" كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ " (التوبة: 8)



هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في بدايات سورة (التوبة)، وهي سورة مدنية، ومن طوال سور القرآن الكريم، إذ يبلغ عدد آياتها (129)، مما يجعلها سادس أطول السور في كتاب الله المجيد، وهي أيضاً من أواخر السور التي أنزلت على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إذ أنزلت في السنة التاسعة من الهجرة . وقد سميت بهذا الاسم ـ التوبة ـ لورود هذه الكلمة ومشتقاتها في اثنتي عشرة آية من آياتها، كما أطلق عليها اسم (براءة)، وهي الكلمة التي استهلت بها، وسميت باسم (الفاضحة)، و(المُخزِية) ، و(المُثبِرة) ـ أي المُهلِكة ـ و"المُنكِّلة"، وسورة "العذاب"، وذلك لفضحها المنافقين، وتنكيلها بهم، والواصفة لعذابهم يوم القيامة " يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ . إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ".


كذلك سميت هذه السورة باسم (المُحفِّزة)، أو (الحافزة) لتحفيزها المؤمنين على الجهاد في سبيل الله من أجل إعلاء دينه، والدفاع عن أرواح ودماء وأعراض المؤمنين، وعن مقدساتهم، وأراضيهم، وشرفهم، وكرامتهم .
ولم تستفتح سورة (التوبة) بالبسملة؛ وذلك لأن البسملة رحمة من الله – تعالى- والسورة مستهلة بإعلان براءة الله ورسوله من المشركين وشركهم، وفيها الهلاك لهم، والرحمة والهلاك لا يجتمعان أبداً .
وفي المقال السابق عرضت لومضة الإعجاز الإنبائي في الآية الثامنة من هذه السورة المباركة، وهنا أنطلق من نفس هذا الإعجاز الإنبائي لأبعث برسالة إلى كلٍ من فلسطين الصامدة الجريحة، ولبنان الأبية العزيزة - شعباً، ومقاومة باسلة، وحكومة راشدة – فأقول :


لقد أظهرت ملاحم فلسطين ولبنان خلال الشهر الماضي بصفة خاصة عظمة هذين الشعبين العربيين التي تجسدت في تلاحم ووحدة أبنائهما، وصمودهما، وشجاعة مقاتليهما وبطولاتهم في مواجهة جحافل العدو الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، والمُزوَّدة بأحدث التقنيات العسكرية الأمريكية، وذخائرها المُحرَّمة دُوَليَّاً وغير المحرمة، وقد اندحرت هذه الجحافل أمام حفنة من المجاهدين الصادقين، المؤمنين بالله ورسوله، وبحتمية الجهاد في سبيله أمام المؤامرة الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الهيمنة على المنطقتين العربية والإسلامية، وتغيير جغرافيتهما تغييراً كاملاً بمزيد من التفتيت على أساس من التعدديات العرقية والدينية والمذهبية في عالمنا العربي والإسلامي .
فقد استطاعت وحدة الشعبين في كلٍ من فلسطين ولبنان – قيادة، وحكومة، وممثلين ومقاومة، وشعباً - أن تصمد أمام هذا المخطط الشيطاني الذي أريد له أن يلبس رداء الشرعية الدولية المزيفة بقرار من الأمم المتحدة، فرفضه هذان الشعبان العظيمان، وأفشل تآمره بصموده أمام محاولات الجيش الصهيوني الهمجي الوحشي المدمر والمفسد في الأرض، والذي ارتكب من المجازر البشرية ومن جرائم الحرب ما يدينه ويدين من وراءه من قوى الشر في العالم أبد التاريخ .


واستمر هذا الصمود لأكثر من شهر أمام محاولات هذا الجيش الهمجي الصهيوني غزو كلٍ من قطاع غزة وجنوب لبنان من جديد، فأذلته المقاومة الباسلة، وأوقعت في صفوفه مئات القتلى وآلاف الجرحى، وأمطرت عمق فلسطين المحتلة بأكثر من ثلاثة آلاف صاروخ زلزلت أركان المحتلين، وأجبرتهم على الهجرة من مساكنهم كالجرذان المذعورة، أو إلى الاحتماء بالمخابئ المنشأة تحت الأرض كأهل القبور .
ولم يتمكن العدو المعتدي من احتلال أيٍ من قطاع غزة ، أو أيٍ من المدن اللبنانية على الرغم من كثافة غاراته الجوية على المدنيين الآمنين، وقتل آلاف الأطفال، والنساء، والشيوخ، وجرح أضعاف هذا العدد، وعلى الرغم من تهجير ومحاصرة كلٍ من البلدين أرضاً وبحراً وجواً، وعلى الرغم من تدمير البنية الأساسية للبلدين تدميراً كاملاً : الطرق، والجسور، الموانئ والمطارات، محطات الكهرباء والماء، مخازن النفط والغذاء والدواء، المدارس والمستشفيات، والمساجد، والكنائس، والمعاهد والكليات، وحتى مباني قوات الأمم المتحدة ومنشئاتها المختلفة لم تسلم من هذا العدوان الغاشم .
وعلى الرغم من ذلك كله فقد أذاقت المقاومة الباسلة جيش العدو الصهيوني المعتدي من ويلات الحروب ما لم تستطع الجيوش العربية مجتمعه أن تذيقه إياها .


وهنا أقول لرجال المقاومة الباسلة في البلدين أولاً : لقد رفعتهم رأس الأمتين العربية والمسلمة عالية، فبارك الله في جهودكم، وثبَّت خطاكم، وسدَّد رميكم بقوته، وحماكم بحمايته، وأنزل ملائكته تقاتل في صفوفكم وتدمر أعداءكم، وتدفع شرورهم عنكم ، حتى تتحقق هزيمة أعداء الله وأعداء البشرية وأعدائكم، وحتى تتطهر المنطقة العربية كلها من أرجاسهم، ودنسهم، وإفسادهم في الأرض ما دام عليها أبطال من أمثالكم، وما ذلك على الله بعزيز .


وأقول للصهاينة المجرمين المعتدين ثانياً :
أنتم حثالة من حثالات الأمم، ونفاية من نفايات الشعوب، استعملتكم القوى الغربية لتنتقم من هزيمتها في الحروب الصليبية على أرض فلسطين المباركة، فخططت السياسات الشريرة من أجل الإتيان بكم إلى أرض فلسطين للتخلص من شروركم في ديارهم، ولابتلاء المنطقة العربية بشروركم وإفسادكم، وجعلكم خلية سرطانية شريرة في قلب هذه المنطقة، تحرككم وقتما شاءت حسب مخططات الغرب الطامعة في ثروات المنطقة والمعادية لحضارتها وتاريخها ومعتقداتها .


ثم تبنَّتكم من بعد أوروبا دولة الولايات المتحدة الأمريكية التي تخطط منذ عقود طويلة لميراث المنطقتين العربية والإسلامية من الدول الأوروبية، واستخدمتكم كلب حراسة في المنطقة، تثيركم على إحدى دولها المرة تلو المرة، فخضتم ست معارك كبرى دمرتم فيها المنطقة بخبثكم، وتآمركم، وبمسارعة أمريكا لنجدتكم، وراح منكم آلاف القتلى والجرحى والمقعدين والأرامل والأيتام كما راح منا، ولكننا نعد بمئات الملايين، وأنتم حثالة قليلة، القتل يضيرها أكثر مما يضيرنا، فضلاً على أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في نار الجحيم . والآن فاجأتكم المقاومة بصنف من المقاتلين لم تعهدوا مواجهته منذ قتال المجاهدين لكم في الأربعينيات من القرن العشرين، وكانوا وقتها عزلاً من السلاح، وهزموكم هزائم منكرة، ولولا مؤامرات الغرب وقرارات الأمم المتحدة لأزالوكم من الوجود بالكامل .
ولكن المقاومة الباسلة استعدت لكم اليوم بالسلاح الذي قهرتكم به، وبالروح الجهادية العالية، فأظهرت هزال جيشكم، وزيف الأسطورة التي روجتموها بأنه الجيش الذي لا يقهر، فقهرته حفنة من المجاهدين الصامدين وأذلته، وكسرت استعلاءه في الأرض وإفساده وفجره، ومرَّغت دعاياته المزيفة في الوحل، وقد أظهرت هذه الحرب السادسة كما أظهرت كل ممارساتكم الوحشية، الهمجية، المفسدة في الأرض من قبل أنكم قوم مجردون من أبسط معاني الإنسانية وقيمها، فلا أخلاق عندكم، ولا دين يحكمكم، ولا قيم إنسانية تضبط سلوككم، فأثبتم بجرائمكم التي لا تحصى أنكم خلية سرطانية شريرة لا يمكن قبولها ولا التعايش معها، وليس لها من علاج إلا اجتثاثها من جذورها، وتطهير المنطقة من أخطارها ومفاسدها وشرورها؛ فمذابحكم الوحشية البشعة في كل مدينة عربية تثبت انعدام أخلاقكم، وفساد معتقداتكم، وتجردكم من إنسانيتكم، حتى تحولتم إلى مجموعة من شياطين البشر التي لا همَّ لها إلا الإفساد في الأرض بوحشية وهمجية يندر لها المثيل إلا عند أشباهكم من مجرمي الحرب في كل زمان ومكان .


ومن العجب أنكم بهذه الوحشية والهمجية والإفساد في الأرض تصمون صفوة المجاهدين على أرض فلسطين وفي كلٍ من لبنان والعراق بالإرهاب، وأنتم تجسدون أقبح صوره بجرائمكم اليوم وعبر التاريخ . وصدق الله العظيم إذ يقول فيكم: " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " (المائدة: 78 – 79) .
ويقول – عز من قائل - : " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا " (المائدة: 82) .
ويقول – وقوله الحق - : " وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُواًّ كَبِيراً . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً . إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً . عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً " (الإسراء: 4-8) .


وبعد ذلك أقول لكم يا أيها المحتلون الغرباء : إن دعواكم بحقكم في أرض فلسطين دعوى باطلة لا أساس لها من دين، أو منطق، أو عرق، أو لغة، أو قانون، ولقد زينها لكم الذين حرفوا كتب الله وزوروا دينه من قبل، وحسنوا هذه الدعوى الباطلة في أعينكم، فاندفعتم كأسراب الجراد كي تسطوا على أرض ليست لكم، وسرقتم دياراً ليست بدياركم، فأنتم محتلون بالقوة العسكرية، وبدعم الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية . والمحتل سوف يُطرد من الأرض التي احتلها عنوة كما طُرد الصليبيون من قبل بعد قرابة القرنين من الاحتلال الغاشم والحروب الطاحنة, ودوام الحال من المحال، ولن تظل الولايات المتحدة هي القوة الكبرى المتحكمة – ظلماً - في العالم، ويوم أن تزول دولتها سوف تزول دولتكم المصطنعة من الوجود ، وقد أعذر من أنذر ، وقد جاء الوعد الحق أيها الغلاة المتجبرون في الأرض .


وأقول للشعوب العربية والمسلمة ثالثاً :
إن الغارة الإسرائيلية الأخيرة على شعب كلٍ من قطاع غزة والضفة ولبنان أظهرت وهن الكيان الصهيوني وهزال جيشه، فقد استطاعت خفنة من المجاهدين الصادقين رد محاولاته على الرغم من تفوق سلاح جوه الغادر الذي أمطر كل شبر من أرض هذين البلدين العربيين بصواريخه الآثمة، وقنابله الأمريكية الذكية والغبية، وأسلحته المُحرَّمة دولياً وغير المحرمة، من ارتفاع يفوق عدة كيلومترات كاللص المتسلل بليل، ثم يجري كالجبان المذعور عند أقل مواجهة مع رجال المقاومة، وقد هُزمت قواته على الأرض هزيمة منكرة، ورأيناه على شاشات التلفاز يلملم جثث قتلاه وأشلاء جنوده وجرحاه، وحطام معداته من الدبابات والمجنزرات والعربات المصفحة، والناجون من جنوده وضباطه يبكون على قتلاهم بكاءً الثكالى .


ولكم أن تتخيلوا يا معشر العرب والمسلمين : ماذا يمكن أن يكون وضع هذا الكيان الغاصب إذا قطع عنه النفط ؟ ، أو دمر سلاح طيرانه بعملية مباغتة ؟، أو أطلقت عليه الصواريخ من جميع الدول العربية المحيطة به في آن واحد ؟، وأجمعت الدول العربية أمرها على التخلص من جرائمه ودنسه ؟ .. ما بقي هذا الكيان الإجرامي الذي يتهدد المنطقة بأسرها بالدمار الشامل يوماً واحداً فوق الأرض المغتصبة .
وأقول للشعوب العربية والمسلمة : إن الجيوش الأمريكية وأذنابها لم تغزُ المنطقة العربية إلا من أجل تحقيق المزيد من تفتيتها إلى كيانات صغيرة هزيلة كي تبقى الغلبة في المنطقة للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، ووسيلتهم في ذلك هو زرع الفتن بين أبناء الأعراق والديانات والمذاهب المتعددة في المنطقة ، والذين عاشوا عبر التاريخ أمة واحدة متلاحمة، متآخية، متراحمة كالجسد الواحد . وعلى عقلاء الأمتين العربية والإسلامية إفشال هذا المخطط الشيطاني كما فعل الشعب اللبناني الشقيق، وضرب للعالم كله مثلاً يُحتذى في تلاحم الأمة وتآخيها .
وأقول لزعماء الأمتين العربية والإسلامية رابعاً : إن المعركة الفاصلة بيننا وبين الغزاة اليهود قادمة لا محالة بنص القرآن الكريم، وبنص أحاديث خاتم الأنبياء والمرسلين - صلوات الله وسلامة عليه وعليهم أجمعين - فاستعدوا وأعدوا لها ما استطعتم من قوة، فعدوكم جبان وخبيث ولئيم، يعادي البشرية كلها بدعوى باطلة أنه شعب الله المختار، فلا تستبعدوا استخدامه أسحلة الدمار الشامل، فليس لديه من الدين أو الأخلاق أو الإنسانية ما يمكن أن يمنعه من ذلك، والتاريخ سوف يسجل لكم أو عليكم موقفكم من هذه الخلية السرطانية التي غُرست في قلب المنطقة بمؤامرة دولية، وفي غفلة من الأمتين العربية والإسلامية، واستغلالاً لفرقة الكلمة، والله – سبحانه وتعالى- سوف يسائلكم عن ذلك، فاللهَ اللهَ في مسئولياتكم، وفي شعوبكم، وفي الأمانة التي وُضِعَت في أعناقكم .


وأقول للحكومة الأمريكية وأذنابها خامساً ً: لقد خسرتم الدنيا والآخرة بتجاهلكم للإسلام العظيم، وبعدائكم المستمر للمسلمين دون أن تحاولوا التعرف على هذا الدين الذي لا يرتضي ربنا – تبارك وتعالى - من عباده ديناً سواه .
ولقد أغرتكم قوتكم العسكرية وتقدمكم التقني بظلم شعوب الأرض جميعاً، والتجبر، وفرض إرادتكم عليها، وابتزاز ثرواتها، فخسرتم دنياكم وآخرتكم مرتين، فلم تجنوا من سياساتكم المتعجرفة، المتغطرسة، المتجبرة إلا كراهية شرفاء العالم لكم ولشعوبكم بعد أن تبين كذبكم، ونفاقكم، وزيفكم للجميع، ولم تعد دعاواكم المصطنعة بأنكم حماة الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، فقد بان زيفها، وسقطت كل الأقنعة عن وجوهكم الحقيقية التي لا تعرف إلا مكاسبها المادية، وأهدافها الشيطانية المدمرة، ولو على دماء كل أهل الأرض .
وكان في دعمكم الأعمى للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، وتبريراتكم الكاذبة لمظالمه، وجرائمه، وإرهابه مهما جاوز كل الحدود، وإمداداتكم المستمرة له بالأموال والأسلحة والتقنيات المتقدمة، المُحلَّلة والمُحرَّمة، ودعمكم له في المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية وفي المحافل الدولية، ودفاع إعلامكم عن جرائمه المتعددة في حق شعوب المنطقة كلها والتغطية عليها، واعتراضكم على كل قرار من قرارات الإدانة الصادرة ضده عن كل من مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة لعشرات بل لمئات المرات، كان في ذلك تعرية لواقعكم، وكشفاً لمواقفكم المنافية لأبسط قواعد الحق والعدل .


وقد أكد ذلك غزوُكم غير المبرر لكلٍ من أفغانستان والعراق، وهما دولتان عضوان في هيئة الأمم المتحدة، متجاوزين في ذلك كل القوانين والأعراف الدولية - ومنها قوانين الأمم المتحدة - التي تسخرونها سيفاً مسلطاً على رقاب شعوب العالم وحكوماته، وكانت جرائمكم هناك في الميادين العامة وفي السجون لا تقل إجراماً عن جرائم الصهاينة المحتلين لأرض فلسطين؛ لأنهم مثلكم تماماً يتصرفون .
وبعد كل هذه الجرائم والمظالم والتعديات، يتساءل رئيسكم في غباء واضح : لماذا يكرهوننا ؟ . اقرأ هذا السطور لتفهم لماذا يكرهك شرفاء العالم ويكره بطانتك الصهيونية/ الصليبية الحاقدة، والمؤيدة لمحاولاتكم المتكررة لاستعباد شعوب الأرض، وامتصاص ثرواتها، والهيمنة على مقدراتها، وفرض مفاهيمكم الخاطئة وقيمكم الهابطة عليها، ومشروع قراركم الأخير المفضوح ضد لبنان وشعبه خير شاهد على ذلك .


ومن عجب العجاب أن هذا الرئيس الأمريكي يدَّعي صلة بالله، ويدعى – كذباً - أنه يتلقى الإلهام منه، ولو عرف معنى الألوهية حقاً ما اقترف شيئاً من جرائمه العديدة . وصدق الله العظيم إذ يقول – وقوله الحق - :
" كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ " (التوبة:8) .