رغم انتهاء زوجة قس البحيرة وفاء قسطنطين بعودتها عن الإسلام وتأكيد مسيحيتها ودخولها دير الأنباء بيشوي في دير النطرون حيث يعتكف بابا الأقباط في مصر البابا شنودة الثالث، فإن عمليات التصعيد التي تشهدها الصحافة المصرية منذ اندلاع هذه الأزمة وحتى الآن تعود بمصر لأجواء سبتمبر 1981 التي شهدت أزمات طائفية ومعارضة واسعة للرئيس المصري السابق أنور السادات أدت إلى اعتقال نحو 2500 من رموز التيارات الدينية والسياسية والحزبية مع إغلاق صحف المعارضة، وهو الأمر الذي أدى بعد ذلك إلى اغتيال الرئيس السادات في أكتوبر 1981 وأطلق الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل على هذه الفترة خرف الغضب.

ورغم تأكيد كل المسؤولين في مصر على عدم وجود فتنة طائفية بين عنصري الأمة في مصر المسلمون والأقباط فإن قراءة ما تنشره الصحف خاصة الحزبية والمستقلة في شبه غياب للصحافة القومية يشير إلى وجود أزمة وصلت مداها بالهجوم على البابا شخصيا من جانب بعض الكتاب المسيحيين والمسلمين على حد سواء مع اتهامات للنظام السياسي المصري بمحاباة الأقباط

وفيما دعت مجلة روز اليوسف التي تنحاز لتيار التنوير على المطالبة بحظر التظاهرات في المساجد والكنائس على حد سواء وتتهم وسائل الإعلام بإشعال نار الفتنة يتهم رئيس تحرير صحيفة الأسبوع مصطفى بكري البابا شنودة الثالث بتصعيد الأزمة منددا باعتكاف البابا في وادي النطرون وقال أن مطران البحيرة حيث تقيم وفاء قسطنطين أبلغ من الأمن بإجراء جلسة مراجعة مع قسطنطين لكنه بدلا من الحضور اتصل هاتفيا بالبابا لأنها زوجة نائب مطران البحيرة وهو أمر شعرت معه الكنيسة بالحرج.

وأشار بكري إلى أن مجلس الوزراء بحث قضية قسطنطين واقترح أن تظهر على شاشة التليفزيون المصري لتروي واقعة إسلامها لكن الوزراء الأقباط في الحكومة رفضوا.

وأشار بكري إلى أن الدولة المصرية استجابت ووافقت على كل ضغوط الكنيسة لمعالجة الأزمة رغم عدم قانونية هذه المطالب ويقول : بدت الدولة في أضعف حالاتها أمام الكنيسة بينما تشتد قبضتها ضد أي احتجاج إسلامي أو شعبي . ويضيف أن الملف أغلق بتسليم وفاء قسطنطين إلى الكنيسة وأصبحت الدولة المصرية لا تعرف عنها شيئا بينما استمر ملف التسخين بالإرادة البابوية عبر رسالة على الهاتف الجوال للأقباط تدعوهم بأمر سيدنا للصوم ثلاثة أيام ابتهاجا بعودة قسطنطين وابتلاء بحبس 34 قبطيا .

أما الكاتب الإسلامي الدكتور سليم العوا فقد نشر مقالين في صحيفتي العربي الناصرية والأسبوع تساءل فيهما هل يجوز تسليم من يأتي للجهات الرسمية ويعلن إسلامه إلى أهل دينه السابق مشيرا إلى أن قضاء النقض وهو أعلى سلطة قضائية في مصر استقر على عدم جواز إخطار الجهة الدينية التي كان يتبعها الراغب في تغيير دينه . ويشير العوا إلى أن جلسة النصيحة التي تجري لمن أراد تغيير دينه لا وجود لها في القانون وإنما هي مجرد عرف دارج.

ونشرت جريدة الأسبوع أيضا رسالة من والد فتاة مسلمة جرى تنصيرها إلى الرئيس المصري حسني مبارك دعا فيها الرئيس إلى التدخل شخصيا وتسليمه ابنته كما حدث في واقعة وفاء قسطنطين .

وحمل المفكر القبطي المعروف الدكتور ميلاد حنا الرئاسة مسؤولية الأزمة حين ترك للأمن التعامل مع مثل هذه الموضوعات الشائكة ودعا حنا البابا إلى إحداث تغييرات داخل الكنيسة محذرا من تكرار إعتقالات سبتمبر التي حدثت أيام الرئيس الراحل أنور السادات في أية لحظة.

ويبدو أن هذه الأجواء الملبدة بالغيوم قد دعت الرئيس المصري حسني مبارك إلى الحضور بشكل مفاجئ اجتماع الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الحاكم السبت قبل ساعات من بحث الموضوع في لجنة الأمن القومي بالبرلمان وأكد مبارك أنه لا يفرق بين مسلم ومسيحي فيما أجلت اللجنة البرلمانية بحث الموضوع رغم وجود طلبي إحاطة من نائب حزب التجمع أبو العز الحريري ونائب حزب الأحرار طلعت السادات حول الفتنة الطائفية في أسيوط والبحيرة.

نقلا عن العربية
http://www.alarabiya.net/Articles/2004/12/19/8846.htm