الحدود فى الاسلام

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

لمسات بيانية الجديد 10 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على مقطع خالد بلكين : الوحي المكتوم المنهج و النظرية ج 29 (اشاعة حول النبي محمد) » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | قالوا : ماذا لو صافحت المرأة الرجل ؟ » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | () الزوجة الصالحة كنز الرجل () » آخر مشاركة: مريم امة الله | == == | مغني راب أميركي يعتنق الإسلام بكاليفورنيا » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الإعجاز في القول بطلوع الشمس من مغربها » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | الكاردينال روبيرت سارا يغبط المسلمين على إلتزامهم بأوقات الصلوات » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == | لمسات بيانية الجديد 8 لسور القرآن الكريم كتاب الكتروني رائع » آخر مشاركة: عادل محمد | == == | الرد على شبهة زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنهما بعمر السادسة و دخوله عليها في التاسعة » آخر مشاركة: محمد سني 1989 | == == | المصلوب بذرة ( الله ) ! » آخر مشاركة: *اسلامي عزي* | == == |

مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

الحدود فى الاسلام

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الحدود فى الاسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,031
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    05-01-2017
    على الساعة
    05:50 PM

    افتراضي الحدود فى الاسلام

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    فهذه هي الحلقة الثانية من (شبهات حول الإسلام) سنتكلم فيها عن محاسن إقامة الحدود وحاجة المجتمعات إليها، رداً على الشبه الهزيلة التي أثارها أعداء الإسلام حول إقامة الحدود، فقالوا: إن إقامة الحدود وحشية، وأنها لا تناسب العصر إلى غير ذلك من الشنشنة المعروفة.
    والحق أن هؤلاء الذين ينادون بترك " إقامة الحدود" في المجتمعات يعدون بحق من أفسد الناس عقولاً، وأشأمهم على المجتمعات، لأنهم خالفوا بذلك المعقول والمنقول، فماذا تنتظر من قوم تأخذهم الرأفة بالجاني ولا تأخذهم الرأفة بمن وقعت عليه المصيبة في ماله ودمه، ويترفقون باللص دون النظر إلى ما فعله من سرقة الأموال وإخافة الآمنين والتعدي على حرمات البيوت.
    فهؤلاء الذين ينفرون من إقامة الحدود يجب – والله - جهادهم بكل ما يستطاع، بالسيف والقلم واللسان وغير ذلك لأنهم أقلام مسعورة مستأجرة تكتب ما يملى عليها مقابل حفنة من المال.
    وهذه الحلقة تتكون من عدة مباحث:


    المبحث الأول: الحدود من دلائل رحمة الله.
    المبحث الثاني: عقوبة المفسدين مستحسن في العقول.
    المبحث الثالث: حفاظ الشريعة على المتهم.
    المبحث الرابع: تفاوت العقوبات وتنوعها.
    المبحث الخامس: الفروق بين الحدود الشرعية، والقوانين الوضعية.
    المبحث السادس: مناسبة العقوبة للحد.
    المبحث السابع: دعاوى المنفرين عن إقامة الحدود.
    المبحث الثامن: تشوق الغرب لهذه الحدود.


    أسأل الله أن يكتب لهذه الحلقات القبول، وينفع بها الكاتب والقارئ في الدارين.

    المبحث الأول: الحدود من دلائل رحمة الله:
    1- الحدود رحمة بالمجتمع:

    1- قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/329-330): (فينبغي أن يُعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده، فيكون الوالي شديداً في إقامة الحد لا تأخذه رأفة في دين الله فيعطله، ويكون قصده رحمة الخلق بكف الناس عن المنكرات لا شفاء غيظه وإرادة العلو على الخلق بمنزلة الوالد إذا أدب ولده، فإنه لو كف عن تأديب ولده كما تشير به الأم رقةً ورأفةً لفسد الولد، وإنما يؤدبه رحمةً به وإصلاحاً لحاله مع أنه يود ويؤثر أن لا يحوجه إلى تأديب، وبمنزلة الطبيب الذي يسقى المريض الدواء الكريه، وبمنزلة قطع العضو المتآكل، والحجم وقطعالعروق بالفصاد ونحو ذلك، بل بمنزلة شرب الإنسان الدواء الكريه، وما يدخله على نفسه من المشقة لينال به الراحة، فهكذا شرعت الحدود وهكذا ينبغي أن تكون نية الوالي في إقامتها) أ.هـ
    وانظر "مجموع الفتاوى" (15/288-296).
    2- وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين: (2/95): (فكان من بعض حكمته سبحانه ورحمته أن شرع العقوبات في الجنايات الواقعة بين الناس بعضهم على بعض، في النفوس والأبدان والأعراض والأموال،كالقتل والجراح والقذف والسرقة، فأحكم سبحانه وجوه الزجر الرادعة عن هذه الجنايات غاية الإحكام، وشرعها على أكمل الوجوه المتضمنة لمصلحة الردع والزجر مع عدم المجاوزة لما يستحقه الجاني من الردع، فلم يشرع في الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا في الزنا الخصاء، ولا في السرقة إعدام النفس، وإنما شرع لهم في ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته ولطفه وإحسانه وعدله، لتزول النوائب وتنقطع الأطماع عن التظالم والعدوان، ويقتنع كل إنسان بما آتاه مالكه وخالقه، فلا يطمع في استلاب غير حقه) أ.هـ


    2- السبب في أن الله تولى تشريع الحدود بنفسه:

    يبين لنا ابن القيم السبب في أن الله لم يكل تشريع الحدود إلى غيره فقال في "إعلام الموقعين": (2/95-96): (ومعلوم أن لهذه الجنايات الأربع مراتب متباينة في القلة والكثرة، ودرجات متفاوتة في شدة الضرر، وخفته كتفاوت سائر المعاصي في الكبر والصغر وما بين ذلك، ومن المعلوم أن النظرة المحرمة لا يصلح إلحاقها في العقوبة بعقوبة مرتكب الفاحشة، ولا الخدشة بالعود بالضربة بالسيف، ولا الشتم الخفيف بالقذف بالزنا والقدح في الأنساب، ولا سرقة اللقمة والفلس بسرقة المال الخطير العظيم، فلما تفاوتت مراتب الجنايات لم يكن بد من تفاوت مراتب العقوبات، وكان من المعلوم أن الناس لو وكلوا إلى عقولهم في معرفة ذلك وترتيب كل عقوبة على ما يناسبها من الجناية جنساً ووصفاً وقدراً لذهبت بهم الآراء كل مذهب، وتشعبت بهم الطرق كل مشعب، ولعظم الاختلاف واشتد الخطب، فكفاهم أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين مؤنة ذلك وأزال عنهم كُلفته، وتولى بحكمته وعلمه ورحمته تقديره نوعاً وقدراً، ورتب على كل جناية ما يناسبها من العقوبة ويليق بها من النكال، ثم بلغ من سعة رحمته وجوده أن جعل تلك العقوبات كفاراتٍ لأهلها، وطهرة تزيل عنهم المؤاخذة بالجنايات إذا قدموا عليه، ولاسيما إذا كان منهم بعدها التوبة النصوح والإنابة، فرحمهم بهذه العقوبات أنواعاً من الرحمة في الدنيا والآخرة، وجعل هذه العقوبات دائرة على ستة أصول قتل وقطع وجلد ونفي تغريم مال وتعزير) أ.هـ


    3- الحدود ليست الحل الوحيد لمنع الجريمة:

    يخطئ كثير من الناس عندما يظن أن إقامة الحدود هو الحل الوحيد لمنع الجريمة في الإسلام، وغاب عنهم أن إقامة الحدود عقوبة أخيرة للمجرمين، وأن هذه العقوبة قد سبقتها وسائل كثيرة ومختلفة لمنع هذه الجريمة.
    1- فقد سلكت مع هذه النفوس مسلك التذكير المستمر بالله وعقابه في الدنيا والآخرة، وتذكيرها بحقارة هذه الدنيا وسرعة زوالها، وتذكير من يسارع في شيء من ملذات الدنيا بالصبر عليها وأن الله معوضها في الدار الآخرة بما هو أعظم له من هذا الفاني.
    2- وسلكت الشريعة مسلك تأديب النفوس وتهذيب الأخلاق بمثل هذه العبادات التي لها أثر كبير على أخلاق المسلم وتأدبه، فلا يخفى علينا ما تفعله الصلاة في نفوس المسلمين، فإن (الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) كما أخبر الله.
    3- وشرع الإسلام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأعطت الحق لكل من يرى المنكر أن يغيره في حدوده الشرعية، وهذا من شأنه يقلل المنكر في المجتمع ويضعف شوكته ويقضي على جو الجريمة.
    4- أمرت بكل وسيلة تباعد من هذه الجرائم كالأمر بالتعفف عموماً ولاسيما أمرين هما عفة الفروج وعفة البطون.
    5- فمن لم ينفعه هذا التذكير ولا هذه الموعظة وجد أمامه عقبة أخرى وسداً مانعاً من الزواجر وهي الحدود الشرعية، فيبقى جرس الخطر يرن في أذنيه كلما عزم على الإقدام على مثل هذه الاعتداءات، لأن المجرم يفكر مراراً وتكراراً قبل أن يقدم على فعله، لأنه يعلم مقدماً الحكم الذي سينزل به ومدى فاعليته.
    6- فمن لم ينفع معه ولم تخوفه هذه العقوبات فارتكب هذا الاعتداء فهنا ينتقل العلاج من الناحية الوعظية والتوجيهية إلى ناحية العقوبة المباشرة، فيقام عليه هذا الحد بعد ذلك حتى لا تتكرر هذه الاعتداءات.


    المبحث الثاني: عقوبة المفسدين مستحسَن في العقول:

    قال ابن القيم في"إعلام الموقعين": (2/102-103) في سياق الرد على المعترضين على الحدود: (أما قوله: "كيف تردعون عن سفك الدم بسفكه! وإن ذلك كإزالة النجاسة بالنجاسة" !! سؤال في غاية الوهن والفساد، وأول ما يقال لسائله: هل ترى ردع المفسدين والجناة عن فسادهم وجناياتهم وكف عدوانهم مستحسناً في العقول موافقا لمصالح العباد أو لا تراه كذلك ؟
    فإن قال لا أراه كذلك كفانا مؤنة جوابه بإقراره على نفسه بمخالفة جميع طوائف بني آدم على اختلاف مللهم ونحلهم ودياناتهم وآرائهم، ولولا عقوبة الجناة والمفسدين لأهلك الناس بعضهم بعضاً، وفسد نظام العالم، وصارت حال الدواب والأنعام والوحوش، أحسن من حال بني آدم، وإن قال بل لا تتم المصلحة إلا بذلك،قيل له: من المعلوم أن عقوبة الجناة والمفسدين لا تتم إلا بمؤلم يردعهم، ويجعل الجاني نكالاً وعظة لمن يريد أن يفعل مثل فعله، وعند هذا فلا بد من إفساد شيء منه بحسب جريمته في الكبر والصغر والقلة والكثرة) أ.هـ


    المبحث الثالث: حفاظ الشريعة على المتهم:

    ينبغي أن يعرف أن الشريعة كما أنها تحافظ على سلامة المجتمع وطهارته من الفواحش ومظاهر الفسق، فكذلك تحافظ على المتهم، ومما يدل على ذلك:
    1- أنها لا تقيم الحد إلا على المكلف المختار العالم بالتحريم، فلا تقيمه على مجنون ولا صبي ولا مُكره، ولا جاهل إذا كانت دعوى الجهل مقبولة، كأن يكون عاش بعيداً عن المسلمين.
    2- اشتراط الشريعة لإقامة الحد أن يكون الحد ثابتاً على المتهم بإقرار صحيح أو بشهادة مقبولة، ولا يكون الإقرار صحيحاً حتى يكون المقر مكلفاً مختاراً قد أقر إقراراً صريحاً، ولا تقبل الشهادة حتى يكون الشهود مرضيين قد شاهدوا ما يوجب الحد.
    3- ندبت الشريعة إلى التوبة وستر المسلم على نفسه.
    4- الشريعة تمنع من إقامة الحد على غير الجاني فلا يقام الحد على المرأة الحامل.
    5- منعت الشريعة من أن يقيم الحدود غير ولاة الأمور أو من ينوبهم، حتى لا تعم الفوضى.
    قال القرطبي في "تفسيره" عند آية: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) المسألة الثانية: (اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض وإنما ذلك للسلطان أو من نصبه السلطان لذلك، ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض).
    وقال أيضاً في "تفسيره" عند آية: (كتب عليكم القصاص) المسألة الرابعة: (لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك، لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعاً أن يجتمعوا على القصاص فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود).
    6- الشريعة تمنع من أن يؤذى المحدود قبل إقامة الحد وفي أثناءه أو بعده، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لعن الرجل الذي يشرب الخمر وعن التثريب على الأمة إذا أقام عليها حد الزنى.
    7- الشريعة قد تسقط الحد على المتهم إذا خشي عليه أن يقع في سوء، فالمسلم إذا وقع في حد من الحدود في غزوة من الغزوات فقد أمرنا بتأخير هذا الحد إلى أن يرجع المتهم إلى بلاد المسلمين فيقام عليه الحد هناك، رحمة به وخشية أن يلحق بالكفار فيدخل في دينهم، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إقامة الحد في الغزو.
    8- الشريعة بينت أن الحدود كفارة لأهلها.


    المبحث الرابع: تفاوت العقوبات وتنوعها:
    1- تفاوت العقوبات:

    قال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/102-103): (ومن المعلوم ببدائه العقول أن التسوية في العقوبات مع تفاوت الجرائم غير مستحسن بل مناف للحكمة والمصلحة، فإنه إن ساوى بينهم في أدنى العقوبات لم تحصل مصلحة الزجر وإن ساوى بينها في أعظمها كان خلاف الرحمة والحكمة، إذ لا يليق أن يقتل بالنظرة والقبلة، ويقطع بسرقة الحبة والدينار، وكذلك التفاوت بين العقوبات مع استواء الجرائم قبيح في الفطر والعقول، وكلاهما تأباه حكمة الرب تعالى وعدله وإحسانه إلى خلقه، فأوقع العقوبة تارة بإتلاف النفس إذا انتهت الجناية في عظمها إلى غاية القبح كالجناية على النفس أو الدين، أو الجناية التي ضررها عام فالمفسدة التي في هذه العقوبة خاصة والمصلحة الحاصلة بها أضعاف أضعاف تلك المفسدة كما قال تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) فلولا القصاص لفسد العالم وأهلك الناس بعضهم بعضاً ابتداء واستيفاءً، فكأن في القصاص دفعاً لمفسدة التجري على الدماء بالجناية وبالاستيفاء، وقد قالت العرب في جاهليتها: "القتل أنفى للقتل وبسفك الدماء تحقن الدماء" فلم تغسل النجاسة بالنجاسة، بل الجناية نجاسة والقصاص طهرة، وإذا لم يكن بدٌ من موت القاتل، ومن استحق القتل فموته بالسيف أنفع له في عاجلته وآجلته، والموت به أسرع الموتات وأوحاها وأقلها ألماً، فموته به مصلحة له ولأولياء القتيل ولعموم الناس، وجرى ذلك مجرى إتلاف الحيوان بذبحه لمصلحة الآدمي، فإنه حسن وإن كان في ذبحه إضرار بالحيوان فالمصالح المرتبة على ذبحه أضعاف أضعاف مفسدة إتلافه، ثم هذا السؤال الفاسد يظهر فساده وبطلانه بالموت الذي حتمه الله على عباده، وساوى فيه بين جميعهم، ولولاه لما هنأ العيش، ولا وسعتهم الأرزاق ولضاقت عليهم المساكن والمدن والأسواق والطرقات، وفي مفارقة البغيض من اللذة والراحة ما في مواصلة الحبيب، والموت مخلص للحي، والموت مريح لكل منهما من صاحبه، ومخرج من دار الابتلاء والامتحان، وباب للدخول في دار الحيوان).
    إلى أن قال: (فكم لله سبحانه على عباده الأحياء والأموات في الموت من نعمة لا تُحصى، فكيف إذا كان فيه طهرة للمقتول، وحياة للنوع الإنساني، وتشفٍ للمظلوم، وعدل بين القاتل والمقتول، فسبحان من تنـزّهت شريعته عن خلاف ما شرعها عليه من اقتراح العقول الفاسدة والآراء الضالة الجائرة) أ.هـ


    2- تنوع العقوبات:
    أ- القتل:

    قال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/96): (فأما القتل فجعله عقوبةَ أعظم الجنايات، كالجناية على الأنفس فكانت عقوبته من جنسه، وكالجناية على الدين بالطعن فيه والارتداد عنه، وهذه الجناية أولى بالقتل وكف عدوان الجاني عليه من كل عقوبة، إذ بقاؤه بين أظهر عباده مفسدة لهم، ولا خير يرجى في بقائه ولا مصلحة، فإذا حبس شره وأمسك لسانه وكف أذاه والتزم الذل والصغار وجريان أحكام الله ورسوله عليه وأداء الجزية لم يكن في بقائه بين أظهر المسلمين ضرر عليهم، والدنيا بلاغ ومتاع إلى حين، وجعله أيضا عقوبة الجناية على الفرج المحرمة لما فيها من المفاسد العظيمة واختلاط الأنساب والفساد العام) أ.هـ




    ب- القطع:

    قال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/96-97):
    (وأما القطع فجعله عقوبة مثله عدلاً وعقوبة السارق، فكانت عقوبته به أبلغ وأردع من عقوبته بالجلد، ولم تبلغ جنايته حد العقوبة بالقتل فكانأليق العقوبات به إبانة العضو الذي جعله وسيلة إلى أذى الناس وأخذ أموالهم، ولما كان ضرر المحارب أشد من ضرر السارق وعدوانه أعظمُ، ضُمَّ إلى قطع يده قطع رجله ليكف عدوانه وشر يده التي بطش بها، ورجله التي سعى بها، وشرع أن يكون ذلك من خلافٍ، لئلا يفوت عليه منفعة الشق بكماله، فكف ضرره وعدوانه، ورحمه بأن أبقى له يداً من شق ورجلاً من شق) أ.هـ
    وانظر الجواب الكافي (ص 172).


    ج - الجلد:

    قال ابن القيم في إعلام الموقعين (2/97): (وأما الجلد فجعله عقوبة الجناية على الأعراض، وعلى العقول وعلى الأبضاع، ولم تبلغ هذه الجنايات مبلغاً يوجب القتل، ولا إبانة الطرف، إلا الجناية على الأبضاع فإن مفسدتها قد انتهضت سبباً لأشنع القتلات، ولكن عارضها في البكر شدة الداعي (أي: شدة الشهوة) وعدم المعوض (أي: عدم الزوجة)، فانتهض ذلك المعارض سبباً لإسقاط القتل، ولم يكن الجلد وحده كافياً في الزجر فغُلظ بالنفي والتغريب ليذوق من ألم الغربة ومفارقة الوطن ومجانبة الأهل والخلطاء ما يزجره عن المعاودة.
    وأما الجناية على العقول بالسُكر فكانت مفسدتها لا تتعدى السكران غالباً ولهذا لم يحرم السُكر في أول الإسلام كما حرمت الفواحش والظلم والعدوان في كل ملة وعلى لسان كل نبي، وكانت عقوبة هذه الجناية غير مقدرة من الشارع، بل ضرب فيها بالأيدي والنعال وأطراف الثياب والجريد، وضرب فيها أربعين، فلما استخف الناس بأمرها وتتابعوا في ارتكابها غلّظها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أُمرنا باتباع سنته، وسنته من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلها ثمانين بالسوط ونفى فيها وحلق الرأس، وهذا كله من فقه السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الشارب في المرة الرابعة ولم ينسخ ذلك، ولم يجعله حداً لا بد منه، فهو عقوبة ترجع إلى اجتهاد الإمام في المصلحة ،فزيادة أربعين والنفي والحلق أسهل من القتل) أ.هـ
    ثم شرع في بيان الحكمة من تشريع تغريم المال، والتعزير، فراجعه.
    ثم بين الحكمة في جعل القصاص بالإتلاف في بعض الأحيان دون بعض، كالقصاص في النفوس دون القصاص في الأموال والبهائم والديار والزروع، فراجعه في"الإعلام" (2/104-106).


    3- ترتيب الحدود تبعاً لترتيب الجرائم:

    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/108-109): (وتأمل كيف جاء إتلاف النفوس في مقابلة أكبر الكبائر وأعظمها ضرراً وأشدها فساداً للعالم وهي الكفر الأصلي والطارئ والقتل وزني المحصن، وإذا تأمل العاقل فساد الوجود رآه من هذه الجهات الثلاث، وهذه هي الثلاث التي أجاب عنها النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود بها حيث قال له يا رسول الله: أي الذنب أعظم ؟ قال: أن تجعل الله نداً وهو خلقك، قال قلت: ثم أي ؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قال: قلت: ثم أي ؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك) فأنزل الله عز و جل تصديق ذلك والذين (لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون) الآية.
    ثم لما كان سرقة الأموال تلي ذلك في الضرر وهو دونه جعل عقوبته قطع الطرف، ثم لما كان القذف دون سرقة المال في المفسدة جعل عقوبته دون ذلك وهو الجلد، ثم لما كان شرب المسكر أقل مفسدةً من ذلك جعل حده دون حد هذه الجنايات كلها، ثم لما كانت مفاسد الجرائم بعد متفاوتة غير منضبطة في الشدة والضعف والقلة والكثرة، وهي ما بين النظرة والخلوة والمعانقة، جعلت عقوبتها راجعة إلى اجتهاد الأئمة وولاة الأمور بحسب المصلحة في كل زمان ومكان، وبحسب أرباب الجرائم في أنفسهم، فمن سوّى بين الناس في ذلك وبين الأزمنة والأمكنة والأحوال لم يفقه حكمة الشرع، واختلفت عليه أقوال الصحابة وسيرة الخلفاء الراشدين وكثير من النصوص ورأى عمر قد زاد في حد الخمر على أربعين والنبي صلى الله عليه وسلم إنما جلد أربعين، وعزر بأمور لم يعزر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وأنفذ على الناس أشياء عفا عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فيظن ذلك تعارضاً وتناقضاً وإنما أتى من قصور علمه وفهمه وبالله التوفيق) أ.هـ


    المبحث الخامس: الفروق بين الحدود الشرعية، والقوانين الوضعية:

    مهما كانت القوانين الوضعية دقيقة في وضعها ومحكمة في بنيانها، ومهما حرص أهلها على العدل، فهي في الأخير من وضع البشر الذين لا تبلغ عقولهم عمق المصالح والمفاسد والمنافع والمضار، كما يعلمها ربهم لهم قال تعالى: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).
    وتبقى هناك فروق ظاهرة لكل ذي عينين بين الشريعة والقوانين الوضعية - فضلاً عن الفروق الباطنة التي لا تظهر للناس - فمن هذه الفروق:
    1- أن القوانين الوضعية لا تعاقب على الجرائم الباطنة التي تكون فيها الجناية خفية، ولا يباشر فيها الجاني جنايته ظاهراً كالسحر، فالسحر أصبح في المجتمعات المنحرفة من الفنون التي تجد عناية فائقة، بينما يعاني المجتمع في الحقيقة من جرائمه وتعديه على الأعراض والعقول والأموال والدين وغير ذلك، ويكون الساحر فيها حراً طليقاً !!.
    2- ومنها أن الشريعة قد تؤخر العقوبة لمصلحة شرعية، سواء كانت المصلحة عائدة على الإسلام والمسلمين كتأخير الحد في الغزو، أو لمصلحة المحدود كتأخير الحد عن المريض وفي وقت البرد أو الحر الشديدين، أو لمصلحة غير المحدود كتأخير الحد عن الحامل حتى تضع، والمرضع حتى تنتهي مدة الرضاعة.
    3- ومنها أن القوانين الوضعية لا تهتم بالجانب الروحي للإنسان ولا تعامله كآدمي له روح، ولذلك لا نجد أي عناية للآداب والأخلاق والمكارم في هذه القوانين.
    4- القوانين لا تهتم بالحقوق والواجبات التي على الإنسان لغيره مثل بر الوالدين وتربية الأبناء وصلة الأرحام إلا ما كان مأخوذاً من هذه شريعة الإسلام.
    5- القوانين لا تسعى إلى الترابط الأخوي للمجتمع، وإنما غاية ما تسعى إليه هو منع اعتداء الناس بعضهم على بعض، دون الحث على الترابط والتآخي والتآلف الذي يحث عليه الشرع.
    6- القوانين الوضعية لا تنظر إلى جانب سد الذرائع ولا منع الوسائل الموصلة إلى الممنوعات.
    7- القوانين الوضعية عاجزة عن حل كثير من القضايا العصرية والمستجدات التي تحدث في المجتمع، بل ويفاجأ الواضعون لها بظهور أنواع من الخلل فيها، ولذلك نجدها دائماً تتغير في كل بضع سنوات، وشريعة الإسلام فيها من المرونة والحيوية ما يجعلها دائماً صالحة لكل زمان ومكان.







    المبحث السادس: مناسبة العقوبة للحد:

    وقد ذكر ابن القيم وجوهاً أخرى من حكمة هذه الحدود، سنذكرها على حسب الحدود:


    أ- حد الزنى:
    الحكمة في الأمر بعقوبة الزانيين علانية:

    قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (15/285-286): (فقوله تعالى: (الزانية والزاني) الآية فأمر بعقوبتهما وعذابهما بحضور طائفة من المؤمنين، وذلك بشهادته على نفسه أو بشهادة المؤمنين عليه، لأن المعصية إذا كانت ظاهرة كانت عقوبتها ظاهرة).


    الحكمة من اختلاف حد الزاني المحصن عن حد الزاني البكر:

    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/107-108): (ثم إن للزاني حالتين إحداهما: أن يكون محصناً قد تزوج فعلم ما يقع به من العفاف عن الفروج المحرمة واستغنى به عنها وأحرز نفسه عن التعرض لحد الزنا فزال عذره من جميع الوجوه في تخطي ذلك إلى مواقعة الحرام.
    والثانية: أن يكون بكراً لم يعلم ما علمه المحصن ولا عمل ما عمله فحصل له من العذر بعض ما أوجب له التخفيف، فحقن دمه وزجر بإيلام جميع بدنه بأعلى أنواع الجلد ردعا على المعاودة للاستمتاع بالحرام وبعثاً له على القنع بما رزقه الله من الحلال، وهذا في غاية الحكمة والمصلحة جامع للتخفيف في موضعه والتغليظ في موضعه).


    الحكمة من تغليظ شهادة الزنى:

    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (1/96): (وإنما أمر الله سبحانه بالعدد في شهود الزنا لأنه مأمور فيه بالستر، ولهذا غلظ فيه النصاب فإنه ليس هناك حق يضيع وإنما حد وعقوبة والعقوبات تدرأ بالشبهات بخلاف حقوق الله وحقوق عباده التي تضيع إذا لم يقبل فيها قول الصادقين).


    ب- حد السرقة:
    الفرق بين ثمن اليد في الدية وفي نصاب القطع في حد السرقة:

    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/63): (وأما قطع اليد في ربع دينار وجعل ديتها خمسمائة دينار فمن أعظم المصالح والحكمة، فإنه احتاط في الموضعين للأموال والأطراف فقطعها في ربع دينار حفظاً للأموال وجعل ديتها خمسمائة دينار حفظا لها وصيانة، وقد أورد بعض الزنادقة هذا السؤال وضمنه بيتين فقال:
    يد بخمس مئين من عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار
    تناقض ما لنا إلا السكـوت لـه وأن نستجير بمولانا من النار
    فأجابه بعض الفقهاء بأنها كانت ثمينة لما كانت أمينة فلما خانت هانت وضمنه الناظم قوله:
    يد بخمس مئين من عسجد وديت لكنها قطعت في ربع دينـار
    حمــاية الدم أغلاها وأرخصها خيانة المال فانظر حكمة الباري
    وروى أن الشافعي رحمه الله أجاب بقوله:
    هناك مظلومة غالت بقيمتها وههنا ظلمت هانت على الباري
    وأجاب شمس الدين الكردي بقوله:
    قل للمعـري عـار أيما عـار جهل الفتى وهو عن ثوب التقى عار
    لا تقدحن زناد الشعر عن حكم شعائر الشـرع لم تقدح بأشعـار
    فقيمة اليد نصف الألف من ذهب فإن تعـدت فلا تسـوى بديـنار).


    الحكمة من جعل نصاب السرقة ربع دينار:

    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/64): (وأما تخصيص القطع بهذا القدر فلأنه لا بد من مقدار يجعل ضابطاً لوجوب القطع، إذ لا يمكن أن يقال يقطع بسرقة فلس أو حبة حنطة أو تمرة، ولا تأتي الشريعة بهذا وتنزه حكمة الله ورحمته وإحسانه عن ذلك، فلا بد من ضابط وكانت الثلاثة دراهم أول مراتب الجمع وهي مقدار ربع دينار، وقال إبراهيم النخعي وغيره من التابعين كانوا لا يقطعون في الشيء التافه فإن عادة الناس التسامح في الشيء الحقير من أموالهم إذ لا يلحقهم ضرر بفقده، وفي التقدير بثلاثة دراهم حكمة ظاهرة فإنها كفاية المقتصد في يومه له ولمن يمونه غالباً وقوت اليوم للرجل وأهله له خطر عند غالب الناس وفي الأثر المعروف: "من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها") أ.هـ
    قلت: خلاصة ما ذكره ابن القيم:
    الأول: أن الثلاثة الدراهم أقل مراتب الجمع.
    الثاني: أن الثلاثة الدراهم هي الدخل اليومي للإنسان المتوسط.
    الثالث: أن ما دون ذلك من الأشياء الحقيرة التي عادت الناس التسامح فيها.
    والأثر المشار إليه حديث صحيح رواه البخاري في "الأدب المفرد" عن عبيد الله بن محصن الأنصاري مرفوعاً، وهو في "صحيح الجامع" و "صحيح الأدب المفرد".


    الحكمة من قطع يد السارق دون لسان القاذف وفرج الزاني:

    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين"(2/106-107): (وأما معاقبة السارق بقطع يده وترك معاقبة الزاني بقطع فرجه ففي غاية الحكمة والمصلحة، وليس في حكمة الله ومصلحة خلقه وعنايته ورحمته بهم أن يتلف على كل جان كل عضو عصاه به فيشرع قلع عين من نظر إلى المحرم وقطع أذن من استمع إليه ولسان من تكلم به ويد من لطم غيره عدواناً ولا خفاء بما في هذا من الإسراف والتجاوز في العقوبة وقلب مراتبها وأسماء الرب الحسنى وصفاته العليا وأفعاله الحميدة تأتي ذلك وليس مقصود الشارع مجرد الأمن من المعاودة ليس إلا ولو أريد هذا لكان قتل صاحب الجريمة فقط وإنما المقصود الزجر والنكال والعقوبة على الجريمة وأن يكون إلى كف عدوانه أقرب وأن يعتبر به غيره وأن يحدث له ما يذوقه من الألم توبة نصوحاً وأن يذكره ذلك بعقوبة الآخرة إلى غير ذلك من الحكم والمصالح.
    ثم إن في حد السرقة معنى آخر وهو أن السرقة إنما تقع من فاعلها سراً كما يقتضيه اسمها ولهذا يقولون فلان ينظر إلى فلان مسارقة إذا كان ينظر إليه نظراً خفياً لا يريد أن يفطن له، والعازم على السرقة مختف كاتم خائف أن يشعر بمكانه فيؤخذ به ثم هو مستعد للهرب والخلاص بنفسه إذا أخذ الشيء واليدان للإنسان كالجناحين للطائر في إعانته على الطيران، ولهذا يقال وصلت جناح فلان إذا رأيته يسير منفرداً فانضممت إليه لتصحبه، فعوقب السارق بقطع اليد قصا لجناحه وتسهيلا لأخذه إن عاود السرقة فإذا فعل به هذا في أول مرة بقي مقصوص أحد الجناحين ضعيفاً في العدو ثم يقطع في الثانية رجله فيزداد ضعفا في عدوه فلا يكاد يفوت الطالب ثم تقطع يده الأخرى في الثالثة ورجله الأخرى في الرابعة فيبقى لحماً على وضم فيستريح ويريح).
    وقال في "إعلام الموقعين" (2/108): (ثم إن قطع فرج الزاني فيه من تعطيل النسل وقطعه عكس مقصود الرب تعالى من تكثير الذرية وذريتهم فيما جعل لهم من أزواجهم، وفيه من المفاسد أضعاف ما يتوهم فيه من مصلحة الزجر وفيه إخلاء جميع البدن من العقوبة وقد حصلت جريمة الزنا بجميع أجزائه فكان من العدل أن تعمه العقوبة، ثم إنه غير متصور في حق المرأة وكلاهما زان فلا بد أن يستويا في العقوبة فكان شرع الله سبحانه أكمل من اقتراح المقترحين).
    يمكن تلخيص ما ذكره ابن القيم في هذه النقاط:
    1- أن فرج الزاني عضو مستور لا يرى، وعليه فلا مصلحة من قطعه لأن المقصود من قطع العضو أن تراه العيون لتحصل العبرة من القطع.
    2- أن في قطع العضو التناسلي قطعاً للنسل وقضاء على النوع الإنساني وهذا بخلاف قطع يد السارق.
    3- أن لذة الزنى سرت إلى جميع البدن فكان من العدل جلد الظهر لا قطع العضو.
    4- أن قطع العضو يفوت العدل بين الزاني والزانية لأنه لا يتصور ذلك في حقها.
    انظر: الحدود والتعزيرات عند ابن القيم" للشيخ بكر أبو زيد.


    الرد على شبهة من قال: إن قطع يد السارق تجعله عالة على غيره:

    أقول: إن هذا القول فيه تعاطف كاذب مخالف للحقيقة، وهو غير صحيح لأمور:
    الأول: أن السارق أصلاً عبء ثقيل على الناس وعالة على المجتمع من قبل القطع، إذ هو مصدر خوف وقلق وذعر فهل يرضى هؤلاء المتعاطفون مع المجرمين بأن يكون اللصوص عالة على المجتمع بالتلصص على الأموال واقتناص غفلة كثير من الناس عن أموالهم ؟
    الثاني: أن الواقع يكذب هذه المزاعم، فهناك حالات كثيرة حصل لها من أنواع الإعاقة بحوادث مختلفة أشد بكثير من قطع اليد ولم يكونوا يوماً من الأيام معاقين عن العمل ولا عالة على غيرهم، أضف إلى ذلك أن هناك من أقيم عليه الحد فلم يكن عالة على المجتمع، بل سعى للأكل من كسب يده وكان قطع يده درساً كبيراً له.
    الثالث: لو سألناهم ماذا تريدون من الحلول غير قطع اليد ؟! لقالوا: السجن أفضل من قطع اليد.
    ونقول لهم: إن استبدال قطع اليد بالسجن كما تفعله القوانين الوضعية يعتبر حلاً فاشلاً لعدة أمور:
    1- أنه لا يردع المجرمين، فعقوبة السجون لم تستطع أن تمنع الجريمة، وأحوال المجتمعات اليوم شاهدة على ذلك، لأن اللصوص يخرجون من السجون فينظمون لسرقات أخرى هي أكبر من السرقات السابقة، بل يخرجون منها وقد تبادلوا الخبرات فيما بينهم لأن السجون أصبحت مدارس للجريمة.
    2- أن السارق في السجن سيبقى عالة على الدولة وسيكلفها الكثير من النفقات، وهذا عين ما فروا منه.
    3- أن في السجن تضييعاً لأوقات هؤلاء الجناة وأعمارهم، وإهدار لطاقة كان من الممكن أن يستفاد منها.



    الرد على قولهم: إن التكنولوجيا استطاعت أن تكشف الجريمة:

    فإن قالوا: إن التكنولوجيا استطاعت أن تكشف المجرم بسهولة !!
    قلنا: هذا بعد وقوع الجريمة، ولكنها لم تستطع أن تمنع الجريمة من أصلها، لأن في إقامة الحدود من الزجر والردع لهؤلاء المجرمين ما لا تملكه هذه القوانين بهذه التقنية العصرية المزعومة، فالجريمة في البلاد المتطورة أكثر من الجريمة في غيرها، فالولايات المتحدة الأمريكية تعاني من وقوع جريمة قتل كل ثلث ساعة تقريباً، فقدكشفت وزارة العدل في الولايات المتحدة الأمريكية في تقرير صدر أخيراً أن سير الجرائم في الولايات المتحدة قد ازداد بنسبة تسعة في المائة بالنسبة للعام السابق، وبنسبة خمسة وخمسين في المائة خلال اثنتي عشرة سنة أخيرة، وطبقاً للتقرير تقع كل جريمة وعمل عنيف كل نصف ساعة، وجريمة قتل كل ثلث ساعة، وانتهاك حرمة كل ست دقائق وكشفت الإحصائيات الرسمية أن عدد القتلى بلغ إلى 33 ألف و 544 وأكثرهم تتراوح أعمارهم بين عشرين وتسعة وعشرين عاماً.


    الحكمة من ترك إقامة الحد في الغزو ولاسيما حد السرقة:

    ورد في الباب حديث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن تقطع الأيادي في الغزو) رواه أبو داود عن بسر بن أبي أرطأة، وهو صحيح كما في "تحقيق المشكاة" (2/299) وانظر: بحث الحديث من الناحية الحديثية والفقهية في "الحدود والتعزيرات" (ص39-68).
    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/17): (فهذا حد من حدود الله تعالى وقد نهى عن إقامته في الغزو خشية أن يترتب عليه ما هو أبغض إلى الله من تعطيله أو تأخيره من لحوق صاحبه بالمشركين حمية وغضباً كما قاله عمر وأبو الدرداء وحذيفة وغيرهم، وقد نص أحمد وإسحاق بن راهويه والأوزاعي وغيرهم من علماء الإسلام على أن الحدود لا تقام على أرض العدو وذكرها أبو القاسم الخرقي في مختصره).
    قلت: وقد أدخل العلماء غير القطع في النهي وإن كان خاصاً بالقطع للعلة نفسها، فيحرم إقامة أي: حد في الغزو، والله أعلم.


    السبب في قطع اليد بالسرقة دون الغصب والانتهاب والاختلاس:

    قال القاضي عياض رحمه الله كما في "توضيح الأحكام" (5/308): (صان الله الأموال بإيجاب القطع للسارق ولم يجعل ذلك في غير السرقة كالاختلاس والانتهاب والغصب لأنه قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستدعاء إلى ولاة الأمر وتسهل إقامة البينة عليه بخلاف السرقة فإنه تندر إقامة البينة عليها، فعظم أمرها واشتدت عقوبتها أبلغ في الزجر عنها).


    ج – حد الشرب:
    الحكمة من تحريم الخمر:

    قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (20/194): (وأما من السيئات فكقوله: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) فبين فيه العلتين:
    إحداهما: حصول مفسدة العداوة الظاهرة والبغضاء الباطنة.
    والثانية: المنع من المصلحة التي هي رأس السعادة وهي ذكر الله والصلاة، فيصد عن المأمور به إيجاباً أو استحباباً) أ.هـ
    قلت: فالسبب في تحريم الخمر إذاً علتان أحدهما: حصول مفسدة العداوة والبغضاء، والعداوة هي الخصومة الظاهرة، والبغضاء هي العداوة الباطنة، الثانية: المنع من المصلحة التي هي رأس السعادة، وهي عبادة الله والأنس به تعالى والتنعم بالقرب منه.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (34/191): (فإن الله تعالى قال: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) فإن المفسدة التي لأجلها حرم الله سبحانه وتعالى الخمر هي أنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وتوقع العداوة والبغضاء وهذا أمر تشترك فيه جميع المسكرات لا فرق في ذلك بين مسكر ومسكر).


    الحكمة في وجوب حد شارب الخمر ولو قطرة:

    حرمت شريعتنا شرب الخمر ولو قطرة، وأوجبت فيه الحد لأنه وسيلة إلى شرب الكثير من الخمور، وهو يختلف عن سائر الوسائل أن الحد فيه خفيف بخلاف حد الزنى وغيره.
    قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (34/191-192): (وهذا أمر تشترك فيه جميع المسكرات لا فرق في ذلك بين مسكر ومسكر، والله سبحانه وتعالى حرم القليل، لأنه يدعو إلى الكثير وهذا موجود في جميع المسكرات).
    وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/84): (ومنع قليل الخمر وإن كان لا يسكر إذ قليله داع إلى كثيره).
    وقال ابن حزم في "مراتب الإجماع": (واتفقوا أن من شرب نقطة خمر وهو يعلمها خمراً من عصير العنب وقد بلغ ذلك حدَّ الإسكار ولم يتب ولا طال الأمر وظفر به ساعة شربها ولم يكن في دار الحرب أن الضرب يجب عليه إذا كان حين شربه لذلك عاقلاً مسلماً بالغاً غير مكره ولا سكران، سكر أو لم يسكر).
    قال العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (ص32): (فإن شرب قطرة من الخمر مقتصراً عليها يحد كما يحد من شرب ما أسكره وخبل عقله مع تفاوت المفسدتين، ولم يجعل الوسائل إلى الزنا والسرقة والقتل مثل الزنا والسرقة والقتل، والفرق بينهما وبين شرب القطرة من الخمر خفة حد السكر وثقل ما عداه من الحدود).


    د – حد القذف:
    الحكمة في حد القذف بالزنا دون حد القذف بالكفر:

    من المعلوم أن التهمة بالكفر أشد من التهمة بالزنا، ولكن لماذا لم تحكم الشريعة بالحد على من قذف غيره بالكفر ؟!
    يوضح لنا ابن القيم الفرق بين الأمرين فيقول في "إعلام الموقعين" (2/64): (وأما إيجاب حد الفرية على من قذف غيره بالزنا دون الكفر ففي غاية المناسبة فإن القاذف غيره بالزنا لا سبيل للناس إلى العلم بكذبه، فجعل حد الفرية تكذيباً له وتبرئة لعرض المقذوف وتعظيما لشأن هذه الفاحشة التي يجلد من رمى بها مسلماً، وأما من رمى غيره بالكفر فإن شاهد حال المسلم واطلاع المسلمين عليها كاف في تكذيبه ولا يلحقه من العار بكذبه عليه في ذلك ما يلحقه بكذبه عليه في الرمي بالفاحشة، ولاسيما إن كان المقذوف امرأة فإن العار والمعرة التي تلحقها بقذفه بين أهلها وتشعب ظنون الناس وكونهم بين مصدق ومكذب لا يلحق مثله بالرمي بالكفر).


    الحكمة في جلد قاذف الحر دون العبد:

    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/65): (وأما جلد قاذف الحر دون العبد فتفريق لشرعه بين ما فرق الله بينهما بقدره فما جعل الله سبحانه العبد كالحر من كل وجه لا قدراً ولا شرعاً، وقد ضرب الله سبحانه لعباده الأمثال التي أخبر فيها بالتفاوت بين الحر والعبد وأنهم لا يرضون أن تساويهم عبيدهم في أرزاقهم فالله سبحانه وتعالى فضل بعض خلقه على بعض وفضل الأحرار على العبيد في الملك وأسبابه والقدرة على التصرف وجعل العبد مملوكاً والحر مالكاً ولا يستوي المالك والمملوك، وأما التسوية بينهما في أحكام الثواب والعقاب فذلك موجب العدل والإحسان فإنه يوم الجزاء لا يبقى هناك عبد وحر ولا مالك ولا مملوك).


    هـ - حد القتل:

    تقدم الكلام على الحكمة من تشريع حد القتل عموماً، فلا حاجة إلى الإعادة.


    حكمة الاكتفاء بشاهدين دون الزنا:

    قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/65): (وأما اكتفاؤه في القتل بشاهدين دون الزنا ففي غاية الحكمة والمصلحة، فإن الشارع احتاط للقصاص والدماء واحتاط لحد الزنا فلو لم يقبل في القتل إلا أربعة لضاعت الدماء وتواثب العادون وتجرؤا على القتل، وأما الزنا فإنه بالغ في ستره كما قدر الله ستره فاجتمع على ستره شرع الله وقدره فلم يقبل فيه إلا أربعة يصفون الفعل وصف مشاهدة ينتفي معها الاحتمال، وكذلك في الإقرار لم يكتف بأقل من أربع مرات حرصاً على ستر ما قدر الله ستره وكره إظهاره والتكلم به وتوعد من يحب إشاعته في المؤمنين بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة).
    قلت: الصواب أنه لا يشترط أن يكون الإقرار أربع مرات، والله أعلم.


    المبحث السابع: دعاوى المنفرين عن إقامة الحدود:

    والمحاربون لإقامة الحدود لهم دعاوى كثيرة باطلة منها دعواهم أن إقامة الحدود لا تناسب مدنية هذا العصر.
    قال الشيخ محمد خاطر "مفتي جمهورية مصر العربية" سابقاً وهو يرد على هذه الفرية: (وما لنا نذهب بعيداً في الرد على هؤلاء الذين يقولون: إن تنفيذ الحدود في العصر الحديث يتنافى مع مدنيتهم الكاذبة ولا يلائمها، ولا يأتي بالنتيجة المطلوبة، وأمام أعينهم من المشاهد الملموس المحسوس ما يقضي على كل ما يزعمون، فلقد نفذت المملكة العربية السعودية الحدود فاستقر الأمن واستتب، وأمن الناس على أموالهم وأعراضهم، وكلنا يعرف ما كان يلاقيه الحجيج قبل تنفيذ الحدود من ترويع وخوف واعتداء على النفس والمال، فما استقر إلا من بعد تنفيذها، وإنك لترى بعينيك أصحاب المتاجر والحوانيت يتركونها مفتحة الأبواب دون حراس، ويذهبون لأداء العبادة والصلاة وهم في غاية الاطمئنان.
    ثم إن هذا الأمن في المملكة لم يحدث في مجتمع متقوقع انعزل بنفسه وأهله عن العالم والحضارة، بل بلغ في الحضارة شأواً مع الأمن والأمان).


    المبحث الثامن: تشوق الغرب لهذه الحدود:

    إن دعاة التنفير من إقامة الحدود لا يعتبرون من واقعهم الملموس في دولة المملكة العربية السعودية،فقد كانت الدول قبل تولي الملك عبد العزيز - رحمه الله - الحجاز ترسل مع رعاياها من الحجاج قوات مسلحة لتأمين سلامة الحجاج من الاعتداء عليهم، ومع ذلك لم تكن هذه القوات الخاصة ولا القوات الحجازية قادرة على إعادة الأمن، ووقف هذه العصابات عن جرائمها، ومنعها من قطع الطريق وسلب الحجاج وخطفهم والتمثيل بهم، حتى طبقت الشريعة الإسلامية وأقيمت الحدود على عهد الملك عبد العزيز، فتغير الوضع وساد الأمن في بلاد الحجاز وانتشرت الطمأنينة بين المقيمين والمسافرين، وانتهى عهد الخطف والنهب والسلب وقطع الطريق، وأصبحت الجرائم التي كانت ترتكب في عهد الأشراف أخباراً تروى فلا يكاد يصدقها من لم يعاصرها أو يشهدها، فبعد أن كان الناس يسمعون أشنع الأخبار عن الإجرام في الحجاز، أصبحوا يسمعون أعجب الأخبار عن استتباب الأمن واستقرار النظام.
    ومن هنا يكاد يتفق الناس في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم وتفاوت مشاربهم على أن الأمن والاستقرار الذين تنعم بهما المملكة العربية السعودية كان نتيجة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتنفيذ أوامر الشرع الحنيف.
    لقد أثبت تطبيق أحكام الشريعة في المملكة أثره الفعال، ودوره الإيجابي في استتباب الأمن واستقراره، وإشاعة الطمأنينة في النفوس، والحفاظ على الأخلاق والقيم، وحماية وحدة المجتمع، وهذه كلها أمور مشاهدة ومحسوسة وملموسة في المملكة.
    إن هناك قصتين تدل على مدى تعطش الغرب للعقوبات الصارمة، وهاتان القصتان قد عاشهما الدكتور قاسم السامرائي وهو يعمل في جامعة لايدن منذ أكثر من عشرين سنة، وعمل فترات مختلفة في جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية في قسم الثقافة الإسلامية.
    القصة الأولى: ملخصها أن هذا الدكتور ذهب إلى محطة وقود لملأ خزان سيارته، فوجد العامل في المحطة مهموماً مغموماً، فسأله ما بك ؟ فقال له: (لقد جاءني اثنان قبل قليل وقيداني وأخذا كل ما في الصندوق) فقال له: (وما يحزنك وشركة التأمين تتكفل بدفع ما سُرِق، قال: (ليس هذا ما يهمني، ولكن لو وجد نظام عقوبات كما في السعودية لما أقدم هذان على فعلتهما).
    أما القصة الثانية: فقد وقعت له في متجر لبيع الساعات، كان يقف في مكان من المتجر فسمع حواراً بين صاحب المحل وصديق له، وكان صاحب المحل يروي حادثة دخول بعض اللصوص وسرقة عدة ساعات ثمينة جداً، وتمنى لو طبق نظام العقوبات الذي يطبق في السعودية لوضع حد لهذه السرقات.
    نقلاً عن كتاب "الغرب من الداخل".
    فالغربيون أصبحوا غير مقتنعين بعقوبات القوانين الوضعية، فهي تعلم أن عقوبات القوانين الوضعية لم تمنع من وقوع الجريمة، فهي متشوفة إلى عقوبات أشد من هذه العقوبات.
    1- وقد نشرت جريدة (الحياة) عدد (11729) 2 ذو القعدة 1415هـ (2 ابريل 1995م) أن نائبة بريطانية تطالب بجلد المجرمين، وأن تعرض هذه العقوبة خلال برنامج اليانصيب الذي يشاهده أكبر عدد من الجمهور.
    2- وهناك مطالبات بإعادة تطبيق حد القتل في المجرمين، وقد عادت بالفعل في بعض الولايات الأمريكية، ولكن بعض الأصوات مازالت تعارض معاقبة المجرمين بما يستحقون.



    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    كتبه: أبو عمار علي الحذيفي
    الشمس اجمل في بلادي من سواها والظلام... حتي الظلام هناك اجمل فهو يحتضن الكنانة ..

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    المشاركات
    2,651
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    03-09-2020
    على الساعة
    12:46 AM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    جزاكم الله تعالى خيرا اخي الحبيب قلم من نار
    سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ

    ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ

    وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,031
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    05-01-2017
    على الساعة
    05:50 PM

    افتراضي

    اقتباس
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو علي الفلسطيني مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    جزاكم الله تعالى خيرا اخي الحبيب قلم من نار
    جزانا واياكم اخى الحبيب ابو على
    اللهم امين
    الشمس اجمل في بلادي من سواها والظلام... حتي الظلام هناك اجمل فهو يحتضن الكنانة ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    1,863
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    28-03-2024
    على الساعة
    05:53 PM

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    و به نستعين







    جزاك الله خيراً و نفع بهذا البحث




    وهذه بعض النقاط الصغيرة للرد على من يقول بقسوة الحدود
    1- إن هذه الحدود ثابتة في الشريعة الإسلامية لحكم عظيمة قد تظهر لقوم وتخفى على آخرين، فلا يضرنا نحن المسلمين أن عرفنا الحكمة أو جهلناها، فلله الحكمة البالغة في كل تشريع.
    2- إنه مما هو مسلم به بين العقلاء أن كل عقاب لابد فيه من شدة وقسوة، حتى لو ضرب الرجل ولده مؤدبًا له لكان في ذلك نوع من القسوة، فالزعم بوجود عقاب من دون شيء من القسوة مكابرة ظاهرة، فليسموها ما شاؤا، وإذا لم تشتمل العقوبات على شيء من القسوة والشدة فكيف ستكون رادعة وزاجرة للمجرمين وضعاف النفوس؟!.
    3- إننا لو تركنا إقامة الحدود الشرعية لما تزعمونه من القسوة لأوقعنا أنفسنا والمجتمع في قسوة أشد منها، فمن الرحمة بالمجتمع وبالمحدود أن نقيم الحد عليه، ولنضرب مثالاً يقرب المراد: ما قولكم في الطبيب الذي يجري عملية جراحية فيستأصل بمشرطه المرهف بضعة من جسم المريض ليعالجه، أليس في هذا مظهر من مظاهر القسوة؟ بلى، ولكنها قسوة في الجزء المستأصل، رحمة وشفقة في باقي أجزاء الإنسان؛ وكذلك نقول في قسوة الحدود، فحرصًا على سلامة جسم المجتمع من الفساد والمرض كان من الحزم والعقل القسوة على الجزء الفاسد منه، ليسلم باقي أعضاء المجتمع.

    4- إن الإسلام قبل أن يحكم عليه بالحد قدم له من وسائل الوقاية ما كان يكفي لإبعاده عن الجريمة التي اقترفها لو كان له قلب حي وضمير، لكنه لما أغلق قلبه وألغى عقله ونزع من ضميره الرحمة استحق أن يعاقب من جنس صنيعه.
    فالإسلام يحارب الجهر بالمعصية و إشاعة الفاحشة بين الناس لذلك كانت العقوبات رادعة
    فالله عندما شرع و حرم شئ فتح له عدة أبواب حلال فمثلاُ الزنا
    الله سمح للرجل بالتعدد في إطار الزواج الحلال
    أيضاً كان هناك إنذار لمن يفعل الفاحشة و هو محصن بالرجم
    فمن يفعل فاحشة الزنا مثلاً و هو متزوج هو مَن أراد تطبيق الحُكم على نفس
    ه لأن الزنا لا يثبت إلآ بأربعة شهود عدول أو إعتراف الشخص نفسه
    فمن جهر بالفاحشة لدرجة أنّ أربع شهود يرونه أو يعترف يكون هو مَن أراد تطبيق الحكم على نفسه "


    وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - بعد أن رجم الأسلمي - : " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها
    فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله ؛ فإنه مَن يُبدِ لنا صفحته : نقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " .
    رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) .والحديث : صححه الحاكم وابن السكن وابن الملقن .


    فإذا أقيم الحد أو العقوبة التعزيرية على الجاني كان ذلك مَاحِيًا لذنبه كما تمحو التوبة الذنب فالرحمة هنا هو تطبيق الحد فى الدنيا حتى لا يعاقب فى الأخرة إن شاء الله


    ففي حديث عبادة بن الصامت
    - رضي الله عنه - قال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: "بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا – فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ"رواه البخاري ومسلم



    التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 17-08-2016 الساعة 06:20 PM
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    هل الله يُعذب نفسه لنفسههل الله يفتدى بنفسه لنفسههل الله هو الوالد وفى نفس الوقت المولوديعنى ولد نفسه سُبحان الله تعالى عما يقولون ويصفون

    راجع الموضوع التالي


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2012
    المشاركات
    12,067
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    20-03-2024
    على الساعة
    12:50 AM

    افتراضي






    الحدود شُرّعت كرادع لمن تُسوّل له نفسهُ تجاوز وصايا الربّ و كسرها .
    من يرفض أن يكون مجتمعه سليماً معافى فليدخل هنا ويكتب إعتراضاً !

    ------------------------------------------------------------------------

    بوركتم جميعكم .


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    أنقر(ي) فضلاً أدناه :


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    سُبحان الذي يـُطعـِمُ ولا يُطعَم ،
    منّ علينا وهدانا ، و أعطانا و آوانا ،
    وكلّ بلاء حسن أبلانا ،
    الحمدُ لله حمداً حمداً ،
    الحمدُ لله حمداً يعدلُ حمدَ الملائكة المُسبّحين ، و الأنبياء و المُرسلين ،
    الحمدُ لله حمدًا كثيراً طيّبا مُطيّبا مُباركاً فيه ، كما يُحبّ ربّنا و يرضى ،
    اللهمّ لكَ الحمدُ في أرضك ، ولك الحمدُ فوق سماواتك ،
    لكَ الحمدُ حتّى ترضى ، ولكَ الحمدُ إذا رضيتَ ، ولكَ الحمدُ بعد الرضى ،
    اللهمّ لك الحمدُ حمداً كثيراً يملأ السماوات العلى ، يملأ الأرض و مابينهما ،
    تباركتَ ربّنا وتعالَيتَ .



الحدود فى الاسلام

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. شبهة حول الحدود
    بواسطة باحث عن الجنة في المنتدى شبهات حول القران الكريم
    مشاركات: 31
    آخر مشاركة: 01-08-2014, 01:52 AM
  2. هل تطبق الحدود على المسحيين
    بواسطة هووبه في المنتدى الفقه وأصوله
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-01-2013, 12:06 AM
  3. الحدود فى القرآن أخف كثيراً من التوراة
    بواسطة mhmdfouad في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 13-12-2012, 12:17 AM
  4. صور لغرائب علامات الحدود بين الدول
    بواسطة اسد الصحراء في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-10-2010, 08:00 PM
  5. شرح حديث: ((ادرؤوا الحدود بالشبهات))
    بواسطة فريد عبد العليم في المنتدى المنتدى الإسلامي العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-01-2010, 02:00 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الحدود فى الاسلام

الحدود فى الاسلام