية الخاصة بالأمل والشجاعة، ولتعطوا كنيستنا رؤية للمستقبل.


المرصد