انما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه " (سورة النساء 171) . بهذه العبارة قد استشهدت ولم أسقط منها كلمة أو عبارة , قلت أن: "الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ " . أين تريد مني إضافة عبد الله . هل تقصد أني لا أؤمن بهذا فسوف أوضح لك ذلك .
ففي قوله تعالى : " كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ " يمتاز التعبير عن سائر التعابير القرآنية , ويحدّد ذات المسيح انها " روح منه " تعالى أي صادر منه , لا على طريق الخلق , بل على طريق الصدور , كما يدل عليه ترادف الاسمين : " كلمته وروح منه " . فهو " روح منه " تعالى , يصدر منه صدور الكلمة من الذات الناطقة , في حديثها النفسي ؛ واذ لا حدوث في الله , فكلمته في ذاته غير محدثة ؛ و " روح منه " غير محدث .
فكلمة الله هو روح من الله – لا مجرد أمر تكوين , بكلمة : " كن " . و " روح منه " تعالى هو " كلمة الله " أي كلام الله في ذاته , بما أنه " روح منه " . ترادف الاسمين يفسر بعضهما بعضاً : كلمة الله هو " روح منه " ؛ وهذا " الروح منه " هو كلمة الله .
فالمسيح هو " روح الله " في ذاته , من ذات الله : فليس هو روح فقط ؛ وليس " روح الله " روح ملاك أو روح كآدم فقط . إنه " روح منه " تعالى اسمى من المخلوق , لأنه كلمة الله أي كلام الله الذاتي النفسي . قال الرازي : " واعلم ان كلمة الله هي كلامه , وكلامه , على قول أهل السنة , صفة قديمة قائمة بذات الله " ( على آل عمران 39 ) . فالمسيح في ذاته السامية من ذات الله : " كلمته وروح منه " . إن المسيح في ذاته السامية " روح منه " تعالى , يصدر منه صدوراً , كما تصدر " الكلمة " من الذات الناطقة في حديثها النفسي . وبما ان الذات الناطقة في " كلمة الله " هي الله نفسه ؛ فالمسيح ، كلمة الله , هو نطق الله في ذاته ؛ " فكلمته " تعالى الذاتية : من ذاته , مثل ذاته , في ذاته .
فالمسيح بصفته عيسى ابن مريم بشر مخلوق " الطبيعة الإنسانية " , لكن المسيح بصفته " كلمة الله وروح منه " فهو فوق المخلوق , من ذات الله , في ذات الله " الطبيعة الإلهية " . ونحن نؤمن بان سيدنا ومعلمنا عيسى ابن مريم المسيح هو إنسان تام وإله تام .
المفضلات